|
المذهب الديمقراطي المنقوص والعقد الاجتماعي
سالم الموسوي يعرف العقد بمفهومه العام على انه اتفاق بتم عقده بين طرفين مختلفين لتحقيق هدف معين او هو الارتباط الايجابي الصادر بين المتعاقدين والذي يحتوي على الإيجاب والقبول , فهو ينطوي كذلك على نوع اللزام والالتزام من احد الطرفين بانجاز مهام العقد الذي يتضمن نوعية المهمة وتحديد مسؤوليتها وفق المبادئ والثوابت التي تحدد المطلب.فالعقد في واقعه الحقيقي الذي يتضمن ويحتوي على أشكال وصيغ مختلفة كلها تقوم على أساس واعتبار الالتزام والتلازم والتنفيذ بين المتعاقدين سواء كان ذلك نافذا وساريا على المستوى الفردي آو الجماعي وفق الصيغ والثوابت القانونية الثابتة والناجز التي باتت تتصف بالشكلية التي يحددها القانون الذي رسمت خارطته القانونية والتشريعية النظم الديمقراطية والنظم الوضعية الأخرى الذي أعطته صفت المقبولية والمشاركة بحدود تحددها مصلحة وديمومة النظام المنبثق عنه .فإشكال وصيغ العقد أخذت تختلف مع نوع وشكل المهمة المتفق عليها, مثلما حدد في نظرية العقد الاجتماعي (النظرية العقدية) التي تنص وتؤكد على تعاقد الإفراد في المجتمع الفطري مع شخص قوي يحمي مصالحهم ويراعي حقوقهم وحرياتهم الخاصة. والعقد التجاري وعقد العمل المشترك وعقد العمل الفردي وعقد الصلح والمصالحة وغيرهما من العقود الاجتماعية الخاصة في الحقل الاجتماعي والعقود السياسية الخاصة في الحقل السياسي والعقود الاقتصادية الخاصة في الحقل الاقتصادي وغيرهما من العقود الاستثنائية التي تبنى عليها مهام العقد وتنفيذه.ومن ضمن العقود الناجزة والمهمة في الحقل السياسي والاجتماعي والذي تتبناه منهجية النظام الديمقراطي اللبرالي في تشكيل الحكومة الديمقراطية اللبرالية ذاتا وهو انتهاجها لمبداء العقد الاجتماعي.فالعقد الاجتماعي الذي يعد بحد ذاته هو من أهم العقود الناجزة في المجتمع السياسي الذي اجتاز مرحلة الحياة الفطرية حيث ولدة إرادة عند المفكرين الماديين ضرورة بناء الدولة العلمانية ولابتعاد عن الدين والحكم الديني والتي تبنى الأطروحة الوضعية التي قامت على أساسها الديمقراطية الليبرالية والتي هي أيضا تنطوي على مفهوما واسعا الذي يتحدد بالشكل العام بالاتفاق الذي يفترض تخلي الناس عن حالة الفوضى الناتجة في المجتمع الذي يعيشون فيه وهذا من حيث التكوين والمنشئ الذي يكون فيه شكل ونوع العقد رضائيا أو عينيا.وأما من حيث الموضوع يحدد العقد ويكون عقدا مسمى أو غير مسمى أي عقدا بسيطا أو عقدا مختلطا وأما من حيث الأثر فيكون شكل ونوع العقد ملزما للطرفين اولجانب واحد يتحرك ضمن المساحة المحددة التي تحقق الأهداف أو يكون عقد معاوضة أو عقد تبرع ,وأما من حيث الطبيعة يكون شكل العقد محدد أو عقد احتمالي أو عقد فوري أو عقد فوري أو عقد زمني. فالعقد يتكون على أركان وجوانب مهمة يبنى على أساسهما تكوينه ومنشئه الأولي ومن ضمن هذه الأركان المهمة وهو أن ويتحقق ويؤمن التراضي المتبادل بين الطرفين في تحديد شكل وصيغة العقد.فالتراضي هو الذي يعبر عن ضرورة الرغبة المشتركة التي يجب أن تنسجم وتتفاعل مع رغبة ورضا الطرف الأخر المتعاقد معه لتحقق مبدءا الإيجاب والقبول التي تعطيه الشرعية والمشروعية الكاملة في الشروع العمل المشترك بين الطرفين, وإما الركن الأخر الذي وهو بتحديد بالمحل الذي يجب أن يراعي فيه النظام العام الذي يتجسد ويتحدد هو بعاملين وهما بما يلي:ــ أولاـ بالروابط التي تحضى بالحريات العامة والنظم العامة لإدارية والمالية والقضائية . ثانيا ـ وكذلك يتحدد بالروابط الخاصة التي تخص القانون الديمقراطي والأحوال الشخصية والمعاملات المالية. وأما الركن الثالث والذي يحدد ويهيئ للعقد والذي يتجسد بالدافع والحاجة المهمة والملحة التي تدفع بالشخص والمجتمع بالارتباط عقديا تفرض عليه الالتزام والمتابعة .وهذا الركن هو يتحدد أيضا ويتحرك في مجال الأسباب والدوافع ألمصلحيه الملحة .وذلك يعود كله إلى التنظير والطرح الوضعي الذي بات ينم عن إيمان واعتقاد البعض من الفلاسفة والمفكرين الماديين من الذين يتصورون إن الدولة هي ليست بمؤسسة أزلية وان الإنسانية قد مرت بمرحلة سابقة كان الناس يعيشون فيها بدون قيم وقوانين تنظم حياتهم العامة. ولا حتى دولة وسيادة مستقلة ينطون تحت ضلها.ولكن هؤلاء الفلاسفة والمفكرين قد نسوا وتناسوا حقيقة وجوهر التاريخ والنهضة الإصلاحية والتغيرية لثورة وانتفاضة الأنبياء(ع) ضد رموز ومصادر الانحراف والغوا كذلك بأطروحاتهم الحركة التاريخية والتاريخ الحقيقي لنهضة وانطلاق الأنبياء(ع). فكانت أفكار وأطروحة هؤلاء تنم عن أفكار خيالية مشوشة تريد أن تحكم سلطة الرغبة وتسير بقوانين الفطرة الغريزة المشوشة بعيدا عن التنظيم والقانون ألاهي للشريعة المقدسة التي اخذ الله تعالى العهد والميثاق من الإنسان والعمل بها والسير على نهجها لكن هولاء الفلاسفة والمفكرين الماديين غيروا وبدلو الواقع الحقيقي. لتنشر وتدعم انطلاق الأطروحة الوضعية وتضفي على المؤامرة التي تستهدف الأطروحة ألاهية صفة المشروعية والمقبولية.ولم يكن القصد منها سواء المحافظة على حق الملكية الفردية الخاصة في ظل المجتمع المدني القائم ألان في ظل الحضارة الأوربية. بحيث كانت الخلافات بين العلماء الماديين والمفكرين حول تفسير ومنشئ العقد الاجتماعي كبيرة جدا ولكنهم رغم ذلك انقسموا فيما بينهم وبصورة عامة على وضع وصياغة العقد الضمني الغير مكتوب واختيار الحكومة التي تنفذه وجعل الناس شركاء في احتيار السلطة أي إعطائهم حق الاختيار وانتخاب السلطة وفق القيم والثوابت الديمقراطية أي تجعله مصدر السلطات وله ملء الحق في سحب الثقة من الحكومة متى شاء ولاسيما إذا لم تفي بالالتزامات المتفق عليها التي تؤدي بالضرورة إلى بطلان العقد ونفاذه وذلك ينم عن عدم استيفاءه شروطه وعدم اكتمال أركانه على النحو الذي تريد أن تحققه الطبقة الليبرالية المهيمنة على اغلب الطبقات في المجتمع الرأسمالي للرأسمالية المتوحشة. ولكن ذهب الفريق الأخر من المفكرين الذين اعتبروا العقد الاجتماعي بمثابة التنازل النهائي من الشعب عن السلطة للحكومة والدولة وبالتالي تكون الدولة مخولة بسلطة حكم الشعب.مما ساعد ذلك على النمو والترعرع الأطروحة الوضعية التي أدت إلى خلق وصناعة الواقع الذي تريده وترتئيه من دون العودة إلى إشراك واستشارة الشعب والرجوع إليه .حتى ضلت هذه الأفكار عرضة للتطور المتواصل ولكن عندما اصدر(جان جاك روسو)كتابة العقد الاجتماعي,الذي أعطي لهذه النظرية أبعاد جعلتها متلائمة مع بناء المجتمع الرأسمالي باتجاهي المتناقضين.الذين يوعزان إلى تكامل الإنسان في بيئته إلى تطور الإنتاج ونمو القوة الإنتاجية,واتجاهه إلى الفردية. وذلك يرجح كله إلى المنافسة والسعي الجاد إلى تحقيق الربح.ومن هنا يستوضح لنا شكلية العقد الاجتماعي وبعض اشكالياته التي بينت من خلال أطروحتها التي ظهرت الارتباك والتذبذب في نقس الصياغة وصناعة العقد.بيد أن يميل العقد بكل صوره إلى القلق والارتباك وعدم الثبات على شكلية معينة.فالشكل الذي انطوى عليه بكل صيغه ومكوناته التي تنم عن التعاقد والاتفاق مع الجماعة القوية لحماية مصالحها الخاصة والتي جعلت من أموره المهمة .فمن ضمن أوليات العقد المناط به في اختيار السلطة وتكوين الدولة التي يجب أن توفر للفرد الليبرالي بالدرجة الأولى هو الأمن والأمان وحماية مصالحه الخاصة وكما تضمن تحركه بحرية وأمان في الجانب المادي المحض. بحيث يكون ذلك خارج نطاق ودائرة النزعة الروحية والكمال الذاتي,مما ساق أنصار الديمقراطية الرائسمالية المتوحشة في الدفاع عن العقد الاجتماعي الذي يتضمن بالدرجة الأولى حماية الإنسان الديمقراطي الذي يعنى به الرجل البرجوازي وتبرير نزعته المادية ومصلحته الشخصية قائلين بذلك :((على أن الهدف الشخصي بنفسه يحقق المصلحة الاجتماعية وان النتائج التي تحققها الأخلاق بقيمها الروحية تحقق في المجتمع الديمقراطي الرأسمالي,لكن لا عن طريق الأخلاق, بل عن طريق الدوافع الخاصة وخدمتها فان الإنسان حين يقوم بخدمة اجتماعية يحقق بذلك مصلحة شخصية أيضا باعتباره جزءا من المجتمع الذي سعى في سبيله,وحين ينقذ حياة شخص تعرضت للخطر فقد أفاد نفسه أيضا,لان حياة الشخص سوف تقوم بخدمة للهيئة الاجتماعية فيعود عليه نصيب منها وإذن فالدافع الشخصي والحس النفعي يكفيان لتامين المصالح الاجتماعية وضمانها مادامت ترجع بالتحليل إلى مصالح خاصة ومنافع فردية)) فالعقد الاجتماعي الذي يعتبر في صيغتيه الأولية هو تحديد حماية الإنسان الديمقراطي وعدم هضم حقوقه وظمآن عدم الاعتداء عليه وهذا الدور الذي يجب أن يندرج ويتمثل في عمل ومهام السلطة التي تعتبر بمثابة الحارس الذي يحرس تلك الحقوق الخاصة أي تكون في الأغلب هي الطبقة اللبرالية في المحيط الاجتماعي ومعالجة الحالات السلبية التي تواجههم والتي حصلت ونتجت عن اجتماع الإنسان مع الإنسان الأخر وتنظيم العلاقة فيما بينهم وذلك عندما حصل التفاوت والتباين في القدرة والكفائه واختلاف والميولات.حتى أظهرت تلك النوازع والميولات في المحيط الاجتماعي والتجمع البشري الكثير من السلبيات والمخاطر التي تهدد الأمن والاستقرار الفرد في وسط الجماعة المتباينة في الاتجاه والميولات.ثم ظهرت بعد ذلك أيضا جملة من الاعتداءات والمخاطر والتحديات الأخرى التي برزت وأفرزت في الاجتماع البشري.وهذا قد ما تناساه المفكرون والمنظرون لهذا العقد دور ومهام الأنبياء(ع) في عملية البناء والتغير الشاملة وتهذيب السلوك والملازمة للإنسان منذ بدء خلقه الأول .حيث بدئ الخلق بنبي ادم (ع) واستمرت النبوئه بتتدفق والاستمرار وبدون انقطاع وتوقف وعلى كافة الأصعدة المستويات منها ما كان على مستوى الفرد ومنها ما كان على مستوى الأسرة ومنها ما كان على مستوى القبيلة والعشيرة والدولة والأمة. وبذلك رفد الله جل جلاله بنبوئه عامه وشمولية تجسدت بالأنبياء الخمسة من أولي العزم. وذلك ابتدءا من نوح الذي هو يعد في الوجدان الإنساني صاحب شريعة وقانون وأنتها بالنبي الخاتم محمد (ص) الذي أكمل الله تعالى به الدين وأتم به النعمة. بحيث كان نهج ومنهاج جميع الأنبياء(ع) وبدون استثناء هو الإسلام الذي يعتبر هو الفكر والعقيد والنهج الشمولي الذي باستطاعته إن يلبي طموحات الإنسانية جمعاء ويحقق أهدافها . ففكرة الأنبياء(ع) وأطروحتهم التي باتت هي الكفيلة والقادرة على تهذيب العلاقات بين أفراد المجتمع والداعية إلى التعايش السلمي الذي يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق هدف وغاية الإنسان وبنائه في فكره ومحتواه.وأما في الجانب الذي ينظر له بمنظار العقد الاجتماعي للأطروحة الوضعية التي تعتبر الجانب الايجابي الناتج من الحضور الاجتماعي وهو الأمرالاساسي المرهون للجميع ذاتهم في متابعة أهدافهم بأنفسهم فيكون بالضرورة دور ومهام السلطة الناشئة والنافذة عن طريق العقد الاجتماعي وهو ضمان حماية الفرد وتحقيق أمنه واستقراره والمقصود هنا بالفرد هو الفرد البرجوازي سواء كان من البرجوازية الصغيرة أو البرجوازية الكبيرة أي يأتي بمعنى أخر وهو حماية الطبقة المستثمرة الصغيرة الحاكمة السلطة بالرائسمال من الطبقة الكبير المستغلة والمستعبدة من قبل الطبقة الرأسمالية وحماية الفرد فلم يكون من مهام الحكومة النافذة للسلطة واجبها في فرض الهيمنة والاستبداد والكبت والتدخل والاعتراض على الطبقة الرأسمالية المهيمنة على القرار وصنع القرار. لان الفرد الذي يعيش في تلك الأجواء والظروف التي تحيط بالطبقة المالكة لرئس المال أي مع الطبقة الرأسمالية.والذي ليس له قدرة مالية كافية تحميه. فيكون هو المستهدف الأول الذي يقع عليه الظلم والحيف الأكبر. فيكون دور ومهام السلطة الحاكمة تسير باتجاهه ومتابعته .وذلك من اجل ضمان ردود الفعل والفعل اتجاه الطبقة المستثمرة والمصادرة لبعض حقوقه وواجباته.فهنا يكون بمقدور العقد الاجتماعي على أن يحدد دور وواجبات السلطة ويحصرها بجانب حراسة المصالح وتوفير الأمن بدفع المخاطر وحماية الفرد الرأسمالي بالدرجة الأولى. وينمى عن ذلك حماية المتبقي من المجتمع من الفوضى والانفلات الأمني العام الذي بدوره يرهق ويزعج الطبقة الليبرالية. وأما دور المجتمع الرأسمالي والمالك لرئس المال الذي تكون صلاحيته متابعة أهدافه وذلك من خلال ابتكار لإلية يحدد من خلالها هيكلية تنظيمية أخرى تنظم حركت رأس المال وتنظم من خلالها العلاقة فيما بينها وذلك يقتضي عليها بالضرورة إلى إطلاق التشريعات وسن القوانين الحامية والضامنة. وكما هو موجود الآن اغلب الدول في الدول اللبرالية كأمريكا وحالها في مجلس الشيوخ والكون كرس والفاتيكان الذي يكون له حق التمثيل الأعلى في النظام أي في السلطة التشريعية وإقامة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فمجلس الشيوخ بطبيعة الحال يتكون من الطبقة اللبرالية وأصحاب رؤؤس الأموال والمستثمرين من اصجاب المصالح الخاصة والذي يفرض على الحكومة توفير الحماية الكاملة لحركت الطبقة الرأسمالية طوليا وعرضيا في الداخل وفي الخارج من التنافس وتوفير الأمن.والبحث عن مواد الخام ووجود الأسواق وذلك يقتضي بالضرورة إلى وجود المستعمرات والمناطق الداعمة والساندة .فالمجلس هو يمثل في الظاهر الهيكلية العامة التي تتابع وتقرر.ثم يطرح العقد الاجتماعي ويعطي القدرة والمرونة إلى الطبقة المالكة لرئس المال على أن تعزل السلطة في أي وقت شاءت وتحدد السلطة عن ممارسة الدور السياسي في الجانب التشريعي وتقويض دورها في الجانب الاقتصادي, والذي يؤكد على إطلاق الحريات الأربعة منها السياسية والاقتصادية والفكرية والشخصية ويحصر دور الممارسة السياسية في النخبة اللبرالية التي نفذت إلى الواقع عن طريق التجارة والاستثمار من الذين تتوفر فيهم المؤهلات التي تحتاج إلى القوة المالية الضخمة.وإضافة إلى ذلك أيضا من خلال توظيف وسحب الطبقة العاملة المتعاقدة معها وضم أصواتها وشراء بعض الضمائر عن طريق الكوادر التي تعمل في الشركات والمؤسسات الخاصة بهم فضلا عن الدعاية وشراء الضمائر وتوظيفها بالاتجاه الذي تريده وترتئيه. وذلك من خلال انتهاجها لسياسة الباب المفتوح للاقتصاد الحر الذي يشكل العامل الأساسي والمهم الذي يساعد بدوره على نماء رؤوس الأموال ويعطي المرونة والمطاطية للحركة الرأسمالية على أن تتحرك بحرية عموديا وأفقيا وبدون قيود قانونية نابعة من الشرعة المقدسة ولا ترتدع برادع شرعي أو عرفي. فهي لأتعرف سواء النمو والتمدد حتى لو كان ذلك على حساب الغير فهو يستهدف لإنماء الثروة وزيادتها وبكافة الوسائل والسلوكيات الاقتصادية المختلفة .بحيث يكون شكل ونوع الحكومة الديمقراطية اللبرالية التي تتحدد باشتراط الشعب واتفاقه على السلطة الحاكمة أن تعمل في دائرة تامين الأمن وترسيخه من قبل الحكومة خارج نطاق قيم الإنسان الروحية وكماله الذاتي. مما يجعل من السلطات أن تسعى بقوة على توفير الأمن والحماية الكاملة شريطة على أن لا يخرج الفرد عن إطاره الخاص المناط به في الدائرة الاجتماعية والاعتداء على حقوق الآخرين .فالحكومة الديمقراطية اللبرالية التي هي لون من الاستجابة لحاجة البشر لحضورهم في المحيط الاجتماعي لمواجهة التبعات السلبية لهذا الحضور وعدم التجاوز على حقوق الآخرين وكذلك ينبغي للحكومة أن تستند بشرعيتها إلى العقد الاجتماعي .وقد يكون من الممكن أن تبرز وتنشئ صيغة أخرى للحكومة التي يمكن أن تستند إلى العقد الاجتماعي الذي يعطيها في ممارسة دورها السياسي .وكما يجب أن يحظى ذلك العقد بشرعيته ومشروعيته الأساسية في قبول وضمان الرأي العام في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الحكومة الديمقراطية يقول بذلك الكاتب (هوبز) في كتابه (لوتيان) الذي يعد من الكتب الأساسية في الديمقراطية اللبرالية والذي يقول عن العقد الاجتماعي ويعطيه صلاحية مطلقة فيقول ((إن بمقدور العقد الاجتماعي أن يهب الحاكم صلاحيات مطلقة إن بإمكان الحاكم أن يجمع إليه كافة الشؤون ويكون كل شيء تحت إمرته على أساس العقد الاجتماعي,بل يستطيع إذا ما أراد أن يلغي العقد)) وأما الاتجاه الذي يؤمن بان الديمقراطية تتمثل بالجوهر الذاتي لسلوك الحكومة فهم لايعطون أهمية للعقد الاجتماعي. فيقول احد الباحثين في هذا المضمار ويقول((ولان لنفترض إننا أبرمنا العقد الاجتماعي هذا مع شخص اوجماعة عندئذ ينبغي للجماعة أن تعمل وفق مفاد العقد.والسؤال هل يمكن وجود التوكيل في مثل هذا العقد أم لا؟.على سبيل المثال لم يكن أنصار الديمقراطية الذاتية في القرن السابع عشر والثامن عشر يعتقدون بضرورة تضمن العقد لجميع هذه الجهات وإنهاء التوكيل وفي هذا المضمار كان( لجاك ورسوا) أفكار أكثر انفتاحا ثم جاء من بعده(دافيد ههيوم) وآخرون يطرحون الفكرة التي تقول انه يجب على الأنظمة الديمقراطية أن تستبطن بداخلها عناصر تكون لها القدرة على نفاذ مبدءا التوكيل وعليه إذا كان النظام يقوم على أساس العقد الاجتماعي وهو نظام ديمقراطي يحضا بالمشروعية الذاتية ولو وصل فرد مستبد إلى الحكم عن طريق العقد الاجتماعي ,فان هذا النظام سيبقى يحضا بالمشروعية الذاتية أيضا لان بمقدور لشعب أن يفسخ ذلك العقد بموجب القانون)) حتى ذهب الأوربيون إلى مذاهب أخرى وخصوصا من الذين يؤمنون بنظرية العقد الاجتماعي الذي يقول بعضهم على أن يتنزل قسما من أبناء المجتمع الديمقراطي ويقصد به الطبقة اللبرالية إلى قسم آخر يتعاقدون معهم على إدارة شؤون البلاد وتنظيم العلاقات ما بين الطبقة القليلة المستفيدة والطبقات الأخرى المستثمرة التي تتكون من الطبقة العاملة والفلاحين حتى نشئت الطبقة السياسية وانبثاقها من نفس العقد الاجتماعي.وذلك تريد أوربا أن تخضع العالم إلى هذا النظام الجديد الذي هو نفسه يشكل إشكالية في طرحه وصياغته والذي يدعوا العالم أن يخضع لسلطة المال ودكتاتورية الطبقة الرائسمالية التي تنفذ إلى السلطة عن طريق المال وشراء الضمائر المدعمة بالأموال والدعاية والإعلام المضاد حتى يتم بذلك مصادرة صوت وخيار الطبقة التي لاتسام وظهور الطبقة الرأسمالية وأفكارها هي الحاكمة التي تصنع وتصيغ القرار بما تريد وتشاء وذلك تماشيا مع المصلحة للطبقة الرأسمالية المهيمنة على صنع وصياغة القرار والتي تريد مصادرة حقوق الأقلية التي لم تستطيع الطبقة الرأسمالية شراء ضمائرهم ومساومتهم وخضوعهم للمغريات قبال الاعتراف بمشروعية سلطتهم. وهذا مما قد ظهرت تداعيات وإشكاليات في التطبيق.مما اشاراليه آية الله العظمى السيد كاظم الحائري(دام ظله) الذي طرح اشكاليته وبين بعض المتناقضات والتداعيات قائلا((على أية حال فان أفضل ما قدمه الغرب للعالم من نظريات بهذا الخصوص هي نظرية( العقد الاجتماعي),آذ يتم تعين الدولة فيها عن طريق الانتخاب,ويتم تنسيق القوانين والتشريعات على وفق أراء ورغبات الأكثرية.ولنا هنا على نظرية العقد الاجتماعي تعليقات هي:- الأول: إذا فرض الإيمان بان السلطة لأتكون إلا عن طريق الانتخاب مع ظمآن الحرية ,فكيف تفرض هذه الحكومة على من لاينتخب هم الأقلية؟.... ويجيب بعضهم على ذلك,بان الأقلية ابتداءا قد وافقت على المبداء الأساس المقر من قبل الأكثرية وهو(تحكم الأكثرية) فينبغي إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم.ويرد على ذلك إنما الأقلية التي لم تشترك أصلا فيما ذهبوا إليه من تحكيم الأكثرية, كيف تدخل في مثل هذا العقد الاجتماعي؟..... ويجيب البعض على هذا,بان الذي لايؤمن بتحكيم الأكثرية يصبح خارجا عن وطنه هذا الشعب والمجتمع,وغريبا عنه, فإما أن يخرج من البلاد وإما أن يرضخ للأمر الواقع ويسكت. فان سكت كان معنى هذا فبوله بالتعاقد وينتهي حينئذ الإشكال بدليل انه لولم يوافق عليه لخرج من البلاد.وهذا جوابا غير تام ,وذلك لان حال المخالف متردد بين أمرين بين الخروج وبين البقاء مع السكوت والرضوخ مع أن الأساس في نظرية (العقد الاجتماعي) هو(الحرية) ولاحرية للمخالف هنا.إذا لايسمح له باتخاذ موقف ثالث وهو البقاء في البلاد من دون رضوخ لحكم الحاكم.والثاني.كيف تحكم القصر واللذين ولدوا بعد الانتخاب بالنظام الناشئ عن نظرية العقد الاجتماعية ولأعقد اجتماعي على مثل هؤلاء بالخصوص؟ وقد انقسم الغربيون إمام هذا الإشكال إلى مدرستين:- 1: الديمقراطية الشعبية:- ويقصدون بالشعب الناس المشتركون فعلا بالانتخاب. 2:ديمقراطية الأمة:- ويقصدون بالأمة مفهوما أوسع من الشعب ويشمل المشتركين فعلا بالانتخاب, والقصر والذين لم يولدوا, ويستندون في ذلك إلى ضرورة ملاحظة مصلحة الأمة ,ويبرونه بعدة تبريرات للتخلص من الإشكال السابق. وعلى أي حال فان يرد على المدرسة الأولى, المناقشة الماضية إذا ماهو مبرر إلزام القصر والذين لم يدخلوا في هذا العقد الاجتماعي؟. وعلى أي أساس ألزمتم الشعب بقراراتكم وأغفلتم الأمة؟.وأما المدرسة الأخرى فهي ملزمة بتقديم أساس مقنع يبرر ما أعطى للحكومة المنتخبة من حق الولاية على القصر ومن لم يولد بعد فمن الذي منح حق الولاية هؤلاء,وكيف تحققت النيابة عنهم, وكيف لو ولدوا بعد الانتخابات,وما هو موقعهم من العقد الاجتماعي أينظرون إلى حين تحقق الفترة الانتخابية الثانية؟ وتبقى مسالة ضمان إخلاص المنتخبين وكيفية التحقق من ذلك الأمر مشكلا أخر بالإضافة إلى ما تقدم)) وإما في الديمقراطية السلوكية أي التطابيقية والذي ينطلق مفهوم الجمهور الذي يؤمن بها من مفهومين وهما تامين الأمن والاستقرار والجانب الأخر في التمثيل السياسي النافذ لها من مشروعية مبدءا التوكيل أو التمثيل الذي يعطيها صلاحيات في ممارسة عملها .بحيث تكون إلية التوكيل إما عن طريق التصويت أو عن اتخاذ طرق أخرى كما هو شائع في العصر اليوناني القديم.والتوكيل هو بحد ذاته ضرب من سنخ العقد الاجتماعي الواجب التنفيذ والذي يبرم بين الدولة والشعب أو الجماعات والحكومات ويعرف كذلك نظام انتخابي يحضا يرضى الناخبين. فالعقد الديمقراطي جاء متأخرا وفي عرض وتقاطع مع اعهد والميثاق الذي أخذه الله تعالى من بني الإنسان بنفاذ حكمه وقدرته على الإنسان والكون فبالنتيجة النهائية يكون لعقد الاجتماعي المنقوص في قبال الحاكمية المطلقة والمشروع ألاهي. والذي يريد أن يصادر مشروعية وشرعية الحكم ألاهي وينقض العهد والميثاق الذي أخذه الله تعالى من الإنسان منذ خلقه. وهذا يعد انعتاقا وتمردا على الله والرسول والحركة التاريخية لنهضة وثورة الأنبياء(ع) ضد الحكم الفردي والدكتاتوري المنبثق من فكر وإبداع العقل البشري المنقوص----
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |