|
هل ستكون القواعد الأمريكية في العراق بديلا لمثيلاتها في المنطقة؟
رشاد الشلاه مع اقتراب استحقاق مراجعة بنود قرار مجلس الأمن الدولي 1723 الذي تقرر بموجبه بقاء القوات المتعددة الجنسية في العراق لغاية 31 كانون الأول من هذا العام، نشط الحراك الدبلوماسي والسياسي ما بين القوى السياسية المقررة وبين الإدارة الأمريكية. الرئيس جلال طالباني بحث مع ماك كرك المساعد الخاص للرئيس بوش ومدير ملف العراق في مجلس الأمن القومي طبيعة العلاقة الإستراتيجية المراد بناؤها بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل، وفي هذه المباحثات التي جرت في بغداد أكد الطالباني دعمه و مساندته لبناء علاقة إستراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ونائبه عادل عبد المهدي سيلتقي مسؤولي الإدارة الأمريكية في واشنطن مطلع شهر كانون الأول القادم لمناقشة مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق. أما النائب الآخر لرئيس الجمهورية طارق الهاشمي فقد أكد في قطر التي تضم أكبر قاعدة أمريكية في منطقة الخليج " استمرار البناء المكثف للقواعد العسكرية الأمريكية في العراق"، كما لم يستبعد قيام بغداد بتأجير القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة للولايات المتحدة عقب تنفيذ انسحابها من البلد. في هذه الأجواء نشر معهد الأبحاث العالمي الذي يعرف نفسه بأنه مؤسسة أمريكية غير حكومية، في العاشر من الشهر الجاري، تقريرا عن الخريطة الجديدة للقواعد الأمريكية في العالم، ذاكرا فيه انه كان للولايات المتحدة عام 2002، 255,065 ألف جندي أمريكي منتشر في دول أجنبية، أما عددهم اليوم فقد بلغ 325 ألف جندي منتشرين في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا الغربية والشرق الأوسط ووسط آسيا واندونيسيا والفيلبين واليابان، هذا بخلاف القواعد العسكرية داخل أمريكا نفسها والتي تصل الى ستة آلاف قاعدة حسب التقديرات التي نشرت في شهر شباط الماضي. كما أشار التقرير الى ان الولايات المتحدة قد بنت وعززت في السنوات الأخيرة عشرين قاعدة في العراق تكلفت 1،1 مليار دولار. و هذا ما يعزز التحذيرات من مخطط الإدارة الأمريكية في إبقاء قواعدها العسكرية الدائمة في العراق لدعاوى عدة في إستراتجيتها، يأتي في قمة أهميتها خزان النفط و الغاز الهائل الذي تضمه تضاريسه الجوفية. الإحصاءات الأمريكية تلك تؤكد بقدر كبير سياسة المجمع النفطي و المجمع العسكري الأمريكيين، في فرض الهيمنة الاقتصادية و العسكرية الأمريكية خصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وإلغاء حلف وارشو، بل واستثمار تداعيات هذا الانهيار. وجاءت جرائم منظمة القاعدة المتتالية منذ أيلول العام 2001 تطورا غير منتظر تلقفته الإدارة الأمريكية ووظفته في ذرائعها محليا وعالميا لعسكرة وتوتير الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والعالم. و مسوغات دواعي القلق من بقاء القوات الأمريكية الدائم في العراق ليست عراقية أو إقليمية فقط، فقد جاءت هذه المرة أيضا من خبير عالمي هو الرئيس السابق لمفتشي الأمم المتحدة في العراق السويدي هانس بليكس الذي صرح في السابع من الشهر الحالي قائلا" إحدى مخاوفي هي ان الولايات المتحدة لديها تفكير سري بالبقاء في العراق" و"ان احد الأسباب التي دفعتهم للرغبة في دخول العراق هو أنهم يشعرون ان عليهم مغادرة السعودية بعد ان شعروا بعد حرب الخليج عام 1991 انه لا يمكنهم البقاء فيها، فالعراق هو ثاني أفضل مكان لأنه أكثر علمانية من السعودية، ويملك ثاني اكبر احتياطي من النفط في المنطقة". إن الحكومة العراقية مطالبة، خصوصا بعد التطورات الأمنية التي شهدتها العاصمة بغداد وبعض المدن العراقية في الأسابيع الأخيرة، إلى تأكيد وتحقيق المطلب الوطني الذي تجمع عليه القوى الوطنية العراقية بجدولة انسحاب القوات الاجنبية ورفض أي شكل من أشكال القواعد العسكرية الاجنبية دائمة كانت أم مؤقتة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |