مراجعة لموضوع النفط والغاز في العراق

 

 

يوسف الفضل/ مهندس

واختصاصي بشؤون النفط والغاز

yousif432000@yahoo.ca 

لقد راقبت مساء الخميس المصادف 6/12/2007 على قناة الحرة مقابلة خاصة لوزير النفط العراقي د حسين الشهرستاني. كان الحديث شاملأ وقد أعطي وزير النفط فرصة وافية للأدلاء بوجهة نظره من دون وجود وجهة نظر أخرى مغايرة. هذه هي ديمقراطية العراق واسلوب التحاور الذي يجري فيه. ولا غرابة ان تكون الطريقة الأخرى للحوار هي البندقية. ولا يعني اني أعترض على كل ما قاله الشهرستاني ولكني اعترض على تغييب الجهات الأخرى التي لها علاقة بالمواضيع التي تطرق لها وزير النفط. ولعل وجود ممثل للحكومة الأقليمية الكردية او من يؤيد وجهة النظر التي تتبناهاالحكومة الكردية موجودأ لأعطى ثقلأ ومصداقية لما ذكره وزيرنا المحترم. وليس هذا هو الموضوع الوحيد الذي ارى فيه عدم توازن اعلامي في المقايلة المشار اليها والتي يمكن ان توصف بتلميع صورة وزارة النفط ووزيرها أكثر من اي شئ آخر.

لقد تطرق وزير النفط الى خطط وانجازات وزارته وما سيصل له العراق من خلال بناء المصافي واكتفاء العراق من مشتقات النفط وامكانية تصدير الفائض منها خلال بضعة سنين! وتطرق الى قانون النفط والغاز وتفعيل شركة النفط الوطنية مرة أخرى وعزم وزارة النفط على استخدام عقود خدمة للشركات النفطية الأجنبية بدل عقود المشاركة وحفظ الثروة النفطية من النهب والهدر. واضاف السيد الوزير ان ثروة العراق التي حبى الباري بها ابناء العراق تجعل من ابناءه ان يتمكنوا من العيش في بحبوحة مستوى الحياة التي ينعم بها ابناء الدول الأخرى الغنية ويعني بها الدول الغربية!

لا شك انه دغدغ مشاعر كل مستمعيه واستطاع بلباقته وبراءة ابتسامته ان يجعلنا نعيش لحظات جميلة حالمة من الغنى والرفاه والتي يتصورها معظم مشاهديه الذين تعرفوا من خلال الأفلام على انماط الرفاه التي ينعم بها ابناء الدول الغنية والتي هي ليست دول نفطية!

أقول ان قانون النفط والغاز المقترح هو كنظرية الديمقراطية المطبقة في انتخابات مجلس النواب والتي أفرزت لنا واقعأ طائفيأ يصعب تحريكه للمخاوف المتوقعة من أنهياره وخلق حالة من الفوضى العارمة. ان معظم النظريات التي يكتبها المنظرون السياسيون تبدو وردية جميلة ولكنها حينما تدخل حيز التنفيذ تفقد محتواها ويقفز الى المسرح ممثل جديد بنظرية براقة جديدة.

أقول لوزير النفط ان يكون صادقأ مع نفسه ويجيب اذا كان بأستطاعته تنفيذ هذه الأتفاقية بكوادره في وزارة النفط وبغض النظر عن سلبياتها المحتملة. واذا اجاب بالأيجاب فانه اما يخادع نفسه او يكتفي كحال العديد من المسؤلين بالوزارات العراقية بالرواتب المجزية التي يحصلون عليها والأمتيازات التقاعدية التي قرروها لأنفسهم والمناصب التي وضعوا بها ويتمسحون ببريقها حتى بعد خروجهم منها.

أقول اين انت من الرواتب المتدنية لكوادر وزارة النفط والتي تجعل منهم بضاعة مسجاة تباع وتشترى من قبل الشركات النفطية وبأبخس الأثمان. واين انت من المافيات والعصابات التي تعج بها وزارة النفط والتي تفتعل الأزمات في السوق الداخلية عدا العمولات التي تفرض على المشاريع الجديدة او مشتريات وزارة النفط او مبيعاتها. نعم انت لا تستطيع ان تعالج تلك الأمور لوحدك وبفترة قصيرة ولا هي وليدة عهدك. ولكنك لم تبادر الى علاجها وان الذي يراقب سلوكك في تسيير امور الوزارة يرى في تصرفاتك سطحية في التعامل وانفلات في العديد من الأمور. اما موضوع قانون النفط والغاز واهتمامكم المنقطع النظير به فان هناك شكوك تساور البعض ان وراءه مصالح اساسية لبعض الأطراف وليس مصلحة الشعب العراقي المظلوم والشجاع! لم تعد تنطلي هذه الأصطلاحات على عامة الشعب فالأحرى بكم ياسيادة الوزير ان لا تقلدوا اسلافكم في الحكم.

اما موضوع الأكراد وعقود النفط التي ابرموها مع شركات أجنبية فانهم وكما يبدو يريدون حصتهم من الغنائم التي يتنعم بها اقرانهم من أهل الجنوب ولكن بصبغة قانونية! وهذا ليس تبريرأ لما يحصل ولكنه الواقع المرير الذي يعيشه عراق اليوم وعراق العدالة وعراق الديمقراطية!

وبأختصار ان على وزارة النفط ان تبادر الى خلق مناخ مناسب لجذب الكوادر العراقية والعربية وحتى الأجنبية لبناء صرح شركة النفط الوطنية او شركات النفط الوطنية وباجور عادلة تتناسب والأجور المثيلة في دول العالم بل وأفضل منها. وان الأجور ليست هي العنصر الوحيد الذي يخلق الكادر الكفوء والمخلص بل ان التدريب والتعليم المستمر والأدارة الجيدة ضرورة للأداء الجيد والذي تحتاجه وزارة النفط والوزارات الأخرى في العراق.

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com