للتعرف على الأسباب الحقيقية لتعثر المصالحة الوطنية في العراق لابد من معرفة موضوع الخصومة وأطرافها. إن موضوع الخصومة يتمثل بعدم قيام مجلس إدارة الدولة والجمعية الوطنية السابقين وتلكأ مجلس النواب الحالي في إلغاء قرارات "بر يمر" التي ألحقت افدح الأضرار بالمشمولين بها أما أطراف هذه الخصومة فهم الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب من جهة والمشمولين بهذه القرارات من الجهة الأخرى. هذا من نا حية ومن الناحية الأخرى هناك خلافات بين الكتل السياسية حول العديد من القضايا في مقدمتها إلغاء قرارات " بر يمر"حيث هناك عدة كتل تطالب بسرعة إلغائها لما لها من تأثير حاسم على تحسن الوضع الأمني والتقدم في الملفات الأخرى لان أي تأخير في حسم هذا الموضوع يعني المزيد من القتلى والمشردين العراقيين والدمار والخراب في البلد . وتفسير ذلك أن المتضرر لابد أن يكون له رد فعل سواء لإجبار المتسبب بالضرر على رفعه أو للانتقام منه وقد استغلت العديد من القوى هذا الحيف لتوظيفه في خدمة أغراضها في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها العراقيون مما شكل عقبة كأداء أمام الساعين إلى تحقيق الأمن و السلام وسببا لفشل الكثير من الخطط الأمنية التي نفذتها الحكومة في بغداد وعدد من المحافظات الساخنة.وسواء كان القرار السياسي بيد مجلس النواب أم لا فانه يتحمل المسؤولية الكاملة عن ما يجري في العراق وخاصة الكتل التي تمتلك العدد الكافي من الأعضاء لتحقيق نصاب عقد الجلسات وإصدار القوانين . أما الجانب الأمريكي الذي يعتقد الكثيرون أنه يمسك بجميع الملفات ولا ينوي الخروج من البلاد قبل ترتيب الأوضاع لصالحه بحيث يصبح القرار في العراق بيد تنظيمات سياسية تنتمي إلى الفكر الليبرالي الذي يحاكي الأنظمة السياسية في الغرب لأنهم لا يطمأنون إلى التنظيمات السياسية الأخرى وخاصة الإسلامية ولذلك فان هناك من يرى أنهم يرغبون في إفشال الكتل والأحزاب الغير ليبرالية وقد بالغ البعض لدرجة اتهام الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها عن أعمال العنف في العراق لتحميل المرجعيات والكتل السياسية الدينية المسؤولية عن ذلك وبالتالي دفع المواطن العراقي إلى التخلي عنها والتمسك بالأحزاب الليبرالية والعلمانية وهذا ما نلمسه اليوم فعلا لان المواطنين نفذ صبرهم بسبب المعاناة من الأوضاع المأساوية لذلك فانه لم يبق أمام مجلس النواب إلا إصدار القوانين التالية فورا ودون تردد لإنقاذ البلاد من الوضع المأساوي الحالي وإلا فإنهم راضين به إن لم يكونوا جزءا منه أو احد أسبابه:

1- إلغاء كافة قرارات "بر يمر" وإزالة كافة آثارها باستيعاب من يمكن استيعابه وإحالة الباقين على التقاعد ودفع مستحقاتهم المالية منذ نيسان 2003 ولا يجوز الاكتفاء بمنح مكافئة خدمة لمن لا يستحق التقاعد لعدم إكماله المدة القانونية بل يجب إيجاد عمل له يناسب ظرفه الأمني ومؤهلاته .

2- تعويض جميع المتضررين قبل وبعد20/3/2003 تعويظا مناسبا يداوي جروحهم ويطيب خواطرهم.

3- اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من الحق ضررا بالعراقيين أو انتهك حقوقهم وحرياتهم ولاسيما عمليات القتل والتعذيب وهتك الأعراض والتهجير قبل وبعد20/3/2003 وبنفس العزيمة التي عومل بها المسئولون السابقون .

4-السماح لحزب البعث بالعمل في ظل النظام الجديد وترك الحقد والكراهية السياسية والطائفية والقومية استنادا إلى مبدأ المساواة وحرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي التي أقرتها لائحة حقوق الإنسان والدستور العراقي النافذ والسماح لمن يرغب من البعثيين في الانظمام إلى أحزاب أخرى أو الترشيح للمناصب كافة لان جعل الناخب يخرجهم من العملية السياسية إذا أراد ذلك أكثر حكمة من إخراجهم بالقوة والإكراه لان ما يتحقق بالقوة سيزول حتما عند زوالها كما أن منعهم من المشاركة في العملية السياسية يرسل رسالة خاطئة حول خشية القوى السياسية الجديدة من وجود شعبية حقيقية لهم .

5- تفكيك الكتل السياسية الحالية وتشكيل كتل جديدة لا يستشف منها الانتماء إلى طائفة أو قومية في العراق وتثبيت ذلك في الدستور لان التشكيل الحالي ساعد على تأجيج أعمال العنف بسبب شحنه للتنافس السياسي بشحنات طائفية وعرقية ألهبت الأوضاع الأمنية بشكل خطير .

6- إعادة كتابة الدستور وإجراء استفتاء عليه قبل نهاية السنة الأخيرة للدورة الانتخابية الحالية فضلا عن ما يجري الآن من تعديلات على أن تكتب من قبل الشعب من خلال هيئات ولجان تشكل في عموم العراق ابتداء من مستوى اصغر وحدة إدارية بإشراف مؤسسات الرأي العام ويمنع منعا باتا مشاركة الأحزاب والكتل السياسية والهيئات الحكومية في أي شيء يخص الدستور لا أثناء كتابته ولا أثناء الاستفتاء عليه ولا حتى عند إجراء التعديلات اللاحقة لأنه اختصاص حصري للشعب ويجب إلزام كل من يشارك في عملية كتابة الدستور أو الاستفتاء عليه أو تعديله بعدم ممارسة العمل السياسي مستقبلا .كما يجب أن يشمل الدستور امتيازات أعضاء السلطة التشريعية ونظامها الداخلي باعتبار الشعب صاحب السلطة العليا.

7- الإسراع بإصدار قانون مجالس المحافظات تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة لمجالس المحافظات والوحدات الإدارية الأدنى .

وبذلك فقط يمكن أن يتخطى العراق محنته التي وضعته في نفق مظلم لا ضوء فيه ولانهاية له وليس له احد يسعفه غير الله عز وجل ثم أبناءه الخيرين الصالحين.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com