طريق الحرية ومنعطفات مظلمة

 

إسراء القطبي

عندما يكون للحرية مفهوم النور والابصار، والانطلاقة الى حيث ما تصبو اليه الاماني وتهفو اليه القلوب، بحسب الضوابط المبدئية والاسلامية، فذلك من الطبيعي والمسلم.. اما ان ينعطف طريق الحرية بأنعطافات تملؤها العوارض والحواجز وتغرق في ضباب المفاهيم المشوشة والافكار المستجدة المغلوطة.. فذلك ليس من الحرية في شيء، او هي الحرية المنتقاة على اساس الهوى والرغبة الجامحة، فليست الحياة الدنيا في الاسلام، ساحة لعب وميدان جري تمثله الموانع، وعلينا التسابق، لا جتيازها والمرور فوقها فان ضربت ووقعت فليكن، ولا اشكال ولا تثريب..!

وانما الحياة في الاسلام كقواعد وتعليمات دائرة المرور في الطرقات، فتضع العلامات الحمر للتوقف والتريث لأجل تلاقي الخطر، وهناك العلامات الخضر لأجل السماح بالمرور وبيان عدم الخطورة في الاستمرار، وهناك لوحة تكتب عليها كلمة قف او توقف وتوضع امام كل منحدر او مكان خطر.

اذا هي الارشادات والتعليمات لأجل السير المعتدل والعبور السليم.

وكذلك الحال في معبر الدنيا الشائك بأنواع المخاطر التي قد ترى وقد لا ترى، وقد تزين بفعل الشيطان انها من المحاسن ومما لا ضرر فيها (وسول لهم الشيطان).. وكان لا بد للاسلام من ان يبين معالم الطريق للمارة فيه لئلا يقعوا في مطبات خطرة ومنزلقات حادة... فبين لنا جملة من المفاهيم حول ما نسلك ونسير وليس له في ذلك من قصد المنع من تتمة الطريق الذي ابتدأه الانسان من اول مجيئه الى هذه الدنيا ووصولاً الى نهايته فيها، انما لأجل تفتح بصيرته حول مايجري حوله، ولزوم الانضباط والالتزام يقع في الموبقات.. ولا توجد في الاسلام حرية مطلقه ليس فيها احترازات والتزامات، انما هي الفوضى الحيوانية بعينها، وانما كانت الحرية فيما شرع لنا الاسلام من الاحكام والاوامر والنواهي الالهية، فما جوزه الاسلام واباحه كانت فيه الحرية مخيرة للانسان بين الفعل والترك وما حرمه من الافعال فذلك هو المنافي للحرية ولا بد من التقيد والبعد عن فعلها وعدم الانفلات من ربقة الحكم والتصرفات فيما هو محرم..

ويبقى الفعل المستحب والمكروه في الجانب المباح وهو من نوع الضوابط المرورية في الطريق الصحيح، فما كان مستحبا يعول القيام به وما كان مكروهاً فالاولى تركه..

وهنا نتساءل في كل امورنا الحياتية التي نقوم بها، هل اخضعناها لتلك الضوابط الاسلامية لأجل السلامه والامان في دار الدنيا ونيل الثواب والرضوان في دار الاخرة ان البعض من ينفلت عنهم القياد وينحل منهم الرباط، ينطلقون بلا روية ولا تفكر في الامور وان معنى الحرية لديهم ان تنفتح امامه ابواب الحياة على مصراعيها، فلا مانع ولا راداع لكل مايعمل.. اتذكر – هنا–  ان احد الصديقات كانت تتحدث معي عن مفهوم الحرية وان على المرء ان يحرر عقله من كل الافكار الضالة والمبادئ الفاسدة والتقاليد الجائرة.

وان يكون حر نفسه طليق ارادته (وكنت اقصد في  كل ذلك الحرية المنطلقة من مبادئ الدين الاسلامي، لا الحرية المنبثقة من الافكار الوضعية اليوم) فكنت ارمي في حديثي الى اثبات مبدأي في الحياة وهو الانطلاقة في الحياة من مباديء الدين والمذهب، كخدمة الدين والمذهب، وكانت هي ترمي الى الحياة العصرية والحرية المنفلتة من كل التزام اخلاقي وضابط ديني وتكثر من عبارة اود ان اعيش free وكانت تعجبني في مقالتها على اساس فهمي الخاطىء لمراميها.. الى ان امتدت بنا الايام وغرقت في وحل هذه الحضارة (المتحيونه) وساقرت الى الغرب (يطريقة ما) لتعيش free كما تريد (اي متحررة).

واليوم وبدافع الحرية وتعطشاً لانطلاقتها، صرنا نبيح لأنفسنا كل شيء ونستجلب لأنفسنا ما منعتنا عنه قيود العقود الماضية، ويبقى المقال: ذلك من وجوه الحرية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com