|
من بديهيات الحياة اليومية للبشر ان المرء عندما يريد ان ينشئ صداقة جديدة مع شخص اخر يتوجب عليه التفكير اكثر من مرة في صفات ذلك الشخص ومن جميع النواحي. ويمكن تعميم هذه البديهةالبسيطة في مجال العمل السياسي خصيصا عندما يفكر السياسيون في عقد تحالفات جديدة. غير اننا رأينا ولازلنا نرى في عراقنا الجديد اقامة تحالفات متعددة بين الكتل السياسية، فكانت في نتائجها تحالفات هشة، لانها كانت في اقامتها ترتكز على ارضاء المصلحة الكتلوية السياسية لجماعة معينة فحسب. وعليه لم تدم تلك التحالفات، وحسبنا كمثال نتحدث فيه التحالف الشيعي الكردي بصورة دائمة، حيث يميل هذا التحالف الى الانهيار، لان الاحزاب الكردية تريد ان تحصل على اكبر قدر من الامتيازات بشكل يتنافى مع تطلعات الشعب العراقي، وكأنها بذلك تشعر وتسلك سلوك من هو على حافة الانفصال عن الوطن. فتارة تبرم الاحزاب الكردية عقودا نفطية مع شركات اجنبية، وتارة اخرى تثير مشكلة كركوك اي مادة 140 من الدستور العراقي، علما بأن ما تقوم به هذه الاحزاب بعيدة كل البعد عن مفاهيم العمل السياسي المتوازن، ومتطلبات الدستور العراقي. وهنا اود ان اتطرق الى موضوع مهم جدا بالنسبة للشعب التركماني الا وهي قضية كركوك التركمانية، حيث لاحظنا في الاونة الاخيرة ان التجمع العربي في كركوك بدأ يدق طبول (التوافق) اي الادارة المشتركة بنسبة 32 % للتركمان و32% للعرب و32% للاكراد و4% للاشوريين، وان يكون لكل قومية محافظ يتولى ادارة كركوك لمدة سنتين . هنا اريد سؤال التجمع العربي: لماذا عندما كنتم تسيطرون على الحكم في كركوك ومفاصلها الحيوية لم تطلبوا (التوافق) في الادارة المشتركة، واليوم تريدون اقامة مثل هذه الادارة المشتركة؟ انا اعتقد بأن الجواب الصحيح هو: لانكم فقدتم الامل في استرداد الحكم في الظروف السياسية التي يمر بها العراق الجديد. فلقد كان المفروض على ساسة التركمان التفكير اكثر من مرة عندما تحالفوا مع التجمع العربي في كركوك في وقت اصر التجمع العربي بعدم اناطة منصب نائب المحافظ الى التركمان، ولقد كان ذلك دليلا قاطعا على هشاشة هذا التحالف، وكان المفروض عليهم عدم الاصرار على اراءهم في الوقت الذي كان بأمكان التركمان التحالف مع اي جهة كانت، لان الشعب التركماني ولا يزال مظلوما وحقوقه المشروعة مهضومة ومستلبة . ولقد سبق لي التأكيد مرات عدة في كتاباتي السابقة بهشاشة هذا التحالف مع الاخوة العرب ولكن بدون جدوى فكانت هي النتيجة! ولقد كان بامكان التركمان فيما مضى من الزمن العراقي اقامة تحالفات عديدة مع هذه الجهة أو تلك مراعاة لمصالحه الخاصة ولكن ذلك لم يحصل لان سياسة التركمان مبدئية تعتمد الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا، ويستند الفهم السياسي لهم على العمل دوما من اجل المصلحة العامة التي تصب لصالح كل ابناء الشعب العراقي، وقد تكون هذه الاستراتيجية التركمانية نقطة ضعف، وسبب مستديم للخسائر السياسية . ان ما ذهب اليه الاستاذ (علي مهدي صادق) عضو مجلس محافظة كركوك حول تحويل محافظة كركوك الى اقليم خاص دليل على وطنيته، وبعد نظره السياسي وواقعيته واعلانه رسميا مبدأ الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا. لا اود ان اسهب في هذا الموضوع... ولكن اريد ربط موضوع مقالتي هذه بما دار في الحوار الحاد بين نائبي رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي والدكتور عادل عبد المهدي حول الاراضي التي قطعت من كربلاء والحقت بمحافظة الانبار . اذ اعلن الدكتور طارق الهاشمي عن عدم قبوله اعادة هذه الاراضي الى محافظة كربلاء، بينما اصرالدكتور عادل عبد المهدي على اعادة تلك الاراضي الى محافظة كربلاء، فكانا في نقاشهما مثل اثنين يتحاربان لاستعادة اراضي وطنية من سيطرة الاحتلال! واقول لهما بالحرف الواحد ان هذه الاراضي ان كانت تابعة الى الانبار او تابعة الى كربلاء فهي اراضي عراقية في الاساس ولا اشكال في ذلك، اللهم ان كانت هناك نوايا لانعرفها ويعرفها الراسخون في السياسة العراقية. غير انهما في تلك الحرب الضروس يذكرانا بالاصرار العجيب للاحزاب الكردية على الحاق كركوك الى اقليمهم بألاستفتاء. وهنا اخاطب الاخوة الاكراد من سكنة كركوك ابا واجدادا الوقوف جنبا الى جنب مع اخوتهم التركمان والعرب والاشوريين حول حل قضية كركوك حلا اخويا وعدم اعطاء المجال للذين ليسوا من اهل كركوك لكي يتدخلوا في امور كركوك . ان كان اصرار الاحزاب الكردية على الاستفتاء (وهذا رأي الخاص) فليكن استفتاءا على مصير كركوك يشارك فيه الشعب العراقي من زاخو الى الفاو وبدون استثناء .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |