المؤسسة المدنية الهندسية في العراق

 

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

المجتمع المدني الهندسي جزء فعال من المجتمع المدني الكبير يشغل المهندسون موقعهم الطبيعي فيه بالإسهام الجاد في تاريخ العراق المعاصر عبر المؤسساتية الهندسية وباقي المؤسسات المدنية، سواء كان ذلك عن طريق مهنة الهندسة ذاتها كمهندسين محترفين أو من خلال  أدوارهم السياسية كمواطنين مشاركين في الشأن العام او عبر نشاطهم في الحركة الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية. امتلك مهندسو العراق التاريخ الوطني الحافل بالنضالات في سبيل الحريات العامة والديمقراطية والوطن الحر والشعب السعيد ..غير خاف على احد الدور السياسي لطلاب هندسة بغداد ابان الوثبات والانتفاضات الشعبية اعوام 1948،1956 حين تفجرت الجامعات العراقية ـ وفى مقدمتها كلية هندسة جامعة بغداد ــ بموجات من الغضب العارم...وكذلك المساهمة الفاعلة في تفجير ثورة 14 تموز المجيدة والتصدي لانقلاب شباط الاسود 1963،ومناهضة الدكتاتورية وقادسياتها الكارثية.

بذلت الطغمة الحاكمة في عهد صدام حسين الجهد تلو الجهد لتحويل أبناء الشعب والمهندسين الى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة،بالفكر القومي البائس والطائفي اليائس يسهل تسخيرهم لخدمة الطاغية والى بوق في الفيلق التهريجي الإعلامي المهلل للنظام وسياساته في عسكرة المجتمع وصناعة اسلحة الدمار الشامل واشاعة الرعب...وقد انخرط المهندس العراقي طيلة القرن العشرين حتى يومنا هذا في المؤسساتية المدنية الهندسية والمجتمع المدني الهندسي في مسعى منه لضمان الحد من السلطة القسرية للدولة عبر بلورة الوعي الهندسي والتعبير عنه على شكل حركات مهنية اجتماعية مطلبية احتجاجية تشارك بها مختلف المنظمات والجمعيات والهيئات والمجالس والنقابات والأحزاب ووسائل الأعلام والمنظمات غير الحكومية والشرائح الاجتماعية التي لها مصلحة فعلية في التحول الديمقراطي للمجتمع والتقدم الاجتماعي ورفع شأن المهنة الهندسية...اشترك المهندس العراقي ناشطا في المؤسساتية المدنية غير الهندسية وبالاخص التعليمية والصحفية والاعلامية والاكاديمية...كما نشط في اتحادات الصناعات والغرف التجارية ورجال الاعمال في بلادنا.

يوازي المجتمع المدني والمؤسسة المدنية من حيث دلالة الاستقلالية عن الدولة عبر المؤسسات والمنظمات المستقلة او شبه المستقلة او الوسيطة ما نطلق عليه المجتمع الأهلي والمنظمات الاهلية في التاريخ السياسي والاجتماعي العراقي.المجتمع المدني بوجه عام ضرورة تاريخية اجتماعية لا يمكن اعتراضه الا إذا أردنا الإطاحة بالدولة في صيرورة تكوينها الى دولة رعوية بين أحضان الفساد والطفيلية والولاءات العصبوية دون الوطنية كالطائفية والعشائرية،وهو نقيض الشمولية ونظم القطيع والحزب الواحد التي تجرد مواطنيها من الحريات الاساسية وحقوق الانسان التي تشكل جوهر أي مجتمع ديمقراطي حقيقي او مجتمع مدني حديث.يعني ذلك ان حق المواطنة هو الف باء المجتمع المدني،ويتمتع فيه المواطن بالشخصية المستقلة للرأي والعقيدة والموقف...

تتموضع الديمقراطية في البؤرة التحكمية(Control Focus) للمجتمع المدني ومنهجية عمل الدولة الحديثة معا وتعمل على أساسها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والنقابات ومجالس إدارات الشركات والهيئات السياسية والأحزاب والمنظمات غير الحكومية N.G.O.s ...الخ،وهي تتطور في منظومة العمل المؤسساتي والجمعياتي الحقوقي الحديث وتعني بالاحتكام الى البشر والعقل البشري في شوؤن الحكم وتداول السلطات لأنها التفكير السياسي الذي يعني بحكم الشعب..الديمقراطية تعاكس الغربنة لأنها هدم للتقليد وبناه بينما الغربنة توفر محاولات التكيف والتعايش بين أشكال مختلفة للسلطة دون تغيير جذري. الديمقراطية شرط قيام المجتمع المدني والضمانة الفعلية للأمن والرخاء فيه والإطار المستوعب للتعددية الاجتماعية ومدخلها الأساس الى تداول الحكم عبر الانتخابات والبرلمانية،والبرلمانية هي طريق السلام والنجاة والاستمرارية لكل الأحزاب والأفكار والأفراد والضمانة الأساسية لقهر الدكتاتورية والشمولية. وتلزم الثقافة السياسية الديمقراطية الحقة المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية معا بمواقعهما في المؤسساتية المدنية وضبط دورهما بالاطوار التعبوية والتعبيرية والمطلبية والتنموية وحق المشاركة في القرارات العامة!

المجتمع المدني هو الإطار الذي تنتظم فيه العلاقات بين أفراده على أساس الديمقراطية،ويمارس فيه الحكم على أساس الأغلبية السياسية الحزبية، وتحترم فيه حقوق المواطنة وتقوم فيه دولة المؤسسات بالمعنى الحديث للمؤسسات : البرلمان والقضاء المستقل والأحزاب والنقابات والجمعيات.. الخ. ويرتقي تفعيل المجتمع المدني الى مصاف المهمات ذات الأولوية الأساسية الضرورية لنقل المجتمع من حالته المأزومة الى حالة الاستقرار والتقدم ، بينما يؤدي تواصل الأزمات الى الانتقال من عنف الى آخر ، ومن تطرف الى آخر.وتعرقل المكونات الاثنية الدينية والقومية شبه المستقلة المؤسساتية المدنية لأن هذه المكونات- الولاءات هي القوالب الجاهزة لتقوقع الانقسامات الطائفية والقومية،والمؤسساتية شبه الجاهزة وشبه المعبأة الحاملة للمصالح الفئوية المهددة لوحدة الشعب الوطنية،واوراق اللعب السلطوية المتجددة دوما لتطويق حركة المجتمع وقمع عوامل التململ والرفض فيه.

الدولة في عرف المجتمع المدني حق جماعي يضمن المشاركة الجماعية في صياغة ارثها وتقاليدها والمحافظة عليها.وتقاوم المؤسساتية المدنية الانغلاق واختيار العزلة وتحث على تطوير قيم الحياة المدنية ونبذ العنف والقسوة والغبن والتفرقة،وتقاوم ايضا عقلية التخلف التي تبيح فرض السطوة وتسمح بالتسيد على القيم الراقية من الحياة المدنية.تبشر المؤسساتية المدنية بسيادة نظام المؤسسات واستقلالية السلطات داخل مؤسسة الحكم ونبذ العنف وتحاشي الروح الانقلابية وتجاوز المراهقة في العمل السياسي.

الجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية جزء اساسي من المؤسساتية المدنية وسلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم.وتشكل المنظمات غير الحكومية الإطار المؤسساتي والوعاء التنظيمي للقطاع الثالث أو العمل الخيري والتطوعي في الاقتصاديات المعاصرة لتشير الى الجماعات التطوعية والتضامنية التي تعمل على التعبئة الاجتماعية مع فروق واضحة عن الجمعيات الاهلية.

تعتمد العولمة المنظمات غير الحكومية طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية"المؤتمرات العالمية"وتأكيد مصداقيتها لتأكيد مصداقيته هو!ولنفي دور التنظيمات الجماهيرية والنقابية والمهنية او السياسية المنظمة  كالاحزاب .. الخ، تحت شتى السبل والحجج الممجوجة!وبالتالي فقد اكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي الام في هذا المجال"الحركات الاجتماعية"الذي يظهر تشكيلات القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها مختلف المنظمات!ويتخذ هذا الوعي تاريخيا الاشكال الثابتة كالنقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية..الخ.ويحاول الغرب استبدال الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية بغية احتواء حركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة وحركة الشبيبة ضد الحروب وحركة السلم العالمية والحركات النسوية وحركات الرفض الاجتماعي الجارفة وحركات التضامن العالمية والنقابات والمنظمات المهنية..اي تقوية اسس الدولة الرأسمالية الاحتكارية عبر التحرك وسط المجتمع المدني والصراع مع الحركات الاجتماعية المناضلة!.

تلعب المنظمات غير الحكومية دورا مهما في تقليل معدلات الفقر والبطالة وتوفير الخدمات الاجتماعية الاساسية!وتسهم في تذليل السياسات التنموية والتشخيص المبكر للاختناقات ومواقع الخلل لدعم التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة وفي تعزيز المصلحة العامة والنفع العام!لكن دورها ينحسر في مجال تطبيق شبكات الامان الاجتماعي لقلة الخبرة فالعبئ الاكبر لضمان الامان الاجتماعي لازال يقع على كاهل الدولة!المنظمات غير الحكومية مؤسسات غير ربحية،وتمتلك الدور التنويري عبر التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى والحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام،وهي تعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن!وتدعو للمبادرة على المستوى الفكري والعملي،وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي...لكن العديد منها اتكأ على التمويل الاجنبي والغربي ومنها مساعدات ومعونات الادارة الاميركية تحت شتى المسميات!ولا تقدم هذه المنظمات وجوه انفاق مالها الا ما ندر.

اخطر ما يواجه المؤسساتية المدنية الهندسية كحركة اجتماعية ومنظمات غير حكومية،حالها حال المؤسساتية في المجتمع المدني الكبير،هو تشبث النخب والشلل بمواقعها ومراكز نفوذها وعملها على  تخليد هذه المراكز وتحويل المؤسساتية الى  مكسب أو ملك شخصي،اي تحويلها الى مؤسسات شخصية لتجميع الأتباع والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات،او محاولة تأجيل الانتخابات بحجة الاوضاع الامنية المعقدة والتذرع بالانفلات الامني!،أو إجراء الانتخابات الشكلية لتجديد الثقة في ظل الأوضاع الاستثنائية،وغياب الشفافية وضعفها..وبالتالي اعادة انتاج البيروقراطية الادارية- الحرس القديم لتبوء مقاليد ادارتها الامر الذي يهدد جاهزيتها الفكرية والتعبوية بالمنافسات غير الشريفة بين الأفراد الذين يتربعون على قمتها،والمنظمات والقيادات الأخرى التي تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالبا ما يكون طابعها شخصيا...من المخاطر المتوقعة أن المؤسساتية المدنية الهندسية تتحول الى جزء من الآلة السياسية، همها ليس الدفاع عن حقوق المهندسين أو العمل التنموي الخيري وإغاثة المهجرين وعوائل الشهداء، ولكن دعم السلطات الحاكمة وموالاتها، بل أن المؤسساتية المدنية الهندسية قد تنقسم إلى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة، كل منها يناور من أجل الحصول عل المزيد من المنافع، والأسوأ من ذلك أن تصبح هذه المنظمات بمثابة دمى في أيدي الدول والمؤسسات المانحة ، لتحقيق أهداف تتعارض وتتناقض مع مهامها وأهدافها. من الانتقادات أيضا الموجهة لهذه للمؤسساتية المدنية الهندسية ،هي اتخاذها من المنظمات غطاء ووسيلة لجمع المال..فالمنظمات غير الحكومية تعتمد في ممارسة نشاطها على ما تحصل عليه من دعم وتبرعات من جهات حكومية وخيرية وأفراد وشركات .

