|
الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب
هادي فريد التكريتي/ عض,اتحاد الكتاب العراقيين في السويد تحدثت كثيرا أجهزة الإعلام العراقية، والناطقين باسم حكومة المالكي، عن نجاحات حققتها الحكومة، ومن بينها الأكثر أهمية، عودة الأمن والاستقرار، لبعض مناطق العاصمة العراقية بغداد، وبعض مدن أخرى كانت مغلقة لقوى الإرهاب والتكفير السلفية، ولفصائل"المقاومة الشريفة"وضربت مثلا عن هذا التحسن تنقل السيد"عمار الحكيم"، عبر بغداد إلى مدينة الرمادي والبقاء فيها لمدة ثلاثة أيام بضيافة مشايخ"الصحوة"وقيادة قوات الاحتلال التي أسستها ... التنقل بين الأحياء والمدن مبعث اطمئنان وأمان للمواطن، والزيارات المتبادلة بين المواطنيين بحد ذاتها، تعطي الدلالة على سيادة الأمن والاستقرار في البلد، إلا أن وسائل الإعلام الحكومية، تناست أن تخبرنا، بصدق ونزاهة، كيف يتنقل المواطن العادي في بغداد، ومن حي إلى حي وفي ضواحيها، ناهيك عن التنقل بين المدن العراقية، وهي أيضا ـ وسائل الإعلام ـ لم تخبرنا كم هوعدد المسلحين الذين كانوا في حماية هذا المواطن"السيد"، وكيف كان تنقله بين"ميليشيات الصحوة"وقوات الاحتلال، وما سبب زيارة"السيد"المفاجئة لهذه المنطقة، أهي للمجاملة وللتهنئة بالنجاحات التي حققتها الصحوة ..؟ أم جاءت هذه الزيارة الغريبة عربونا للمصالحة عن فتنة، أججتها نيران"مرجعيات طائفية"متناحرة من"سنة"و"شيعة"؟ وربما هي لتقديم الشكر والامتنان لقيادة الاحتلال في الرمادي، على مبادرتها لتشكيل ميليشيات"الصحوة"، وتقديم التهاني للمشايخ والقادة الجدد لهذه"الميليشيات"، باعتبارهم القادة المنتظرون لإقليم"عراقي"جديد، ترتيبه الثاني والثالث، أو...(إن تمسك قادة هذه الأقاليم باسم العراق) حيث ستربطهم بإقليم السيد"الحكيم"المنتظر، علاقات أمن وسلام ( للكشر)، إن تحقق مشروعهم، مشروع مجلس الشيوخ الأمريكي، بتقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة . كل الدلائل تشير إلى أن السيد"عمار الحكيم"(خليفة ومبعوث أبيه، في قيادة المجلس الإسلامي الأعلى) جاء ليطمئن أولا: إن كان المشروع الأمريكي مقبول من قبل"مشايخ الصحوة وقادة المليشيات"، بكل فصائلها الممثلة والمشاركة في مجلس النواب والحكومة، وثانيا ليتأكد: من أن الإعداد لهذا المشروع يجري وفق مواصفات"إعلان مبادئ الصداقة والتعاون الطويل المدى بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية"التي تمت مناقشتها مع ممثلهم، المالكي، رئيس وزراء العراق، ورئيس الإدارة الأمريكية"بوش"، في الدائرة التلفزيونية المغلقة بينهما، دون معرفة بنود هذه المبادئ من قبل الشعب العراقي وممثليه، في مجلس النواب . ثالثا: جاء"السيد عمار"ليعرض تجربة قيادة الائتلاف وميليشياته المتعددة، وأساليب سيطرتها على المنطقة الوسطى والجنوبية، وما يعانيه سكان هذه المناطق من إرهاب وقتل وتهجير، وللتأكد من أن الأشقاء المتحدثين ( زورا) باسم الطائفة"السنية"، هم أكفاء له، قادرين ومقتدرين مثله، لأن يكونوا أهلا للحكم في مناطقهم، ويوافقونه على تقسيم العراق، إلى كيانات وفق عدد الرؤساء الجدد!.. قيادة قوات الاحتلال الأمريكية في العراق، أعلنت عن تأسيس خمسة عشرة قاعدة كبيرة ودائمة، تم الاتفاق عليها مع حكومة المالكي، وتم اختيارها من مختلف المناطق العراقية، وبنفس الوقت أعلنت عن نيتها لسحب قواتها من داخل المدن العراقية في العام 2008، لتنفيذ مهام وواجبات أخرى تتعلق بمصلحة الأمن القومي الأمريكي، وهذا يعني أنها ستكون بحاجة لقوات بديلة وموالية بالمطلق لها، تقوم مقامها بحفظ الأمن والسيطرة على المدن العراقية، عوضا عن قواتها المنسحبة إلى قواعدها الداخلية في العراق، وتلك العائدة إلى وطنها، لذا أقدمت هذه القيادة،على تأسيس ميليشيات الصحوة من عشائر محافظة الأنبار، وأناطت بها مسؤولية حفظ الأمن والسيطرة على كل المنطقة الغربية، دون إشراك وتدخل من الحكومة العراقية، وأجهزتها الأمنية، عند تنفيذ هذه المليشيات للمهام الموكلة لها، حتى ولومن باب معرفة الغاية والهدف، وهذا يعني خضوع، هذه المليشيات، وهي عراقية، بالكامل للقرارات الأمريكية ولتنفيذها، مع استبعاد كلي للدولة وهي صاحبة"السيادة"على الوطن!! وبالتالي سيكون أمن العراق ومصير مواطنيه رهين هذه المليشيات . ما تحدثت عنه وسائل الإعلام، من استتباب الأمن في بغداد وبعض ضواحيها، الذي أدى إلى تضاؤل، وقتي، في حوادث التفجير والقتل والاختطاف، ارتبط بظهور تشكيل جديد من الميليشيات في المناطق"السنية"باسم"فرسان الرافدين"بقيادة المدعو"أبوالعبد"تتولى قواته مهام حفظ الأمن في أحياء بغداد الشعبية، قُدر عدد هذه المليشيات ب 80 ألف مسلح،كَونت هذه المليشيات، وأشرفت على تسليحها وتدريبها وتجهيزها وصرف معاشاتها، قيادة القوات الأمريكية، وهي ترتدي زيا موحدا ومميزا، عن القوات الحكومية والأمريكية، يقوم"أبوالعبد"قائد هذه المليشيات، بتنفيذ المهام الموكولة إليها من قبل قيادة القوات الأمريكية، هوية هذا القائد الجديد! والذي تحتل صورته موقعا متميزا إلى جانب صورة الجنرال الأمريكي"ديفيد بتريوس"، مجهولة وتثير الكثير من التساؤل، حيث يصف البعض شخصيته"من أنها ليست نقية تماما، ويشبهه البعض بزعماء المافيا .."إلا أنه يحظى باهتمام وتقدير القيادة العسكرية الأمريكية في العراق، نتيجة لنشاطه وأدائه المميزين، وصدق مشاعره المخلصة نحوهم، وهذا هوالمهم .. الإدارة الأمريكية والقيادة العسكرية في العراق، جادة في تنفيذ مشروع"المصالحة"وفق رؤيتها وسياستها التي تحقق لها أهدافها في العراق والمنطقة، وهي ترى: أن حكومة المالكي، غير قادرة على تنفيذ بيانها الوزاري الذي كان من بنوده الرئيسة، نزع سلاح كل المليشيات، وبسط الأمن وحفظه،وإقرار المصالحة وغيرها .....وبما أن هذه وغيرها من بنود لم يجر تنفيذها، لعدم الانسجام بين مؤسسات الدولة المختلفة،من جهة، وفقدان الثقة المتبادلة بين أعضاء الحكومة، من جهة أخرى، ولأن المالكي غير قادر بمفرده على التعامل مع بيان الحكومة وتنفيذه، دون دعم من شركائه وبما أن أمريكا تستعجل تحقيق أهدافها وحماية مصالحها، في العراق والمنطقة، والوقت عامل حاسم في تحقيق الهدف، لذا لجأت إلى تشكيل"ميليشيات"فاعلة، خاضعة لقيادتها بالكامل، وموازية ليس لمليشيات القوى والأحزاب المؤتلفة بالسلطة، وإنما لتضاهي قوة الجيش والشرطة معا، لأن"ميليشيات صحوة الأنبار"وميليشيات"فرسان الرافدين"لا مرجعية لها غير القيادة الأمريكية، في المرحلة الأولى من التأسيس، على الأقل، وليس أمام حكومة المالكي، وأية حكومة قادمة إلا التعامل مع قيادة هذه"المليشيات الأمريكية"، المخلة بالسيادة العراقية، وبعكسه يتطلب الأمر حلا عاجلا لا يقبل التأجيل، إما حل كافة المليشيات،ونزع أسلحتها، بما فيها تلك التي تسيطر عليها قوى الحكم، وإما الخضوع للمخطط الأمريكي بكل بنوده دون اعتراض، وإلا فالقادم من الأيام سيكون أدهى وأمر على العراق والعراقيين، من كل ما مضى..فما نراه من انفراج أمني، ما هوإلا ضوء فجر كاذب، مرهون بتطور الوضع السياسي، وعلاقة الحكومة اللاحقة مع قوات الاحتلال، وقراءة الواقع تشير إلى أن حسن الظن بنوايا حكم المحاصصة الطائفي لن يعجل بقدوم ضوء لفجر صادق، ينعم به العراقيون ...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |