هشام عقراوي

akreyii@gmail.com

 قد يكون الحديث عن كون العراق اضعف حلقة في الشرق الاوسط  أمرا مفروغا منه ولا يختلف علية اثنان. ولكن كون العراق الحلقة الاضعف يترتب علية الكثير من التبعات أهونها تدخل دول المنطقة في أمورها  الداخلية وأخطرها بالنسبة الى دولة تتواجد على الخارطة هوتقسيم هذه الدولة حسب معادلات المنطقة والسياسة الدولية.

قد تكون ايران وبسبب وجود أغلبية شيعية في العراق من أولى الدول التي يتبادر اليها الاذهان ويتوخى منها الحذر في التدخل في العراق وتقسيهما والسيطرة عليها سياسيا وجعلها دولة ملحقة بها وتسير في فلكها.

المخاوف من أيران ومن تمكنها من تقسيم العراق في غير محلها لسبب بسيط ألا وهوالعداء الايراني الامريكي. هذا العداء يجعلها من المستحيل أن تتمكن من السيطرة على العراق والفوز بجزء من العراق. فوجود أمريكا في العراق هوليس بسبب العراق وحدة بل من أجل الحفاظ على مصالحها في الشرق الاوسط  أجمالا. وبما أن المصالح الامريكية والايرانية لا تلتقيان  لذا فأن فرص فوز ايران في العراق  محدودة جدا ولكن الصراع الامريكي الايراني قد يدوم طويلا.

أمكانية أن تلعب دولا مثل سوريا، السعودية، الكويت والاردن وحتى مصر دورا في تقسيم العراق ضعيفة جدا وهم الذين يريدون سيطرة سنية من أجل اضعاف الدور الايراني – الشيعي والدور الكوردي في العراق ويصفون الحقوق الشيعية والكوردية في العراق بالطائفية والانفصالية. وهذا يعني أنهم يريدون ابقاء الوضع على ماهوعلية والعودة الى عصر العراق الصدامي  المخلوط بالفكر القومي العربي.  وبسبب القضية الفلسطينية والتداخل الحاصل بين  الفكر القومي العربي المعاصر والفكر الاسلامي المتشدد وجماعات القاعدة، فأنة من الصعب أن يحصل تحالف أستراتيجي  قوي بين أمريكا وهذة القوى القومية الدينية المتطرفة.

الغريب في الشرق الاوسط ومعادلات العولمة فيها، هوعدم ظهور أي علامة من علامات التغيير الديمقراطية  ورسم  واضح للسياسات الجديدة والتحالفات الجديدة  في المنطقة.  التغيير الوحيد هوقدوم القوات الامريكية الى العراق والمنطقة وسقوط النظام الصدامي وبدأ مشروع يسمى بمشروع ديمقرطة المنطقة عن طريق استعمارها وبشكل مباشر.  قدوم أمريكا الى المنطقة وسياساتها  أديا الى اضعاف الدور العربي أمام قوى أخرى في طور التكوين.  فلم تعد هناك دولة عربية تستطيع التأثير على السياسة الامريكية وأجبارها على أتخاذ خطوات تحترم فيها المصالح العربية  المشروعة في المنطقة.

قدوم أمريكا الى المنطقة كان في وقت تتوجه فيها تركيا نحوالاسلام السياسي وفازت فيها حزب العدالة والتنمية بالسلطة ومشاعر العداء الى أمريكا كانت في أوجها وكان هناك توقعا كبيرا بحصول تعاون صدامي- تركي. وقد يكون وقوف تركيا وبرلمانها وحكومتها ضد الهجوم الامريكي على النظام الصدامي دليلا واضحا لتقارب تركي صدامي. هذا العداء لوقورن بالعداء الايراني التقليدي لامريكا يعطينا الهدف من قدوم أمريكا الى العراق.

 النتائج الاولية لاحتلال العراق من قبل أمريكا هوسقوط صدام وحصول تقارب تدريجي بين تركيا وأمريكا. وقد يكون التقارب الامريكي مع حزب العمال الكوردستاني سبيلا لجر تركيا الى التعامل مع أمريكا في العراق وأنهاء عدائها لامريكا.  بكلمات أوضح حاولت أمريكا أستغلال القضية الكوردية في تركيا من أجل أنهاء عداء حزب العدالة والتنمية لامريكا. ويمكننا أعتبار قدوم  القوات التركية الى حدود أقليم كوردستان وتهديدها بالدخول في الاراضي العراقية  والذي حضي بتأييد من اسرائيل ذروة الصراع بين أمريكا وتركيا لرسم سياسة وخارطة جديدة للنفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي والتحالفات  الجديدة في المنطقة.

اذن قدوم أمريكا الى المنطقة تمخض عنة  تغييرين استراتيجيين أولهما سقوط النظام العراقي المعادي لامريكا وتحويل مسار التغييرات داخل تركيا من معادات المصالح الاميريكية الى الرجوع كحليف استراتيجي في المنطقة. هذان التغييران لوحدهما حققا الهدف الاولي لقدوم الجيش الامريكي. أما الهدف النهائي لقدوم الجيش الامريكي فهوفي طور التكوين ويعتمد على التناقضات في المنطقة.

يجب أن لا ننسى أن سبب التحشدات التركية على حدود أقليم كوردستان هوقرار مجلس الشيوخ الامريكي بأعتبار قتل الارمن في زمن الدولة العثمانية عملية ابادة جماعية،  وبعد أن صدر تقرير من مجلس الشيوخ يدعوا الى تقسييم العراق الى ثلاثة اقاليم، وبعد أن وقفت حكومة الاقليم ضد أعطاء10% من النفط العراقي الى تركيا حسب أتفاقية 1926، وقرب الاستفتاء على كركوك وزيادة التعاون بين أمريكا وحزب العمال الكوردستاني. وهذا يعني ضغطا أمريكيا على تركيا من أجل تغيير السياسة العدائية لتركيا الاسلامية أمام المصالح الامريكية.

الازمة الاخيرة بين اقليم كوردستان وتركيا، هي الحلقة الاولى في رسم سياسة جديدة للمنطقة وتوزيع الادوار بين قوى الشرق الاوسط وستتمخض عنه تحالفات جديدة  كلها تصب في المصلحة الامريكية. تم رسم الخطوط الرئيسية لهذا التحالف الجديد في اللقاء الاخير بين ألرئيس الامريكي ورئيس وزراء تركيا  وفيها أتفقت أمريكا وتركيا بالتعاون فيما بينهم من أجل حماية المنطقة والمصالح الامريكية  وفرضت بموجبة أمريكا نهجا جديدا على اقليم كوردستان يتحالف فيها مع تركيا وأمريكا.

حسب الاتفاقية الجديدة سيكون لتركيا اليد الطولى في المنطقة وستتحول الى دولة رئيسية في المنطقة ضد الدور الايراني والعربي القومي الاسلامي . وسيكون أقليم كوردستان جزءا مكملا لهذه السياسة. وحسب هذا الاتفاق فأن أمريكا ستبدأ بتخفيف قواتها في العراق وستحل محلها القوات التركية أن دعت الضرورة اليها.

حسب نفس الاتفاقية فأنة في حالة تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم سيلحق أقليم كوردستان ومن ضمنها محافظتا كركوك والموصل بتركيا .

في المقابل ستقوم تركيا بمنح الحقوق الثقافية للشعب الكوردي في تركيا وسيكون لهم حق أختيار ممثليهم في البرلمان وأدارة محافظاتهم. يجب أن لا ننسى أن هناك نظام أدارة المحافظات في تركيا يشبة نظام الدول الاوربية وفي حالة رفع الاحكام العرفية في المحافظات الكوردية ومنح الكورد الحقوق الثقافية سيتمتع الكورد بحقوق لا بأس بها وهذا ما يطالب به الاتحاد الاوربي أيضا.

التصريحات الاخيرة  للمسؤولين الاتراك بمنح الكورد الحقوق الثقافية ونشرهم لخارطة تركيا الجديدة والتي فيها ألحق أقليم كوردستان بتركيا، ومطالبة المراكز الدراسية التركية بألحاق ولاية الموصل وكركوك بتركيا حال تقسيم العراق كلها دلائل واضحة للتحول الجديد في  تركيا. وحسب العديد من المصادر فأن هناك أجتماعا مرتقبا سيعقد بين القادة الكورد والترك باشراف أمريكي  وأن العملية التركية ضد حزب العمال الكوردستاني ستتحول الى عملية مشتركة بين أمريكا وتركيا واقليم كوردستان في حالة تنفيذها.

وقد تكون تصريحات رئيس وزراء العراق حول الفدرالية في العراق ومخاوفة من أن تؤدي هذا النوع من الفدرالية الى تقسيم العراق وتفككة تصب في هذا التغيير الحاصل في المنطقة ومخاوفة من ألحاق اقليم كوردستان بتركيا في استفتاء لسكان الاقليم. ولكن هذا التصريح  لرئيس الوزراء سيزيد في الطين بله وسيقرب أقليم كوردستان أكثر فأكثر من تركيا التي رحبت بموقف القادة الكورد حيال حزب العمال الكوردستاني ودعوا الى علاقات مباشرة مع اقليم كوردستان.

السياسة الضعيفة للدولة العراقية الجديدة أمام تركيا وخاصة في الازمة الاخيرة بين اقليم كوردستان  وتركيا وضعف السياسة العربية بشكل عام  أمام المد التركي وأعتبارهم تركيا دولة اسلامية وصديقة أدى الى تمتع تركيا بوضع يسمح لها بلعب دور اللاعب الاهم في المنطقة وتحولة الى الحليف الاسترتيجي مع أمريكا واسرائيل  وبموافقة الدول العربية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com