من ابرز مؤسسات الحركة الهندسية الاجتماعية في بلادنا جمعية المهندسين IES- اقدم منظمة هندسية اهلية، كان تاريخ أول طلب لتأسيسها في 6/2/1938 عندما تقدم لفيف من المهندسين بطلب تأسيس الجمعية حسب قانون الجمعيات لسنة 1922 وهم السادة : عبد الأمير الازري ، فخري الفخري ،احمد سوسة ، احمد عدنان حافظ ،  نيازي فتو ، بوجاليك تاجريان ، ارام سيتان ، قسطنطين عارف ، وقد وافقت وزارة الداخلية على الطلب في 4/5/1938 . وباشرت الجمعية نشاطها في 4/3/1940 فاجتمع المهندسون الثمانية لانتخاب الهيئة الإدارية الأولى.فقدت جمعية المهندسين شرعيتها القانونية صيف 1954 اثر إقدام السلطات الملكية على إلغاء الجمعيات والاحزاب والنوادي...ومن جديد تقدم المهندسون بطلب إجازة الجمعية في 2/10/1954 مستثمرين صدور مرسوم الجمعيات رقم (19) في 22/9/1954،فردت الداخلية بالإيجاب في 7/10/1954، وصدر العدد الأول من مجلة (المهندس) في عام 1956... أدار الجمعية منذ تأسيسها حتى اليوم  36 هيئة إدارية ضمت عدد كبير من هذه العناصر التي سلمت الى اليوم ولم تطالها مجالس الانضباط النقابية والإحالة إلى المحاكم المختصة...توفى العلامة الدكتور المهندس جميل الملائكة رئيس الجمعية عدة اعوام ورئيس الهيئة التحضيرية المكلفة بإعداد لائحة قانون نقابة المهندسين عام 1958،توفى اواسط الشهر الاخير من عام 2005 في بغداد بعد ايام قلائل من اجراء عملية جراحية له في العاصمة الاردنية .

    تلي جمعية المهندسين في الاهمية التاريخية نقابة المهندسين العراقية IEU التي لم تر النور إلا بعد ثورة 14 تموز المجيدة سنة 1958 لأن الحكم الملكي قد خشي من انبثاق نقابة هندسية ذات طابع جماهيري ضاغط تضم كوادر من انحدارات عمالية وفلاحية .وبلغ عدد أعضاء النقابة عام 1958 (990) مهندسا موزعين في مختلف أرجاء البلاد ، وأصبح المهندس عبد الرزاق مطر أول نقيب للمهندسين وجرى عقد المؤتمرات الهندسية المتعاقبة في بغداد.وظهرت الى الوجود في سبعينيات القرن المنصرم نقابات وجمعيات هندسية تخصصية كنقابة المهندسين الزراعيين و نقابة المهندسين الكيمياويين..الخ ،كما لمت شمل خريجي المعاهد التقنية والفنية من حملة الشهادات الهندسية دون البكلوريوس نقابة ذوي المهن الهندسية الفنية التي الغاها صدام حسين بجرة قلم ،ولتستعيد عافيتها بعد التاسع من نيسان مجددا!!.

   تأسست نقابة مهندسي كردستان KEU بقرار من المجلس الوطني الكردستاني وقانون الجمعيات رقم (18) الصادر في 31/ 10/ 1993 وكان نافذا منذ 6/11/ 1993 حسب جريدة البرلمان رقم (15)،وقد بلغ عدد اعضاءها عام 2001 فقط 2335 مهندسا في كل من اربيل ودهوك(المصدر : مجلة الاندزيار – المهندس/اعداد 2 و 3 / 2002/ص 200 باللغة الكردية).

ديناميكية عضوية نقابة مهندسي كردستان/فرع اربيل ودهوك 2001

 

العنوان الهندسي

العدد

المجموع الكلي للمهندسين

2335

حملة شهادة البكلوريوس

2246

حملة الماجستير

51

اصحاب الدبلوم العالي

15

شهادة الدكتوراه

12

بروفيسور

1

اولية عالية

9

دبلوم

1

الدرجة الاستشارية

670

الدرجة المجازة

438

درجة ممارس

544

درجة مساعد

683

اجمالي عدد المهندسات

383

اجمالي عدد المهندسين

1952

مهندس مدني

1172

مهندس كهرباء

523

مهندس ميكانيك

500

مهندس معماري

93

مهندس كيمياء

24

عام 2005 تأسست منظمة هندسية غير حكومية  وغير ربحية هي التجمع الهندسي لدعم الإعمار EGSC باجازة حملت رقم  1Z2281تسعى الى دعم إعمار العراق والمساهمة في تطويره عبر المساهمة الفعالة لتحسين وتطوير الخدمات الهندسية والتصدي للفساد الاداري والمالي وتنشيط تبادل الخبرات الهندسية والمساهمة في النقل التكنولوجي الكفوء ودعم البحث العلمي والتنمية البشرية المستدامة والمساهمة في حل مشكلة السكن والحفاظ على الموروث المعماري ودعم المبادرة في القطاعات الهندسية.

وحمل المهندسون في بلادنا العناوين المهنية المتعددة : الدكتور المهندس، المهندس الصحف، الاستاذ المهندس، المهندس الفنان او النحات، المهندس الاديب،... وكان الكثير منهم اعضاء في النقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية غير الهندسية كجمعية المعماريين والجمعية العراقية للحاسبات،وبعضهم حمل شرف عضوية المجمعات العلمية في العراق والعالم العربي والمؤسسات الاكاديمية الدولية ليشار اليهم بالبنان حين يأتي ذكرهم ! ...

مما سبق ندرج النقابات الهندسية ضمن مؤسسات الحركة الاجتماعية العراقية ، وجمعية المهندسين في باب الجمعيات الاهلية ومؤسساتية الحركة الاجتماعية العراقية ايضا و التجمع الهندسي لدعم الإعمار وجمعية الكندي للمهندسين العراقيين في بريطانيا واتحاد المهندسين العراقيين في هولندة في مجال المنظمات غير الحكومية .. وكل هذه المؤسسات تشكل المجتمع الهندسي المدني في بلادنا . كما ندرج التجمع العراقي المهني برئاسة عبد الجبار الجزائري وائتلاف المهندسين الديمقراطيين وائتلاف المهندسين العراقيين ضمن القوائم التحالفية الانتخابية التي تنهمك لخوض الانتخابات النقابية الهندسية المقبلة.

النقابات الهندسية في العراق ومنها نقابة المهندسين ونقابة مهندسي كردستان ذات طبيعة مزدوجة : من جهة هي جزء من الجهاز الإداري للدولة والسلطات الاقليمية تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت إشرافها (تنظيم شؤون المهنة) وهي من ناحية أخرى تجمع للمهندسين له دور نقابي في الدفاع عن حقوقهم فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني،وتجري مراقبة ومحاسبة اعضاءها وفق لوائح داخلية يجري اقرارها بالاشتراك مع الدولة. النقابات الهندسية - منظمات مهنية وحقوقية مستقلة تضع مسافة بينها وبين الدولة من جهة وبينها وبين المعارضة السياسية من جهة أخرى.. وهي مؤسسات مجتمع مدني غير ربحية، تمتلك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى.

ليس العمل النقابي الهندسي مجرد حق ديمقراطي يتيح للمهندسين إدارة شؤونهم وأموالهم، لكنه ضمانة ضرورية ايضا لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الشعب العراقي ودعم التنمية البشرية المستدامة الموعودة، وأداة المهندسين في لعب هذه الدور هي نقاباتهم المستقلة الديمقراطية. وتعاني النقابات والجمعيات الهندسية من التدخل الحكومي بكافة أشكاله وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض الوصاية الحكومية عليها دون اي اعتبار للجمعيات العمومية والمؤتمرات العامة لها باعتبارها وحدها صاحبة الحق في إدارة شؤون هذه المؤسساتية ووضع قوانينها ولوائحها.

تؤكد التجربة أن الحكومات لا تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات، والضغوط الخارجية وحدها لا تدفع السلطات الا لتقديم التنازلات الشكلية، والمشاريع التي جرى ويجري دراستها وطبخها اليوم في بلادنا هي في أحسن الأحوال محاولة لترقيع قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... بينما المطلوب إلغاؤه... نعم ، الغاؤه ومحاسبة مشرعيه! ..وتواجه النقابات الهندسية فى بلادنا وضعا خاصا يرتبط بدرجة الاهتمام الحكومي بمؤسسات المجتمع المدني،فالنقابات لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام النسبي الذى تحظى به الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية.مع ذلك يعاب على النقابات والتجمعات الهندسية غلبة الصراع السياسي الحاد على الأهداف المهنية،والوصاية الحكومية،وانحسار الجانب الأكاديمي والعلمي للمهنة الهندسية لتختلط أوراق وقواعد مزاولتها،والممارسة الانتهازية على مستوى  تحمل المسؤولية القطاعية والمركزية والتواجد في الأجهزة التنفيذية  ومواقع اتخاذ القرار والانخراط في النقابات وتكوين الملفات المطلبية واعداد البرامج النقابية واتخاذ المواقف النقابية العملية.

يسهم التعمد في وضع المنظمات الهندسية غير الحكومية في مواجهة الحركة الهندسية النقابية والاجتماعية والفصل المصطنع بين الأنشطة السياسية والثقافية والهندسية في تذليل الدرب لإذابة المهندس في الجسم السياسي الحاكم أو دمجه بالنشاط الإنتاجي اليدوي ليبتذل ويفقد استقلاليته او لتدني الثقافة الهندسية العلمية كونها سلطة معرفية وفقدان الاستقلالية الهندسية والتبسيط الجامد لإشكاليات الوسط الهندسي ، وحتى للسباحة في احلام الرأسمالية الجديدة والتستر على الدور الطبقي النفعي  للتكنوقراط والتعمد في اطالة عمر القوانين والانظمة الداخلية النقابية والمهنية والعلمية الهندسية القائمة منذ العهد الدكتاتوري..،ولأشاعة ثقافة الجماعات الضاغطة – اللوبيات التي تنتشر كالعفن في كل الوزارات الحكومية لتؤدي دور المفاتيح في الدولة العراقية والمجتمع تسرق الأموال وتسلب بطرق شتى وتنشر الفساد وتعشعش في مقرات الاحزاب السياسية واتحادات رجال الاعمال والصناعيين والغرف التجارية لتوزع بركاتها وصدقاتها السرطانية !..وكأنها تسترجع خيوط ذكرياتها المرة وتحن لعهود كانت هذه الجماعات تنعم فيها ببركات واكراميات بطل الحواسم،والبعض الآخر يغازله بعد توقيع صكوك الغفران (البراءات)!.   راجع للكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الانترنيتية الاخرى:

  • نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق

  • الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع

  • ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة

  • حقوق الإنسان في العراق و كردستان

  • الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية

  • المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية

  • المجتمع المدني في كردستان العراق

  • آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية

  • منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء

  • تأجيل الأنتخابات النقابية الهندسية في العراق .. من المستفيد ولمصلحة من ؟

  • جمعية المهندسين العراقية  ... مرآة صادقة للنخبوية الضيقة والشلل المهني

  • حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين

  • نقابة المهندسين العراقية...الى اين ؟

  • العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان

  • المهندس الديمقراطي العراقي  وحق العمل النقابي الحر

  • المهندسون وخصخصة كهرباء العراق 1-2-3

  • المهندس العراقي والطائفية السياسية

  • ثقافات الجوهر المتماثل والمظهر المختلف

  • اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com