|
تجلت خلال عقد التسعينات من القرن الماضي تبعات سياسات وممارسات النظام الدكتاتوري السابق في مجال التربية والتعليم، فقد عانى هذا القطاع من الإهمال والتشويه المخطط، مما أدى الى التدني البين في مستوى العملية التعليمية والتربوية. وتسبب هذا التدني وهونتيجة طبيعية لنهج تجهيل المجتمع وتبعيثه بكل الوسائل والإمكانات المتوفرة، في نزوع الحاجة الى التزلف والتملق والغش لنيل الشهادات الأكاديمية العالية والتي غالبا ما تكون خامة مادتها الأساسية في فروع العلوم الإنسانية هي أفكار وأحاديث الدكتاتور، حتى وان كانت من مستوى " تثقيف" المواطنين بأهمية غسل الأيدي قبل وبعد تناول الطعام، ومن ينجز أي "بحث" متملق عن القائد الضرورة المؤمن لابد وان ينال درجة التقدير العلمي العالية التي يطمح إليها حتى وان كان " بحثه" يستحق تقدير تحصيل مستوى المرحلة المتوسطة. وهكذا ساد في تلك العقود الحالكة من تاريخ العراق الحديث تجذر الفساد التربوي في المؤسسات التعليمية، وصار الغش والانتحال وسرقة جهد الآخرين والفهلوة لنيل الشهادات الدراسية أمورا مألوفة في ظل دولة عبادة الرمز الفرد وانهيار المعايير العلمية في تقدير الكفاءات. وبعد تطبيق مبدأ الفوضى الخلاقة اثر الاحتلال، وجدت الأجيال الضحية المُجَهلة في عهد النظام السابق، في سطوة الميليشيات المحلية والوافدة وعصابات الجريمة المنظمة، على مراكز الإدارات التعليمية في مختلف مستوياتها، بديلها الجديد عن سلطة البعث مالكة الأرزاق والرقاب، لتترسخ بعد نيسان العام 2003 الممارسات المنافية للمثل والأعراف العلمية والأكاديمية في سبيل الحصول على الألقاب العلمية عبر أساليب الابتزاز والغش وسرقة أسئلة الامتحانات والتهديد بالاختطاف والقتل. ومن الطبيعي ان تقترن هذه المظاهر باستهداف المرأة العراقية العاملة في قطاع التعليم أيضا إرهابا وقتلا، مما حدا بصحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية ان تعلق في الثامن من تشرين الثاني الجاري على عمليات القتل التي تطال منتسبي الأسرة التعليمية بالقول ان قتل المعلمين والمعلمات أصبح ظاهرة ملفتة للنظر في العراق. ان الطالبات والطلاب العراقيين وهم في أعتاب العام الدراسي الحالي يواجهون تحدي القوى الظلامية بحرمانهم من حقهم المشروع في التعلم والدراسة، وقد نجحت هذه القوى باعتراف وزارة التربية، بإشاعة الخوف لدى الأهالي على بناتهم من الاختطاف والاغتصاب خصوصا في مناطق الجنوب العراقي حيث تدنت نسبة التحاق الفتيات بالدراسة الى نسب تصل الى ربع عدد الفتيات اللواتي في سن الالتحاق بالمدرسة. ان الاستهتار بقطاع التعليم عبر تخريب قيمه التربوية واستهداف الأساتذة والمعلمين والاختطاف والقتل للعنصر النسوي في الأسرة التعليمية هوبالضد من مسعى إعادة الاعتبار الى الحرم الدراسي واحترام الهيئات التدريسية، كما يصيب بالشلل الجهود الرامية الى إحلال القيم الإنسانية الراقية، وتمثل الممارسة الديمقراطية في العملية التربوية والتعليمية، وإعادة السمعة العلمية والأكاديمية للمؤسسات الدراسية العراقية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |