|
استكمالا للانجازات الكبيرة التي تحققها الدبلوماسية العراقية، تأتي زيارة سماحة السيد الحكيم نقطة تحول مفصلية في الحراك السياسي لبناء العلاقات العراق - دولية، فقد بينت قدرت رموزنا الوطنية ودورهم الريادي للحصول على الاستحقاقات الاستراتيجية لاخراج العراق من الاوضاع الاستثنائية التي وضعه فيها الطاغية المعدوم صدام، كما اكدت الزيارة الرصيد الفكري والخزين الوطني للنهج الذي ارسى قواعده شهيد المحراب(قده) واستكمال مشروعه البنيوي التغييري بأطروحته العراقية الوطنية النابعة من صميم الامة والجماهير، فقد أكد في تصوراته ان تشكيل اية امة من خلال تكامل العناصر الاساسية في مرتكزاتها البنيوية وصولا لانجاز ذاتها وهويتها ووجودها النوعي المتميز، وان وحدتها وقوتها مقترن بوحدة وتراص انظمتها الذاتية المشكلة لكينونتها في الوجود، وانطلاقا من هنا، فاننا نزعم: إن سبب اندحار الارهاب القاعدي انما هو تعبير جلي من انها لم تنتج هوية وثقافة متوازنة واصيلة تتناغم من الواقع العراقي، فقد انجلت مع تحسسها صعوبة موطئ اقدامها في رمال العراق الحارقة، فبعد سقوط معاقلها في افغانستان، اعتقدت انها وجدت ضالتها في العراق لاقامة جمهورية طالبان اللاإسلامية متجاهلة الارث الحضاري والعمق التاريخي للعراق، غير أن الكثير من الدول العربية والاقليمية اخذت تبدي ميلاً للتعاون مع الحكومة العراقية والتواصل لوضع الحلول لازمات قد تشابكت خيوطها، واتباع سياسية تسمح باستئناف التمثيل الدبلوماسي لتأكيدها الانفتاح على العراق الذي اكد على الدوام حرصه على عروبته، فنحن تواقون لتعزيز تلك العلاقات. ومن ضمن الاستراتيجية العراقية تعزيز التواصل واعطاء الفرصة الحقيقية للدول الشقيقة والصديقة لتكون اقرب واكثر تفهما لواقعنا الوطني، وتبديد الهواجس من التجربة العراقية على مستوى افرازاتها السياسية احيانا، وعلى مستوى نتاجاتها العملية السياسية من حيث طبيعة التغيير، كما أننا نسعى للموازنة في العلاقات الاقليم - دولية والانفتاح عليها لاستثمار قدراتها بما يعزز التوازن الدولي والتنفيذ الشامل الذي نطمح له في العراق على الصعد كافة. اذا لماذا الايحاء بفشل العرب دائماً في اتباع النهج الديمقراطي السليم في حين ينجح آخرون كانوا وراءنا باشواط؟ لست وحدي من يطرح هذا التساؤل المحير، لكني اعتقد ان كثيرين يطرحونه، اذا لماذا يغيب اليقين الديمقراطي في بلادنا، ولماذا التصوير اننا نفشل في صنع قفزات ديمقراطية حقيقية، بينما نرى شعوبا ودول اخرى في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية قد قطعت اشواطا واسعة وبخطوات جريئة نحو الرقي والديمقراطية، الم يحن الوقت لاتخاذ قرارات جريئة تخرج العراق من حالات التعويم والتشويش على المشاريع الحيوية التي من شأنها اخراجه الى دائرة الضوء؟ ان مفتاح حل الازمات العراقية يكمن في ترسيخ مفهوم المواطنة وتعزيزها، ففي الوقت الذي تعوم فيه دول في موجات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، نرى عمق التجربة الديمقراطية الفيدرالية في الهند رغم تعددها الاثني والقومي واللغوي والثقافي والديني تمثل تجربة واعدة في تجاوز الابعاد التكوينية البنيوية، اذ ان الفيدرالية ارتبطت باسم العراق الفيدرالي، فهي تحقق اوسع الفرص للمشاركة الحقيقية في صنع القرار الوطني، فلابد من تغيير المسارات التي تعمل على مركزت القرارات وما تركته من تراكمات على الواقع العراقي، والتوصل الى التوصيف النهائي للاجراءات التنفيذية للفيدرالية من خلال الشعب وخلق التوازنات الاقليمية لمناطق العراق كافة، وقبر الخطاب التحريضي لبعض وسائل الاعلام التي تحاول التأثير على الرأي العام، فضلاً عن النبرة التحريضية الانقسامية التي تحاول استحضار تعميق الفجوة بين المكونات الوطنية منطلقة من خلفيات فئوية لا طائل منها، لذا يجب الشروع بتأهيل النخب العراقية لتكوين نضج جماهيري يتفاعل مع المعطيات الاستراتيجية وتوظيفها للبدء في صفحات البناء والاعمار.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |