|
تقترن بنية تفكير السياسي باليات تعتمد على مكنونات التوصيف الدلالي لمسميات جوهرية تستخدم في بلورة افكاره بين انساق معرفية ومعلوماتية مستمدة من برامج سياسية تمثل وجهة نظر خاصة. بعض وجهات النظر التي يطلقها السياسي للاستهلاك المحلي حول اية قضية يريد ايصالها الى اية شريحة اجتماعية ويحاول ان يستثمرها لغاية ما، سرعان ما تتكشف خيوطها للمتلقي اللبيب. وبما ان السياسة فن الممكن فمن المؤكد انها تحتاج الى مخيال وافاق مفتوحة قد تحدث فتوقا في ايجاد عمليات توصيل وافية واستثنائية للوصول الى الغاية او الهدف. بمعنى هناك خدعة كبيرة يطلقها السياسي تحتاج الى من يصدقها، لكن الطامة الكبرى حين تنكشف هذه الخدعة وتصبح فضيحة. وبما ان طرائق التوصيل تختلف في معابر الدخول الى المتلقي من خلال الادلة الناقلة والبراهين لطروحات السياسي وهذا ما يحدو ببعضهم استخدام اساليب الهجوم المباشر بالقاء اللائمة على الاخرين ويضعهم في خانة الاتهام، بالاتكاء على حجج واهية تنتقص من الشرائح الاجتماعية بالاتهام المباشر وذر التراب في العيون، بل قذفهم بنعوت مصطنعة وغير موضوعية في واقع شائك يصعب تفسيره حاليا، او الالمام بحيثياته باعتباره يمثل مرحلة معقدة لا يمكن وصفها، ليس لانها بلا معنى بل وجود تشابك خطير لاحداث تمر بسرعة فائقة وفق متغيرات دولية. هذه المتغيرات لا تستند في نهجها على الماضي فحسب بل تؤشر متغيرا جديدا بفرض واقع اخر. ان الشعوب التي عاشت تحت ظلام العبودية مغلوبة ومأخوذة بالاستكانة لكن هذا لم يمنع اطلاقا من اعلان مواقفها (على اقل تقدير) بالرفض ضد الدكتاتورية المقيتة، لانها عانت وقاست الكثير من الهموم وضحت بكل شيء، بل اعلنت مواقفها البطولية على حبال المشانق وامام فوهات البنادق. وان النظام السابق احدث شرخا كبيرا في تفتيت وحدة المذهب المنافس له بالتجنيد للقومية العربية وشعاراتها واستطاع ان يقاتل بالمعارضة ضد المعارضة بمسميات وبرامج معروفة لم تنطل على الكثيرين. وبما لا يقبل الشك ان هناك شخصيات كثيرة وقفت ضد الدكتاتورية، واستطاعت ان تؤسس قاعدة شعبية نيرة استقطبت قطاعات واسعة من المريدين، وزرعت بذور ثورة حقيقية نابعة من واقع مؤلم ان تنهض بكل قوة وترفض الظلم. كل الادلة والوقائع تشير الى ان بذرة الشرارة الاولى انطلقت من اشد المناطق فقرا وظلما ورسمت معالمها الاعتقالات والمطاردات والسجون، ولم تأت الينا من مدن الضباب والثلج التي يدعي اصحابها الان بمسميات المعارضة. لانها لم تشكل ندا واضحا للنظام السابق ولم يعرف شخوصها لمجهوليتهم. فمن المعيب ادعاء البطولة والنضال الكبير في فنادق خمس نجوم والغرف المكيفة للقادمين الجدد في بطون الدبابات وجلسات اقتسام المناصب بالتنازل عن حقوق الشعب. هؤلاء حتى خيام احزابهم سوف لا تقيهم شمس الحقيقة الناصعة لانهم لا يمثلون الشعب الذي مازال يعاني ظلم واجرام النظام السابق وجورهم وتعسفهم الحالي.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |