أمتاز المجتمع العراقي عن المجتمعات الأخرى بالكثير من الصفات المحببة، وقد تختلف أو تتباين هذه الصفات في مكان عنه في آخر، ألا أنها صفة غالبية العراقيين، فالنجدة والكرم والغيرة والحمية، وغيرها من الصفات الإنسانية صفة ملازمة لهذا الشعب النبيل، وقد تتفاوت هذه الصفة بين شخص وآخر ألا أنها الغالبة على الكثيرين.

  ولكن هذه الصفات المحبوبة أخذت تتضاءل لدى البعض لأسباب عديدة لعل أهمها القطيعة والابتعاد بين السلطة ومجموع الشعب، وهي أرث بغيض ورثناه من النظام السابق ، استشرى وتزايد بفعل السياسة الهوجاء التي أتبعتها أجهزة الدولة والحزب في التعامل مع المواطن، حتى أصبح الكثيرون لا يشعرون أنهم يعيشون في بلد يتحتم عليهم حمايته من العبث والانهيار والحرص على إظهاره بمظهر حضاري متمدن. وهناك الكثير من الممارسات الضارة التي يمكن الإشارة إليها في هذه الخاطرة، فعندما يرتكب أحدهم خطأ ما ، وتتدخل بدافع الوطنية أو الغيرة أو الحمية، يرد عليك(أنته شعليك) على سبيل المثال، شاهدت أحد الجزارين يرمي الفضلات المتخلفة عن الذبيحة في الشارع المحاذي لمحله، مما أدى إلى تجمع الحشرات وانبعاث الروائح الكريهة، وعندما حاولت تنبيهه إلى مغبة عمله، ثار بوجهي واتهمني بالتدخل فيما لا يعنيني، ومن تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه، وكادت تحدث مشادة مع أحد المواطنين عندما شاهدته يمد سلكا من عمود الطواريء إلى داره ليسرق الكهرباء وعندما بينت له سوء عمله ثار كالإعصار المدمر وأخذ يبرر فعله بأن فلان وفلان قد سحبوا من ذات المكان فلماذا عليهم حلال وعليه حرام، انسحبت وأنا ألعن في سري هذا الفضول واليت على نفسي أن لا أتدخل فيما يحدث، ولكن كيف أسكت وقد أثار حفيضتي أحد الخطاطين عندما رأيته يضع قطعة القماش على جدار أحدى المدارس ليخط عليه بعض الإعلانات مما خلف على جدار المدرسة آثار ظاهرة شوهت جدارها الجميل الذي صرفت عليه آلاف الدولارات من قبل قوات الاحتلال في حملة الأعمار، وعندما عاتبته وهو الإنسان الواعي، أجابني علموا أنفسكم وارفعوا دعاياتكم الانتخابية عن الدوائر والمنازل قبل أن تطالبني بما تريد. انسحبت بهدوء فلا زالت شعارات بعض المرشحين تسود أسيجة المدارس والبنايات، ولم يكلفوا أنفسهم عناء رفعها أو أعادة طلاء الجدران من جديد.

قرأت ما كتبت على (سوادي) فضحك حتى استلقى على قفاه وقال: مستاهل (اليجي من أيده ألله أيزيد ه)ما عندك شغل وعمل بس أدور عالمعثرات، وعايش عله أيام گبل من چان  الحچي أكو من يسمعه، وما تدري الوادم  موش عله أهدك ، وتغيرت نياتها وگام كل واحد يريد بس مصلحته، وهاي سو ايتك تذكرني بشايب أسمه(جبار آل حسين)أموره ماشيه وماكل خبزه، وأولاده گاعدين وياه بالبيت، وما عنده لا شغل ولا عمل ، ومتكفي بيهم، لكن چان يدخل روحه بالزغيره والچبيره، يگعد من الصبح وصاح عله نسوان أولاده، أگعدن أحلبن الهوايش، أطلعن للزرع، سون كذا أعملن كذ، ذني ملن منه أشتكن لرجولتهن-وتدري حچي الليل مسموع-خلي أبوك لا يحط روحه بكل شي، أولاده گالوله:بويه أنته ما ناقصك شي،  أهدومك أنضاف، وأكلتك تجيك ولا عليك مصرف، ولا مسؤولية، ونريدك ما تتدخل لو تشوف البت يحترج، گاللهم بويه إذا حچايتي ماذيتكم من اليوم ما عليه بكل اليصير، صدگ الشايب بطل ما يتدخل أشما يصير جدامه،  يوم من الأيام أجه واحد من أولاد أبنه،  گله جدي تدري مطية بيت فلان جابت مطي ما عنده لا ذيل ولا أذان..؟ صاح الشايب الله ولحد يگولون لا تحچي زين إذا هذا الزمال ركس بالطين شلون يطلعوه....؟

 المصادر

نشرت في طريق الشعب

                                                         
 

 

 

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com