|
مجلس النواب: الحاجة والضرورة..!
باقر الفضلي على هامش مناقشة الميزانية الإتحادية/ 2008في جلسته الأخيرة المنعقدة في 6/12/2007، ناقش مجلس النواب العراقي مسودةقانون الموازنة لعام/ 2008 والذي يعتبر من القوانين الأكثر أهمية حيث من خلاله، تتوضح صورة وآفاق التطور اللاحق لمسيرة البناء الإقتصادي للبلاد، والتي على ضوئها يمكن التكهن بشكل وحجم هذا التطور، وإنعكاساته على الصعيدين السياسي والإجتماعي..! ومن خلال هذا المنظور للموازنه، كشفت مناقشات السادة النواب لمسودة قانون الميزانية/ 2008 الكثير من مواطن الضعف والخلل في مفرداتها، خاصة تلك التي تتعلق بحصص الإستثمار في القطاعات الإنتاجية في الصناعة وبالذات صناعة النفط والغاز وإعادة الحياة الى المعامل المتوقفة عن الإنتاج وكذلك في قطاع الزراعة الذي يعاني من إهمال وتأخر كبيرين؛ ليس هذا فحسب، بل أشار عدد من النواب الى خلل جدي يتعلق بعدم الشفافية في حسابات الموازنة من خلال المقارنة مع موازنة العام /2007 وأثبتوا عن طريق الحسابات الرقمية عدم صحة ما تعلنه وزارة المالية من الزيادة المفترضة في موازنه العام/ 2008 بل أكدوا إنخفاض نسب التخصيصات في أوجه الصرف في عديد من أبواب الموازنة عما كانت عليه للعام/ 2007، طبقاً للمتغيرات التي طرأت على أسعار النفط من جهة وسعر التبادل للدولار من جهة أخرى..! من جانب آخر أكد بعض النواب على عدم العدالة في توزيع نسب التخصيصات بين المحافظات كما هو الحال مع محافظة ذي قار،(1) ناهيك عما أشار اليه عدد آخر من النواب من باب النقد لتخفيض مفردات البطاقة التموينية من عشرة الى خمس على حساب حاجة المواطن العراقي، وتحت ضغوط صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك بتذرع وزارة المالية \"بتخفيض اعباء الحكومة والتخلص من الدعم\". كما أشارت تلك المداخلات الى العيب الذي شاب الميزانية وذلك: \" بتقديم الميزانية التخمينية لعام /2008 دون تقديم الحسابات الختامية للعام الجاري/2007..وهذا خلل يبقي جميع الامور في اطار التخمينات، في حين ان الاخيرة يجب ان تكون أقرب الى الواقع، والا ستكون الامور باقية في اطار التقديرات\"(2) ..! المهم من كل ذلك وهو ما أردت الإشارة اليه من خلال عنوان هذه المقالة، هو تلك الجدية والإهتمام الكبيرين التي إتسمت به مداخلات الأخوة أعضاء مجلس النواب عند مناقشتهم لمسودة الموازنة لعام/ 2008، وإن أعاقت عملية الإستماع الإنقطاعات المتعددة للصوت، وأحياناّ، وهذا ما أعتدنا عليه كثيراً، قطع عملية البث كلياً والإنتقال الى فعاليات أخرى، وهذا ما حدث في هذه الجلسة، ومع ذلك فليس من مهام هذه المقالة الخوض في دراسة تفاصيل الموازنة المذكورة، فهذا من أولويات المهام المطروحة على المتخصصين في هذا المجال من الخبراء الماليين والإقتصاديين..! ولكن، أقول إن المهم في الأمر؛ هو ما أشار اليه بعض النواب من إفتقارهم للمشورة المتخصصة في أمور ذات سمة مهنية عالية، يتعذر على الجميع الإلمام بها، مثل قضايا الحسابات والأرقام، مما يصعب معه على النائب بلورة الرأي المناسب في أمور مثل دراسة وتمحيص الميزانية على سبيل المثال، مما يشكل حالة من الوهن والحيرة أمام النائب في العهد البرلماني الجديد ، أن يتفهم بمفرده العديد من المصطلحات الإستشارة وبكل أصنافها وفي جميع المجالات، تبقى حاجة ماسة لجميع النواب أسوة بما هي عليه بالنسبة للوزراء أو مكاتب الرئاسة لرئيس الجمهورية أو لرئيس الوزراء، بل وتحتمها المهام الضرورية والمسؤولية التأريخية المناطة بالنائب، بإعتبار أن البرلمان هو الجهة التشريعية الوحيدة التي تسن القوانين ومقترحات القوانين، وهي السلطة العليا التي تمارس المراقبة على أداء السلطات الأخرى، ومن هنا في تقديري، يتعين على مجلس الرئاسة في مجلس النواب والنواب أنفسهم، أن يولوا هذه المسألة أهمية إستثنائية، وذلك على سبيل المثال: أن يجري وفي أضعف الإيمان، تأسيس مكتب إستشاري من مختلف الإختصاصات ومن ذوي المهنية العالية، مرتبط نشاطه بمجلس النواب، ليكون مرجعاّ إستشارياً للمعرفة المهنية في الإختصاصات المختلفة، يمكن للنائب طلب الإستشارة المعرفية منه في الأمور التي يتعذر عليه الإلمام بها أو تفسيرها عند الحاجة، ولتسهيل مشاركته الفعالة والمثمرة في العملية التشريعية، في وقت يتعذر فيه على النائب نفسه توفير مثل تلك الإستشارة شخصياً، وربما بسبب كلفها الباهضة، وهذا ما كشفته مجريات جلسة مناقشة الميزانية الإتحادية لعام/2008 وتعقيداتها من حاجة ماسة لعدد غير قليل من النواب لتلك الإستشارة التخصصية لفك طلاسم مسودة قانون الميزانية..! --------------------------- (1) مداخلة النائب السيد حسن السنيد في الجلسة 6/12/2007 (2) مداخلة النائب السيد حميد مجيد موسى في الجلسة 6/12/2007
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |