|
بين عطّوفة ويهود بابل
علاء هادي طوبى لمن يزني ولا يَرجٌم طوبى لمن يَقتل ولاينام طوبى لمن لايتركٌ أيتام من الصعب بمكان وضع تعريف علمي وعملي معاصر لحالة عطوفة المرضية وحالات الكثير مثلها من المصابين ب\"داء الشارَّه\" في المناطق الجنوبية من البلاد. ولكن وللإغراض المختبرية فقط فقد اتفق الأطباء والمتخصصون على جملة أعراض يبديهاالمصاب بهذا المرض لكي يتم تشخيصهُ كمريض يستحق الحقن بالمضادات الحيوية. ومن ضمن تلك الاعراض هي: قيام المٌصاب بتصرفات ماسوشية-لاإرادية مصحوبة بنوبات صرع فجائية حادة يتخللها قيام المريض بحركات هستيرية غريبة كالتمرغ في الطين وهيّل التراب على الرأس واللطم على الصدر وتمزيق الوجوه بالأظافر المصحوبة دائما بالتعري أو شق جيوب الملابس والإجهاش في النوح والأنين. ولم يتمكن بعد أطباء الجملة العصبية، والباطنية ولا حتى البيطريون من الوقوف على أسباب تفشّي هذا المرض في المناطق الطينية بالذات، وماهي الأسباب البايلوجية التي أدّت إلى ظهورهِ الحالي في المناطق الشرقية من الاهوار الجافة أو التي في طريقها للجفاف لأسباب عرقية!!! ويعزو علماء الأحياء والاجتماع إلى أن أسباب خطورة هذا المرض ليس فقط كونه يٌعتبر حافظاُ رئيسيا لبويضات بعوض الملاريا والتي تٌعتبر السبب الرئيسي والمباشر للحملة الوطنية لتجفيف آلاف الأميال المربّعة من الاهوار!! ليس ذلك حسب هو الذي قاد الى جعل عملية مٌعالجة هذا المرض تتبوأ مركز الصدارة في مهام عمل الحكومة وإنما يعود سبب جعل مكافحة هذه الآفة ضرورة مصيرية هو كونها تحمل أقدم واخطر فيروس مُعدِ وٌجِدَ على سطح الأرض والذي كان يعتقد سابقا انه قد اندثر في العصر الحديدي ولكن النتائج الأولية الحديثة التي أجرتها المؤسسات العلمية المختصّة في مختبرات الرضوانية وأبو غريب على المُصابين بهِ أثبتت أنهم يحملون نفس أعراض الإصابة ب \" داء الشارّة\" أو ما يسمّيه العامّة خطئاَ ب\" النقْمّة \" حيث أن \"داء الشارّة\" يُصيب كائنات حيّة بدائية عاشت في العصور الأولى المبكرة من التاريخ (العصر الحجري، العصر الجليدي) وتلك الكائنات البدائية والتي تتميز عن باقي المخلوقات بكونها تنتمي جميعا الى فصيلة الطواحن وهي إحدى فصائل الزواحف التي عاشت في الساحل الجنوبي من نهر الفرات والتي تشمل: السحالي والقوارض والمعدّان والتي انقرض قسم كبير منها نتيجة للتغيرات البيئية السريعة التي شهدها سطح الكرة الأرضية في المراحل الأولى من عصور ما قبل التاريخ والتي سبقت وجود الإنسان، والبعض الآخر المتّبقي من تلك الكائنات في طريقها للانقراض أيضا لأسباب تعود إلى طبيعة جيناتها الوراثية وعدم قدرتها على الاستجابة للتغيير المستمر في درجات الحرارة الذي يشهده المناخ الحالي للكرة الأرضية، باستثناء السلاحف والجرذان والتي أثبتت غددها الصمّاء مقدرةً على التأقلم مع المُناخ الحراري الجديد. أمّا بخصوص النقْمّة ( استنادا إلى الفقرة ب من الدستور المؤقت): هي توبيخ ألهي آو حكومي محدد بفترة وزمن معين وهي عادة تأتي كرد فعل مباشرة لإخلال ما بواجب شرعي معين كالردح حين استلام جثث المعدومين وعادة ماتزول النقْمّة بزوال المؤثر كما يحدث عادة في قرارات العفو السياسي العام عن اللوطيّة أو إرسال الموقوفين إلى مصحّات المقابر الجماعية!! .. واستنادا إلى قانون الضرب العام: \" الله ما يضرب إبعصّه\" وهو قانون علمي-عربي النشأة والأصول أثبتت حملات التنقيب الحديثة التي قامت بها لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة إلى اكتشاف الكثير من بقايا متحجرات كان سبب انقراضها هو إصابتها بذات الفيروسات التي يحملها المصابون الجدد بهذا المرض، إضافة إلى الشبه الكبير في الأعراض المرضية بين المصابون القدماء والجٌدد كالتضخّم الرئوي عند حجرهم في الرَدّهات الطبية الخاصة \"القافات\"، وصعوبة الهلاهل، إضافة إلى الحساسية المفرطة تجاه اللون الزيتوني والمصحوبة بنوبات المَغَص الفجائية عند مرور سيارات الدورية!!!والتي حذرَ منها المشايخ منذ زمانّ بعيد \"انظر إلى مخطوطة- حكم القضاء والقدر عند مولانا أبو طٌبّر\": والتي نَبَّهَت إلى مخاطر التهاون أو التغاضي في معالجة هكذا أمراض في الجنوب وخاصة في قرية آلبو سوادي منذ ظهورها أولَ مرّة في القرن الأول الهجري والتي اختفت بسرعة حينذاك نتيجة لتدارك الأهالي السريع لها وتطعيمهم بلقاحات خاصّة لم يتوصل علماء الأحياء لمعرفتها في الوقت الراهن!!عموما فقد فنّدت المخطوطة إلى حدً كبير بحوث الملا عليوي الدفان والتي أدعّت إلى أن ما تٌعاني منه عطوفة هي حالة مرضية معروفة وسائدة في مناطق الاهوار وأن جذور هذا المرض هي جنوبية الأصل وليست أجنبية وهي عبارة عن ردود أفعال عشوائية-لاإرادية يٌبديها المٌصاب نتيجة للتغيرات البيئية الطارئة كالانتقال المفاجئ من البيئة الأم إلى بيئةً جديدة غريبة لم يسبق التعامل معها. وقد وَرَدَ في التلمود ذِكر إصاباتِ ليهود مسببين من بيت حانون بإمراضِ مشابهة لإصابات سُكان الاهوار واغلب المصادر التاريخية تُشير إلى أن اليهود الذين استوطنوا منطقة الفرات الأوسط أيام السبي البابلي الأول قاموا بحَقَن قصب البردي في الاهوار بفيروسات هذا المرض ليجعلوا من قصب السٌكّر حاضن رئيسي للأوبئة وما على المرء سوى ملامسة القصب والبردي أو مخالطة سٌكّان الاهوار ليُصاب بداء الشارة المٌزمن. وبعد دراسات مُضنية وتجارب ميدانية واسعة وتجربة العديد من المٌضادات الحيوية على المصابين بداء الشارّة فقد توصلت الخبرة المحلية مطلع السبعينات من القرن الماضي إلى طريقة علاج شاف وسريع لهذا الوباء المٌعدي الخطير..سنأتي على شرحها في حينها. وقبل الخوض في طريقة العلاج التي طبقتها الأيادي الوطنية لعلاج حالة عطوفة المخبًلََََََهَ وحالات كثيرة مشابهه لها في الاهوار والتي اعتبرت بحق انجاز وطني كبير يشار له بالبنان في عداد الانجازات الكثيرة التي تحققت في فترة قياسية وفي ظروف حَرِجة يمر بها البلد بفعل الحصار الغاشم. وبناءاَ على ما تقدم تبرز الضرورة المُلحّة للامعان مليّا في تشخيص حالة عطّوفة والوصول إلى أنجع السٌبل لعلاجها! عَطّوفة المخبًلََََََهَ أو عَطّوفة المسودنًه أو عَطّوفة إطباكات وغيرها من الألقاب التي يحلو لسكان القرية التندر بها على عطوفة أًم العَسَليّة ومما يدعوا للغرابة في تشخيص هذه الحالة هي أنها تستجيب لكل الأسماء والألقاب المتنابزة بها حتى وإن نوٌديت باسم جديد لم تسمع به من قبل فسوف تستجيب له، إضافة لتلك الصفة السلوكيّة المثيرة للشك فقد كانت هذه العطوفة تٌبدي سلوكيات اغرب تثير الشك والريبة حيث أنها الحٌرمّةٌ الوحيدة التي لا تتأثر بعوامل الزمن فهي: لا تشيخ-لا تكبر ولا تصغر-لاتسمن ولا تضعف-لا تفرح ولا تحزن---كأنها