|
اذكر مرة ان قناة TRTint التركية عرضت برنامجا خاصا عن تطور الحياة الاجتماعية والسياسية في مدينة اربيل ، فالتقت معدة البرنامج التركية بالعديد من السياسين من الاخوة الاكراد والتركمان، كما التقت ببعض الاشخاص العادين في الشوارع. ان اهم ماجلب نظري حينما كنت اشاهد البرنامج حديث شاب استوقفته معدة البرنامج وقدمته بأن والده كردي ووالدته تركمانية، لقد انطلق الشاب يتكلم بلهجة اسطنبولية يفوقني فيها. ومن اهم ما قاله ذلك الشاب: ان صدام حسين كان يحفظهم اغاني للحروب لاتنتهي، من قبيل (والدي ذهب للحرب ، فصعد دبابته، ثم نزل منها ، ثم نظفها)... ثم توقف قائلا : لقد سئمنا كل ذلك ، فألى متى كنا سنحفظ ونغني مثل تلك الاناشيد واغاني الحروب، نحن نريد العيش بحياة رغيدة، مستقرة بعيدا عن الحروب والمشاكل. انني لآتعجب من بعض السياسين من الاخوة الاكراد الذين لايسأمون هذه الايام من الطواف بالفضائيات العربية كالجزيرة والحرة والمستقلة والشرقية والعربية وغيرها فضائية فضائية يطبلون ويزمرون عن مؤامرة تبيته تركيا لهم لضرب وتصفية "التجربة الكردية في شمال العراق" معلنين بأن تركيا العدو اللدود للشعب الكردي. وان قضية حزب العمال الكردستاني ما هي الا حجة تتحجج بها تركيا ، وان لا وجود لهولاء في شمال العراق كما صرح بذلك السيد مسعود البارزاني في قناة الجزيرة ، بل ودعا الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وتركيا لزيارة الشمال والتأكد بانفسهم! غير اني شخصيا أعرف بوجود الاف العوائل من حزب العمال الكردستاني PKK في اراضي الفيلق والملاعب ودوائر الدولة الاخرى بكركوك يتكلمون باللهجة الباهدينانية ،دليل على كونهم اكراد تركيا ، لان اهالي منطقة السليمانية واربيل يتكلمون باللهجة السورانية . اذن من هم هؤلاء؟ انني اتذكر لحد الان كيف كان والدي رحمه الله يتحدث عن صفة الوفاء الذي يميز الكردي عن غيره. غير اني الان لا ارى من ذلك الوفاء الذي كان يتحدث عنه شيئا في الاحاديث والخطب السياسية للاكراد. وكأن الوفاء عند الكردي محصور في حياته العامه يعتمده في علاقاته الشخصية فقط ، اما في حياته السياسية فلا مكان لهذه الصفة الانسانية . والا كيف يفسر السياسي الكردي أو ينسى بأن ما يسميه التجربة الكردية في شمال العراق هو نتاج لاحتضان الحكومات التركية المتعاقبة للاكراد سواء عند لجوئهم للاراضي التركية في 1991 وماتلاه من مشاركة تركيا في فرض الملاذ الامن لهم ، ومن مساهمة الشركات التركية في تنمية شمال العراق ، فضلا عن تزويدهم لحد الان بالوقود والكهرباء. وكيف للساسة الاكراد ان ينسوا كيف كانوا يمرحون ويسرحون في تركيا ، ويفترش لهم الفرش الحمر ترحيبا بهم ، وكيف كانوا يجولون في دول العالم بجوازات السفر التركية. وضمن نفس الحملة الدعائية التي يشنها ممثلي الحزبين الكرديين اتهامهم الاتراك بالشوفينية والعنصرية! انني سأحكم التاريخ والحاضر في هذا الاتهام الجائر ، واسأل بأن ( الامبراطورية العثمانية ) حكمت اجزاء واسعة من ثلاثة قارات لمئات السنين فهل فرضت ثقافتها ولغتها يوما ما على شعب حكمته؟ فأذا كانت كذلك فأين تلك الثقافة التركية ، ومن في البلاد العربية وغير العربية يستطيع الحديث بالتركية غير الاتراك فقط، ، بل ان الاتراك أنفسهم كادوا ان يفقدوا لغتهم لكثرة تعلق سلاطين الامبراطورية العثمانية باللغة العربية كونها لغة القران الكريم ، حتى ذهب السلطان العثماني عبدالحميد الثاني رحمه الله الى الشروع بأيجاد لغة جامعة لابناء الامبراطورية العثمانية اعتمد فيها اللغة العربية والفارسية بجانب التركية. واقول لهم هنا ان لو كان الاتراك مثلما يقولون لم نكن لنرى ولنسمع اليوم في هذه المنطقة من يتكلم بغير اللغة التركية وأولهم السادة المتحدثون، حيث كانوا قد نسوا الكردية ولم يكن ليتكلموا غير التركية ، كما فعلت فرنسا بالجزائرين خلال مئة سنة من الحكم ، أو كما انست الافارقة لغاتهم المحلية فأصبحوا اليوم( من استعمرته فرنسا) لا يستطيعون الحديث الا بالفرنسية. ام ان هذا الادعاء والاتهام ستار لما يقوم به الاكراد من محاولة منع التركمان حتى من التكلم بلغتهم التركية في دوائر الدولة. انني اعود لما بدأته من حديثي عن التجربة الكردية التي عرضته القناة التركية، وعن اشتياق الشباب الكردي الى العيش في حياة رغيدة مستقرة بعيدا عن التوترات والحروب، والاستفزازات ، فكيف لهم ان يدفعوا هولاء الشباب الى اتون حرب جديدة مع تركيا ، وكيف لهم ان يدمروا بأيدهم جهود خمسة عشر سنة من البناء والامل ، وكيف يسمحوا لانفسهم التورط في الدفاع عن قضية خاسرة ، مثل قضية الارهاب ، وكيف يسمحوا للسيد محمود عثمان عضو التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي بأستفزازالحكومة التركية بأملائه شروط انهاء ما يسمية الازمة وكمايلي: اولا : على الحكومة التركية وقف اطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني PKK ثانيا : اصدار العفو العام لجميع الارهابيين . ثالثا : الجلوس على طاولة المفاوضات مع هذا الحزب الارهابي. وبأختصار من يحاول القضاء على التجربة الكردية؟ تركيا الدولة المحبة للسلام والمعروفة بحسن الجوار والتي وقفت من اول يوم كحجر عثرة امام الارهابيين لمنعهم من الدخول الى العراق، أم الحكام الاكراد الذين أحالوا ربوع شمال العراق ملاذا امنا للارهاب ضد الحكومة التركية الان والعراقية في مرحلة لاحقة . ان الجواب متروك للقارئ الكريم وللسياسيين في العراق وتركيا وامريكا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |