الحصة التموينية بين الإعلان الجميل والواقع البائس

 

 

جواد عبد الكاظم محسن

daralfurat@yahoo.com

دعت وزارة التجارة (مشكورة) وكلاء المواد الغذائية والطحين في بغداد والمحافظات لمراجعة مراكز القطع والتجهيز في بغداد والمحافظات لإستلام حصص المواطنين التموينية لشهر كانون الأول 2007 وذلك إعتباراً من 1\12\2007، وقد جاءت هذه الدعوة عبر اعلان نشر في عدد من الصحف المحلية متضمناً عشر مواد غذائية واستهلاكية، هي : الطحين والرز والسكر والشاي والدهن أو الزيت السائل وصابون التواليت ومسحوق الغسيل والبقوليات وحليب الكبار فضلاً عن ثلاث مواد خاصة الأطفال مع توضيحات عن كلفة النقل والخصم وبعض التعليمات.

واستبشر المواطنون خيراً بالإعلان، وتصوروا إن الأمر قد تغير هذه المرة خاصة وان مجلس النواب كان قد ضيّف السيد وزير التجارة في إحدى جلساته الأخيرة، ولكن هذا الفرح والإستبشار لم يدم طويلاً فسرعان ما تلاشى وهم مازالوا بعد واقفين أمام محال ودكاكين وكلاء المواد الغذائية، إذا لم يستلموا من مواد الإعلان (الجميل) سوى مادتي السكر ومسحوق الغسيل، وبعضهم لا يدري هل إن الكمية المستلمة من هذه المواد تعود لأشهر سلفت لم يستلموا فيها شيئاً أم لأشهر قادمة بعد أن ضاع عليهم الحساب  لقلة ما استلموا من قبل.

ويبقى المواطن المسكين في حيرة ووجوم أمام مايحدث فهوممتحن حالياً بعد أن وقع بين عجز وفساد أجهزة وزارة التجارة واستغلال عدد غير قليل من ذوي النفوس الضعيفة من الوكلاء الجشعين و(الحرامية)، وضغط عسر الحال وارتفاع الأسعار ورداءة المواد وبعضها مغشوش كما هو الحال للشاي في محافظة بابل، وهنا أجور نقل متكررة تفرض على المواطنين كلما وصلت مادة جديدة الى الوكلاء بعد أن كانت قديماً تصل كلها لمرة واحدة وتوزع لمرة واحدة أيضاً.

حدثنا أحد وكلاء المواد الغذائية في محافظة بابل عن الفساد والرشوة فقال إنه وامثاله من الوكلاء يبدأون بدفع الرشاوى من لحظة دخولهم مخازن وزارة التجارة وحتى لحظة خروجهم، سألته لماذا لا تشكون حالكم الى المسؤولين هناك فقال : الكل مشتركون في هذا الفساد، وان علموا بذلك ستواجهنا صعوبات إضافية لا قدرة لنا على تحملها كأن يمزقوا لنا عدداً من أكياس الرز أو غير ذلك وستتضاعف الصعوبات بوجوهنا لذلك استسلمنا جميعاً لهذا الحال وصار طبيعياً، ونحن بدورنا نقول له ولغيره ان الحال ليس طبيعياً بل هو حال مأساوي سيدفع الكل ثمنه باهظاً وبضمنهم المرتشون عديمو الخلق والإنسانية، ولن يقف الحال المزري عند هذا الحد الذي رضوا به على سوئه بل سيتطور بالتأكيد إلى ما هو أسوأ منه أن لم يقفوا بوجهه ويدينوه ويرفضوا الإستسلام له.

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com