كل الانفعالات في حالة لاتنفعل أو كل الحالات في جسد ميت!!! كأنها غيوم ترعد ولاتجروء بَعْد على المطر وكأنها صخرة نافر من حيطان الحارة التي لم تحدد بعد موقفها الإنشائي الصريح : هل ستنهار بوجه أولائك العابثون بمصير الاوادم والذين دأبوا تعكير صفو المواطنين بكتابة شعارات كافرة تدعوا النسوان للطلاق وتُبيح اللواط \"أجلّلكم الله \"والكفر بقدسية القائد\"عليه السلام\" أم أن تلك الحيطان الأصيلة ستحتضن رصاص فرقة إعدام جديدة؟! لا أحد يعرف متى ومن أين جاءت عطًّوفة: أصلّها-فصلّها-طينتها مللّتها أو علًّتها ويشير الملا عليوي الدفان في بحوثه الترابية: أن أول ظهور لها كان في البصرة وبالذات في بدايات الحملة الاستيطانية البريطانية في المنطقة، ويَدَعي الملا عليوي إن البعض اخبره إن أجداده شاهدوا عطوفة في مطلع القرن العشرين تجلس على الساحل الغربي لشط العرب ويقال أنها كانت تبيع التمر حينذاك ،ولكن لايوجد الكثير من المصادر المستقلة التي تؤكد صحّة ذلك الادعاء ولكن اغلب المؤرخون والدراويش يرجّحون كونها جاسوسة انكليزية أو ربما هندية جاء بها الانكليز مطلع القرن الماضي وأنها زُرعًت في اهوار الناصرية لسرقة إسرار زراعة الشلب والبردي التي يحاول الأجانب معرفة إسرارها أو ربما يودون معرفة كيف شاء لكائنات الاهوار البدائية أن تبقى حيّة لحد الآن وتقاوم كل عوامل الانقراض من بعوض ، بواسير،أبو عروبة، بلهارسيا،إضافة إلى آفة السفلس ناهيك عن الكثير من الآفات التي جاء بها اليهود إلى ارض الفرات أيام السبي البابلي الثاني وزرعوها هناك ليجعلوا من مناطق الاهوار مختبرات تجارب لأسلحتهم الجرثومية!! ولو أمعن المتخصصون النظر في ملامح فطّومة لشاهدوا درجة الشبه القريب حد التوئمية بينها وبين أميتاب باباجان مما يؤكد الاحتمال الثاني الكبير في كونها هندية الأصل وانها من سلالة قبائل الدالتز السيخية !!!إضافة إلى الألغاز العديدة التي شغلّت بال سكان القرية: أزمة معجون الطماطة، السكر، خميرة الخبز، ناهيك عن اختفاء دبس التمر في مدينة البصرة بصورة خاصة والمدن الحدودية بصورة عامة، ولادعي للتذكير بالعديد من المنتجات الغذائية والتي أصبحت في عداد الكماليات والتي لايسمح الحس التمويني لذكرها في الوقت الراهن!!ا إضافة إلى تلك الطلسميات التي كان يمر بها البلد ويحاول الحراس والدفانين فك رموزها تأتي عطّوفة بعسليتها لتضيف لغزاَ جديدا للقرية المليئة بالإلغاز!!! من هي عطّوفة؟ من أين أتت؟ والاهم من ذلك كلّه من أين لها أن تأتي بصينية العسلية في ظروف الحصار المفروضة على البلد وكل الزيارات التَفقُدّية التي قامت بها الدلالات الى الخرابة لم تَقُد الى أية دلائل مادية تؤكد أن عسلية عطّوفة هي محلّية الصنع وليست مجرد غطاء مخابراتي يهودي للتلصلص على أسرار القرية!! أضف الى ذلك الى أن جميع التقارير الواردة من فاعلي الخير والطيّبين الذين استطلعوا الخرابة بحثاً عن مصنع العَسَلية لم تُِشْر إلى وجود أي دليلِ مطبخي واحد يُؤكد أن صناعة العسلية قد تمت بأيادي وطنية!! وكل التقارير الميدانية تُشير إلى أن خرابة عطّوفة والتي هيّ اصلاُ خرابة الملا عليوي الدفان أو كما تسميها \"حسنه العلوية\" خرابة الفرارية: هي عبارة عن ثلاثة حيطان طابوق كورة تتشبث بفزع بسقف صحيفة جينكٌو قابلُ للانهيار بمجرّد الاتكاء عليه أو بمُجَرّد السعال بَشدّة على مقربة ذراعين منهُ. وفي الركن الأيسر مابين الحائط الثاني والثالث تنتصب خمس تَنكات دهن فارغة على كل جانب يوصل بينها جرًيد نخلة يتدلى منهما كيس فارغ أو بالأحرى قمامة نسيج متهرئة كانت يوما ما كيس طحين فارغ !! وليس في هذه الخرابة أي قدر او عدّة مطبخ ولاحتى تنور طين ،ومع ذلك ففي كل صبيحة ومع آذان صلاة الفجر تجلس عطوفة في ركن الشارع الموّصل إلى جامع السوق الكبير وتعرض صينية العَسَلية وتبدأ أغنيتها المعتادة: عَسَلية-عَسَلية-عَسَلية-طيبة العَسَلية-زينة العَسَلية-حلوه العَسَلية-وتستمر في ترديد هذه الكلمات وبمختلف النبرات والأطوار حتى سماع آذان صلاة العشاء. ومن جملة الأمور التي تأخذها عجائز القرية والدلالات على عطوفة إنها لاتسكت-لاتنام-لاتسترتاح لاتأكل-باختصار كيف لعطّوفة أن لاتقوم بشيء سوى الجلوس بركن الخرابة وبيع العسلية وما يرافق بيع العسلية من رقص وغير رقص في الخرابة!!! وكل يوم عند العشية يلتف صبية الحي والمراهقين وغيرهم حول عطوفة لا لشراء العسلية وإنما لمقايضة قطعة العسلية بلمسة من نهود عطوفة حيث إنها اعتادت على مشاركة زبائنها بأكل مايشترونه منها : أطّيني شويّة عَسَلية ويّاك- حبّاب-مروّتك شويّة- أخيّتك-شويّة-شويّة وحين يسألونها عن لم لا تأكل ماتريد من العسلية وهي صاحبة الصينيّة كانت تجيب بفزع : أٌبوي مايُرضّه- أٌبوي يبسطني!! مع العلم أن الجميع بعلم إنها عديمة الأصل والوالدين!! وعموما فقد اتفق زبائن عطوفة على مبادلة كل قطعة عسليّة بعصرة من نهد عطوفة ثم تنهيها برقصتها الغريبة في المساء حيث تقوم بحركات صبيانية غريبة لاتعرف إذا كانت هي رقص أم لطم، غناء أم عويل، فرح أم حُزن!! وكانت في إثناء رقصتها الهستيرية تلك تنفش شعرها،تصرخ، وتظهر نُهودها، تضحك، تلطم، تٌمزق خدودها وتصيح عَسَليّة- عَسَليّة-عَسَليّة-عَسَليّة-طيبة العَسَليّة-زينة العَسَليّة-حلوه العَسليّة.. ودائما ينهي الصبيان و\"غير الصبيان\" هذا المشهد بسحب عطوفَة إلى الخرابة بعد أن يٌغمى عليها ليشرع أكبر الصبيان سنّا بالدخول على عطوفّة المٌغمى عليها وتعريتها وممارسة الجنس معها وهي مرمية على حصيرة البردي \" بطانية عطوفة\" ولا تنتهي الحفلة إلاّ باستيقاظ عطوفة من غيبوبتها وبدئها الصراخ والركض والدوران بين حيطان الخرابة في حالة هستيرية والتطلّع في وجوه المنتظرين دورهم لاغتصابها والصراخ فيهم وعليهم: عسليّة-عسليّة-عسليّة-طيبة العسليّة-زينّة العسليّة-حلوه العسليّة وتقضي الليلة بالصراخ لحين وصول أحد الفرارية إلى الخرابة لإنقاذ عطّوفّة من دورة الاغتصاب الليلة وتركها عارية مرمية على حصيرتها-وهي ذات الحصيرة التي لم تبخل بها عطّوفة يوما على أيّ من نزلاء الخرابة الليلين ابتدءا من الفارّين من معارك شرق البصرة و توكّلنا على الله الأولى والرابعة الى: النشالين، الدعوجية، الشيوعيين والعربنجية، وكل سياسيّ الحارة الذين أٌعدموا والذين في طور الانتظار قد شاركوا عطوفة الحصيرة واندسوا بين تناكات الدهن الفارغة\" \"أثاث عطوفة\" كلما مرت دورية تفتيش أمنيّة ..كلهم زاروا الخرابة، كلهم شاركوا عطّوفة الحصيرة،كلهم مروا على الخرابة في طريقهم الى المديرية! وأومئوا لعطوفة من خلف زجاج سيارة الدورية: أن أدعّي لنا بخير ياأٌم العسليّة. كانت عطوفة حاضرة لكل الخطط الثورية لقلب نظام الحكم الحالي والسابق وكانت هي الوحيدة التي تعرف بالضبط توقيت ساعات الصفر التي تؤجّل دائما لأسباب مناخيّة! وأغلب الظن إنها تحفظ عن ظهر غيب بيان رقم واحد وهي الحُرمة الوحيدة التي لم توقع على المادة 200ّّ!! ويُقسم أحد المخبرين انه شاهدها مرّة تبكي في حفلة إعدام احد المشتركين في كتابة الشعارات المعادية!! وفي العيد تستحم عطوفة بمياه الفرات وتتعطر بحبّات السنابل والشلب وتتكحل بسخام قدور جامع السوق الكبير وتبدو وهي مسخّمة الوجه كأنها عروس سومرية -كأنها صبيّة حلوة سومرية...وفي السنة الخامسة من الحصار بَدَت بطن عطوفّة تُظهر بوادر الحمل وبَدَت عطوفّة أجمّل-أجمّل بكثير مما كانت عليه في السابق حتى أَجمَل بكثير من زينتها أيام العيد، لكن بات صعبا عليها أن ترقص للصبية وغير الصبية حتى وان جرجروها وسحبوها من الشارع إلى الخرابة لم تكن تقوى على إبداء ما كانت تبديه من قبل الحمل ولم يٌرضي تعبها الدائم وتَبعات الحَمْل الكثير من زوار الخرابة، وأصبحت عطوفة الحٌبلى وابن الحرام الذي تحمله في بطنها الشٌغل الشاغل لسٌكان القرية ولا أحد في القرية يستطيع الذهاب إلى جامع السوق الكبير دون المرور على الخرابة ومشاهدة عطّوفّة أم الحرام.. وكان على أهل القرية وأصحاب الرأي والمعرفة إيجاد حلّ شريف يحفظ كرامة آلبو سوادي خاصّة والقرية ككل إضافة إلى شرف أهالي القرى المحيطة ب آلبو سوادي الذين بادروا بإرسال علماءً ومشايخ لتدارك الفضيحة وإبداء الرأي والمشورة لتدارك الفضيحة ووضع حد رادع وفعّال للانتهاكات الأخلاقية والعٌرفيّة التي قامت بها عطّوفة. وفي ليلة الحادي والعشرين من شهر ذي العقدة وفي ليلة الجمعة بالذات قرر المشايخ وأهل الرأي وثلاثة مسئولين من منظمة 14 رمضان أن يذهبوا جميعا للخرابة لعرض بعض المال على عطّوفة ومناشدتها العودّة من حيث أتت والمساعدة في إجراءات تسفيرها حفاظا على سمعة نسوان وغلمان القرية وما أن دخلوا الخربة وكوّنوا دائرة ووضعوا عطوفة في الوسط ليعرضوا عليها قرارات أهل القرية بشأن أفعالها المٌشينة للعٌرف والناموس، ولكن وبمجرد جلوس المشايخ واكتمال الدائرة حول عطوفة حتى بدأت رقصتها القديمة وترديد كلماتها المعتادة: عَسليّة-عَسليّة-عسليّة-طيبةَ العسليّة-زينة العسليّة-حلوَه العسليّة، ولم يجد أصحاب الرأي بٌدّا سوى ربط عطوفة ورميها على الحصيرة لمنعها من الدوران والرقص في الخرابة ولإرغامها على الجلوس وسماع رأي المشايخ وأهل الرأي ولاكنها وحتى وهي مرمية على الأرض لم تكف عن الحركة والصراخ: عَسلية-عَسلية-عَسلية-طيبة العَسلية-زينة العسلية-حلوه العسلية.. وتطلّع الحاضرين في وجوه بعضهم البعض واتفقوا أن يتدارسوا الأمر في جامع السوق الكبير..وفي الصباح استيقظ سكان القرية ليشاهدوا كيف أن الطريق الرئيسي الموصل لجامع السوق الكبير بدا اكبر بكثير مما كان عليه في السابق وأصبح أكثر سهولة لسير المُصلين من والى الجامع وكيف بات بمقدور الشرطة أن تقوم بتدريبات عسكرية واسعة النطاق من ضمنها القيام بعمليات استدارة كاملة للعجلات في منتصف الشارع لملاحقة الهاربين. وكيف إن العناية الإلهية والرسمية استجابت لأدعية اليتامى والمحرومين وشاءت بين ليلة وضحاها أن تحوّل خرابة الدعارة والفجور من بيت يؤوي الساقطين إلى كومة أحجارِ خربّة انهارت على من فيها...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |