|
الإتجار بالنساء ودعارة الغير
فلاح الآلوسي ناشط في مجال حقوق الإنسان تقرير ميداني حول: المكان: بغداد / قاطع 9 نيسان – منطقة الفضيلية، وباب المعظم – منطقة الرصافي تاريخ البحث: أيلول – تشرين الاول 2007 المراجع المعتمدة: 1- أتفاقية حظر الإتجار بالأشخاص وإستغلال دعارة الغير 1949 2- بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية 3- إعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة 1993. 4- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان / مادة (1- 4- 6- 12- 15) 5- الدستور العراقي الدائم /الفقرة (ثالثا) من المادة (37). المدخل: ليس هناك صورا واضحة عن مساحة ممارسة البغاء والدعارة والسمسرة من قبل الأفراد في بغداد، وهذا ما دفعني لإختيار موضوعة البحث لهذا التقرير. لكن لم يرد في بالي إني سأدخل ببحثي في مجال الإتجار بالنساء والاطفال وإستغلالهم للدعارة والسمسرة والبغاء. لن أستطيع هذه المرة أن أعد تقريرا متزنا، ولكني سأنقل بعض ما يمكن وصفه لكم، من الواقع الذي صدمت به خلال مجريات البحث. وصف عام للحال: إنتهاكات متداخلة تجتمع لتحمل صفة الجريمة الكبرى بحق إنسانية كل فرد داخل دائرة البحث وخارجها، سواء لمن إشترك فيها أو لم يشترك، ضحية كان أم جاني، فالجريمة ترتكب بكل لحظة تمر على سريان ذلك الواقع الذي لقيناه، تطال الطفولة والشباب والشيخوخة، في كرامتهم وشرفهم وأخلاقهم وعلاقاتهم الإنسانية، وتشوه كل جماليات الحياة الطبيعية، وفق تقدير ووصف كل المعايير السماوية والإنسانية العالمية والتشريعات والقوانين المحلية. المحطة الأولى: باب المعظم / منطقة الرصافي والحيدر خانة يعد المكان من الأحياء الشعبية التراثية للعاصمة بغداد، التي تمتاز بالكثافة السكانية والفقر والأميّة. بيوت الحي قديمة جدا أقرب لأن تكون خربة من كونها دور سكنية، وبشكل عام تكون بمساحات صغيرة ومتلاصقة مع بعضها (متحاشكة )، وأزقتها ضيقة غير منتظمة وضيقة جدا، لدرجة تكاد بعض شرفات نوافذ الدور المتقابلة أن تلتصق ببعضها. كل هذه الظروف المعيشية، تلاحمت مع توسع وإمتداد المراكز التجارية (شارع المتنبي، سوق الشورجة، عكد النصارى،.... وغيرها) لتشغل كل أبنية الشوارع الرئيسية المحيطة والقريبة، وإمتدت لتطال قسم كبير من البيوت داخل الأزقة، مما أدى الى إختلاط مباشر وعميق ما بين أصحاب المحال التجارية والمعامل والمصالح، أصحاب رؤوس الاموال، مع سكنة المنطقة بأحيائها الفقيرة الشعبية، مما ساهم في تدهور الواقع الإنساني هناك، في ما يخص موضوعة البحث لهذا التقرير. ووفق المعلومات التي وردتنا من روايات بعض سكنة الأحياء (دائرة البحث) خلال مقابلتنا لهم، الذين هم في صلب عملية الإنتهاك والجريمة، وكالتالي: 1- يمارس الأغلبية من سكنة هذه الأحياء، البغاء والدعارة والسمسرة بشكل علني وبدون أي تحفظ، كمهنة متوارثة، تبدأ مع الأطفال وتستمر معهم وتتنقل بمراحلها لغاية سن الشيخوخة، ولكلا الجنسين، حيث يقوم الأطفال بشكل عام لغاية عمر (9- 10)سنوات بدور الإتصال بالزبائن من أصحاب المحال والمعامل والمكاتب التجارية القريبة والمحيطة من الحي، وتحقيق العلاقة والإتفاق معهم، وأيضا مرافقة النساء الى مكان تنفيذ الإتفاق وفعل الإنتهاك. 2- بالنسبة للأطفال الإناث، بعد سن العاشرة يباشرن ممارسة البغاء بما تسمح به التركيبة والمؤهلات الجسمانية والمكتسبة عند كل طفلة منتهكة. أما عن الأطفال الصبيان، فيستمر عملهم ويتنقلون بين مراحله مع تقدم العمر وخبرة الممارسة، ويتطور بهم لحين زواجهم لمرة أو أكثر من نفس المحيط، والتكاثر من أجل تكوين (أسرة) شبكة دعارة جديدة. 3- عادة يكون هناك في كل دار، سواء كان يضم عائلة واحدة أو عدة عوائل متفرعة، يكون المسؤول عن إدارة العمل (البغاء) والمالية، رجل واحد فقط (رجال البيت)، ويكون مسؤولاً وملتزماً بتوفير الغطاء الأسري والسكن والمبيت، وتوفير القليل البسيط من الخدمات، بينما تتحمل النساء "الفعل" بشكل مباشر، أو غير مباشر بمرافقة الأخريات. 4- تتم كل تفاصيل مهنة البغاء بشكل علني، على مستوى الأسرة والعشيرة أيضا ممن هم داخل نطاق الحي، كما يتم التنسيق بين الجماعات على أساس التبادل في التزويج والمصلحة الواحدة. 5- كل واردات "الفعل" تسلم الى (رجل الأسرة) حال عودة الضحية المنتهكة للدار، ويقوم هو بتوزيع حصص بسيطة منها تشمل كل افراد "الأسرة"، ويحتفظ لنفسه بحصة الأسد. مقابلات من منطقة الرصافي: 1- (هـ/33سنة)، تزوجت في عام 1990من شاب (كردي) من سكنة نفس المنطقة، طلقها بعد مضي خمسة شهور على زواجهم، بسبب ضغط أهل (هـ)عليه وتهديدهم بقتله إن لم يطلقها، والسبب إنه أراد أن يرحل بها الى شمال العراق ليحافظ عليها ويحميها من واقع أهلها، ويبني معها أسرة حقيقية. ومنذ ذلك الحين تعيش (هـ) في دار أهلها، مع والديها وأخيها (ع/20سنة) وهو عاطل عن العمل، "يعتاش" على حصته من واردات (هـ) وإختها الأخرى (س)التي تعيش بنفس الدار، لكن رفضت (هـ) ان تحدثنا عن ظروفها. حرمت (هـ) من نفقة الطلاق لأنها لم تنجب من طليقها، وإن زواجها منه كان "زواجاً عرفياً" عند "السيد". 2- (ح) طفلة بعمر (15سنة)، تعيش مع جدها وجدتها من والدها، الذي يسكن في دار مجاورة مع زوجته الثانية، وكان قد طلق أم (ح) قبل (8 سنوات)، فعادت مع إبنتها (ح) الى أهلها في البصرة، ولكن جدة (ح) وجدها ذهبوا الى البصرة بعد عام وإنتزعوا (ح) من أمها،وعادوا بها الى بغداد، لتعيش معهم وتنخرط منذ ذلك الحين في ممارسة السمسرة والبغاء، وهي لا تزال طفلة و"باكر". تركت المدرسة قبل أن تكمل مرحلة الخامس إبتدائي، والسبب حسب ما تقول(ح) إن الأولاد يتحرشون بها وهي في طريقها من والى المدرسة، كما إن مديرة المدرسة تضربها باستمرار وتطردها من المدرسة، (وحسب قولها أيضا ) بسبب هيئة ملابسها وجسمها المثيرة. كما تقول (ح): إنها تحلم بأن تلتقي برجل محترم يحبها وتحبه، ويتزوجها وينفق عليها ويدللها لتترك عملها هذا. فسألتها: كيف ستجدين هذا الرجل، وأنتي تمارسين هذا العمل وتعيشين في حي فقير جدا ويسير معظم أهله بنفس طريق البغاء والسمسرة، من المؤكد إن من ستلتقيهم ويفكرون بالزواج منك، هم من سماسرة البغاء لأجل إستثمار جسدك في مجال المهنة، أو بأحسن الاحوال سيكون نصيبك من أحد الفقراء من أصحاب البسطيات الصغيرة أو العتالين، وبكافة الأحوال لن يمانع إستمرارك في مهنة البغاء ولن يستطيع منعك منها، لانه بالتأكيد من أهل المنطقة ويعلم بكل شيء عنك. فلما لا تعودين الى المدرسة وتكملي تعليمك، لتحصلي على مهنة محترمة، وبذلك ستلتقين بالكثير من الشباب المحترمين، وقد تستطيعين تحقيق حلمك مع أحدهم؟ فأجابت بأبتسامة عريضة: (أهلي ما يخلوني ... وبعدين آني تعلمت على الونسة) 3- (ش) صبية بعمر (18سنة) تسكن مع والدها وزوجته، وإختها (س/12سنة) من أبيها، تقول (ش) إنها كانت قبل ثلاث سنوات قد أحبت شاباً من سكنة حي قريب منهم، ويعمل في إحدى المحال التجارية في (الرصافي)، تقدم لخطبتها عدة مرات، ولكن أهلها رفضوه، والسبب كونه أراد أن ينتشلها من واقع مهنة أهلها ويخرج بها منهم، ليكون معها أسرة حقيقية، ولكنه إضطر الى ترك عمله في المحل التجاري ورحل مع أهله الى دار بعيدة عن (الرصافي)، وقطع علاقته ب(ش) تماما، وذلك إستجابة لطلب أهل (ش)، وتحاشيا لتبعات تهديداتهم إن إستمر هو بطلبه. وبعدها أرغمت (ش) على الزواج من الشاب (م)، وهو متزوج ويسكن مع زوجته وأطفاله في نفس منطقة سكن (ش)، ويستلم صافي حصته من والدها، بكل ما يتعلق بواردات (ش)، رغم إنها تعيش مع في دار أهلها بشكل دائمي منذ زواجها من (م)، وهو الذي عرفها وأوصلها مع دإحدى رفيقات العمل، الى مكتب أحد الزبائن، لتمارس معه أول علاقة لها غير شرعية، بشكل كامل وليس كبنت باكر. 4- (س) طفلة عمرها (12سنة)، أخت (ش) من أبيها، لم تدخل المدرسة أبدا، تمارس البغاء (حسب وصفها وقولها) بحدود ما يسمح به وضعها كونها لا تزال "باكر"، وبحدود ما تعلمته وتستطيع فعله، تخرج عادة برفقة إختها (ش) أو والدتها (ن)، وقالت حينها: بإنها ستتزوج بعد خمسة أيام من شاب يحبها من أهل المنطقة .فسألتها : وهل ستتركين عملك هذا .. أم إن زوجك لا يمانع . فأجابت: لا هو لا يعرف عن عملي شيئاً .. ولكن بعد الزواج بشهر واحد سأخرج للعمل، بكل حريتي، وهذه المرة كمتزوجة، وليس كبنت باكر. ملاحظات: 1- كنت قد سألت كل من (هـ) و (ش) و (ح) نفس السؤال أدناه، فكان جوابهن متوافق الى نسبة كبيرة، وكالتالي: إذا كان هذا العمل لا يروق لهن لانه حسب وصفهن (بهذلة)، وحجتهن إن الفقر والعوز ما يدفعهن إليه، فلم لايتركوه بعد أن أصبح لديهن بالتأكيد رأسمال جيد بسبب الأسعار والمبالغ الكبيرة التي يفرضونها على الزبائن، حسب ما سمعت منهن؟ فكان الجواب منهن واحداً (أن ما نتقاضاه من الزبائن نسلمه أول بأول الى (رجل البيت)، ونحصل منه على نسبة (10- 15%) بأحسن الأحوال، ونتولى منه مسؤولية طعامنا وكسوتنا وصحتنا، وحتى رعاية أطفالنا ومتطلباتهم بالنسبة لمن لديهن أطفال . 2- يتخلل حديث المتحدثات بشكل عام الكثير من الكذب والمراوغة الواضحين، والغريب إنهن يدركن بأن كذبهن مكشوف للمقابل، لذا لم يتم إدراج كل المعلومات والوقائع التي ذكرنها، ومع ذلك يظل في حديثهن الكثير من الدلالات على عمق الجريمة بحق إنسانية الفرد والمجتمع، الذي تتسبب به إنتهاكات تلك الجماعات . المحطة الثانية: منطقة الفضيلية منطقة الفضيلية إحدي المناطق التابعة لقاطع 9 نيسان، شمال شرق بغداد، منطقة شعبية بيوتها بشكل عام غير منتظمة وتختلف بطريقة ونوع بنائها، بعضها جدرانها مبنية من الطين أو "البلوك" ومسقفة بطبقات معدنية (بليت) والبلاستك (مشمع) والخشب، والبعض الآخر بشكل نظامي مبنية بالطابوق والإسمنت، وتضم أيضا عدداً من البيوت الضخمة، والسيارات الفاخرة والحديثة، تتخللها عدد من المجمعات السكنية للمتجاوزين (بناء غير قانوني بأرض الغير)، الحي الرئيسي فيها هو (حي الحرية) حيث وزعت "دار الحرية للطباعة" دوره السكنية على عدد من موظفيها قبل الإحتلال بسنوات . معروف عن المنطقة ومنذ السنوات الأولى لنشأتها، بأنها بؤرة خطرة وواسعة لعصابات القتل والتسليب والسرقة، يضاف إليها "موضوعة البحث"، عصابات الإتجار بالنساء والأطفال ودعارة الغير والبغاء. حيث يمارس الجرم أعلاه بأشكاله، من عدة منافذ ووسائل وإتجاهات، وتتلخص بالتالي : 1- عوائل تستقبل الزبائن (الرجال) في بيوتها،لممارسة البغاء مع النساء والبنات والأطفال الصغيرات المهيئات لهذا الغرض. 2- حسب العلاقات والإتصالات، يتم إرسال النساء والبنات إلى أماكن إحياء الحفلات والجلسات الخاصة، وممارسة البغاء، في الليل والنهار . 3- وهي الحالة الأخطر، حيث يتم تزويج البنات (واحدة أو اكثر) زواجا عرفيا يتمه (السيد)، مقابل أن يدفع هذا الشخص (العريس) بضعة مئات من الدولارات، مقابل كل حالة زواج، الى رب الأسرة أو المسؤول عنهن، وذلك لأجل الذهاب بهن أو تهريبهن الى دول الخليج العربي، وبالذات الى دولة الكويت، وبيعهن هناك مقابل مبلغ (5000 دولار) عن كل واحدة. أما عن منافذ الوصول الى النساء ( الضحايا )، فلهم عدة أساليب: 1- عوائل هي أصلا تتوارث وتعيش وتكون أسر وتتكاثر، لأجل رفد مهنة البغاء والسمسرة المتوارثة عندهم. 2- هناك عدد من النساء ممن كبرن على المهنة أو لم يعدن مرغوبات من قبل الزبائن، يتجولن في شوارع بغداد وبالأخص في ساحات السيارات والكراجات، يرصدن أي حالة فتاة أو صغيرة ضائعة أو هاربة من أهلها لأي سبب، أو قادمة من المحافظات للبحث عن عمل، وبالتالى الإتصال بهن والتعرف على ظروفها، ثم إستدراجهن الي بيوت الدعارة في الفضيلية، بحجة مساعدتهن وإستضافتهن لعدة أيام لحين الإطمئنان والإستقرار والتعود على جو الدار، ومن ثم مفاتحتهن بالعمل، وهكذا الى نهاية طريق البغاء. 3- القابلة: فهناك في الحي عدد من القابلات اللواتي يقمن بأعمال غير شرعية (كالإجهاض وإعادة البكارة)، لديهن متعهدات ينتشرن في مناطق بغداد على إختلافها، متعاونات معهن لإستقدام نساء متورطات بعلاقات غير شرعية ويعانين من أزمة ما. وهناك في الفضيلية تقوم القابلة بترهيب الضحية من حجم ما تورطن فيه، وإن أمرهن لا يمكن إخفائه، ومساعدتهن تتطلب مبالغ ضخمة تعجيزية، لإجراء عملية من أي نوع تحتاجه الضحية لحل أزمتها، وبالتالي يتم إقناع الضحية بالمكوث عندها لعدة أيام، وبعدها يتم مفاتحة الضحية وإقناعها بالعمل في أحد بيوت الدعارة، لإستلام عمولتها من السمسار عن كل ضحية. هذا ما ذكرته لنا إحدى القابلات في الفضيلية، وهي مأذونة رسميا، وكانت مدججة بالحلي والأساور الذهبية، وأضافت إنها تجري إسبوعيا حوالي (16) عملية إجهاض لمتورطات بعلاقة غير شرعية مقابل مبلغ (500 دولار)، وأربع عمليات (إعادة بكارة) شهريا، مقابل (1250دولار) للخياط الدائمي، و(400 دولار) للمؤقت، وهذا عادة تطلبه غير الباكرات،لإعادة تهريبهن الى دول الخليج وبيعهن على أساس إنهن باكرات، وبالتالي رفع سعر بيعهن . وفي حالة "حمل" إحدى (بنات الكار)، اللواتي لاينتمين بشكل ما لأسرة، أو لها إستقرار دائم في أحد دور البغاء، ويكون عندها رغبة بالإحتفاظ بالجنين، يتولى أحد "السماسرة" رعايتها بخدمة بسيطة طيلة فترة الحمل، مقابل أن يسجل "المولود" بإسمه في دائرة الأحوال الشخصية 4- المنفذ الآخر،هن فتيات العوائل الفقيرة من سكنة المنطقة ذاتها والمحيطة والقريبة منها، ممن يعملن في جمع النفايات المعدنية والبلاستيكية وغيرها مما يمكن بيعه(عتاكة)، أو كعاملات تنظيف في البيوت والمعامل الصغيرة المنتشرة في المناطق تلك، وهناك يتعرضن للإغتصاب من قبل رفاقهم (العتاكة) أو من الصبيان والشباب الذين يتربصون بهن بإستمرار، وعادة يلجان الى كتمان الإعتداء عليهن، رغم تكراره من نفس الأشخاص أو من آخرين، خوفا من إجراءات ذويهن او من يؤويهن، وفي النهاية لابد لها من أن تلجا الى القابلة لإجهاضها أو لإعادة بكارتها، وأمام المبالغ التي تطلب منهن يستسلمن للقابلات، وينخرطن في ممارسة البغاء والدعارة مقابل توفير المأوى لهن، أو تكفل أحد السماسرة بدفع تكاليف عملية إعادة البكارة، ثم تهريبهن الى إحدى دول الخليج. 5- السحرة: فهناك عدة نساء يدعين القدرة على عمل السحر لحل مشاكل الناس، فيلجأ إليهن بصورة مباشرة أو عن طريق المتعاونات معهن، الكثير من النساء لمعاجة مشاكلهن بالسحر، وهناك يتم إستدراج بعضهن، والشرط عليهن بضرورة مضاجعة "السيد" (ويكون عادة من سماسرة البغاء والمتاجرة بدعارة الغير، ومتفق مسبقا مع القابلة) لإتمام ونجاح "السحر" ومن هنا يبدأ جر الضحية نحو ممارسة البغاء، بحجج مختلفة. هذا ماروته لنا أيضا القابلة ذاتها، وأضافت قائلة، قبل شهر أتتني إمرأة لأجري لها عملية إجهاض، وكالعادة لابد لها من أن تروي لي قصتها قبل إجراء العملية، فروت عنها قائلة: إنها مطلقة، وأحبت رجلاً متزوجاً، وتريد الإقتران به، فلجأت لإحدى ساحرات الفضيلية لمساعدتها في تحقيق ما تريد، ففرضت الساحرة عليها شرط مضاجعة "السيد" المدعو (أبو زمن) لإتمام ونجاح السحر، فوافقت على شرطها، لكن السحر لم يأتي بنتيجة، فإتهمتها الساحرة بأنها لم تضاجع "السيد" بقناعة، لذا عليها أن تعيد تنفيذ الشرط مرة أخرى، وهكذا تكررت معها حالة مضاجعة "السيد" ذاته لعدة مرات، وكل مرة بحجة مختلفة تتحملها الضحية، لحين شعرت بالجنين يكبر في داخلها، فلجأت الى عملية الإجهاض للتخلص من الفضيحة، ولما وجدتها (الحديث للقابلة أيضا) نادمة على كل ما فعلت ومن عائلة طيبة، نصحتها بعدم الحضور الى هذه المنطقة لأي سبب كان. وقالت أيضا، قبل ستة أشهر حضرت إمرأة برفقة إبنتها التي تبلغ من العمر (15سنة)، وطلبت مني أن أجري عملية إجهاض لإبنتها الحامل من والدها، الذي إغتصبها وتسبب في حملها. وأضافت، كثيرا ما تتعرض الفتيات هنا، للإغتصاب من قبل الأب أو الأخوة أو الأقارب، وأحيانا يتم إجهاض البنت المغتصبة، واحيانا تتم المغتصبة حملها للآخر، لتلد ويحتفظ المغتصب بالمولود ويسجله باسمه في سجل الأحوال الشخصية . 6- حالات وقصص اخرى سمعناها نقلا عن شهود من داخل منطقة الفضيلية، منها إن مليشيا معينة تهيمن على المنطقة، وتقوم بحماية بيوت الدعارة، من مداهمات الشرطة، أو من العصابات والجماعات الأخرى، وذلك مقابل مبلغ إسبوعي ثابت يقبضه أفراد من تلك المليشيا، وايضا الاقامة بالدار وممارسة البغاء مع النساء مجانا. كما إن منطقة الفضيلية تنقسم لعدة محلات سكنية صغيرة تديرها المليشيات أيضا، ويكون لكل محلة "سيد" مسؤولاً عنها، وهو الذي يختم على أوراق تسليم حصص (النفط والغاز) الشهرية للعوائل، مما يتيح لكل "سيد" فرصة التحرش بنساء المحلة مقابل أن يختم لها الورقة، أو إغتصابها مقابل حصص إضافية . 7- روت لنا إحدى المعلمات، وهي تعمل في مدرسة إبتدائية تقع ما بين منطقتي الكمالية والفضيلية، إن أحد الأشخاص من سكنة الفضيلية، أقام علاقة مع أربع معلمات عازبات من نفس المدرسة، ولكن دون أن تعلم كل منهن بعلاقته بالأخريات، وإدعى بأنه ثري، ويرغب بالزواج منهن والعيش في (دبي)، وبالتالي أقنعهن بالذهاب الى البصرة، ليلتقيهن والسفر من هناك الى (دبي)، وبالفعل حصل ما خطط له، ووقعن في فخ الزواج بهن هناك،ثم بيعت ثلاث منهن لإحدى عصابات الإتجار بالنساء، وتمكنت الرابعة من الهرب منه، والعودة الى بغداد، وفضح الجاني . وأضافت المعلمة: إنه بحدود (20) طالبة سنويا من مرحلة الخامس والسادس إبتدائي، يتركن المدرسة، بسبب تزويجهن (زواجاً عرفياً) من أشخاص يتولون تهريبهن الى إحدى دول الخليج، وحسب الإتفاق المسبق مع أولياء أمورهن. 8- طالبة جامعية تسكن مع عائلتها في منطقة الكمالية المجاورة لمنطقة الفضيلية، تقدم لخطبتها شاب (من سماسرة الفضيلية وينتمي للمليشيا المسيطرة على المناطق هناك)، فرفضته عائلة الطالبة رغم تكرار طلبه، لانهم يعرفون طبيعة عمله ونواياه من وراء طلب الزواج، فتربص لها مع آخرين من اتباع نفس المليشيا، وقتلوها في الشارع أثناء عودتها من الجامعة، قبيل وصولها للبيت، وأشاعوا عنها إن قتلها كان عقابا لها ولأسرتها على "مشيها البطال" . التوصيـات: (الفتك جبير،والركعة زغيرة) 1- تفعيل قانون محاسبة مرتكبي ومروجي جرائم السمسرة والبغاء والإتجار بالنساء والأطفال ودعارة الغير، ومداهمة أوكار العصابات المختصة بإرتكاب جرائم من هذا النوع ضد الإنسانية. 2- فتح مراكز التوعية والإرشاد، لتقديم النصح والمعونة للمتورطات في علاقات ومشاكل وحالات لها علاقة بالكرامة والشرف والعلاقات الإنسانية، وإعداد مراكز أخرى لإستقبال النساء للحالات المتأزمة، وحمايتهن من كل أنواع التهديد والخطر، وتاهيلهن نفسياً ومعنوياً، ومساعدتهن في إيجاد فرص إعادة إندماجهن بالمجتمع، وذلك بالتنسيق مابين المؤسسات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني المحلية. 3- تفعيل دور الباحث/ة الإجتماعي في المدارس، وإستحداث مراكز معنية بذات الدور، في الجامعات والمؤسسات الحكومية، لتقديم النصح والتوعية في مخاطر إرتكاب مثل تلك الإنتهاكات، وإنعكاساتها على الفرد والجماعة والمجتمع. تـنـويــــه: تم جمع المعلومات وإجراء المقابلات بتعاون الأصدقاء الناشطين في المنظمات المحلية. ففي منطقة الرصافي والحيدر خانة، تعاون أحد الأصدقاء وهو ناشط في منظمة ثقافية فنية محلية، مع صاحب معمل حرفي صغير يقع خلف سوق الهرج، حيث تمت فيه كل المقابلات المنسوبة للمنطقة. أما في ما يخص منطقة الفضيلية، وبمساعدة إحدى الناشطات، ورئيسة منظمة تعنى بالمرأة والطفولة، تم جمع المعلومات وإجراء المقابلات المنسوبة لمنطقة الفضيلية، خلال مرافقتي لأعضاء المنظمة في فترة توزيعهم المساعدات للعوائل الفقيرة والمهجرة التي تسكن هناك.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |