|
تتردد في الأوساط السياسية والدواوين الاجتماعية، وفي تصريحات المسؤولين العراقيين، وعلى صفحات الصحف الرسمية ومواقع الانترنيت مقولات عن المصالحة الوطنية في العراق. لكن لم تتبلور للآن أية شروط ومفاهيم حول تلك المصالحة المنشودة، وتكررت وللآن مقولة مطاطية غير واضحة (حول المصالحة مع العناصر التي لم تتطلخ أيديهم بدماء العراقيين) . ولمطاطية ومرونة هذه العبارة المبهمة تدور في أذهان العديد من المتابعين للشأن العراقي تساؤلات عدة حول تفسير هذه العبارة والتي فقدت الكثير من معناها برجوع معظم أعوان النظام الفاشي للعمل في مفاصل الدولة العراقية، وخاصة الوزارات المهمة منها كالجيش والشرطة، وأدارت السلطة (المنتخبة) ظهرها لأصحاب المصلحة الحقيقية في عملية التغيير التي حصلت يوم 9 نسيان 2003 بسقوط هبل البعث صدام حسين وزوال حكم البعث وللأبد . فلا زال الجمهور الأكبر من المبدعين والمثقفين والأدباء والمناضلين يعيشون حياة المنفى بعيدا عن وطنهم منفيين مبعدين ومهمشين وكأن كل سنوات عمرهم التي قضوها في مقارعة الفاشية كانت من اجل عيون بعض العصابات والشراذم والقوى الطائفية وأصحاب النظرة القومية الضيقة من شتى مكونات الشعب العراقي وبدون استثناء. وهل يقرر شكل ومفهوم المصالحة الوطنية نفس ذلك الشخص ممن كان يجلس ويدبج التقارير وينمق الحروف لاهجا بحياة (السيد الرئيس وحزبه القائد)، ثم يعرج على كم اسم (مشبوه) من (الحاقدين على الحزب والثورة)، ليوصلهم بالتالي لأقبية السجون ومقرات التعذيب الفاشية، أو لمقصلة الإعدام، ثم يقول من يقول مرددا مقولة (العناصر التي لم تتطلخ أيديها بدماء العراقيين)؟؟!! . وهل عملية المصالحة تحتاج لخطط تصفيات وبرامج للانتقام، وقطع الأرزاق، وإسالة الدماء في طول العراق وعرضه وبدون حساب ؟؟!! . بالطبع فكلا الحالين مرفوض رفضا باتا، ولا يدخل في باب ولوج قضية عويصة كمسألة (المصالحة الوطنية) بعد أن سالت دماء وزهقت أنفس، وهدمت دور وتشردت وتشتت عوائل . إذن وكما يقول شيخنا الكريم (ما العمل؟!)، وهو سؤال مهم ووجيه في هذه المرحلة التي نعيشها وبعد أن مضت أربع سنوات على سقوط النظام الفاشي العفلقي المستورد (عروبيا) من (الجارة الشقيقة) سوريا، التي لا زالت وللآن (تناضل) في سبيل عودة العراق وطنا وشعبا لأحضان العفالقة فثمة دماء أخرى لا زالت لم تسيل بعد كما يخمن من تصرف النظام البعثي الآخر القابع على صدر جيراننا السوريين في الجارة الغربية للعراق سوريا . وعودة لمقولة شيخنا (ما العمل ؟!) نرى أن لا يتم استبعاد القوى الأساسية في عملية التغيير من مناضلين سياسيين ومثقفين ومبدعين عراقيين ممن لا زال وللآن مهمشا ومستبعدا من مراكز القرار في العراق (الجديد) في التحضير والمشورة والتهيئة في عملية المصالحة الوطنية وعلى أسس وطنية سليمة تأخذ بالدرجة الأولى مصلحة كل القوى العراقية المتضررة من النظام السابق وتضعها في حسبانها، بعد أن دخلت عناصر وشخصيات غريبة وهجينة على المجتمع العراقي في إدارة الدولة العراقية من المنتمين لأحزاب وتيارات وليدة عملية التغيير الكبيرة والتي كانت مهيأة أصلا من قبل النظام الفاشي للدخول في هذه التيارات والأحزاب الهجينة . كون العملية تحتاج لدراسات من مبدعين وعلماء نفس ومثقفين وسياسيين، بعيدا عن حالة العوق السياسي الذي تنفثه الكثير من العناصر الانتهازية والطفيلية، ولصوص المال العام، وأصحاب السوابق ممن نصبتهم بعض الأحزاب والتيارات الوليدة مسؤولين على رؤوس العراقيين من بعض الوزراء والمحافظين وكبار مسؤولي الدولة العراقية (الجديدة). وكيف تجري عملية المصالحة في ظل وجود القاتل متسيدا على آل المقتول بعد أن بدل جلد الحرباء بين عشية وضحاها وأصبح مناضلا بدعم من هذه الجهة أو تلك أو من قبل هذه الدولة أو الدويلة أو تلك؟ . فمن يتدخل في الشأن العراقي دول ودويلات ومحميات لا زالت للآن تقع تحت حماية أم الدنيا أمريكا ولا زالت تأتمر بأمرها وتصرف ملايين الدولارات من أجل إدامة العملية الإرهابية على الأراضي العراقية، ومثل السعودية وحكام كل المحميات المطلة على الخليج الفارسي، وبعض أفراد العائلة الحاكمة في إمارة الكويت وتجارها من السلفيين، وأطراف متعددة داخل حكومة إيران (الاسلامية)، وسوريا (البطلة)، والأردن (الشقيق) لأكبر دليل على هذا التدخل السافر في الشأن العراقي الخاص . لذلك يجب أن تستبعد كل العناصر الطفيلية والتابعة لهذه الدولة أو الدويلة، وان يكون من يدير هذه العملية عناصر عراقية وطنية مشهود لها بنكران الذات وحب الوطن وليس على أساس الانتماء الطائفي أو القومي الضيق والتي لا تتوفر في معظم من يدورون في فلك الحكومة الحالية في العراق (الجديد) . وهي بالتالي عملية برمجة لتحويل المجتمع العراقي ثقافيا لمجتمع متصالح يبدأ من أولى لبنات التعليم العام ومن رياض الأطفال، وان تتم في بداية الأمر عمليات اعترافات وندم لكل من أعضاء الحزب الفاشي وخاصة قيادييه وأعضائه وأنصاره ومؤيديه . وان تساق كل جحافل المجرمين وخاصة قادة الفيالق والفرق ورجال الاستخبارات والحرس الخاص وامن الرئاسة لمحاكم ميدانية سريعة تبت في براءتهم من عدمها وبسرعة زمنية قصيرة دون مماطلة وتسويف كما جرى في محاكمة مجرمي الحرب الفاشيين وعلى رأسهم راس النظام المشنوق صدام حسين . على أن يكون هناك ارتباط وثيق بين مثقف الداخل والخارج بعيدا عن الإقصاء والتهميش الذي تقوم به بعض الدوائر التي تدعي الثقافة وتحتكر كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية التابعة للدولة العراقية، وتحرم متعمدة وصول الرأي الآخر من نتاج كتاب ومثقفي الخارج للقارئ والمتتبع للشأن العراقي .، ولنا مثل في الهيمنة الحاصلة على شبكة الإعلام العراقي من قبل شخص غير مؤهل إعلاميا، وفرض على إدارة اخطر مؤسسة عراقية عائليا . أما ترك هذا الأمر بيد صناع (السياسة) الجدد، والانتهازيين والطفيليين عليها فتلك مسألة غاية في الخطورة كون أن هناك الملايين ممن جرى الاعتداء على أعراضهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أبنائهم أو بناتهم ينتظرون أن يتم القصاص الرسمي العادل ووفق الأصول القضائية المرعية وضمن الدستور لكي يهدأ بالهم ويحسون بعدالة قضيتهم دون ترك الفرصة لأي منهم للانتقام الشخصي كما حصل ويحصل في العديد من الحالات التي جرت وتجري بعد سقوط نظام العفالقة الفاشي . أو كما هو حاصل في عدم تنفيذ حكم المحكمة الجنائية الخاصة بحق بعض مجرمي الأنفال – علي كيمياوي ورفاقه -، والعفو الوجاهي لأحدهم بحجة مطالبة أهالي كربلاء بالعفو عنه . فهل يتم ذلك ووفق الأسس التي يراها رجال السياسة والفكر والرأي ممن تم استبعادهم وعن قصد من عملية إدارة الدولة العراقية، وحل محلهم أنصاف المتعلمين ومدع الثقافة والعلم بالسياسة؟؟! . هامش رقم 10 : جاء اسم كلمة (القوادة) من القيادة، فـ (القيادة فإن شئت أن تكون دالة على معنى مستقبح دلت عليه وألا فليست خاصة به وأعني أنها بحسب ما تضاف له فقد ورد في لسان العرب " وفرس قَؤُود: سَلِسٌ مُنْقادٌ. وبعير قَؤُود وقيِّدٌ وقَيْدٌ، مثل مَيْت، وأَقْوَدُ: ذليل مُنْقاد،والاسم من ذلك كله القِيادةُ. " فهذا معنى حسن وورد في تاج العروس : والقَوَّادُ الدَّيُّوثُ. وقَادَ على الفاجِرَةِ قيادة" ) . وقد قادت أم الدنيا عملية (قوادة) كبيرة جرت بالتسلسل منذ اليوم الاول لقيامها بالهجوم العسكري على النظام الفاشي لسبب واحد هو ليس لتحرير العراق كما روجت لذلك بل للهيمنة عليه وعودة نفس العناصر التي كانت تتسلط على مقاديره وبصورة تدريجية مع تطعيمها ببعض الأشخاص المقبولين منها سياسيا على أن تشمل قائمة آلـ (55) التي تنوسيت تماما الآن على رأس النظام المشنوق وكم رأس آخر محيط به ممن تمرد على أوامرها وأصبح يرى نفسه بديلا عمن صنعته أم الدنيا أمريكا، وهذا ما حدث فعلا خاصة بعد إعدام المشنوق وإسدال الستار على ملايين الجرائم التي اقترفها بحق العراقيين والمنطقة وأبوكم والله يرحمه . آخر المطاف : قيل : (ليس الرجل الذي إذا وقع في الأمر تخلص منه ولكن الرجل يتوقى الأمور حتى لا يقع فيها) . * شروكي من بقايا القرامطة وحفدة ثورة الزنج
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |