|
بديهياً، ان الأمم تعتمد على الأجيال الشابة في التخطيط لمستقبلها، فالشباب يمثل عنصراً هاماً في حياة وتقدم الشعوب وتطور الدول لذلك نرى أن الدول الحديثة والمتقدمة تسعى جاهدة من أجل سن القوانين ووضع البرامج التعليمية من أجل بناء وتطوير القدرات الشابة وتهيئتها لبناء مستقبل زاهر للأمة. وخير مثال على ذلك الفوز الساحق للعمال في استراليا على نده، إئتلاف الأحرار والوطنيين حيث اعتمد العمال وسائل للتناغم مع الشباب عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة ومنها الإنترنيت وعن طريق وضع خطط مستقبلية تسعى لتوفير أساليب متطورة للتعليم وفق مفاهيم شبابية تعتمد التطور المضطرد في أساليب التكنولوجيا الحديثة . في بلداننا العربية ومنها العراق يختلف الأمر باختلاف البديهيات والمفاهيم التقليدية التي تحكمها عناصر كثيرة تم الحفاظ عليها منذ قديم الزمان ربما بإعتبارها رصيدا حضاريا لا يمكن الإستغناء عنه في الوقت الذي تعتبر فيه هذه العناصر قد تقادمت واندثرت بفعل التطورات العلمية والإجتماعية والثقافية الحديثة. لذلك نرى أن رجال السياسة العرب ومنهم العراقيون يعمرون في مناصبهم حتى فاقوا في ذلك نسبة المعمرين الروس الذين أشتهروا في هذا المضمار. في العراق، يعمر رجال السياسة رغم أنف الشعب فلا يتنحون أو يتنازلون عن كراسيهم حتى مماتهم. وربما يتحينون الفرص لتنصيب أولادهم أو أخوتهم بعدهم وهم بذلك يحيون مبدأ الخلافة. أعتقد أن الأوان قد آن لنتعلم من التطبيقات الحديثة للدول المتقدمة بدلاً من أستمرار التغني بأننا من صدَّرَ أسس الحضارات للغرب وأننا من أضاء ليس فقط ظلمات الغرب وعقول الغربيين بل حتى شوارعهم ومناطق سكناهم. علينا ليس فقط أن نتعلم منهم بل وأن نقدم الشكر لهم لأنهم أتاحوا الفرصة لنا للتعلم. علينا أن نتعلم أن المعمرين السياسيين يستحقون نصباً وتماثيل شمعية في متاحفنا – ولكي لا يساء فهمي فأنني أقصد المتاحف الفنية وليس التأريخية – فحرام أن يوضع نصب – على سبيل المثال لشخصية معتقة مثل عدنان الدليمي – في المتحف العراقي. فإلى متى سيبقى البعير على التلِ؟ لا بد لنا من أن نتقدم وأن نتصافى مع محيطنا الدولي، وأن نتباهى بعلمنا وتطورنا الحديث قبل القديم، ولا بد لنا من التخلص من كل الأمراض التي أصابتنا منذ مئات السنين فقد ولى وقت البكاء والنحيب وأمامنا عهد جديد ومستقبل موعود إذا ما تفهمنا حاجاتنا الآنية والمستقبلية. أنه عهد الشباب وعلى – الكهول – أن يتفهموا ذلك، كان لهم دورهم وأدوا واجبهم – على علاته – وعليهم فسح المجال للجيل الجديد. أعتقد أن قانوناًً يحدد عمر تقاعد السياسيين المحترفين من العراقيين بستين عاماً – دون تحييز – أمر لا بد منه . أن الجهود التي بذلها ويبذلها السياسيون العراقيون كانت ولازالت جهوداً مضاعفة ومضنية تستوجب أحتسابها بصورة مضاعفة – كما هي حال العسكريين في وقت الحروب – لأغراض التقاعد. فالسياسي العراقي الذي تجاوز الستين عاماً قضى منها خمسة وثلاثين عاماً تحت مظلة صدام وبعثه سواء كان معه أو ضده يستحق التقاعد الإلزامي والفوري وبعكسه فإن أستمراريته تمثل مخالفة صريحة للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان. رجال بلغ بهم النضال بنوعيه السلبي والإيجابي حداً من الإرهاق جعلت رقابهم تهتز كرقاص ساعة جدي التي كانت توقظنا كل ربع ساعة. رجال بلغوا من العتق ما فاق مدة صلاحية طرشي النجف الشهير. لا يفوتني أن أقترح أن القانون الجديد يجب أن يتضمن فقرة تنص على عدم جواز تعديله بأي شكل من ألإشكال وتحت أي ظرف من الظروف ومن قبل أي منظمة أو هيئة أو رئيس أو ملك ولا حتى بإستفتاء شعبي. فهل هنالك من يسمع؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |