|
مع تطورات الوضع الأمني والسياسي العراقي لازال الاصرار كبيرا على كسب التأييد لحشد الدعم للقضاء على المعوقات التي تعترض ترميم البنية الوطنية من خلال توظيف المسارات الداخلية والخارجية لبناء رؤية تكاملية تعزز الاستقرار الحقيقي للعراق، والتأسيس لقواعد رصينة تسهم في استكمال تحديد الآفاق الاستراتيجية المستقبلية، كما هو الحال في مسارات الخارطة السياسية الحالية التي لا زالت متماسكة وقوية بعناوينها الكبيرة التي تستمد قوتها من قواعدها الجماهيرية، اما التخندقات الطائفية والقومية والفئوية لا يمكن لها ان توجد وضعاً سياسيا آخر، مما يتطلب التركيز على النخب المجتمعية للنهوض النوعي والحضاري لاجتثاث مناشئ وجذور الصرعات التي تميزت بها تجربتنا العراقية الحديثة وصولاً لواقع أمثل يسوده الوئام والتعاون والوحدة على ضوء تعاطينا العملي مع اصول ومقومات دورنا لبناء مستقبل اجيالنا من خلال اشراك الجميع في صنع القرار الوطني وصنع مرتكزاته بعيدا عن الشعاراتية، فالفيدرالية هي واحدة من اهم مفردات الديمقراطية فضلا عن كونها نتاج الادوات الطوعية لا القسرية مسترشدين بعشرات التجارب الناجحة في العالم، فتعزيز سلطة المركز هو بناء لحواضن الدكتاتوريات والتفرد بالسلطة وهدر للحقوق السياسية والوطنية التي ربما تؤدي الى الاحتراب والسير باتجاه التقسيم، ومن هنا نؤكد اصرارنا على اقرار الفيدرالية بعد ان فشلت انظمة الحكم الفردي المستبدة بالمتغيرات السياسية والاقتصادية الى المفهوم النسبي التي صارت مطلقة للدولة، فهي أي (الاتحادية) ليست تقسيما للارض وضعفا لسيادة الدولة كما يفهمها البعض، انما هي اتحادية طوعية تقوم على المصالح المشتركة في توسيع المشاركة وفقا للمعايير الدستورية التي اقرها الدستور الدائم، الذي يفصل بين السلطات الثلاث، وقواعد الديمقراطية، وحقوق الانسان، كما أن الاتحادية للمحافظات الوسطى والجنوبيةـ اقليم جنوب بغداد ـ بهذا المعنى افضل وسيلة لتوزيع الصلاحيات بصورة عصرية، اما دوافع رفضها فهي مصادرة لحقوق الشعب الدستورية وتتمحور بالقراءة الخاطئة الي لا مسوغ لها، اذ من غير الممكن ان ترتفع هذه الارادات فوق ارادة الامة في تفعيل المشاريع الحيوية التي صوت لها غالبية العراقيين، للوصول الى التوصيف النهائي من الخيارات الدستورية. إن الاصرار على وحدة العراق على الشاكلة التي انتهجها نظام صدام، إنما يصدر عن تفكير ضيق يسعى الى الغاء الهوية الوطنية والمعطيات الدستورية بدل من احتوائها غير مؤسسات تدير الرؤى المختلفة بما ينسجم مع الحياة الديمقراطية والدستورية، التي لا تولد عنفا او تكبت مشاعر الآخرين، لذا فالفشل في خلق دولة متماسكة ومجتمع موحد، هو فشل عام لا يستثني منه أي مكون عراقي ولا تعود آثاره السلبية على نخبة معينة فحسب بل على المكونات العراقية كافة، وعليه نؤكد انها مسؤولية الجميع لحل الخلافات بما يضمن التزامها بالانظمة التشريعية والتنفيذية وحفظ المصالح العليا التي تعد مسؤولية اخلاقية فقد استطاعت اكثر الدول فك شفراتها وصراعاتها الذاتية والطروحات الوطنية التي اقرتها المؤسسات الدستورية لضمان التوازنات التركيبية البنيوية المتكافئة والمتحضرة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |