الرحلة الى مدينة الرسول (ص)

الاستعداد للرحيل من مكة والتوجه الى المدينة.. نحو يثرب\ طيبة\ المدينة المنورة

من مكة الحجون، من الفندق الذي نزلنا فيه طيلة فترة مكوثنا كانت الحركة الدائبة لحجاج قافلتنا تشير الى نهاية المطاف في مكة فالحاج الفلاني يجمع حاجاته وامتعته والاخر يشدها والاخر يقفل حقائبه بينما نسمع ونحن في الغرف اصوات الهورن المزعجة التي طالما تعودنا عليها طيلة تلك الفترة، فالشارع مملوء بالسيارات والمارة والضجيج ليس له مثيل وهكذا كنا ننام على اصوات الهورن وازعاجاته وبعد ا ادائنا لفريضة الصبح توجه كل منا الى اللوري (السيارة التي تحمل الحقائب) وبعدها اتخذ كل منا موقعه المخصص له في السيارة وبالم شديد فارقنا مكة بعد ان اخترقنا شوارعها بلا رغبة في مفارقتها. "وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر ام القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالاخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون" سورة 6 الانعام الاية 92.

  

المرور بمدينة جدة

السيارة قطعت عشرات الكيلومترات حتى وصلنا مدينة جدة حيث كانت احدى نساء القافلة مريضة والمسكينة قطعت رحلتها وارسلت الى المطار للتوجه الى بغداد قبل ان توفق لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم.. اضطررنا للمكوث في مدينة جدة من الظهيرة وحتى منتصف الليل.. السفن اصغيرة والقواقع على ساحل البحر.. والاسواق المتميزة بالغلاء كما هو عليه الحال في مكة في موسم الحج.. كان انسب مانتناوله من الطعام لنتذكر مدينة جدة هو السمك مع الرز رغم غلاء الاسعار . " وهو الذي سخر البحر لتاكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " سورة 16 النحل الاية 14.

  

التوجه الى النبي (ص) .. الى المسجد النبوي الشريف

وصلنا المدينة المنورة مساء حيث نزلنا خارجها في مراب (كراج) للسيارات المتجهة للمدينة فاستاجرنا سيارات ( البيكاب ) ذات الاجرة المناسبة .. نقلنا فيها امتعتنا وكان سير( البيكاب) وسط الهواء البارد جدا الذي حاولنا اتقاءه ماامكن.. ولما وصلنا الفندق كان الاغلب يشكو من ضعف البدن والزكام والصداع والاجهاد والتهاب البلعوم او تغير وضع المعدة وكان لابد للبعض من الراحة قبل التوجه الى المسجد النبوي الشريف. " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم " سورة 2 البقرة الاية 128.

 

باب جبرائيل من المسجد النبوي الشريف.. محمد (ص ) رمز الامة الاكبر والنور الهادي للبشرية وحامل راية الاسلام

وعندما حل الفجر توجهنا لاداء الفريضة وبعدها تناولنا فطور الصباح وخلال دقائق قليلة توجهنا من الفندق لنصل المسجد النبوي الشريف وقفنا امام الباب الرئيسي المسمى بباب جبرئيل ملتمسين الدخول مرددين الدعاء وفي قلوبنا الم فراق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لم ندركه نحن وتمنينا ان كنا معه فهو صلوات الله وسلامه عليه ولكنه مع ذلك حي بيننا بروحه وقيمه وحديثه وتعاليمه وارشاداته فهو رمزالامة الاكبر ومشعل النور لهداية البشرية وحامل راية الاسلام البيضاء، ورغبتي ان اتسع في حمده وذكر مناقبه ولكن مهما اطلت فلن ابلغ غاية المرام . " ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " سورة 66 التحريم الاية 4.

 

المنبر والمحراب واعمدة المسجد واسطوانة التوبة .. في المسجد النبوي ليس حلما بل حقيقة

وفي خشوع وترقب دخلنا الباب بعد الاستئذان واخال اننا فرادى ضمن مجموع كبير ضج به المكان وتساءلنا هل نستطيع ان نصل الى الغاية.. فهذا هو المطلوب.. ولابد لنا من شق الطريق للوصول الى الهدف.. دخلنا قليلا واذا بالمنبر والمحراب والاعمدة (الاسطوانات) على اروع مايكون.. ونريد ان نصدق انفسنا اننا داخل المسجد النبوي وان ذلك ليس حلما بل حقيقة.. اين العراق من المدينة المنورة.. واين بغداد من مجلس الرسول(ص).. هذا البعد الذي يفصل المكانين من السهول والوديان والجبال والرمال والصخور والبحار والانهار.. يكاد الرسول(ص) وعلي(ع) وعمار والمقداد وابو ذر وسلمان ان يكونوا حاضرين بل هم حاضرون بيننا ونحن معهم.. الحسن والحسين عليهما السلام معنا والتاريخ معنا.. حياة الرسول والائمة الاطهار والصحابة الابرار حاضرة ماثلة بيننا كل المواقف التاريخية والروحية وصلاة الجماعة وامامة الرسول(ص) كلها تدور في مخيلتنا ونحن ننظر الى كل جزء من المسجد.. المنبر النبوي الشريف ومحراب الرسول واسطوانة التوبة داخل المسجد ولها حكاية ارجو ان تسالوا عنها وبصعوبة اتجهنا لمرقده الشريف(ص).. فالرسول (ص) حي عند ربه سبحانه والكل يطمع في شفاعته.. فهو شفيع المذنبين والشفيع المرتجى. " والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم " سورة 9 التوبة الاية 100.

 

بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقفنا وقفة الم بين يدي الصادق الامين، بين يدي اكرم الخلق اجمعين وقلنا.. لقد بلغنا المرام فقد استجاب الله سبحانه وتعالى لنا بزيارتك يارسول الله وامكننا من زيارتك.. وهكذا سكن القلب واطمانت النفس بلقاءه صلى الله عليه واله وسلم. "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطاه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما " سورة 48 الفتح الاية 29.

  

الزيارة المخصوصة للرسول ( ص )

 ابتدانا بالتحميد لله عز وجل والشكر له سبحانه وتعالى وزرنا الزيارة المخصوصة كاملة ورددنا بعض الدعوات عسى ان يشفع لنا رسول الله (ص). " يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا " سورة 20 طه الاية 109.

 

حب الله وحب الرسول واهل بيته الاطهار

ليتنا ادركناه صلوات الله وسلامه عليه لنكون من خدمه وجنوده.. وتمنيا ان تثلج صدورنا وقلوبنا المتيمة بحبه.. فحب الله سبحانه وتعالى وحب محمد(ص) وحب علي(ع) وحب اهل بيت النبوة عليهم السلام زرع في صدورنا.. ونتمنى بحبهم النجاة من النار والفوز بالجنة والرضوان في دار السلام بجوارسادات البرية. "ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور" سورة 42 الشورى الاية 23.

 

 بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة.. سلام على الزهراء وابا الزهراء

ادينا الصلوات في مختلف مواقع المسجد خاصة مابين القبر والمنبر فقد ورد عنه (ص): " ان مابين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة " ولايستبعد ان يكون هناك قبر فاطمة الزهراء عليها السلام. لذلك زرنا السيدة من هذا المكان الطاهر.. زرنا سيدة نساء العالمين .. زرنا بنت الرسول(ص) وزوجة امير المؤمنين وبطل الاسلام ابن عمه علي(ع) وام الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة (ع) .. انها فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهم اجمعين" انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا " سورة 33 الاحزاب الاية 33.

  

المصادر

 القران الكريم