|
لا أدري هل يحق لي الخوض في هذا البحر المتلاطم، والتطفل عليه في كتاباتي البسيطة المعبرة عن هموم المواطن، وهل في مجال التنظير فسحة لأمثالي ممن سحقتهم الممارسات الضالة لقوى الاستغلال بصورها المختلفة، ابتداء من الإقطاع وأنتهاءا بالعولمة الجديدة، التي يراد تمريرها كصورة جديدة للرأسمالية المتوحشة، بتزويقها وإضافة مساحيق التجميل إليها لتبدوا غادة حسناء، يصبوا لها عشاق الجمال من أمثالي، لا أدري؟ولعل الأستاذ رئيس التحرير يترك لي فسحة في المجال لأنفث بعضا من شجوني وشؤوني، فالعولمة من خلال السياسات اللبرالية الجديدة التي تعتمدها ترسم إلينا المستقبل بالعودة لماضي الرأسمالية، فبعد قرن على انتشار الأفكار الاشتراكية والديمقراطية ومباديء العدالة والمساواة، تلوح في الأفق حركة مضادة تنهي ما حققته الطبقات الشعبية من مكاسب، وزيادة البطالة، وانخفاض الأجور، وتقلص الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة، وآلية السوق، وانحسار الدور الحكومي في النشاط الاقتصادي، باقتصاره على حماية النظام، وسوء توزيع الدخل والثروة بين المواطنين، وهي التي ترسم ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية لغالبية دول العالم، وهذه الأمور عودة لذات الأوضاع التي تميزت بها بدايات النظام الرأسمالي، أبان الثورة الصناعية، ويبدو المستقبل أكثر قتامة في صورته للتوحش الرأسمالي، إذا سارت الأمور على منوالها الراهن، حيث يتوقع المراقبون أن يكون القرن الجديد أكثر قسوة من الماضي السحيق، فسيكون 20% من السكان ، من يمكنهم العمل والحصول على الدخل والعيش في رغد وسلام، أما النسبة المتبقية، فتمثل السكان الفائضين عن الحاجة، والذين لا يمكنهم العيش إلا من خلال الإعانات والمساعدات، ويروج منظرو العولمة إلى تطبيق نظريتهم الجديدة(دكتاتورية السوق) التي تقول إن مراعاة البعد الاجتماعي واحتياجات الفقراء، أصبحت عبئا لا يطاق، وعلى كل إنسان تحمل قدرا من التضحية حتى يمكن كسب المعركة في حلبة الصراع الدولي، أو بتعبير آخر ألا مساواة أصبحت أمر لابد منه، وهذه الأمور وجدت انعكاساتها في السياسة الاقتصادية المتبعة في العالم، والتي تطبق الآن دون موافقة الناس ومشاركتهم فيه، وفي ظل هذه التداعيات هناك دعوات لأممية رأس المال بالضغط على الحكومات، لتخفيف الضرائب، أو تهريب رؤوس الأموال، وإلغاء القوانين المنصفة للعمال، كقانون الأجور، وتحديد ساعات العمل، والضمان الاجتماعي، ومساعدة العاطلين، وخصخصة القطاع العام، لكي يهيمن القطاع الخاص، وقد ساعد انهيار النموذج الاشتراكي على شيوع هذه الأممية، التي لم تعد تعبأ بشيء غير الربح، ولعل تداخلات صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وغيرها من المؤسسات، بوجه التشريعات العراقية الهادفة لتحسين واقع الفرد العراقي، كرفع أسعار الوقود، وحجب الدعم عن البطاقة التموينية، وقانون الاستثمار، ورواتب المتقاعدين، وخصخصة القطاع العام، خير دليل للصورة القاتمة التي يراد رسمها للعراق الجديد، في ظل غياب الوعي الشعبي بواقع الأخطار التي سيواجهها بتمرير مثل هذه السياسات الاقتصادية، التي ستجعل العراق نموذجا رائعا للفقر والفاقة والعوز والحرمان، رغم ثرواته الهائلة التي لم ينعم بها في يوم من الأيام، وتلوح في الأفق الكثير من البوادر المنذرة بعمق الهوة التي سننحدر إليها في ضل هذه التداعيات الخطيرة، وانشغال العراقيين بدفع غائلة الإرهاب لتمرير التشريعات والقوانين الهادفة لسلب خيراته بعقود طويلة الأجل تجعله أثر بعد عين...قاطعني سوادي الناطور(عمي على كيفك، سويتها ظلمة علينه، وأحنه شقبضنه من النفط، أشو طول عمرنه نركض والعشا خباز، ويجد أبو كلاش ويأكل أبو جزمة، شوفة عينك، عمال المسطر حصدتهم المفخخات، والوادم عطاله بطالة تتحمه عالشمس، وما تتعين أله تنطي رشوة، لو عندك صك من فطيمه أم اللبن، وطحنه بين حافرها والنعل، إذا حجيت تنهان وإذا سكتت يكتلك القهر، ولجماعه أسمك رجل يفلان عن وحشة الليل، لا يهشون ولا ينشون، ونارهم تجوي ودخانهم يعمي، وأحنه نگول بلكن يحسون يوعون، ويباوعون للوادم، لكن كل واحد ملتهي بربعه، وألما عنده أحد خلي يشلع كاشي، وبس ظلوا ألما عدهم عشيرة، وخلي أسكت أحسن بعد ما بينه حيل للكيبلات....!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |