|
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
هادي فريد التكريتي/ عض,اتحاد الكتاب العراقيين في السويد وصلني، متاخراَ، بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، عن اجتماعها الإعتيادي الدوري، المنعقد في 13 تشرين أول 2007، وبعد قراءته، تراءت لي ضرورة التعليق على بعض من فقرات، كانت اللجنة المركزية قد بحثتها وتطرقت اليها، وإن كان بعد مضي وقت، إلا أن هذا لم يمنع من إبداء للرأي فيه إتماما للفائدة .. " افتتح الإجتماع أعماله باحياء ذكرى الفقيدة د.نزيهة الدليمي .." والفقيدة الدليمي كانت خسارة جسيمة، للحركة الوطنية و النسوية العراقية، وللحزب الشيوعي العراقي، على مدار سني نضالها، منذ أكثر من خمسين عاما، وكان الأجدر بهذا الاجتماع أن يطلق اسم الفقيدة على دورته .. " بحث الاجتماع مستجدات الأوضاع في البلاد .. " بلا شك أن مستجدات الساحة العراقية كثيرة ومتنوعة، لها أول وليس لها آخر، إلا أن المهم من أين المبتدا وإلى أين المنتهى، وكل المشاكل التي ُيستوجب طرحها ومناقشتها عويصة وبعضها مستعصٍ على الحل، وهذا ما ازدحم به جدول عمل هذا الاجتماع، بحيث كان البلاغ الصادر عنه يتكون من 6 صفحات بالبنط الصغير، ومجموع كلماته جاوزت الأربعة آلاف كلمة، والعناوين التي تمت دراستها جاوزت العشرين عنوانا، فمن هنا أقول مرحى لهذا الاجتماع الذي استوجب صبر الرفاق، على بحث ومناقشة كل ما ورد فيه، وآمل أن يكون ذلك البحث و تلك المناقشات الجادة، وهي بلا شك جادة، قد خرجت بالنتيجة المرجوة منها .. آملين أن يكون مثل هذا العرض تقليدا، في البلاغات القادمة لاجتماعات اللجنة المركزية... أولى الملاحظات على هذا التقرير، أنه لم يبدأ بما عودنا عليه الحزب الشيوعي من قراءات لنشرياته ومحاضر اجتماعاته، ابتداء بالداخلي العراقي، مرورا بالعربي ـ الإقليمي، ومن ثم بالخارجي ـ الأجنبي، إنما في هذا البلاغ، كان التداخل بيًنا، بين ما هو محلي وخارجي وإقليمي مما يربك القارئ في متابعته للحدث ... البلاغ وضع القارئ أمام لوحة جدول أعماله التي ناقشها، أو درسها، الاجتماع وهذا أمر إيجابي، إلا أن ما يؤاخذ عليه،عدم الإشارة إلى الحلول والمعالجات التي تبناها الاجتماع، فالغرض من عقد الاجتماع ليس فقط متابعة ما طرحه الحزب في دوراته السابقة، أو ما تضمنه برنامجه، في مؤتمره السابق من حلول للمشاكل العراقية، الأمنية، وأزمة البلاد السياسية والاقتصادية، وإنما كذلك لتقييم الأداء الحزبي، ولدراسة ومعالجة النواقص للفترة المنصرمة، ومتابعة تنفيذ قراراته، ومشاريع الحلول التي وضعها لحل العقد السياسية، فعندما يشير البلاغ في عنوانه " التطورات السياسية واحتمالات المستقبل " يجري الحديث وكأن العراق تتصارع فيه فقط قوى سياسية عراقية، تريد " العودة بالبلاد إلى نقطة البداية..." وكأن ليس هناك من حلفاء لهذه القوى، من دول إقليمية وأجنبية تحاول تنفيذ مشاريعها، لأن يبقى العراق ضعيفا ومجزءَ متقاتلاَ ..أليس من الضروري تعرية تلك القوى الداخلية والخارجية، لتعم الفائدة، وليعرف القارئ من هي تلك القوى .. الكل يفهم، حتى العراقي البسيط، الأمي، الكادح، والمغيب عن واقعه، والمنعزل في البطائح العراقية، من دون كهرباء، ولا ماء شرب نظيف، ومن غير مدرسة، وبلا علاج له ولأطفاله، ومن دون أمن كذلك،هذا المواطن يعرف " أن العملية تواجه صعوبات جدية واختلالات كبيرة .."إلى بقية الجلجلوتية الواردة في عنوان " العملية السياسية والحاجة إلى إصلاحها " ولكن كيف الخروج من هذا المستنقع القذر الذي انحطت فيه قوى سياسية طائفية وعنصرية، استمرأت محاصصة السلطة، لتنهب وُتفسد كل مجالات الحياة، ولا تريد حلا للمأساة العراقية، التي يروح ضحيتها يوميا مئات من البشر بأشكال موت متعدد الأشكال والأساليب، ألا يجدر تسميتها والإشارة إليها، لتوعية هذا المواطن المخدوع ليعرف في المرة القادمة، على الأقل، أين يضع ورقته الإنتخابية،إن لم تكن هذه مسؤولية الحزب الشيوعي، فهل نطالب الأحزاب الطائفية والعنصرية الحاكمة أن تقوم بهذه المهمة ..؟ في عنوان " تحسن الوضع الأمني " إذا كان المواطن يستطيع الخروج من داره في الكرخ إلى أي مكان في الرصافة، أو حتى إلى دائرته ومجال عمله، القريبة من سكناه، دون أن تودعه زوجته ويقبل عيون أطفاله، كنا نصدق مقولة بأن " شهد الوضع الأمني خاصة في بغداد، تحسنا ملموسا .."، ولكن كيف هذا والبلاغ يعترف أن "ديمومته و توطده ـ أي الوضع الأمني مرهون ـ بتجاوز التعثر في الميدان السياسي .." ومن هو في الميدان السياسي ؟ غير أكثرية من قوى طائفية وعنصرية، متصارعة ومتناحرة، بعضهم أعضاء في الحكومة والمجلس النيابي، وهم، نفسهم، من يشعل نيران الحرائق ويؤجج أوارها، ويدير حلقات القتل والتفجير والتفخيخ، من مناطق تواجدهم، في إيران والسعودية وعمان وسوريا والقاهره، وغيرها من بلدان أخرى تحتضن المعادين لتوافق القوى السياسية، ولكل حل وطني للقضية العراقية، بحيث أصبح، من المتعذر أن يعقد المجلس النيابي جلسة بقوام كامل لأعضائه، أو باغلبية قادرة على مناقشة وإقرار أي أمر يتعلق بأمن وحياة ومعاش المواطن، ناهيك عن إبرام قانون أو للخروج بقرار" لتفعيل مشروع المصالحة الوطنية .."، إن محرري البلاغ يعيشون حالة رومانسية فريدة، مع وحوش وضواري، ما عاد المواطن، والشأن العراقي أمرا يعنيهم، وهم جاؤا للحكم بورقة من هذا المواطن، الحسن النية، حيث خدعوه بدينه وطائفته وقوميته .. أن مقومات الأمن والسلم الأهلي بعيدة المنال، وغير قادرة على تحقيقه قوى سياسية، وحكومة من صلبها، لا تؤمن أصلا، ب " ضرورة المشروع الوطني الديموقراطي " فهي بالأساس ضد كل ما هو وطني وديموقراطي،فكيف تؤمن بهذا المفهوم ؟ ومن يقرأ الدستور ويمعن في دلالة مواده، لا يكذبني فيما ذهبت أنا إليه، وكل مراهنة على" فتح حوار بين القوى الحريصة على إنجاح العملية السياسية،للبحث في إقامة أوسع تحالف سياسي على أساس برنامج وطني وديموقراطي .." (كما جاء في عنوان ضرورة المشروع الوطني الديموقراطي ) هو ضرب من الخيال، في ظل حكومة، لم تنفذ أهم فقرات برنامجها السياسي، وهي متشكلة من قوى سياسية تتجاذبها مصالح أنانية ضيقة، ومصالح دول الجوار، وهي حريصة على الفرقة والتناحر، أكثر من حرصها على حياة من تحدى الموت، الذي أوصلهم للحكم، للتحكم بمصيره البائس، فأصحاب القرار والحكم والتشريع في مؤسسات الدولة، كل يغني على ليلاه، فالمجلس النيابي غير قادر على إنجاز مهامه المنوطة به، ومجلس الرآسة غير قادر على التوحد فيما بين أعضائه، والحكومة غير متفاهمة مع هذا المجلس، فمن سيساهم في " المشروع الوطني الديموقراطي الذي طرحه حزبنا في شهر آب الماضي .." الغرابة في سذاجة هذا الطرح، لأنه صادر من، الحزب الشيوعي العراقي، حيث يفترض فيه أنه قد خبر كل هذه القوى، من قبل ومن بعد، حيث كان حليفا لأغلبها، ولم يكن جزاءه منهم، بأفضل من جزاء " سنًمار" الباني لعرش قاتله، يقول الحكماء : العاقل من اتعظ بغيره، فماذا سيقولون لمن لم يتعظ بفعله ..الله يكون في عون العراقيين .. القسم الأول
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |