اي الفريقين اصح في تفسير الدستور العراقي؟

 

 علي توركمن اوغلو

sanaelgerawy@hotmail.com

ان ابسط تعريف مقبول للدستور هو كونه مجموعة القوانين العليا للدولة أو الاساسية التي تحكم دولة ما من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، حيث يتم تطبيق وتفسير هذا الدستور اعتمادا على شكله المكتوب

غير اننا اليوم نرى الدستور العراقي في العهد الديمقراطي للعراق الجديد يفسر في ما يسمى ببرلمان الادارة الشمالية وفق معيار الفائدة للمصلحة الكردية، فيقبل من فقرات الدستور ما يوافق تلك المصلحة، ويتم التأكيد على مشروعيته، وبل يتم الذود عنه في المحافل المحلية والخارجية بكل قوة، حتى يصبح نموذجا لتطور التوجه الديمقراطي للعراق الفيدرالي . اما حينما تخالف فقرة ما من فقرات الدستور المصلحة العليا للاخوة الاكراد فهناك منحيان يتم اللجوء اليهما: اولهما اللجوء الى التأويل والتفسير في غياب المحكمة الدستورية العراقية المرجع الشرعي والحكم العدل في هكذا نزاعات دستورية، مثل مايحصل في الدول المتقدمة، حيث يكون حكم المحكمة الدستورية ملزما ونهائيا. أو تلجا الادرارة الشمالية في رفض الفقرة التي تتنافى مع المصلحة الكردية جملا وتفصيلا، بل حتى تنادي بعدم دستوريته، وانها اي الادارة الشمالية في حل من تطبيقه لمخالفته دستورها الخاص.

ان قيام الادارة الشمالية بأبرام عقود لاستثمار النفط في شمال العراق وتأكيدها على جواز هذا الموضوع دستوريا وقانونيا هو مثال حي للمنحى الكردي الثاني في التعامل مع الدستور العراقي . ففي حين رفضت الحكومة المركزية هذه الاتفاقات برمتها، وتؤكد على عدم جوازها دستوريا وقانونيا اي انها مخالفة للدستور العراقي والقانون العراقي ومخالفا لمشروع النفط والغاز، تصر الاحزاب الكردية وتؤكد جوازها حسب قانون النفط والغاز الكردي!

اني شخصيا بدوري اذ اطرح هذا الموضوع الحساس للنقاش امام الشعب العراقي، اطلب منهم تسليم هذا الدستور الى ايادي امينة لكي يصار الى تفسير كامل وشامل لجميع فقراتها لنستقر على اصحية تفسير هذا الدستور وننتهي من المشاكل المستديمة بين ادارة الشمال والحكومة المركزية .

ان ما ذهب اليه السيد فؤاد معصوم عضو التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي في تصريحه الاخير( بعدما هدأت زوبعة ازمة حزب العمال الكردستاني التركي كما يتضح على الاقل من الصحافة المحلية والعالمية)"بأن التراجع في تطبيق المادة (140) يعني التراجع من الدستور!" هو مثال حي اخر اسوقه لما ذهبت اليه في بداية مقالتي عن دفاع الاخوة الاكراد عن نفس الدستور الذي يرفضونه. والسب واضح كما أعتقد لان المادة (140) والتي اقحمت في فقرات الدستور اقحاما في غياب القوى الوطنية عن البرلمان العراقي أو تغييبها تمنح الامل للاخوة الاكراد في الحاق كركوك العزيزة وفي الوضع الحالي للعراق بالادارة الشمالية.

نحن نسأل سيادته الى متى تبقون تنظرون الى الامور العراقية بمنظارين، وتكيلون القوانين الدستورية بمكيالين، فعندما تعرقل فقرات الدستور طموحكم في الاستيلاء على النفط العراقي يتم مهاجمة هذا الدستور وتهمل فقراته الملزمة ولا يعتبر هذا السلوك تراجعا عن الدستور العراقي! أما حينما تطرح المادة (140) للنقاش مرة اخرى، وينبري برلمانيون شرفاء ينادون بحلول بديلة لها، مثل جعل محافظة كركوك اقليما مستقلا بذاته غير مرتبط بغيرها من الاقاليم تلبية لجزء يسير من طموحات العراقيين الوطنيين و ثلاثة ملايين تركماني عراقي اهدرت حقوقهم في خضم الفوضى التي اجتاحت العراق وعرفتم كيف تديرون دفة السفينة العراقية نحو مؤانكم، عندئذ تتعالى اصواتكم بعم مشروعية التراجع عن الدستور وكانما اصبح في فقرته هذه دستورا مقدسا منزلا من السماء!

يتبين من هذا كله بأن ليس هناك في العراق من يفهم الدستور ويستطيع تفسيره الا الاحزاب السياسية الكردية فهم الوحيدون الضليعون في اللغة العربية، والمتخصصون القانونيون في تفسير الدستور العراقي وفهم كل فقراته!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com