|
الموضوعية ركن أساسي من أركان المنهجية العلمية، ولا يمكن بدونها جمع بيانات من دون تحوير واجراء اختبارات بتجرد والتوصل إلى نتائج صحيحة واستنتاجات مفيدة ومؤثرة، ولولا الموضوعية لما تطورت المعرفة، ومن المحزن أن يكون السبق لغير المسلمين في وضع المنهجية العلمية وشروطها، فقد أثبت في كتاب لي منشور في بغداد وبيروت بيان القرآن الكريم لكافة عناصر المنهجية العلمية، ولو انتبه المسلمون لذلك واستفادوا منها لكانوا الأكثر علماً وتقدماً على مر العصور، والموضوعية مطلوبة في كافة جوانب حياتنا العامة والخاصة، وفي غياب الموضوعية يصبح العقل نفسه وسيلة لتبريرالانحراف وتزيين الضلال، وعندما تسيطر الأهواء بدلاً من الموضوعية على الحاكم تكون نتائج قراراته على الناس كارثية، ويزخر تاريخ العراق الحديث بالأمثلة على ذلك، و كان الطاغية صدام أكثر حكام العراق السابقين إنحرافاً عن الموضوعية، لذا فقد جرت قرارته الويلات على العراق، وإن لم يلتزم الإداري بالموضوعية في قرارته وتصرفاته اضطربت خططه وتعثر تنفيذها وهجر المخلصون مؤسسته، كما أن تحكيمنا الأهواء في تسيير أمورنا الخاصة أقصر الطرق إلى الخيبة والخسران. إن من أهم شروط الموضوعية، كما يبينها القرآن الكريم، وباجماع المختصين بالمنهجية العلمية، انطباق الأسماء أو المفاهيم على الواقع الفعلي، انطلاقاً من اعتبار الواقع المدرك بتجرد وموضوعية المعيار الوحيد لاختيار المسمى، فلا يجوز اطلاق الاسماء جزافاً أو إرضاءً لأهواء أو لأننا ورثنا تلك التسميات من أباء وأجداد منقادين لأهوائهم ، والمثال على ذلك هو اضفاء تسمية الآلهة على الأصنام أو المعبودات الآخرى المختلقة، فهذه مجرد اسماء مبتدعة لا أساس لها في الواقع المادي، وبدلاً من أن يبنى الاسم على الواقع والحقيقة يكون الاسم هنا الدليل الوحيد على صحة المعتقد الزائف، لأن تسمية الأصنام بالالهة توارثاً وتقليداً غير كاف للاستدلال على حقيقتها، ولكن من الواضح أن كثيراً من القدماء والمعاصرين سقطوا في هذا الانحراف الخطير عن الموضوعية. تطغى اللاموضوعية على العملية السياسية في العراق إلى درجة تقترب بها من السوريالية اللامعقولة، وبدءً فلا الاسماء ولا الصفات مطابقة للواقع، إذ يصر بعض قادة الجماعات السياسية المهيمنة وأتباعهم على تسمية القوات الأمريكية والأجنبية في العراق قوات "تحرير" لا احتلال، ويردد مؤيدو الحكومات العراقية المنشأة منذ الاحتلال بأنها "مستقلة" و"ذات سيادة" في الوقت الذي نجدها غير قادرة على اتخاذ أبسط القرارات خلافاً لإرادة المحتلين، وتدلل على عجزها المطلق بالاكتفاء بالاحتجاج كلما تصاعدت أصوات المواطنين بالتذمر والشكوى من بطش واجحاف المحتلين وشركاتهم الأمنية وجنودهم المرتزقة، واستعمال الاسماء التي لم ينزل الله بها من سلطان عقلي هي الصفة الثابتة لمزيفي الحقائق وعبدة الأصنام السياسية، فكما أن النواصب المتسللين وأعوانهم في الداخل صنفوا العراقيين والبشر أجمعين إلى نوعين: "أخيار" على شاكلتهم يستحقون الحياة ونعمها و"كفار" مغايرين لهم يستأصلونهم بالذبح والتهجير، فإن البشر في قاموس الرئيس الأمريكي ونظامه الطاغوتي نوعان: حلفاء وتابعون لهم مرضي عنهم وما عداهم "إرهابيون" معادون لأمريكا وحضارة الغرب، وعندما رضخت مؤخراً الفئات القبلية المساندة والحاضنة سابقاً للإرهاب في العراق للإرادة الأمريكية تحول هؤلاء في نظر المحتلين الأمريكان بين ليلة وضحاها من "إرهابيين" إلى "وطنيين مخلصين" ينبغي إشراكهم في الحكم، وسارع رموز السلطة الحاكمة للترحيب بصحوة هؤلاء "الإرهابيين". عندما يغلب الزيف على الواقع يكون أول المتضررين المخلصون للحقيقة، وقد قيل بأن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق، ولا توجد في العملية السياسية المعاصرة عملة أجود من التيار الصدري، فهو الوحيد الذي له ثوابت سياسية لم يحد عنها، من أبرزها مناهضة الاحتلال ورفض عودة البعث تحت أي ذريعة أو ستار وحماية المواطنين العزل والتخفيف عن معاناتهم وقبول المشاركة في العملية السياسية أملاً بالوصول إلى خروج المحتل واستقرار الوطن لا طمعاً بمكاسب سياسية، فلا غرابة أن تعاديه كل الجماعات السياسية الكارهة للحقيقة الموضوعية والمتسترة وراء اسماء وشعارات مختلقة ووعود كاذبة، وهذه الجماعات على الرغم من تنوعها وتفرقها حول أمور عدة تشترك في عدائها للتيار الصدري، فالمحتلون الأمريكان يدركون جيداً بأن لا بقاء لهم في العراق بوجود الصدريين، وينتظر نفس المصير أنصارهم من السياسيين المعروفين برفضهم تحديد جدول زمني لانسحاب قواته والسكوت على تهاونه في تدريب وتسليح القوات العراقية والمشاركة في خططه لتقسيم العراق ونهب ثرواته، ومن حق الصدريين الافتخار بأن قائمة أعدائهم تضم الإرهابيين النواصب وبقايا حزب الطاغوت البعثي، وهؤلاء كلهم مجتمعون متفقون على تصفية التيار الصدري لغايات ومصالح استعمارية أو طائفية أو عنصرية أو فئوية. استحل الفرقاء السياسيون والطائفيون العراقيون ذبح وتهجير خصومهم فهان عليهم التشهير بهم واختلاق الأكاذيب حولهم، وقد غالى أعداء التيار الصدري في التدليس عليه حتى وقعوا في التناقضات اللامعقولة، فبالأمس اتهموه بالترويج لمخطط إيراني مزعوم هدفه السيطرة على العراق واليوم يتباكون عليه باعتباره الفصيل العروبي المستهدف من أعوان إيران، وبعد أن امتدحوا انفتاحه الوطني على كل العراقيين من مختلف الأديان والطوائف راحوا يرددون مزاعم المحتلين الأمريكان المختلقة بمسئوليته عن تشكيل فرق الموت، ولم يسلم التيار الصدري من سهام بعض الجماعات الشيعية التي تسعى للتفرد بالسلطة والتي تحالفت معه للفوز بالانتخابات ثم انقلبت عليه وتمادت في تجنيها عليه فأسمته بـ"البعث المقنع" واتهمته بالإرهاب لتبرير تصفيته من قبل المحتلين الأمريكان والقوات العراقية التابعة للأمريكان. عندما لا يكون خصمك ملتزماً بالموضوعية ويعييه ايجاد الحجج ضدك فقد يلجأ إلى اختلاق الذرائع والتهم لاسناد موقفه الضعيف، مما يزيد من احتمال وقوعه في التناقضات، فيقيم الحجة بنفسه على بطلان ادعاءه، ويكفيك مشقة الرد عليه، وقد اطلعت بمحض الصدفة على شكوى ضد جيش المهدي من أحد رواد موقع عراقي على الانترنت، فاخترتها لتكون مثالاً على ضعف منطق أعداء التيار الصدري وجيش المهدي، والذي سول لهم تصوير مروءة وشهامة وغيرة بعض أفراد هذا الجيش بأنه اعتداء على مواطن عراقي، وفيما يلي النص الحرفي – بأخطاءه اللغوية والإملائية- لهذه الشكوى كما وردت على الرابط التالي: http://www.drweb4u.net/vb/showthread.php?t=14282 .. ساروي لكً حادثه بسيطه .. حدثت لاحد اقاربي .. وهو شيعي .. واسمه عمر عادل .. وذهب ليبدل الجنسيه لانه يريد ان يصدر جواز سفر جديد للخروج من العراق بسبب الامن المعدوم فيه .. خصوصا وهو من سكنة منطقه تكاد تكون شبه ساخنه .. المهم دائرة الجنسيه التي يراجع بها .. هي في الكاظميه .. قال لي بالحرف الواحد ان احد رجال الشرطه الذي يقفون في باب الدائره .. ابلغ مكتب الصدر بوجود رجل سني يراجع الدائره .. المهم جاء هذا الشرطي لقريبي واخبره ان هناك رجال يريدون ان يتكلموا معك فاذهب اليهم .. فذهب قريبي وهو يعلم بانهم رجال ميليشيا مسلحه شيعيه .. وهو غير مهتم لانه شيعي .. حسب ما ذكر .. فقال له احد الرجال وهم كانوا اربعه .. ومعهم سيارة بطه .. فقال له احد الرجال وهو يرتدي دشداشة صفراء .. والمسدس في جيبه.. (هاطل) من الدشداشه .. فقال له اين هويتك؟ قال له قريبي.. المعامله في الدائره وانا انتظرها .. فقال له ابرز لي اي وثيقه بها اسمك.. قال له اسمي عمار.. فقاطعه الشرطي وقال له انت كذاب.. انت اسمك عمر وعادل.. شلون تكول عمار؟ فقال له نعم هذا اسمي مال المطلوب؟ فقال له ابو الدشداشه .. اصعد للجنطه السعيده .. فبداء يحاول ان يفهمهم بانه شيعي اكل من الضرب المبرح ما لم ياخذه انسان حسب ما يقول قريبي.. ولو لا انه يعرف بعض الرجال في منطقته من جيش المهدي؟ فقال لهم اتصلوا بهؤلاء وتاكدو من انني شيعي .. فاتصلوا بهم للمكتب الاخر الذي في منطقتهم .. فاكدوا لهم بانهم شيعي .. فتركوه وذهبوا .. ولكن يقول قريبي .. اشبعوني (رزاله وتفال) فقط لانني اسمي عمر عادل.. المكان هو مدينة الكاظمين التي شهدت بالأمس القريب تفجيرات إرهابية وحشية وهجمات طائفية جبانة بالقنابل والصواريخ أودت بأرواح المئات من أهلي المدينة الصابرين، وفي الوقت الذي أهملت قوات الاحتلال الأمريكي توفير الحماية لسكانها وعجزت قوات الأمن بشهادة الجميع عن أداء وظيفتها، مما اضطر سكان المدينة العزل للاستعانة بأبنائهم وأخوانهم في جيش المهدي من أصحاب "الدشاديش" كما يزدريهم الشاكي، فتناخى هؤلاء الصدريون لحماية مرقدي إماميهم واللائذين بهما من بطش الإرهابيين، وفي خضم ذلك التصعيد الإرهابي الطائفي ضد الشيعة العزل يحضر الشيعي المدعو عمر آلـ"عادل" مراجعاً لدائرة حكومية، فهل أخطأ الشرطي قليل الحيلة في تنبيه حماة المدينة إلى وجوده بين ظهرانيهم؟ لقد أصاب وأحسن ويستحق منا كل الثناء والتقدير، وعندما يحضر أفراد جيش المهدي للتحقق من الأمر يدعي بأن اسمه عمار وليس عمر عادل، فهل كان لزاماً على أفراد جيش المهدي الاستهانة بالأمر واخلاء سبيله؟ وفقاً للأعراف المتبعة في الحروب يعتبر كل شخص ينتحل هوية مزيفة جاسوساً ويعدم فوراً، لو طبق جيش المهدي هذه الأعراف على عمر عادل لما عاش ليروي قصته، ولكنه أعطاه الفرصة ليثبت صحة إدعاءه وتغاضى عن انتحاله اسماً آخر وعن تضييعه لوقت وجهود أفراد جيش المهدي، وأجزم بأن لو وقع شيعي اسمه علي مرتضى بأيدي النواصب لقطعوا رأسه فبل الاستفسار إن كان سنياً أم شيعياً، وبتجرد تام من الطائفية نتسائل عن السبب الذي دعا والد هذا الشاكي الشيعي لتسمية ابنه عمر ليكون اسمه بالكامل عمر آل عادل؟ إنه يذكرني بالسيد حسن العلوي الذي أسمى ابنه عمر تملقاً لسيده الطاغية صدام فاشتهر بيننا ايام الغربة في بلاد الشام في الثمانينات والتسعينات بـ"أبي عمر"، ووصمة العار المترتبة لا على الاسم بحد ذاته وإنما لدوافع اختياره ظلت تؤرقه حتى أوصلته إلى الانفصام التام عن تشيعه كما بين ذلك في مؤلفاته الأخيرة المنشورة بأموال سعودية، لذا نقول للمشتكي عمر حري بك أن تخجل من تملق وتذلل أبيك للطغاة البعثيين الطائفيين. يستدل من هذه الشكوى التي هي في نظري مديح خالص لجيش المهدي على الأمور التالية: · نخوة ومروءة جيش المهدي التي دفعته للتطوع لحماية مرقدي الإمامين الكاظمين وسكان مدينة الكاظمية في أوج الهجمة الإرهابية على مراقد الائمة والشيعة العزل. · يقظة أفراد جيش المهدي المتمثلة في استقصائهم لكل الظواهر المشبوهة في المناطق المشمولة بحمايتهم. · اتاحة جيش المهدي للمشبوهين بالدفاع عن أنفسهم ومساعدتهم في تبرئة أنفسهم. · حسن تنظيم جيش المهدي ووجود التنسيق الفعال بين مكاتبه. فلا عجب أن يصاب المحتلون وأعوانهم والساكتون عليهم والإرهابيون والطائفيون وبقايا النظام الطاغوتي من أعداء التيار الصدري وجيش المهدي بالذعر والقلق على مصيرهم في العراق، والتيار الصدري وجيشه المهدي شواهد باقية على أن النخوة لم تمت في العراق، وإن من يرتدي كفنه ويبذل نفسه في نصرة أخيه المظلوم أجدر بالاحترام والتقدير من المتهافتين على المناصب والمكاسب واللاهثين وراء مصالحهم الذاتية ولو على حساب دماء ودموع الأبرياء وبقاء الوطن وأشباه المتعلمين الذين يزدرون أفراد التيار الصدري وجيش المهدي لمجرد ارتدائهم "الدشاديش".
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |