لا يخفى على متابع ما يعانيه الشارع العراقي من فوضى وارتباك، وما يواجهه العراقيون من متاعب وويلات ومصائب، جعلتهم في واد والعالم في واد آخر، وقد أذهلتهم الصدمات المتتابعة فأصبحوا سكارى وما هم بسكارى، وتخلفوا عن الركب العالمي عشرات السنين، فانحسرت ثقافتهم ولم يواكبوا ما أستجد من جديد، بل أن سنوات القمع والتسلط جعلتهم يلجأؤن إلى ملاذات أخرى توسموا فيها الخلاص، وخاب ما كانوا يأملون، فقد أنتشر السحر والشعوذة والعودة الى الغيبيات التي أنحسرت ظلالها بفضل الثقافة التي كانت سائدة قبل سنوات ، عندما كان الفكر اليساري يلقي بظلاله على منافذ الثقافة العراقية، فقادها الى أمام مما جعل العراق في المقدمة من دول العالم الثالث، ومسايرا للركب العالمي في التقدم والتطور،  وبعد انهيار النظام ترأى لهم بصيص من نور، إلا أنه سرعان ما خمد لتعود الظلمة من جديد،  تمد إطنابها حتى غشي الظلام الكثيرون، ومما زاد الطين بله كما يقولون، التصرفات الحمقاء لدول الجوار، ممن يغشون التغيرات المتوقعة في المنطقة، ويخافون رياح التغيير القادمة، فاستخدموا العراق دريئة ترد عنهم الرياح العاتية التي ستقتلعهم من الجذور، فحاولوا وضع العصي في عجلة التقدم، وجعلوا العربة خلف الحصان، آملين خلاص رقابهم بذبح العراق وتقديمه قربانا لأحلامهم المريضة، فتوسلوا بكل الطرق المجافية للأخلاق والمبادئ والقيم السماوية والأرضية، وضربوا بكل الاتفاقيات والمواثيق عرض الحائط،  وحاولوا بشتى الوسائل دفع العراق إلى الهاوية، ليكونوا بمنجاة منها ، ودفعوا بالعراق إلى حافة الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر، وساعدوا التكفيريين والإرهابيين على إثارة النزعات الطائفية والنعرات القومية، وإشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، عازفين بأصابعهم المعروقة على أنغام الطائفية القذرة، فسمموا الأفكار وأشاعوا الأراجيف، وروجوا للضلالات المنافية لتعاليم السماء، وزرعوا بذور الحقد والكراهية بين الطوائف المتآخية التي عاشت عشرات القرون تضللها رايات المحبة والوئام، وترفرف عليها أطيار المحبة والسلام، وحاولوا بشتى السبل تخدير العقل العراقي بالأفكار الظلامية التي تجعله عاجزا عن معرفة الحقيقة، ضائعا بين الأوهام والخرافات، غارقا في دياجير الجهل والظلام، وعندما خاب سعيهم وفشل مكرهم، قاموا بتهريب المخدرات عبر المنافذ الحدودية السائبة، لانشغال القوات العراقية بمكافحة الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة، وغياب حرس الحدود، وانعدام القدرة على ضبط الحدود البرية الواسعة مع تلك الدول ، في الوقت الذي تستطيع فيه هذه الدول ضبط حدودها ومنع دخول المهربين من أراضيه، ألا أن الجهات المتنفذة في تلك الدول غضت النظر بل ساهمت في تهريب الحشيش والأفيون والترياك والحبوب المخدرة، فامتلأت المدن الحدودية بأطنان من هذه السموم وأخذت طريقها إلى وسط العراق، والأنكى من ذلك أن يكون لزوار العتبات المقدسة الدور الأكبر في إيصال المخدرات وتوزيعها في المدن المقدسة، وبيعها بين الحرمين الشريفين، وقد ألقت السلطات المختصة القبض على الكثيرين منهم وهم يتاجرون بها مما دفع محافظ كربلاء المقدسة إلى تهديدهم بالمنع من دخول المدينة، واتخاذ الأجراآت الرادعة بحق المهربين، والغريب أن الحكومة العراقية أطلقت سراح المئات من هؤلاء المرتزقة، في تحد سافر للدستور العراقي الذي فصل بين السلطات الثلاث، وأقر استقلالية القضاء العراقي وبعده عن تأثيرات السلطة التنفيذية.

  واليوم نجد الآلاف من شباب العراق غارقين وسط هذا البحر المتلاطم من السموم الوافدة إلينا من الأحبة والأشقاء، فمرحى للأخوة العربية والإسلامية، وألف  تحية للروابط التاريخية التي تجمعنا وهؤلاء، وقيل ولا أعرف صحة ما يقال أن بعض الأماكن عمدت لزراعة  أنواع من المخدرات في مزارع معروفة تهيمن عليها عصابات لا يطالها القانون.

  بعد كتابتي لهذه السطور ذهبت إلى حيث أجد الملاذ الآمن ، إلى صديقي الأثير المؤثر(سوادي)لأبث شكواي وأروي له ما وصلت إليه الأمور، فوجدته جالسا في مكانه الأثير والى جواره المذياع، وقد وضع المؤشر على إذاعة (الناس)، فسألته عما سمع من الأخبار، فقال لي :والله يا بويه ملينه الأخبار والقيل والقال، وبعد "ما نعرف رجلها من حماها"أشو عمري ما أسمعت بأخباركم عن عرس لو طهور، بس الموت والعبوات والمفخخات والهجومات، وگمت أخليها على هاي الإذاعة اللي تبشر بالخير، وتحچي عن مشاكل الناس، وتتصل بالمسؤلين ألحلها.ثم سألني:أشو اليوم جاي من وكت لازم عندك سالفه لو فلتكه جديدة تريد تسولف وياي عليه، فقلت له" تريد الصدگ أبو كريم سمعت خبر بالتلفزيون يگول أصبح العراق بؤرة لمهربي المخدرات، وأنها تباع علنا في الأسواق، وأن دول الجوار تساعد المهربين وتغض النظر عنهم، وأن جنوب ووسط العراق أصبح غارقا حتى أذنيه بهذه السموم، فقاطعني:وأنته اليوم سمعت، بويه أنته وين عايش، هاي السالفة كل الوادم تدري بيه، حتى الحكومة تعرف منو يبيعون ألحشيشه والحبوب والترياك، لكن شتسوي ما تريد تزعل جيرانه، والجار حگه عالجا ر، لو يضربه بالحجار، وأحنه من حمد الله،  الله أنطانه جيران يتفلسون عالتمن، كلهم يردون خراب العراق و"دخانهم عمانه، وطبيخهم ما جانه"وذوله فوگ مصا يبنه النوب"چمل الغرگان غطه"وموبس همه السبب إذا أحنه صايرين"حايط نصيص وياهو اليجي يطفره"وماكو لا حساب ولا كتاب، والحدود سايبه، والقچقچيه يروحون ويردون بكيفهم، ومحد يگلهم على عينكم حاجب، والمثل يگول "البعير إذا وگع تكثر سچاچينه" وشوفة عينك العراق صاير هيونطه، وياهو اللي يريد يلعب على كيفه، وإذا ردنه نحچي ربعهم يزعلون علينه، و"مكروهة وجابت بنية" ويگولون ليش تحچون عله ذوله وتعيفون ذوله، وآنه أگلهم بويه أحنه ما نسكت عن كل واحد ، ولا نكره واحد ونحب واحد، لكن أحنه جيران وخوان وبيناتنه زاد وملح، ونريدهم يصونون الزاد والملح، لو ملح العراقيين ما يغزر، وفوگ كل هذه همه أهل الراهي، واحدهم "تذبه عله رأسه يوگع عله رجليه"صايرين مثل (الديچ رجليه بالزبالة ويعو عي".....!!! 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com