منذ ولادة وعد بلفور الشؤم عام 1917 بدأ المشروع الصهيوني يتجسد على ارض الواقع بقوة وسرعة كبيرتان وما حل يوم 15 مايس عام 1948 إلا والكيان الصهيوني يعلن نفسه أحد أشخاص القانون الدولي المفروض أصلا على العالم جاثما على صدور العرب والمسلمين ملوثا المنطقة بأكملها بأكثر وسائل التلوث سمية ولا سيما المكان المقدس من قبل ثلاثة أديان شهيرة هي الإسلام والمسيحية واليهودية ألا وهو "بيت المقدس". 

واستمر المشروع الصهيوني يحث الخطى باتجاه ما يسمى "دولة إسرائيل الكبرى" التي يقال أن حدودها تمتد من النيل إلى الفرات وما خفي قد يتجاوز المنطقة الممتدة بين الخليج الذي لم تعد تجرؤ الكثير من الدول العربيه على تسميته باسمه الحقيقي "الخليج العربي"... و المحيط الأطلسي . 

وقد قطع هذا المشروع اليوم خطوات كبيرة مستثمرا الاحتلال الصهيوني للمنطقة العربية عامة والعراق على وجه الخصوص ولم يتبقى إلا إعادة ترتيب الحدود الجغرافية لدول الشرق الأوسط على أسس عرقية و دينية والأكثر خطرا طائفية ضمن الدين الواحد حيث من المقرر أن يتم تقسيم العراق الذي أختير ليكون موضع حجر الأساس على وفق الحكمة العربية المصرية " إضرب الكبير يخاف منك الصغير" ، فبعد أن تم احتلاله المباشر وإحداث اضطرا بات سياسية ودموية عنيفة وواسعة فيه مهدت لإقامة أقاليم تعد نواة للدول الطائفية والعرقية قيد الإنجاز في الشرق الأوسط الجديد ، وقد أنيطت بهذه الدول الجديدة أن تمعن في تفتيت وتمزيق ما تبقى من روابط دينية وقومية واجتماعية بل وحتى العشائرية إلى أقصى حد بما يضمن استمرار تصارعها وتقاتلها فيما بينها كي لايتاح لها فرصة لالتقاط الأنفاس من المحتمل أن تتأمل خلالها في ما يجري لها ..... ومن وراءه؟... ولمصلحة من؟... وعلى حساب من؟ وهو ما يكفل وفق الحسابات الصهيونية الأمن الدائم والمستقر لهذا الكيان المسخ الذي ابتلي به العرب والمسلمون . 

وقد قابل ذلك وبموازاة المشروع الصهيوني مشاريع عربية وإسلامية عدة بعضها حقيقي وبعضها نظيرة لها أعدها ودعمها الصهاينة أنفسهم لخلط الأوراق وتشويش فكر المواطن العربي والمسلم البسيط و المثقف على السواء من أجل زرع اليأس والإحباط التام في نفوسهم تجاه أي بصيص أمل في إمكانية تحقيق نجاح  ولو بسيط في مواجهة المشروع الصهيوني. 

إننا نعتقد إن السبب الذي جعل المشروع الصهيوني يحقق أهدافه بهذه السرعة والقوة يعود إلى توفر مستلزمات نجاحه كافه نتيجة هيمنة أثرياء الصهاينة على القرار السياسي في الدول الكبرى ولا سيما بريطانيا والولايات المتحدة الأمير كية الذين يهيمنون بدورهم على  القرار السياسي الدولي وقد وظفوا كل قدراتهم في خدمة المشروع الصهيوني على حساب حتى المصالح الوطنية لتلك الشعوب.  

أما المشاريع العربية والإسلامية فقد تكفلت الإشكاليات الذاتية التي أسهم الصهاينة إسهاما فعالا في بذرها وتنميتها، في القضاء على أهمها وأكثرها جدية ورصانة وفي مقدمة هذه الإشكاليات ، الاختلافات الفكرية والعقائدية البسيطة والتافهة التي تم تضخيمها لتتحول إلى خلافات كبيرة ودامية مزقت الصفوف وأهدرت الوقت الكثير والأموال الطائلة بفضل الجهل والغباء والحماقة فضلا على افتقاد المستلزمات اللوجستية التي تقوم عليها هذه المشاريع برغم كونها بمتناول الأيدي. وقد انعكست هذه المظاهر بشكل سلبي وخطير على واقع الحياة السياسية في العالمين العربي والإسلامي وهو ما شحن التنافس السياسي بين التيارات السياسية بشحنات التعصب الديني والطائفي والعرقي الذي فجر نزاعات مسلحة  عنيفة فيما بينها امتدت إلى جماهيرها ومؤيديها كما في العراق وفلسطين ولبنان والسودان وهذا يصب كله بطبيعة الحال في مصلحة المشروع الصهيوني.

واليوم ونحن نعيش أحداث تنفيذ صفحة جديدة وخطيرة من صفحات المخطط الصهيوني الخبيث علينا أو على الأقل على الناس راسخي  الأيمان بحتمية هزيمة المشروع الصهيوني وانتصار المشروع النهضوي العربي الإسلامي أو لنقل الحالمين بذلك منا - بنظر اليائسين - أن نحافظ   على حياة هذا الجنين الذي نؤمن انه سيرى النور يوما من الأيام مهما ادلهمت الخطوب وطال النفق المظلم الذي تم إلقائنا فيه على الرغم من أن ما يحدث يوحي للجميع بما لا يدع مجالا للشك انه المسمار الأخير في نعش مشروعنا المنشود لان الله عز وجل قضى أن يكون مصير الكيان الصهيوني الهزيمة الأكيدة وفق ما جاء في قوله تعالى :"وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" (الآية 4 من سورة الإسراء والآيات اللاحقة لها في نفس السورة) .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com