|
يتنقل بين محافظات العراق وأقضيتها وقراها القصية والنائية وغير المعروفة او المسموعة من قبل اغلب أبناء العراق، يوما تراه في أقصى الشمال وهو ينتقل من جبل إلى جبل ومن هضبة إلى هضبة ومن شلال إلى شلال ويوم آخر تجده في أحضان الجنوب وأهواره ومشاحيفه وشختوراته التي تذكره بأيام الجهاد والنضال وهي – كما يذكر – أيام خالدة لا يمكن أن ينساها أبدا كونها تجسد الصمود والتوحد بوجه الظلم والظالمين . تراه يتنقل من عش إلى عش كالطائر الذي يبحث عن الغذاء ليطعم به أفراخه الجياع المنتظرين من الأب الحنون لقمة تسد رمقهم وتبرد حرارة قلوبهم رغم انه يعاني أكثر منهم ويتحمل شتى أنواع الألم والانكسار لعدم قدرته على الإيفاء بما يطلبه هؤلاء المتلهفون التواقون لما تجود به عليهم زياراته المتوالية والمتتالية والتي لا ينسى فيها أحدا ولا يترك بيتا أو عشا إلا ووضع فيه لمسة حب وحنان تزرع في نفوسهم الصبر والأمل بدل مشاعر القهر والألم . نعم أخوتي القراء وسادتي المسؤولين وأحبائي المثقفين في كل بقعة من تراب هذا العش الكبير المسمى عراق، هذا هو جابر الجابري المسؤول الحكومي وهذا هو الجابري وكيل الوزارة وهذا هو السيد الصابر المحتسب مما يعاني ويقاسي ويتحمل من اجل الثقافة العراقية بكل معانيها الأدبية والفنية والشعرية والقصصية وكل هموم المثقف العراقي ليس في الداخل فحسب وإنما في خارج العراق حيث لم يترك تلك الأعشاش وحيدة غريبة فقد حلّقت أجنحته بعيدا إلى الغرباء والمغتربين في الخارج وتكلم معهم وسمع همومهم ووعدهم خيرا كما يفعل في الجبايش والعمارة ودهوك والموصل والرمادي والبصرة . هذا هو جابر الجابري وكيل وزارة الثقافة ( المرتهنة ) والتي لا يعرف فيها احد غيره لولا الشهرة التي اكتسبها الوزير جرّاء هروبه من الملاحقات القانونية لارتكابه جرائم قتل بحق الأبرياء . هذا هو ( مدين الموسوي )المثقف والشاعر والأديب الكبير الذي لا يعرف الكلام إلا شعرا ولا يعرف العتب إلا مبتسما فهل رآه احد بغير هذه الصفة وهل رآه احد غاضبا أو عصبيا أو متعصبا أو حانقا على احد حتى على الوزير الإرهابي ؟ اللهم اشهد انني لم أره على حالة غير البشاشة والهشاشة تطبيقا لسنة الرسول الأعظم(ص) . أيها المثقفون، أخاطبكم وأنا أتكلم من القلب وأتمنى أن يصل الكلام لقلوبكم الطيبة النظيفة البريئة البيضاء، أقول لكم الله الله بهذا الرجل والله الله بعتبكم عليه فلا تخسروه حيث لا ينفع الندم ولا ينفع البكاء على مبدع وإنسان ومسؤول قلّ نظيره هذه الأيام، أنا متأكد ومسؤول عن كلامي إن هذا الرجل ليس له شغل وليس له هم إلا همكم فكما كان يقاتل من اجل الحرية في الأهوار فانه لا زال يقاتل من اجل الحفاظ على ما تحقق من - النسبيات – كحرية الرأي والتفكير والنشر والكلام التي لا تقدر بثمن إطلاقا وقد جربتم ذلك وعرفتم أن سياسة تكميم الأفواه أصعب على الأديب والمثقف من تكميم المعدة حتى لو كان الجوع أبو الكفار -كما يقول مظفر النواب -فحافظوا على هذا الرجل الإنجاز وهذا الشاعر والمثقف والأخ والأب العطوف الحنون المحب المتسامح . واختم كلامي بمخاطبة الحكومة وبالخصوص الأستاذ المالكي واكلمه كاب وأخ ورئيس و زميل لأنني اعلم انه كان رئيس تحرير إحدى صحف المعارضة التي كانت تنادي بالتحرر والاستقلال والديمقراطية وأقول له يا أبا إسراء كم لديك في الحكومة مثل هذا الرجل، وكم مسؤول يعمل كما يعمل وأي وزير فضلا عن وكلاء الوزراء المهمشين والمغيبين والغير معروفين ينجز ربع ما ينجز وبدون دعم منكم وبدون ميزانية حيث إنني اعلم ان ميزانية وزارة الثقافة تقارب نصف ميزانية جامعة البصرة واغلبها تذهب للإرهاب والإرهابيين فكيف إن كانت الميزانية ملائمة للأعباء التي يتحملها السيد الجابري وكيف إذا كانت الصلاحيات التي تعطى له مدعومة ومسنودة من قبلكم يا سيادة رئيس الوزراء ! وأنا متأكد انك تعلم جيدا ان وزارة الثقافة تعتبر من اخطر واهم الوزارات في أية دولة إلا أنها همّشت فقط في العراق لان كل من امتطى صهوتها لا يعلم كيف يسيرها ولولا وجود الوكيل الأقدم (الجابري) لما عرفت هناك وزارة بهذا الاسم، وأنا متأكد أيضا انك تعلم ان لوزارة الثقافة الدور الأكبر و الأمثل في القضاء على جميع صور الإرهاب المتنوعة وكلنا نذكر ان هذه الوزارة في الزمن الغابر المظلم البائد كانت أهم وزارة لدى السلطة ومنها وبها استطاعوا البقاء على سدة الحكم طوال الأربعة عقود المظلمة ولا اقصد هنا أن نتشبه بهؤلاء ولكني اقصد أن يكون للثقافة والمثقفين دور في محاربة الفساد والمفسدين وإعطاء المساحة الواسعة للمثقف العراقي الذي حرم طوال تلك الفترة من إبداء رأيه والتكلم بالصوت المسموع رغم انه يمتلك من الوسائل ما تعجز عنه الصواريخ العابرة للقارات وأحدث المقاتلات واكبر الأساطيل، و ليس جزافا ما أقول وإنما هي الحقيقة المحضة فالكلمة أقوى سلاح يمكن أن تنتصر به على أعداءك مهما علوا ومهما تكاثروا وتغطرسوا . فيا سيادة المالكي الكلام والخطاب موجه لك وحدك لأنك رئيس مجلس الوزراء : إلى متى تبقى هذه الوزارة مرتهنة، والى متى يبقى المثقفون والأدباء والكتاب والفنانون غرباء في وطنهم الذي تحملوا لأجله ما تحملوا ولم يهادنوا ولم ينافقوا ولم يتنازلوا وبقيت هاماتهم مرفوعة وبقيت أقلامهم وأفكارهم نظيفة بيضاء، الم يحن بعد اليوم الذي يشعرون ويعاملون كغيرهم ممن لم يتحصّل على ربع ما يمتلك المثقف العراقي، فهل ترضى بان ميزانية وزارة ابرز واكبر نسبة مثقفين في العالم لا تكفي لإقامة مهرجان واحد في السنة وهل يعقل ان دولة الإمارات التي لا يعرف لها أديب أو شاعر أو فنان تعادل ميزانية وزارتها أكثر من مائة ضعف وزارتنا، وهل يعقل ان ثلاثة أرباع مبدعينا لا زالوا خارج العراق لا يعرفون مصيرهم إلى أين يؤول، هل يعقل ان مظفر النواب وفؤاد سالم وغزوة الخالدي وغيرهم ممن حكم عليهم بالإعدام نتيجة معارضتهم لظلم النظام ليس لهم مكان في المشهد الثقافي العراقي بل ليس لهم بيت يأويهم . فالله الله بوزارة الثقافة والله الله بالرجل الوزارة السيد الجابري لأنه المعبّر عن آلام وطموحات وأفكار المثقفين في العراق لأنه منهم واحدهم وغير دخيل على عمله كأغلب الوزراء . وفي الختام اشهد الله إنني لا أتملق الرجل ولا هو يعرف اسمي حتى - رغم إننا تقابلنا أكثر من مرة - ولكنها زفرات خرجت وشقشقة هدرت والله من وراء القصد .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |