عباس البياتي ونقطة اللقاء في كركوك

 

جنكيز رشيد

jengezr@hotmail.com

وضع النائب عباس البياتي النقاط المهمة على حروف كركوك ورسم بأنامله المبدعة صورة ناجعة وحلا أمثل لقضية هي من أكثر القضايا المعقدة والمتشابكة محليا واقليميا ودوليا، بغية الوصول الى نتائج مرضية لجميع الأطراف كما هي من أهم القضايا المصيرية في الساحة العراقية والتي كان الصراع والخلاف حولها على مدى أكثر من نصف قرن سبباً في استنزاف طاقات العراق على جميع الأصعدة.

النائب عباس البياتي هو عميد السياسيين التركمان ومن الكادر السياسي العراقي المتقدم والمتمرس والذي تتلمذ وعاشر الكثير من القيادات العراقية الكبيرة بعد سنوات من الهجرة والنضال ضد أعتى ديكتاتورية وهي سنوات مخمرة بالتجارب والخبرات، ورغم صغر سنه قياسا لمن هم على وزنه السياسي فإنه أثبت خلال المرحلة الماضية من عمر العملية السياسية أنه السياسي الفذ الذي له دور بارز ومتقدم في مجمل العملية السياسة ولم تشهد الساحة التركمانية مثله سياسيا عملاقاً في عقليته وأطروحته منذ قيام الدولة العراقية ولحد الان، ومع كونه من التيار السياسي الإسلامي  فانه يغلب دوماً على رؤيته السياسية الحس الوطني وحب العراق بجميع أطيافه ومكوناته حتى بات محط ثقة الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية سواء من بين المتضادين أو المتوافقين، واتسمت رؤيته بالوسطية والأخذ بالرأي والرأي الآخر من دون المساومة على الثوابت الوطنية، كما كان أحد أبرز دعاة المصالحة الوطنية التي تحاول الوصول بالبلد الى بر الأمان وعبور النفق المظلم الذي طالما تفاءل بالنور في آخره، وكان يتسم بالتفاؤل في أكثر المراحل عتمة وهو يبث روح الأمل في نفوس أبناء الشعب العراقي في مرحلة قاسية وصعبة، كما كان له رؤية ثاقبة في حل كل القضايا الوطنية التي وقف حاضرا فيها بقوة لا تهين وصوت لا يغيب.

لقد كان للبياتي وقوف رائع تحت قبة البرلمان قبل أيام سيسجله التاريخ بكل امتنان على صفحاته المشرقة معطيا  حلا وافيا وشافيا لمشكلة كركوك وبصورة توافقية ومنصفة ترضي جميع الأطراف، مبعدا الحلول التي تغلب كفة فئة على أخرى، ومقصياً الحل الرقمي الذي يعتمد على جزئيات قد تضر جهة وتفيد أخرى، وناصحا باستخدام روح الأخوة التي تعني تنازل كل جهة عن جزء من طموحاته ليكون الجميع رابحا ومن دون خسارة جهة، وان لا يكون التقييم على أساس الربح والخسارة بل على أساس المصير المشترك وإغناء روحية التعايش بين الأطياف المتعددة لأبناء كركوك التي تعتبر عراقا مصغرا، فكان بذلك أول المضحين بتأسيس مجلس إداري لكركوك من أبنائها يتكون من 32% لكل قومية من العرب والتركمان والكرد واعطاء المسيحيين نسبة 4% الباقية مع ان كركوك بالإثباتات التاريخية تبين تركمانيتها، ومخاطباً مجلس النواب من على منصته: (إن قلت كركوك قلت تركمان وإن قلت تركمان قلت كركوك) ومع ذلك فتح يده بيضاء وآثر تغليب الروح الوطنية على الروح الفئوية من اجل مصلحة العراق، فكان شجاعا وكريما ومضحيا في نفس الوقت، وهو الطرح السحري الذي يرضاه المنطق والرؤية السليمة لقضية كركوك، وهي نقطة العدالة التي تكون محصلة القوى فيها نحو بناء عراق جديد متحضر ومتقدم، وهي نقطة العدالة التي يبحث عنها كل المنصفين والحريصين على مصلحة البلد، فان أي حل لا يرضي كل الأطراف قد يجلب الكوارث على هذه المحافظة خصوصا وعلى العراق عموما، وأن هذا الحل يقطع دابر أي دافع إقليمي للتدخل في الشأن العراقي، فكانت رؤيته عميقة وسليمة تمتد الى المستقبل والعمر القادم الذي يجب أن يؤمن الحياة للأجيال القادمة التي يجب أن نترك لهم مساحة طمأنينة بعدما خلفت الحكومات الماضية الدمار والخراب.

نتمنى أن يقصم الطرح البياتي ظهر مشكلة كركوك ويفتح تشابكات عقدها كما قصم زميله الكبير نوري المالكي ظهر الإرهاب المتوحش وأوصل العراق الى شاطئ الأمان بحنكة وحكمة.

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com