|
كيف يعمل المناضلون من أجل تحريم قتال الأخوة وتقريب وجهات النظر المختلفة؟ تحررت شعوب عديدة في الماضي بنضالها الدؤوب وكفاحها المستمر حيث ساعدتها العوامل التاريخية والجغرافية وظروف التطور الإجتماعي من تشكيل دولها والمضي في تقويتها وترسيخها وإلى جانب هذه الشعوب المتحررة بقت شعوب تناضل في سبيل إستقلالها ونيل حقوقها المغتصبة من قبل الأعداء والمحتلين الذين يحاولون بطرق مختلفة من تشديد الخناق على المطالبين بالحقوق وتعقيد الأوضاع ومن أجل ذلك يدفعون بإتجاه إشعال الفتن والنزاعات القومية. وبالنظر من أهمية تحرر وإستقلال الشعوب خاض الشعب الكوردي في جميع أجزاء وطنه المحتل من قبل الأعداء كفاحاً عنيداً وشاقاً قلّ نظيره حاله حال الشعوب الأخرى في العالم، وفي هذا الإطار دفع المؤرخ والباحث الأستاذ فاتح رسول كتابه : {{صفحات من تأريخ كفاح الشعب الكوردي}} إلى الطبع على (3) أجزاء وبـ (1738) صفحة من ورق الفولسكاب، أي الحجم الكبير. الكتاب أو(الأجزاء الثلاثة) من الكتاب من تأليف الأستاذ فاتح رسول باللغة الكوردية، ومن ترجمة وتقديم الأستاذ الأديب والكاتب الكوردي المعروف والباحث القدير كمال غمبار إلى اللغة العربية، والأستاذ كمال يقول في مقدمته كمترجم: {{انّ أي كاتب أو باحث حين يتصدى لمشروع كتابي في مجلدات، يعتمد أساساً إحدى الركيزتين الأساسيتين للنهوض بمهمته، إمّا أنه يعوّل على المصادر والوثائق والمراجع المتوافرة بين يديه، أو أنّه بمعايشته للأحداث والوثائق يتمكن من معالجة بحثه أو دراسته}}، ويضيف الأستاذ كمال قائلاً: أستطيع القول بأن مؤلف {{صفحات من تاريخ كفاح الشعب الكوردي}} العضو القيادي السابق للحزب الشيوعي العراقي (فاتح رسول) وجد نفسه محظوظاً حينما اقدم على مشروعه الضخم وهو يعايش الأحداث والوقائع بدقاتها وتفاصيلها وفي متناول يده أدبيات الأحزاب الكوردستانية والعراقية. والأستاذ فاتح رسول غني عن التعريف ليس في كوردستان فحسب، وإنّما على نطاق العراق، فهو شخصية كوردية وطنية، ومنذ عمر الصبا والشباب تعّرض للفصل والإعتقال، وحكم عليه لأول مرة سنة واحدة بالسجن بتهمة دفاعه عن البارزانيين، وتم فصله نهائياً من الدراسة في الثانوية (الأعدادية) عام 1949 وحكم عليه في المحكمة العرفية العسكرية ببغداد بالسجن سنة واحدة، وسنة أخرى تحت المراقبة بتهمة إنتمائه للحزب الشيوعي العراقي، وفي عام 1955 حكم عليه بالسجن مدة ثلاث سنوات، وثلاثة أشهر تحت المراقبة وقبل إندلاع ثورة 14 تمّوز 1958 بثمانية أشهر أطلق سراحه. بعد المؤامرة القذرة في 8 شباط الأسود عام 1963 ومجيء الشرذمة الضاّلة من البعثيين إلى حكم العراق إضطرإلى الإختفاء والتشرد والتوجه إلى جبال كوردستان الشماء حتى عام 1970. وعند إشتداد الحملة الهيستيرية للنظام الدكتاتوري الأرعن على الحركة الوطنية عامةً وتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي خاصةً إضطرّ مرة أخرى التوجه للجبال في بداية عام 1979 وعاش حياة في غاية الشدة والصعوبة إلى أواسط عام 1986. وأصبح الأستاذ فاتح رسول في عام 1960 عضواً في أقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي، وكان لفترة من الزمن السكرتير الأول للجنة أقليم كوردستان ومن عام 1973 وحتى إنعقاد المؤتمر الرابع للحزب عام 1985 عضواً قيادياً في اللجنة المركزية. بقي منذ عام 1986 في سوريا حتى عام 1989، وهو الآن يعيش في السويد. يقول الباحث والمؤرخ فاتح رسول في مقدمة الجزء الأول من الكتاب: تعد حركة التحرر الكوردستاني من أقدم حركات التحرر في الشرق الأوسط، حيث أنّها ومنذ أكثر من قرن، كمعبّرة عن أماني وأهداف تطلعات أمتنا، واجهت السلطات الإستعمارية والإحتلال الأجنبي بهدف إيصال شعب كوردستان إلى حق تقرير المصير والإستقلال الوطني. في الأجزاء الثلاثة من الكتاب يروي الأستاذ فاتح رسول بصفته قائداً شيوعياً (آنذاك) في الميدان، في التنظيم الحزبي وتنظيم الكفاح المسلح، وهو المطلع على كل سياسة حزبه الشيوعي العراقي وسياسة الأحزاب الصديقة والعدوة، فهو ينتقد هذا الطرف أو ذاك، ويكتشف مكنونات ما يدور في خلد وعقول الأطراف، ويكشف الأسرار التي رافقت المسيرة الثورية والكفاح المسلح ومحاولات هذا الحزب أو ذاك الإستئثار على ساحة النضال ضد مواقع النظام الدكتاتوري، ويشير بصراحة إلى المساومات والمفاوضات بين الأحزاب والسلطة القمعية في بغداد، ويحلل هذه الأمور ويعطي الأجوبة حسب تقديره ورؤيته ويقّيم عالياً الجهود من أجل ترسيخ الإخاء بين الأحزاب الكوردستانية والعراقية، والأحزاب الكوردستانية في الأجزاء المحتلة والمستقطعة من كوردستان، وينتقد بشدة التوجهات ذات الطابع العدواني بين الأطراف السياسية، وانّ إنتقاداته من أجل تصحيح المسيرة الثورية لحركة الشعب الكوردستاني التحررية، والإشارة إلى الأخطاء التي رافقتها، والأستاذ فاتح يريد من نظرته ورؤيته وإنتقاداته للأطراف المتصارعة والمتحاربة والمساومة للدكتاتورية بناء صرح أخوي للتفاهم والحوار، والإبتعاد عن كل مايسيء للحركة، وإنتقاداته ليست من أجل التجريح، وانّما من أجل التقويم والإستفادة، وكتبه موجودة في الأسواق والمكتبات، ومن يريد توضيح أو توجيه إنتقاد للأستاذ، فإنّه يستقبل التوضيحات والآراء والإنتقادات بصدر رحب. يقول الدكتور والشاعر رفيق صابر الذي كتب هو الآخر مقدمة للكتاب: ان تناول هذا الكتاب يلزمني وان كان بشكل التعبير عن الرأي، ان أتحدث عن (دور شيوعيي كوردستان) في الحركة الكوردية لأنّه بالرغم من فرط إخلاصهم وتضحياتهم وبطولاتهم لم يحتلوا لحد الآن موقعهم اللائق بهم في حركة شعبهم، وظلوا اليوم أكثر مما مضى كأتباع ومقتفي آثار القوى الكوردستانية. ويرى السيد رفيق صابر بأنّ سبب تلك الظاهرة الرئيسي ينبع أساساً من انّ شيوعيّي كوردستان ـ العراق لا زالوا (منتهجين ومقيدين) بحزب عراقي شامل، والذي هو جزء من الحركة العربية، والحزب ينظر إلى مصالح شعب كوردستان من خلال مصالح الشعب العراقي والعرب. ويضيف قائلاً: أنّ الظاهرة المشار لها أعلاه تضع قضية الحزب (الشمولي) في البلدان المتعددة القوميات، ومتعددة الأوطان تحت طائلة التساؤلات والشكوكية، وتصبح لدى مواطني الأمة الخاضعة لتلك البلدان اسطورة، لأنّ من المستحيل أن تقدر مثل تلك الأحزاب التعبير بمعيار واحد عن تطلعات وإرادة وأماني الأمم المتسلطة الحاكمة، وعن الأمم الخاضعة المحكومة. لا شكّ ان الموضوعات والوثائق المتنوعة في هذه الكتب تكشف لنا الكثير من الحقائق المخفية، ومن خلالها يتمكن المؤرخون والباحثون أن يطلعوا إلى حد كبير عن: كيف يفكر قادة الأحزاب الكوردستانية، وقسم من قادة الحزب الشيوعي العراقي؟ وكيف يتخذون القرار السياسي؟ ما مدى ثقافتهم ووعيهم السياسي؟ وكيف يتصرفون أثناء الشدائد والمخاطر؟ إلى أي مدى هم بعيدو النظر أو قصيرو النظر؟ إلى أي قدر يفضلون المصلحة الحزبية الضيقة على مصالح أمتهم؟ كيف يديرون رحى الإخوة الأعداء؟ إلى أي حد يتألمون للمقتولين ويحرصون على أرواح البيشمه ركة (الأنصار) ؟؟. بإعتقادي أنّ ما ذهب إليه السيد رفيق صابر الذي كان في السابق (شيوعياً) يدل على أفكاره التي فيها مزيج من الإزدواجية والتشاؤم والنرفزة تجاه القوميات الأخرى، وكأن القوميات تشكل العقبات أمام طموحاته، وهو بطرحه يبّريء الحكام الذين يقفون في طريق ما يصبو إليه السيد رفيق صابر، وللسيد رفيق صابرحقداً دفيناً على الحزب الشيوعي العراقي، ويتمكن القراء لمس هذه الحقيقة عندما سمى السيد رفيق صابر الحزب الشيوعي العراقي بالحزب (الشمولي)، وهو يثني على(دور شيوعيي كوردستان) في الحركة الكوردية ويقول: بالرغم من فرط إخلاصهم وتضحياتهم وبطولاتهم لم يحتلوا لحد الآن موقعهم اللائق بهم في حركة شعبهم، وظلوا اليوم أكثر مما مضى كأتباع ومقتفي آثار القوى الكوردستانية. السيد رفيق صابر يثني على دور الشيوعيين الكوردستانيين ويمدحهم، ومن خلال المدح والثناء يصفهم (أتباع ومقتفي آثار القوى الكوردستانية)، وهل هناك حقد أكثر من هذا؟؟، هل نسى السيد رفيق صابر بسرعة البرق الحقائق عن الحزب الشيوعي العراقي؟ هل نسى نضال الشيوعيين الكوردستانيين على أن لا يكونوا ذيلاً للأحزاب البرجوازية على الساحة الكوردستانية؟، ألا يتذكر شهداء الحزب الميامين: رسول سور، صابركركوكي، الشقيقين عبدالله وقادر ده لكه يى وآخرين في سرية بشدر؟؟ الا يدري السيد رفيق صابر لماذا استشهدوا؟ الا يتذكرالسيد رفيق صابر رواد الحزب الشيوعي الأشاوس الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل إعلاء راية الحزب والشيوعية، وترسيخ القيم والتقاليد الثورية؟، عن أي حزب (شمولي) يتحدث؟ أنه يشّوه الحقائق بدوافع مبيته، وأراد من خلال مقدمته القصيرة التهجم على الحزب الشيوعي العراقي وهذا ديدنه في كل مناسبة وفي كل لقاء، وممّا جاء في سياق كلامه إساءة إلى سمعته شخصياً. السيد رفيق صابر كان صديقي ولا يزال، وقد عمل في صحافة الحزب، وأرسله الحزب للدراسة في بلغاريا (مرتين)، ونال شهادة الدكتوراه، وعاد إلى كوردستان لفترة قصيرة، ومن ثمّ لم يكمل مشواره في قوات الأنصار كالآخرين، وكان أحد المشجعين لخروج الرفاق من الحزب الشيوعي العراقي وترك صفوفه، وأنضّم إلى مجموعة (الشيوعيين الكوردستانيين)، ولكنه سرعان ما إنقلب عليهم، وأنساق لتلبية عواطفه الجياشة نحو أهدافه ومراميه، وشجعّ الرفاق على تغيرأسم (الشيوعيين الكوردستانيين) إلى حزب يلبي ما في جعبته، ولكنه فشل، ولم يصل لغاياته، وترك الحزب، وأنتمى إلى حزب العمل لإستقلال كوردستان عند نشأته، ولكن لم يكن بمقدوره البقاء في كوردستان للقيام بمهمات ذلك الحزب، إذ خرج وترك حزبه الجديد! (أيضاً)، وأبتعد كلياً عن ترديد الشعارات الفضفاضة، والحلم الذي كان يراوده، وهو حالياً موظف في مؤسسة من مؤسسات الإتحاد الوطني الكوردستاني في السليمانية، وكان السيد رفيق صابر من أشّد أعداء ومنتقدي أصحاب المؤسسة التي يعمل فيها الآن. يتحدث الأستاذ فاتح رسول عن الكارثة الدامية لأحداث الأول من آيار عيد الطبقة العاملة العالمي في بشت ئاشان) عندما شنَ الإتحاد الوطني الكوردستاني هجومه على مقرات الحزب الشيوعي العراقي، وإزاء هذه الجريمة المروعة يقول: أثناء رواية حوادث عام 1983، حاولت بكثير من الدقة والصراحة، وكأنسان ذو ضمير وصادق بعيداً عن العقلية الحزبية الضيقة، عاش جميع الحوادث قبل وبعد وقوع الكارثة وسجّلها، أن أوضحها، وكيف كانت آرائي وتوجهاتي ومواقفي الخاصة آنذاك، والقرار الأخير سيبقى للتأريخ والمؤرخين !. نتيجةً لجرائم أول آيار 1983 في بشت ئاشان إستشهد عدد كبير من الرفاق والمناضلين الوطنيين، لقد ألحقت بحزبنا أضرار فادحة، وعصفت به هزّة عنيفة وبأحزاب الجبهة الديموقراطية العراقية (جود) وجميع الحركات الوطنية والقومية والديموقراطية العراقية والكوردستانية أيضاً. لقد زاد لهيب نار حرب إقتتال الاخوة إشتعالاً، وأنتشرت اكثر فأكثر بذور الشقاق والحقد والكراهية والبغضاء والعداء، وخرج القتل والتدمير في معظم مناطق (سوران) عن الحد. لقد إنتفع النظام الفاشي العراقي أفضل المنافع من هذه الوقائع المرة الأليمة، وإعتبرها فرصةً ذهبيةً، وقد دسّ أصابعه السامة في الأوضاع، ومن نواحي كثيرة. لقد تعبنا جميعاً وتحملنا مشاق ومصاعب كثيرة، وأنتقلنا عبر ثلوج جبل قنديل الأشم إلى شرق كوردستان (كوردستان إيران)، كانت الحياة قاسية، وكنا جميعاً، بدءاً من رفاق المكتب السياسي للحزب إلى أصغر خلية للرفاق البيشمه ركة الأنصار في تفكير دائم ودائب عن كيفية العودة إلى جنوب كوردستان (كوردستان العراق)، وانتقلنا إلى منطقة لولان في المثلث الإيراني العراقي التركي. يذكر الأستاذ فاتح رسول قرار الحزب بالتوجه في نيسان 1984 نحو الداخل، فاستقرت قوات مركز أربيل في منطقة بارزان، وفي بداية آب 1985 يتلقى الحزب رسالة تهديدية مختومة بختم الشيخ خالد البارزاني ومسؤول الحرس الإسلامي الإيراني رحمان رضائي والإنذار بإخلاء المنطقة خلال ستة أيام، وإلا سيتعرض الحزب إلى الهجوم، ويحدث هذا العمل في الوقت الذي كان الحزب الشيوعي العراقي صديقاً حقيقياً للبارزانيين، وتحوّل الحزب إلى بادينان، وقد أصبح موقع مقر أربيل في مضيق (كافي) بمنطقة عشيرة الزيباريين، ومقر أقليم كوردستان في وادي (مه رانه) في مناطق دهوك، وبقى مقر اللجنة المركزية والمكتب السياسي في منطقة خواكورك. يكتب الأستاذ فاتح رسول بصدق وبصراحة فيقول: إنعقد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي خلال 10- 15 تشرين الثاني عام 1985 في قرية (( مه ركه وه روك))، وبعد ثلاثة أيام من إنتهاء المؤتمر أبلغني الرفيق كريم أحمد بأنّ اسمي ليس ضمن قائمة الفائزين بعضوية اللجنة المركزية !، فقررت أن أتوجّه إلى الخارج، وألا أعود قريباً إلى المنظمة الحزبية لأقليم كوردستان، وبعد جهد جهيد وافق المكتب السياسي لحزبنا دون رغبة منه على أن نتوجه مع عائلتي عبر طريق طهران إلى سوريا. يقول الباحث والمؤرخ: بعد أن ركنت إلى الإستراحة قليلاً في مملكة السويد وصلتني كل الدفاتر والوثائق من موسكو(كانت محفوظة عند أولادي الذين كانوا يدرسون هناك)، وبدأت بإعدادها بغية نشرها، كتجربة مساهمتي في الحركة الوطنية القومية في أحلك فترات تأريخها، نيتي وغرضي من هذا العمل هما أن أضع كل الوثائق والتجارب المرة العسيرة للسنوات الأخيرة في مسار تأريخ كفاحنا القومي في مجموعة من الصفحات المكتوبة وأعرضها على أبناء الأمة الكوردية والمثقفين والمخلصين، آملاً أن تكون محّفزة للبحث عن الصفحات المفقودة لتأريخ أمتنا المجزأة الأوصال. وبصدد مسيرة شعبنا الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي الثورية يقول: أنّ مسيرة تلك القافلة التي إستشهد فيها الآلاف من المناضلين ستمتد وتمتد، وقد تركت للجيل الحالي كثيراً من الحكم ودروس الكيف ولماذا، والإيجابية والسلبية والمفجعة، والنافعة والهامة. أنّ المهمة التأريخية الواقعة على عواتق المثقفين المخلصين ومناضلي الأمة الكوردية هي أن يرّتبوا جميع حوادث وتجارب تلك السنوات المريرة، ويدّونوها بروح نقدية موضوعية، ويقدموها إلى الأجيال القادمة للإنتفاع بها، ولتكون قافلة كفاحهم أكثر نتاجاً ونجاحاً من قافلتنا. في (الأجزاء الثلاثة) لكتب الأستاذ فاتح رسول يتعرف المرء، وخاصةً الذين لا علم لهم بالأحداث الدامية التي شهدها العراق، فخصص فصلاً تحت عنوان (عادت حليمة إلى عاداتها القديمة) ويشير إلى عودة حزب البعث العربي ""الإشتراكي""" في العراق إثر إنقلاب مشبوه في السابع عشر من تموز 1968 على زمام الأمور، كما يشير بأن الحزب الشيوعي العراقي قد إتخذ موقفاً إيجابياً ازاء أي قرار أو خطوة أو موقف يتبدى فيه شيء من مصالح الجماهير. عرف البعثيون كيفية التعامل مع الأحزاب والأحداث عند قدومهم، فهم ينتمون إلى حزب يعج تأريخه كلياً بالأعمال الإرهابية والممارسات العدائية والشوفينية والنزعة العنصرية، وكانت الجماهير العراقية تنظر إلى زمرة البعثيين، بأنّها زمرة تمثل قوة شوفينية وإرهابية، وتأريخها الماضي مليء بالجرائم والقتل والتآمر، فالجماهير لا تنسى حمامات الدم وأعمالها الوحشية، ومجزرة الثامن من شباط الأسود عام 1963، وكانوا مثار الخوف والحذر وعدم الثقة والإعتماد من قبل غالبية الجماهير والقوى السياسية العراقية. عمل البعثيون حسب استراتيجيتهم واولويات توجهاتهم سحب وكسب الحزب الشيوعي العراقي إلى جانبهم فترة من الزمن، من أجل التعاون معهم، وكانوا بأمس الحاجة إلى هذا التعاون، ليس على الصعيد الداخلي فقط، إنّما على صعيد جميع بلدان العالم وحركات التحرر والسلم والديموقراطية، بهدف الإستفادة من اسم وسمعة الحزب الشيوعي العراقي. وحزب البعث عمل على تعزيز العلاقات مع الدول الإشتراكية، كما عمل بنفس طويل، وكتمان شديد، وإختيار أساليب وطرق مختلفة لتعزيز مواقعهم وتثبيتها، وتعزيز مراكزهم بشكل جيد، لكي لا يفقدوا مرة أخرى زمام الحكم !، ولتحقيق هذه الإستراتيجية إنتهجوا سياسة (الغاية تبرر الوسيلة)، وإذا شعر البعثيون بأي خطر يتم القضاء عليه بكل ما كانوا يمتلكون من قوة وإقتدار، وكان هدفهم الأول يتركز على القضاء والإجهاز على ثورة 11 أيلول التحررية 1961 في كوردستان، وكانت خطتهم الثانية إضعاف الحزب الشيوعي العراقي، والقضاء عليه حسب أحلامهم وتفكيرهم العنصري الشوفيني. يذكر الكاتب بأنَ إتفاقية الحادي عشر من آذار 1970 كان إنتصاراً عظيماً ومكسباً هاماً للحركة الثورية والديموقراطية وجميع القوى التقدمية العراقية، إلا أنّ النظام الحاكم بدأ منذ البداية يخطط ويتآمرلإفساد الإتفاقية، فأخذ يضع العراقيل والمعوقات في طريق تنفيذها، ومع إخفاق ثورة أيلول وإنهيارها أثر إتفاقية الجزائر المشؤومة في شهر آذار 1975 كشف البعثيون عن وجوههم أكثر فأكثر، فتمزقت الأقنعة عن معظم الأهداف والنزعات المخفية، وقد لاحت المؤامرات والمخططات الشوفينية، ونوازع الحقد والكراهية ومعاداة الأمة الكوردية والديموقراطية كالبدر شاخصاً. يخصص المؤرخ والباحث فصلاً عن الإرهاب الوحشي فيقول: أخذت الحملات والضربات الموجهة لتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي مدى أوسع، فالنظام الفاشي وسّع من نظاق حملته الشعواء من خلال تدمير وتصفية المناطق التنظيمية واحدة تلو الأخرى، إبتداءً من محافظة البصرة حيث تساق يومياً مئات من الرفاق والمؤيدين إلى دوائر الأمن والإستخبارات ومقرات البعث وجميع المنظمات التابعة له، وكانوا يتعّرضون إلى أبشع أساليب وأشكال التعذيب الجسدي والنفسي، طالبين منهم إفشاء الأسرار الحزبية والتخّلي عن العمل السياسي مع الحزب الشيوعي، والتوقيع على تعهد بعدم العودة مرة أخرى إلى الحياة الحزبية، بإستثناء العمل تحت راية البعث العراقي!، وقد صفيت تنظيمات حزبنا في وسط العراق وجنوبه. ووصلت الحملة إلى بغداد، وتحولت المدارس والكليات والمعامل والنوادي والدوائر الحكومية والنقابات ومقرات حزب البعث إلى فروع التحقيقات الأمنية مع أستخدام كافة وسائل وأدوات التعذيب، فأرسل الرفاق في قيادة الحزب الذين كانوا في بغداد رسالة مستعجلة إلى مكتب الأقليم للحزب حملها الرفيق أسعد خضر، وكنا آنذاك ثلاثة رفاق باقين في مكتب الأقليم أحمد بانيخيلاني، يوسف حنا، والمؤلف فاتح رسول، وكانت الرسالة قصيرة جداً وجاء فيها: وصلت حملة النظام إلى بغداد، كونوا حذرين، إفعلوا ما في إمكانياتكم لصيانة أنفسكم وتنظيمات الأقليم كافة، وفي الإجتماع الثلاثي تقرر ذهاب الرفيق أحمد بانيخيلاني إلى السليمانية لإبلاغهم بالأمر، وأن يغادر المؤلف البيت، على أن يبقى الرفيق يوسف، ويواصل إشرافه على مقر الأقليم. إستطاع المؤلف وبرفقته المناضل الشيوعي توما توماس بعد سهر طويل ومشاق ومصاعب الوصول إلى كويه، ومن ثمّ رانية ومقرات بيشمه ركة الإتحاد الوطني الكوردستاني في منطقة (ناوزه نك). وفي ناوزه نك كان اللقاء الأول مع مام جلال طالباني الذي سمع بمجيئنا وعدد من الرفاق الشيوعيين، وخرج من غرفته وأستقبلنا بشوق وحرارة، فدوى صوته إصطخاباً، مرحباً ومحتفياً بقدومنا، ونادى أعضاء قيادتهم، وقد جاء جميعهم لإستقبالنا والترحيب بنا.وقد أحسست مع الرفيق توما توماس بأنّ قيادة الإتحاد الوطني الكوردستاني مبتهجة للغاية بما آل إليه وضعنا الحزبي من الشدة والقسوة. وضع العراق مأساوي والنظام البعثي يجلب الويلات والكوارث في كل يوم، وتأتي الإعتقالات الكيفية والتعذيب الوحشي للوطنيين والشيوعيين من سائر القوميات والإعدامات وحربه القذرة في كوردستان في أولوياته، وبالمقابل أنّ العلاقات بين الأحزاب الكوردستانية تمر بفترة عصيبة وشائكة، ويلعب الحزب الشيوعي العراقي دوراً مشرفاً في إيجاد أرضية لجمع الأحزاب المتقاتلة وحل مشاكلها بالطرق السلمية، وحول هذا تختلف الرؤى والتقديرات من جانب الأحزاب، فقسم منها لا تمانع بالجلوس مع الأطراف المتصارعة، والقسم الآخر يرفض الجلوس، وكل طرف يريد الإستئثار على الساحة، وفي إجتماع ضمّ رفاق الحزب مع قيادة الإتحاد الوطني الكوردستاني (اوك) تقرر: منع حدوث حرب إقتتال الأخوة. أن يطلق الجانبان أوك والحزب الديموقراطي الكوردستاني (حدك) سراح معتقلي الطرف الآخر. إيقاف حملات الإعلام والإعتداءات بين الأحزاب الكوردستانية. يشير المؤرخ والباحث فاتح رسول إلى الإجتماع الموسع للكادر المتقدم من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي في توزله (في الجبل) بحضور رفيقين من لجنة أقليم كوردستان لدراسة نقطتين هما: بيان الحزب الذي نشره في أواسط شهر آيار 1979، ومقترح الجبهة الديموقراطية العراقية. وقد توصل الإجتماع إلى جملة من الآراء والمقترحات والإنتقادات، وأهّمها كانت: تخلفت قيادة الحزب كثيراً عن حماية الغالبية العظمى من الكوادر والأعضاء، ومن التهيؤ للنهج الجديد. تتحمل قيادة الحزب مسؤولية الكوارث التي حدثت، والتي تحدث. هجمات وإعتداءات وجرائم شنت ضد الحزب، ولكن القيادة لم تنبس ببنت شفة. تمر الآن سبعة شهور ووصل عدد من الرفاق إلى المناطق الجبلية، ولهم كامل الإستعداد للمقاومة دفاعاً عن شرفهم الحزبي، ولكن القيادة لم ترسل لهم سوى القليل من السلاح والمال. يلاحظ في بيانات الحزب وإعلامه الإختلاف البين والتناقض، ومواقف مختلفة في القيادة نفسها. لم يرفع الحزب شعار إسقاط النظام البعثي الدكتاتوري علناً. وأمّا عن مواقف البلدان الإشتراكية والكثير من الأحزاب الشيوعية، فهي خاطئة وخالية من روح الأممية، وليس في آذانهم وقر، وعلى عيونهم غشاوة المصلحة الضيقة فحسب، بل بالعكس ملتزمون بالنظام العراقي، ويمدون له يد المعونة والمساعدة بكل الأشكال. وحول الجبهة الوطنية الديموقراطية بين الأحزاب الكوردستانية والعراقية يقول الأستاذ فاتح: أيّد (اوك) سياسة الحزب للتقارب بين القوى العاملة على الساحة، وردّت القيادة المؤقتة للبارتي (حدك) على مقترح الجبهة، وكانت جميع آرائهم وملاحظاتهم إيجابية، وأبدوا إستعدادهم حول كل أنواع التعاون والتنسيق والكفاح المشترك في سبيل إسقاط النظام البعثي، وتشكيل حكومة إئتلافية ديموقراطية، ونحن نتحدث عن الجبهة إستلمنا من إحدى منظمات حزبنا بأنّ أجهزة المخابرات أرسلت عميلاً يدعى (حسين رسول ميران) من أهالي قلعة دزة إلى المنطقة للتجسس وإغتيال عدة أشخاص، وألقت مفرزة من مفارز الحزب القبض عليه، ولم يمض وقت طويل فتلقينا رسائل ثلاثة أحزاب كوردستانية، كلهم يطلبون إطلاق سراحه، يقولون ان هذا الرجل يعود إلينا ويعمل لحسابنا!، ولاحظوأ يا جماعة هذا الوضع الغريب السائب !!، رجل مشبوه تعتبره ثلاثة أحزاب تابعاً لها، يتسابقون فيما بينهم للدفاع عنه. في 7/8/1979 أذاعت إذاعة بغداد قرارات المحكمة القرقوشية باسم محكمة الثورة بإعدام كوادر البعث الذين إتهمهم الدكتاتور صدام حسين بالتآمر وعددهم (22) ومن بينهم: محمد عايش وغانم عبدالجليل وعدنان حسين الحمداني ومحي حسين المشهدي ومحمد محجوب، وهؤلاء كانوا أعضاءً في القيادة القطرية (قيادة قطر العراق) وأعضاء في مجلس قيادة الثورة، كما أعدم أعضاء قياديين بدرجة فرق وشعب.. رغم المجزرة الرهيبة التي جرت بإيعاز من الدكتاتور صدام حسين وتحت إشرافه ضد زبانيته في قيادة الحزب والدولة خرجت مظاهرات في كل المدن العراقية بتنظيم من البعثيين لتأييد خطوات الرئيس الجلاد، ووجّه صدام خطاباً إلى العراقيين أكّد فيه التهديد والوعيد بأنّ أي شخص او جهة ينبس ببنت شفة ، فلن يبقى، لا هو ولا عائلته واهله على قيد الحياة، ستقطع رقابهم. بهذه البداية الدموية والعمل الدنيء البعيد كل البعد عن الشعور الإنساني، خطط الرئيس الجديد صدام حسين وبشكل مخادع كالثعلب الماكر لمؤامرة شنيعة ضد أقرب رفاقه، وقضى عليهم واحداً تلو الآخر بهدف الوصول إلى سدة الرئاسة، ويوجد لحد الآن عدد من الأبواق العروبوية ومن المنافقين الذين فقدوا شرفهم وكرامتهم يدافعون عن الرئيس الجلاد الذي أوصل العراق إلى الأوضاع الشاذة والتي يعيشها أبناء الشعب اليوم. وأمّا عن الشأن الكوردي يذكر المؤرخ والباحث فاتح رسول في كتابه التحركات والجهود التي تبذل هنا وهناك لتحريم المعارك بين جميع الأطراف من الأحزاب الكوردستانية والعراقية، والتفكير الجاد لتطويرها ودفعها إلى الأمام وتشكيل جبهة ديموقراطية لمواجهة العدو المشترك المتمثل بالنظام الهمجي في العراق، والإهتمام بتعاونها مع الأحزاب الكوردستانية الأخرى في البلدان المجاورة التي تحتل كوردستان، وخاصةً مع الحزب الديموقراطي الكوردستاني في إيران (حدكا)، وجرت لقاءات عديدة بين الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكوردستانية، وساهم رفاق الحزب الشيوعي العراقي القياديين يوسف حنا (أبو حكمت) وتوما توماس (أبو جميل) وفاتح رسول (أبو آسوس) بجدية مع قياديي الأحزاب الأخرى على الساحة، فعقدوا سلسلة من الإجتماعات ثنائية وجماعية، شارك في قسم منها إضافة إلى الوجوه القيادية في تلك الأحزاب مسعود بارزاني رئيس (حدك) وجلال طالباني سكرتير (اوك) وعبدالرحمن قاسملو سكرتير (حدكا) ورسول مامند سكرتير الحزب الإشتراكي الكوردستاني (حسيك). ومن الامور الجيدة والمهمة التي تمخضت عن تلك الاجتماعات التأكيد على تحريم إقتتال الإخوة أو المتاركة، والإتفاق على الدفاع عن المناطق المحررة، وقطع الطريق أمام الجواسيس والعملاء التابعين للنظامين العراقي والايراني، حيث أنهم يسرحون ويمرحون كما يشاؤون في جميع مناطق كوردستان. وجرى التأكيد لتشكيل مجلس عسكري مشترك، ومهمته تتضمن تنظيم وتسليح وتموين البيشمه ركه (الأنصار)، وأن يبذل الجميع لتشكيل مؤسسة إعلامية تقوم بالنشاطات الفكرية والسياسية في الداخل والخارج لتعريف الرأي العام بحقوق الشعب الكوردي ومطاليبه المشروعة، وفضح الأعداء في سياستهم القائمة على الإضطهاد والعدوان ضد الشعب الكوردي، وكسب الراي العام التقدمي للقضية الكوردية. وعن الحوار والتفاوض مع إيران يقول عبدالرحمن قاسملو: قبل الهجوم علينا واندلاع القتال ذهبنا إلى الإمام الخميني وطلبنا منه حل مشاكلنا بالطرق السلمية وعودة حالة الهدوء والاستقرار والامان الى ما كانت عليها في جميع المناطق، لكن جهودنا لم تجد نفعاً، وتبين أن قيادة النظام قد خططت وحبكت المؤامرة لاشعال الحرب في ارض كوردستان، في البداية كانت لوزارة الدفاع و مصطفى شميران واحمد مفتي زاده يد طولى في الهجمات التي شنت على المناطق، وبالأخص على باوه. نعم، كان حدكا مع الحل السلمي، وعلى إستعداد للدخول في المفاوضات مع حكام طهران، وأكد قادته القبول بأقل المطاليب التي تضمنت: ان تكون حماية الامن الداخلي في كوردستان (إيران) في ايدي الكورد،اي تكون الشرطة والموظفون كورداً. أن يكون التعليم في المدارس باللغة الكوردية. فسح المجال للحزب (حدكا) أن يمارس الأعمال الحزبية والسياسية علناً. أن لا يتدخل الجيش الإيراني في شؤون كوردستان. وهنا يسجل المؤرخ والباحث فاتح رسول قائلاً: يجب ان لا ننسى هذه الحقائق، بأن نقدم قبل اي شيء على تعزيز التعاون والتنسيق فيما بيننا. وان نعمل من اجل ان تلتقي دائماً خطواتنا ومواقفنا الرئيسية، وأن يجري الاهتمام الجيد بالمنظمات الحزبية وتشكيلات حرب العصابات، والمزيد من نشاطاتهم وفعالياتهم، والى جانب خطواتنا هذه الا نتخلى عن الحل السلمي لمشاكلنا. تتضمن الصفحات الأخيرة من الجزء الأول للكتاب عن الجهود والمساعي التي يبذلها قادة الأحزاب الكوردستانية والحزب الشيوعي العراقي لإيجاد أرضية قوية وراسخة للتلاحم النضالي والتحالف بين القوى الفاعلة على الساحة الكوردستانية، كما تتضمن الاعيب وأفعال النظام العراقي الدموي والعزف بألحان شجية لجر طرف أو أكثر من قوة سياسية إلى جانبه، وعلى هذا اللحن الآتي من الشوفينيين وفاشيي بغداد زار الدكتور محمود عثمان المدعو نوري الحديثي القائد العسكري في قلعة دزة، وأرسل بمروحية وألتقى في بغداد بالمسؤولين العراقيين وفي طليعتهم فاضل البراك مدير الأمن العام، كما زار صدام حسين، ويروي الدكتور محمود عثمان بأنّ الدكتاتور تحدث بإسهاب لمدة (3) ساعات عن محاسن نظامه وتوجهاته من أجل حل كل المشاكل العالقة مع الأحزاب العراقية، وطلب عودة الجميع والعيش تحت خيمة البعث، وقد قال الدكتور محمود لصدام حسين: أن الطريق الصحيح هو إطلاق الحريات الديموقراطية للجماهير، وعاد الدكتور وأبلغ قادة الأحزاب بما جرى وأحاديث ومطاليب صدام حسين، وبعد الدراسة الجيدة تقرر غلق الباب على إدعاءات صدام ونظامه القمعي. كثّفت الأحزاب الكوردستانية وحزبنا الشيوعي العراقي جهودها، وعقدت إجتماعات فيما بينها بغية التعاون والتصدي للأعداء بمختلف تلاوينهم، ونظراً للمواقف المرنة والصائبة للحركة التحررية الكوردية في شرق كوردستان (كوردستان إيران)، والمطالبة بحل قضية الأمة الكوردية حلاً سلمياً، أعلنت الحكومة الإيرانية تشكيل لجنة خاصة، ومنحها صلاحيات كاملة للدخول في الحوار والمفاوضات مع ممثلي الامة الكوردية وبالاخص مع حدكا والشيخ عزالدين من اجل حل المشاكل بين الكورد والنظام الايراني، وأبرز الشخصيات في اللجنة هاشم صباغيان وزير الداخلية، ومصطفى شميران وزير الحربية (الدفاع)، وداريوش فروهر وزير الدولة، والجنرال فلاحي قائد القوات المسلحة الإيرانية. ونظراً للصراع القوي بين حكام ايران وبالاخص بين وزارة مهدي بازركان واجهزة الامام الخميني وخلال (20) يوماً جرى تكوين وتغيير ثلاث لجان، فريق يصر على استمرار شن الهجمات على الكورد لاخضاعهم واذلالهم، وفريق ثاني له قناعة بان سياسة استخدام النار والحديد والقتل والتدمير لا تحل المشاكل، وتكون نتيجتها غير مجدية، فالإمام الخميني واجهزته في منتهى التفكير الرجعي والتخلف ازاء الحقوق المشروعة لشعوب ايران في التمتع بحياة الحرية والسعادة والديموقراطية، انهم مصرون على إنضواء الجميع تحت راية الدين الاسلامي بزعامة الامام الخميني. في الصفحات الاولى من الجزء الثاني لكتاب: صفحات من تأريخ كفاح الشعب الكوردي يستعرض المؤرخ والباحث الاستاذ فاتح رسول اهم احداث عام 1979 الذي مر، وحمل العديد من الحوادث الملفتة للنظر والمتسارعة جداً ومنها: إنتصار ثورة الشعوب الايرانية على النظام الملكي الشاهنشاهي الذي يعد اقدم نظام ملكي في التأريخ القديم. ابعاد رئيس الجمهورية العراقية احمد حسن البكر عن رئاسة الجمهورية واحلال صدام حسين محله. ان الحملة الوحشية لحزب البعث واجهزته القمعية على جميع المناضلين والوطنيين والتقدميين العراقيين وابناء امتنا الكوردية، وبالأخص الهجوم العنيف على الحزب الشيوعي العراقي دفع بالحزب إلى إحباط جبهة التعاون معهم ورفع شعار إسقاط نظامهم. تنمية وتوسع منظمات الحزب الديموقراطي الكوردستاني ـ إيران في معظم المناطق. وفاة المناضل الكوردي ملا مصطفى بارزاني. تأسيس الحزب الإشتراكي الموحد في كوردستان العراق. لاول مرة عبر عدد من النواب في قاعة المجلس الوطني الكبير في تركيا عن استنكارهم وشجبهم للقتل والتدمير الذي يقوم به الجيش والحرس الاسلامي الايراني ضد الكورد وناشدوا رئيس الوزراء (بلند أجويد) ان يرفع عقيرته ضد هذه المذبحة ويعارضها، كما طالب نائبان بأن تعترف تركيا بوجود القومية في تركيا. تم احتلال السفارة الامريكية في طهران بقرار من مكتب الامام الخميني. خنق اول رئيس لجمهورية افغانستان رئيس حزب الشعب الديموقراطي {نور محمد ترقي} في غرفته بالمخدة وبمؤامرة مشبوهة قذرة قام بها عضو المكتب السياسي لحزبه ""حفظ الله امين"" وحل محله،ولم يلبث ان اكتشفت المؤامرة واعدم حفظ الله امين بتهمة الخيانة الوطنية العظمى. يشير المؤلف إلى الإنفراج في العلاقات بين الأحزاب العراقية والكوردستانية والعمل الجاد والمثابر للإتفاق على تحالف جبهوي، والدعوة على إنهاء الإقتتال بين الأخوة، كما يشير إلى تقبل أطراف الحركة الكوردية في إيران لفتح صفحة في العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والإشارة إلى سفر المناضل عبدالرحمن قاسملو سكرتير حدكا والمناضل غني بلوريان إلى طهران وإجراء جولة من المفاوضات لحل القضية الكوردية في إيران سلمياً، وقد اكد الدكتور قاسملو على ان الشعب الكوردي وحدكا لا يبغون القتال، ولا يودون القتل والتدمير والخراب، انما يريدون حل جميع المشاكل مع حكام طهران عن طريق المحادثات السلمية، ويشير المؤلف إلى إنعقاد المؤتمر الرابع للحزب الديموقراطي الكوردستاني ـ إيران، وإنتخاب قيادة جديدة للحزب، واحتفاظ قاسملو كسكرتير عام للحزب، ولكن هذا الحدث المهم في حياة حدكا لم يدم طويلاً، إذ ان قيادة حزب توده الإيراني وصحافة الحزب كانتا تلعبان دوراً تخريبياً سراً وعلناً لتشويه سمعة حدكا، وإرباك أوضاع كوردستان "إيران" تحت ستار الدفاع عن الامام الخميني، الأمر الذي بعد إنتهاء أعمال المؤتمر ليس بفترة طويلة أدى أن يعلن بعض من أعضاء اللجنة المركزية والكوادر المتقدمة إنشقاقهم عن الحزب، وتشكيل لجنة قيادية خاصة بهم، فأخذوا يقومون بالنشاطات والعمل السياسي والجماعي تحت أسم (حدكا) نفسه، جاءت هذه الخطوة في وقت غير مناسب للغاية، فتعرض حدكا على أثرها إلى هزّة عنيفة نسفت أوضاعه في نواحي كثيرة، وألحقت أيضاً أضراراً ضخمة بكل الشعب الكوردي وحركة التحرر الديموقراطي الإيراني. كانت جريدة ""مردم"" لسان حال حزب توده الإيراني الصادرة باللغتين الفارسية والكوردية أشد حماساً وإندفاعاُ من الخمينيين في دفاعها عن نظام الملالي ونهج الامام، وكان حزب توده الإيراني يدعم ويساند المنشقين غمزاً ولمزاً، إذ كانت المعونات والمساعدات تصلهم من توده، فموقف ونهج قادته حول مصائب وتدمير كوردستان كان كموقف كل الاحزاب العنصرية. سجل المؤلف نقطة هامة حول الكورد الفيليين عندما أشار إلى حادثة جامعة المستنصرية ورمي رمّانة يدوية على طارق عزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء الذي كان يتحدث للطلبة، وعلى إثر تلك العملية قتل أثنين من الطلبة، وأصيب طارق عزيز وعدد من الموجودين حوله. ولم يلبث طويلاً ظهر صدام الدكتاتور على شاشة التلفزيون، وهو في حالة هيستيرية متشنجة، فصبّ جام غضبه وحقده الشوفيني الدفين في قلبه لدرجة أنّه كان خارج التصور والعقل وقال: "لن أدع قطرة من الدماء التي أريقت أن تمرّ دون أن نثأر وننتقم أضعاف مضاعفة، نقتلهم ونبيدهم ونقضي على {{نسلهم}} ونجتث آثار المشبوهين والمجرمين من الجذور.... الخ". وأثناء تشييع جنازتي المقتولين المتوجه إلى المقبرة إنطلاقاً من جامعة المستنصرية لدفنهما، ألقيت قذيفة يدوية (رمّانة يدوية) على الموكب، والتي أدت إلى قتل شخص واحد وجرح عدد من المشيعين، وبعد أيام وصلت أخبار بأنّ النظام الفاشي شنّ هجوماً شديداً على عائلة وأقرباء (سمير نور علي) الذي ألقى الرمانة على نائب الدكتاتور طارق عزيز، فأبادوا عدداً منهم، ثمّ بدأوا بشن حملة إرهابية واسعة النطاق ضد الأخوة الفيليين، وجرت بحقهم عمليات النهب والسلب، والإستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقوله، وإعتقال الأبرياء وتجريدهم من كل ما يمتلكون من مستلزمات الحياة، وإلقائهم جياعاً عراة على الحدود العراقية ـ الإيرانية، وقد مات عدد من الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى جرّاء التعب والأعياء والبرد الشديد والجوع والعطش في الطريق، ان الأعمال البربرية الإجرامية الوحشية التي أرتكبت ضد الأخوة من الكورد الفيليين في بغداد، لم يفعلها سوى النظام الهتلري الفاشي المقبور ضد اليهود وتقدمي أوروبا، لقد إستغل النظام حادثة جامعة المستنصرية كفرصة مواتية وملائمة جداً لإستئصال جذور كل الكورد الفيليين في بغداد وجنوب العراق، بحجة وذريعة زاعماً ان هؤلاء الكورد هم من الأجانب وليسوا من العراقيين، ان الشوفينيين العنصريين فعلوا ما في قدرتهم، وأستولوا على ممتلكاتهم ومنازلهم وأسباب حياتهم، وشرّدوهم وهجّروهم عنوةً، يقول الشيخ محمد الخال في الجزء الأول من معجمه المطبوع في 31/8/1959 : {{ أنّ الأخوة الكورد الفيليين يعيشون في بغداد منذ أكثر من ثلاثة قرون، لكنهم لم ينسوا أنفسهم}}. لقد أدان مكتب أقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي وكل الأحزاب في كوردستان العراق، والجماعات الإسلامية في طهران هذه الجريمة الشنيعة التي أرتكبها النظام الفاشي العراقي ضد الكورد الفيليين والشيعة، وكل هذه الجماعات فضحوا تلك الممارسات اللاإنسانية، إلا أنه لا الأمم المتحدة ولا البلدان التي كانت تدّعي الإشتراكية والتقدمية والديموقراطية، ولا الجمعيات واللجان والجماعات التي كانت تدعو إلى المساواة وحقوق الإنسان لم ترفع أصوات الإحتجاج والإستياء ضد هذه المأساة التي نفذها النظام العنصري الدكتاتوري العراقي ضد الكورد العراقيين. لقد قام النظام الجائر في بغداد في عام 1972 فقط بترحيل ما يقارب أربعين ألف كوردي فيلي بذريعة عدم عراقيتهم ونهبت ممتلكاتهم.لا يخفى ان النظام البعثي العنصري بدأ بعد إتفاقية الحادي عشر من آذار 1970 بملاحقة ومطاردة الأخوة الفيليين، وأستمر النظام على الإستيلاء على ممتلكاتهم وتجريدهم من هوياتهم ووثائق التجنس الأخرى، فمن خانقين وجلولاء والسعدية حتى مندلي ـ بغداد، بدرة وجصان، على الغربي، العمارة والبصرة....الخ أخذ الفاشيون المجرمون يهجرون آلاف الكورد إلى الخارج، حيث باتوا دون مأوى وعمل ولا أرض، ولا وطن فهم يعيشون حالة التشرد والغربة والإغتراب. يقول الأستاذ فاتح رسول بمناسبة يوم (1) آيار: لمناسبة (1) آيار عيد العمال العالمي أقيم إحتفال منتظم جميل في أعالي وادي ناوزنك، حضره أكثر من 300 شخص من ممثلي حشع، اوك، حزب البعث ـ قيادة قطر العراق، منظمة جريكهاي، وألقى الرفيق توما توماس كلمة حشع، تلته كلمة اوك إرتجلها حكمت حكيم (ملا بختيار)، وكانت كلمة غير مناسبة فيها اللغو الفارغ، والتهجم بشدة على الحزب الديموقراطي الكوردستاني ـ العراق، وإنتقاد الأحزاب والقوى التي تصادق وتدعم البارت (حدك)، وبدت الإنتقادات موجهة ضد إتجاه وتوجه حشع. بعد نقاشات طويلة مع الأطراف المتنازعة على الساحة الكوردستانية والجهود الكبيرة للحزب الشيوعي العراقي التي سهّلت تبادل الرسائل بين الأخوة الفرقاء، ومن ثمّ عقد لقاءات مكثفة، تبددت الغيوم وأنقشعت، وعادت العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين الأحزاب، وبالمقابل شددت السلطات الدموية للنظام الدكتاتوري الأهوج قبضتها على الجماهير والمواطنين العزل في المدن، وخاصةً مدن كوردستان، وشنّت طائراتها الحربية والمروحيات هجوماً شرساً على مناطق تواجد البيشمةركة في منطقة شاربازير وده شت هولير وكرميان والإغارة على مقرات الأحزاب في توزلة وناوزنك وغيرها. يروي المؤلف في فصل بعنوان: قطع الطريق المقابل بالمثل عن قيام بيشمه ركة أوك إعتقال عدد من بيشمه ركة حدك، وعند إطلاق النيران يتصور في البداية حفلة عرس، وتبادل العروسين بين ساكني قريتين كما هي العادة، ويسأل عن هذه الجلبة وإطلاق النيران، ويعلم فيما بعد أن أنصار أوك يسوقون (17) شاباً كوردياً، وأن هذه الضجة والجلبة كلها لأجل أنّ هؤلاء من أنصار حدك، تمّ أسرهم في منطقة روست وكريك التابعتين لقضاء رواندوز، وجردوا من أسلحتهم وجلبوا بصفة مسجونين إلى مقر قيادة أوك في ناوزنك، وهنا ترتعد كل فرائصه ويصاب دماغه بدوران وتشوش، ويقول في قرارة نفسه: أبهذه الأعمال تبلغ الأمة الكوردية أمانيها؟، ما جريمة هؤلاء الأبناء المخلصين (المساكين) حتى يتلقون الإهانة والإحتقار بهذا الشكل؟، وأن يدفعوا بشتائم وصرخة وصياح؟. لا بدّ من الإشارة إلى المعارك الجانبية التي حدثت أكثرها بتخطيط مسبق من القيادات، أو بإيعاز منها، علماً ان الحزب الشيوعي العراقي أبلغ جميع القوى والأحزاب بأنّه ضد إقتتال الإخوة، ويبذل الجهد لترتيب وإعادة العلاقة بين أوك والبارتي وحسيك، ويتصالح كل الأطراف فيما بينهم، ويسود التعاون والصمود في خندق واحد في كل أجزاء كوردستان، وطلب الحزب (حشع) منهم مراراً بتجرد وانصاف، أن يعيدوا النظر في مواقفهم، ويفتحوا صفحة جديدة للعلاقات النضالية والأخوية، وبأنّ الحزب (حشع) يقف ضد الطيش والجموح والجنوح، وضد الصدام والإشتباك بين القوى الكوردستانية، ولا نقف أبداً مع أي طرف ضد الآخر، وللحزب إنتقادات كثيرة على الحوادث المؤسفة التي وقعت هنا وهناك، وعلى سبيل المثال حوادث روست، وبهذا الصدد يقول قادة الحزب: نحن لا ندري أي مصلحة تكمن في ذلك العمل بأنّ الشاب الكوردي الفقير والفلاح الكوردي ان يقتل بيد أخيه، لمجرد أنه بسبب إخلاصه لتراب وطنه حمل السلاح، أو يهان ويتعرض للأذى والنكبات، ونحن فعلاً مستاؤون من هذه الحوادث، وحول بيشمه ركة البارت في سجن أوك، يطلب حشع من أوك الكف عن إرغام البيشمه ركة القيام بالأعمال الشاقة والسخرة، ويطلب باسم الإنسانية والوطنية إطلاق سراح جميعهم وإعادة الأسلحة إليهم، وإرجاعهم إلى حيث يشاؤون. في 28/6/1980 أرسل الملازم عمر عبدالله من أوك رسالة إلى فاتح رسول عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يقول فيها: رفيقي وأخي المحترم جداً كاكه فاتح رسول (في اللغة الكوردية كلمة {جدا}ً عند تبادل التحية للتعظيم) تحية ثورية أتمنى لكم السعادة والتوفيق، أخي المحترم هذه أسماء المسجونين العائدين لـ (ق.م) عندنا. ق.م ( القيادة المؤقتة للحزب الديموقراطي الكوردستاني ـ البارت)، وفي القائمة المرفقة مع الرسالة قائمة بأسماء السجناء العائدين للبارتي، وفي ختام الرسالة كتب الملازم عمر عبدالله أسماء معتقليهم عند ق.م (القيادة المؤقتة ـ حدك): عبدالواحد باجلان، أحمد سوراو وحكيم أحمد قادر. استلم رفاق حشع الأخوة من حدك الذين كانوا معتقلين عند أوك، وأصبحوا ضيوفاً عند التنظيم العسكري الخاص برفاق السليمانية، وعند مجيء الضيوف وعلى الفور تمّ ذبح خروفين، وإحضار الطعام لهم، وقام الرفيق (الحلاق) بقص شعر الراغبين منهم، وتمّ تحضير الماء الحار في الحمام، وبعد السباحة تم تزويدهم ببطانيات للنوم، ومكثوا يومين، وبمبادرة من الحزب تم صرف مساعدة مالية لهم، وارسلوا مع مفرزة حتى وصولهم إلى مكان آمن. تكررت الحوادث والمعارك والإعتقالات بين أطراف وأحزاب كوردستانية عراقية وإيرانية، ولعب حشع بنشاط دور الوسيط لحل المشاكل المستعصية بين هذا الحزب وذاك، وتمكن من تقريب وجهات النظر وإطلاق سراح المسجونين، وعلى المرء أن لا ينسى بأنّ حوادث الإعتقالات كثرت، ورافقت جميع الأحزاب بإستثناء حشع الذي برز ومنح الثقة الكاملة من لدن أكثرية الأحزاب على الساحة. في الجزء الثاني من الكتاب تمّ نشر: نداء تأريخي من أجل تشكيل جبهة تحرير كوردستان وجبهة وطنية ديموقراطية في العراق، وقد أجتمع قادة الأحزاب بناءً على دعوة المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني بمنتهى الشعور بالمسؤولية، والإبتعاد كلياً من حرب إقتتال الأخوة، من أجل توحيد الصفوف الوطنية في كوردستان، وقد إجتمع الجميع بنية صافية وإيمان ثابت وراسخ بأنّ الشعب العراقي عموماً والشعب الكوردي خصوصاً أحوج ما يكونان من أي وقت مضى إلى توحيد القوى الوطنية والديموقراطية والإسلامية، بأمل تكوين جبهة تحرير كوردستان، وجبهة ديموقراطية وطنية في العراق، تتحد فيها كل القوى الوطنية والديموقراطية والإسلامية على ميثاق وطني مشترك للقضاء على النظام الفاشي السفاح في العراق. وحول الجبهة عقد لقاء ثنائي بين حشع وأوك في23/8/1980، وحضر من حشع الرفاق عمر علي الشيخ، وأحمد بانيخيلاني، وفاتح رسول، وعن أوك السادة نوشيروان مصطفى وعمر الشيخ موس ونجم الدين عزيز، وفي مستهل الإجتماع تحدث الرفيق عمر علي الشيخ (أبو فاروق) قائلاً: أ ـ بصراحة نتحدث عن العقبات التي تقف في طريق الجبهة، فالبعثيون في قيادة قطر العراق يضعون العراقيل في طريقها، إذ أنّ حشع لا يتفق بأي شكل مع هذه المواقف مثل: لا يجوز ممارسة العمل السياسي داخل الجيش مستقبلاً. عدم إبقاء إسرائيل بشكلها الحالي وإلقائها في البحر. تحرير عربستان إيران، ويقصدون بها خوزستان من نفوذ النظام الإيراني. أن تكون وحدة البلدان العربية قبل كل خطوة. حول الوضع القادم لكوردستان العراق والتي يسمونها (شمال الوطن) يجب أن تنفذ إتفاقية 11 آذار 1970. ب ـ ان الحوادث التي وقعت بين القوى الكوردستانية مدعاة للأسى والأسف والألم، وبالأخص في كوردستان العراق، حيث أن حرب إقتتال الأخوة والفوضى والشغب في زيادة مطردة، تترتب على كل أطرافنا وشعبنا نتائج باهضة جداً من جرّاء هذه الكوارث، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حدثت أربع معارك وصدامات شديدة بين القوى الكوردستانية، لقد قتل عدد كبير من أبناء شعبنا الكوردي سدى وعدد من الجرحى، ونتيجة لهذه الحالة المأساوية وخلال تلك الفترة لاذ أكثر من (150) بيشمركه من جميع الأطراف بالفرار ولجأوا إلى العدو. ج ـ أن وضع كوردستان إيران في غاية التعقيد والإضطراب، هجمات الجيش والحرس الإسلامي على جميع المناطق شديدة، حرب إقتتال الأخوة بين حدكا وعصبة كادحي كوردستان، حدكا ومسلحي غني بلوريان، العصبة ومنظمة جريكهاي فدائي خلق إيران (الأكثرية)، الدعايات والمشاحنات اللامعقولة بين حزب توده وحدكا. وأشار رفاق حشع إلى مسائل أخرى، وتحدثوا بشكل مركز ومكثف عن إجتماع اللجنة المركزية (ل.م) والوضع السياسي والإجتماعي والإقتصادي في العراق. ثمّ تحّدث كاك نوشيروان (عن اوك) قائلاً: أن أوك ليس مع فسح المجال للبعثيين من قيادة قطر العراق أن يتحقق لهم ما يقصدون وما يستهدفون. بالنسبة لحدك ليس ثمة تغيير في موقفنا، نعدهم خونة، نقف بالضد من فسح المجال لهم بالعودة إلى الساحة الوطنية الكوردستانية والعراقية. نوجس منهم مخاوف كثيرة، نعتبرهم حيّالين فوضويين فليسوا صادقين ونشك فيهم. فإذا ما عادت قواتهم إلى مناطق رواندوز، شقلاوة، سهل دزه يى سنشن عليهم الهجوم ونشتت شملهم. علاقتنا جيدة مع حسيك، عدد من كوادرهم غير راضين عن البيان الثنائي الذي أصدروه يوم 15/8 مع حدك. وحول وضع إيران، فآراؤنا ووجهات نظرنا قريبة من حشع. في 29/8/1980 زار سكرتير اقليم كوردستان والرفيق مؤلف الكتاب حدك في رازان، وفي إجتماع ضمّ كاك مسعود والسيد علي عبدالله، تحدثّ الرفيق سكرتير الأقليم قائلاً: إتخذت ل.م لحزبنا قراراً بالتعاون معكم والدخول في جبهة ثنائية. نعتبر الخلافات والنزاعات وحرب إقتتال الأخوة بينكم وأوك عملاً في غاية اللامعقولية واللامشروعية يتبدى منها خراب البيت والمستقبل الأسود لجميع الأمة الكوردية، ان حشع يعمل بحماس وإخلاص ويبذل جهوده دون هوادة وبشكل مستمر لإزالة الإقتتال والعداء القائم بينكما، حسب تقيمنا حين أطلقت قيادة أوك قبل فترة (15) معتقلاً محسوبين عليكم كان ذلك خطوة مفيدة، وكان حرياً بكم أيضاً إطلاق عبدالواحد باجلان من جانبكم وعدم التراجع عن تعهدكم. العلاقة بينكم وحدكا غير طبيعية، تتبادلان بينكما التهديد والوعيد والتخويف، ان التنسيق والتعاون بينكما ليس لهما نفع وفائدة لكما فحسب، إنما فيهما مصلحة كل الأمة الكوردية وحركة التحرر الديموقراطي العراقي والإيراني، لم نعتبر مغادرتكم منطقة هورامان عملاً جيداً، كل أفراد بيشمه ركتكم في دزلي كانوا مسجونين من قبل حدكا، ثم اطلق سراح جميعهم، لقد رجونا منكم مراراً بالرسائل والبرقيات إطلاق سراح سجين لهم كان لديكم يدعى عزالدين فلم تفعلوا. من جهة تتفقون مع القوى الإسلامية الموالية لإيران وتبلغونهم بأنكم على إستعداد للإنضواء تحت الراية الإسلامية في العراق، ومن جهة أخرى تريدون أن تكون لكم علاقة مع القوى الكوردستانية، فكيف يجري التوفيق في ذلك؟. بعد مؤتمركم التاسع، يلاحظ في مطبوعاتكم انها تتسم بشكل عام بالهدوء والموضوعية والمعقولية، إلا انكم توجهون تهجماتكم فقط نحو جلال الطالباني، وحسب معلوماتنا فان منظمتهم مشكلة من ثلاثة فصائل، فيما بينهم عناصر أكثر شدة وتشنجاً من مام جلال إزاءكم. وقال كاك مسعود جواباً عمّا قيل: نحن كنا ننتظر برقيتكم، إلا انّ موقفكم يختلف، انه يحزننا ويحز الألم في نفوسنا حين نرى ان العلاقة بيننا وحدكا قد تعقدت وتردت بهذا الشكل، نبذل الجهود لتعزيز الصداقة والعلاقة معهم، إلا أنهم يتصرفون ضدنا، يريدون تطويقنا، ويمنعون عنّا كل طرق التنقل داخل كوردستان إيران، اننا مستعدون للتآخي والتنسيق معهم وأحتثاث الخطى للتقارب، لكن هم ليس لهم نفس الإستعداد. صحيح إنّنا لم نطلق سراح سجين أوك المدعو عبدالواحد، بسبب انه كان قادماً لإغتيالنا، وأطلقنا سراح سجين حدكا (عزالدين). وقال كاك علي عبدالله: أنّ جلال (الطالباني) في كراسة {الإتحاد الوطني لماذا}؟ يعتبر حدك عدواً رئيسياً ويدعو إلى القضاء عليه، وهذا موقف خاطىء وغير مشروع. يشير المؤلف والباحث فاتح رسول إلى الإنشقاق في صفوف أوك حسب رسالة الأخ عمر عبدالله القيادي في أوك إلى شخص المؤلف الذي كان قيادياً في حشع بأنّ آمر قوتهم (قوة أوك) في منطقة السليمانية محمد حاجي محمود وعدداً من بيشمه ركتهم إنشّقوا عن أوك، وأعلنوا عصيانهم ويقولون انهم إنضموا إلى حسيك، لقد تحدثوا إلينا بشكل مفصل عن المواقف والممارسات اللامشروعة والعشائرية لآمر قوة قاطعهم، وبينوا أن قيادة أوك منذ مدة ما كانت ترضى من ممارسات وتصرفات هذا الآمر، وكانوا ينتظرون فرصة لمحاسبته، وقد شعر في الآونة الأخيرة بأن القيادة تريد تقليص نفوذه ووضع حد لتصرفاته وأعماله الفردية، انه تمّرد ويزعم انه توّجه إلى حسيك. هنا لا بدّ من ذكر هذه الحقيقة بأنّ هذا الآمر للمركز (ملبند) الأول من حيث وضعه الطبقي ينتسب إلى عائلة ثرية، منذ مدة كان يتحرك ويتصرف كما يشاء في منطقة السليمانية كمتنفذ وحيد تحت قيادة أوك، دون أن يحاسب على ما يفعل، وكقوة قامعة لأوك مطلق اليدين على المنطقة، وأكثر من ذلك انه قبل ستة أشهر كانت قيادة أوك تستخدمه آنذاك كقوة متجولة ضد بيشمه ركة حسيك في شاربازير ومنطقة خوشناوتي، وقام بالعديد من الأعمال والممارسات السيئة، وكان يتباهى ويفتخر ببطولاته وفعالياته، لم يكن يرى أحد مأخذه وأخطاءه وأعتداءاته. يذكر المؤرخ فاتح رسول في فصل (التهديد والوعيد) قائلاً: في 9/10/1980 ظهراً وصل ثلاثة من المكتب السياسي ـ أوك إلى مقرنا وهم: كاك عمر شيخ موس، والدكتور كمال خوشناو وفاضل كريم، فعقد سكرتير أقليم كوردستان/ حشع وأحمد بانيخيلاني وفاتح رسول إجتماعاً معهم، وقد أعلنوا: أن قوة كبيرة من حدك وقادتهم إحتشدوا فوق قمم الجبال الواقعة خلف قريتي دوله تو، ودول كوكا القريبتين من مراكزهم ومراكزنا، فلا يقبل أوك أن يطوق ويقع طريق تنقلاته تحت هيمنة القيادة المؤقتة للبارت (حدك)، وقالوا: نطلب من الاخوان في حشع أن يبذلوا الجهود لحمل حدك على تخلية المنطقة والعودة إلى أماكنهم، وإلا فان أوك لا يقف مكتوف الأيدي ونشن الهجوم عليهم، وقد قلنا لهم كثيراً أن يتريثوا ويتحلوا بضبط النفس، لأن في هذه الظروف الحساسة الحرجة التي تمر بها بلادنا لا نجد أي نفع في الإقتتال الداخلي يخدم أي طرف ما عدا النظام الدكتاتوري العراقي. كان وضع أوك مضطرباً، فبدا عليهم التضايق والخوف، وقد أرسلوا البرقيات المستعجلة عبر جهاز اللاسلكي العائد للحزب (حشع) إلى قواتهم في مناطق السليمانية وهورامان وأربيل، وطلبوا عودة جميعهم إلى مقر قيادتهم دون توقف. وطلب أوك من حشع أيضاً تخلية القمة الجبلية الواقعة بين قرية شيني و زه لي لهم، لتتمكن قوة منهم في هذا الموقع حراسة المنطقة ومراكزهم، وأستجاب حشع للطلب وسحب أنصاره إلى الخلف. أشيع خبر بأن مفرزة من حدك إعتقلت (50) نصيراً من أنصار أوك في طريق ناوزنك وقرية ماره دو، وحسب قرار مكتب أقليم كوردستان/ حشع ذهب الكادران: طاهر علي (ماموستا ره وه ند) وفتاح توفيق (ملا حسن) لزيارة حدك، لكي يعرفون ما قصدهم ونيتهم في هذا المجيء، ولماذا أحتلوا قمم الجبال الشاهقة؟ وألتقى الرفيقان بالرئيس عبدالله وآزاد برواري ضمن ترحاب حار، وقد أكدا على أن حدك مستعد لكل تعاون ضد إقتتال الأخوة، وجاؤا إلى المنطقة بغية شن الهجوم على القوات الحكومية في قصبة بشدر. ومن حسن الحظ وبعد محاولات ومساعي كثيرة ومساعدة المخلصين، أصبح في الإمكان قطع الطريق أمام حدوث حرب واسعة وغير عادلة بين القوى الكوردستانية والتي يقتل فيها عدد كبير من أبناء الشعب الكوردي سدى. وتلحق ضرراً فادحاً بشعبنا، وتعمق آلامنا وجروحنا أكثر. في الكتاب مواضيع عديدة حول: الجبهة الوطنية القومية الديموقراطية العراق ـ جوقد كيف تشكلت الجبهة الوطنية الديموقراطية (جود) مع منظمة جريكهاي فدائيي خلق إيران (الأكثرية) وصول الرفيق عزيز محمد إلى ناوزه نك زيارة نوشيروان بمناسبة عودة الرفيق عزيز محمد رسائل من غرف الإعدام ـ شيوعيون ووطنيون من عصبة كومه له، رسائل الشيوعي الباسل رحيم عودة (أبو سلام) من سكان مدينة الثورة ببغداد، تم أسره في11/6/1980 في معركة بين الأنصار والجيش وجحوش الحكومة بين قرية شاخه بيسكه وبايز آغا، وحكمت عليه محكمة """الثورة"""في بغداد بالإعدام، ورسائل أكرم محمد علي (أكرم حداد) من السليمانية، ورسالة الفلاح الكوردي أحمد برنو وآخرين. حين يرتقي المناضلون أعواد المشانق يصبحون مبعث تقدير وإجلال وتعظيم، ولا يجوز نسيانهم أبداً يقول الشاعر الوطني الكوردي فائق بيكه س: ان لم تسق شجرة الحرية بالدماء فلا تثمر ولا يتحقق الإستقلال دون التضحية والفداء على المرء الا يتردد من الموت لإنتزاع حقه فكلمة "السقوط" لا تكفي ان لم يؤخذ لا يعطى ومن المواضيع الأخرى: إعتقال نوشيروان مصطفى من قبل حسيك جهود الحزب الشيوعي العراقي لإطلاق سراح نوشيروان مصطفى. عودة الرفيق عزيز محمد إلى خارج البلاد إستضافة أم ارتكاب جريمة؟!، عن المجزرة المدبرة من قبل أوك وإغتيال شيركو شيخ علي عضو اللجنة المركزية ومسؤول قوة بيشمه ركة حسيك، هذه الكارثة أسفرت عن مقتل (9) من بيشمه ركة حسيك وخمسة جرحى، ومن جانب أوك سقط خمسة قتلى وأصيب سبعة بجروح. مع قيادة الحزب الاشتراكي الكوردستاني ـ تركيا اللقاء مع حركة راية الحرية متفرقات وأحداث ووثائق في الجزء الثالث من كتابه: {صفحات من تأريخ كفاح الشعب الكوردي} يصف المؤرخ والباحث فاتح رسول عودته عقب إجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الذي إنعقد في موسكو عام 1981 ويخصص فصلاً بعنوان: (العودة إلى معترك العمل وأداء المهام) ويروي كيفية الوصول إلى طهران، ومن ثمّ إلى مدينة ورمي ""رضائية"" ومن هناك إلى مقر حشع في نوكان وسط الثلوج والبرد القارس، ويشير إلى نقطة جلبت الإنتباه والوقوف، وهي الحرب القذرة وغير المشروعة التي تشنها الرجعية من نظام الملالي في طهران، ومن المؤسف جداً مساهمة ومشاركة مسلحي (حدك) إلى جانب الحرس والجيش الإيراني "الإسلامي" والهجوم على مدينة (شنو وقرية به سوى في كوردستان). ان هذا التصرف والنهج الخاطيء الذي سلكه الأخوة في قيادة (حدك) يعتبر خطأً تأريخياً فادحاً، وغدا سنوات مصدراً وعاملاً آخر في إطالة الحقد والكراهية وحرب إقتتال الكورد، وكان له إنعكاساته السلبية في جميع أرجاء كوردستان، وكانت الإجتماعات الثنائية بين (حشع وحدك) تؤكد دائماً العمل بإتخاذ الخطى بسحب قواته المسلحة من داخل الأراضي الإيرانية، والتخلص من تعاونه وتنسيقه مع الحرس الإسلامي والجيش الإيراني، ولكن بالعكس من ذلك كانت قيادة (حدك) تدافع بإستمرار عن موقفهم وكانوا يقدمون مبررات كثيرة بأن المهمات الملقاة على عاتقهم ثقيلة جداُ، وأن أربعين ألفاً من اللاجئين بعوائلهم مشتتون مشردون في المدن الإيرانية، وأن (أوك) يضع أمامهم عقبات ومعوقات كثيرة ويتحرش بهم، كما أن إمكانياتهم المالية وأسلحتهم قليلة. أن حجج قيادة البارت (حدك) هذه والتي كانوا يطرحونها، كانت تتبدى منها بعض الحقائق، ولكن رغم تلك الحقائق كان من الأفضل للأخوة في (حدك) سحب مسلحيهم، وبالأخص بعد التوقيع على الجبهة الوطنية الديموقراطية {جود} تدريجياً من خنادق القتال في كوردستان إيران {{ شرق كوردستان}}، لكانت أرضية ملائمة وفرصة ذهبية تتاح ليسود الوفاق والمصالحة والتآخي ووحدة النضال بين مناضلي كوردستان الشرقية والجنوبية، وتتضح أيضاً صفحة جديدة بين حدك وأوك، وكانت جميع القوى السياسية وأحزاب ساحة الكفاح المسلح وجماهير كوردستان تجني منها فوائد وإنتصارات جديدة، ولكن هذه الحالة غير الطبيعية طالت، وألحقت خسائر فادحة، وباهظة جداً بالأمة الكوردية، وأستفاد منها الأعداء المحتلون لكوردستان إستفادة كبيرة. يتناول الكاتب في موضوع: الإتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي مسائل عديدة منها حسب رأي المناضل جلال طالباني: أنّ (أوك) مستعد لعقد أي إتفاق مع حشع بدءاً من إتفاق صغير ويومي إلى إتفاق إستراتيجي، إنّنا مستعدون أن نوّقع معكم في هذا اللقاء الإتفاق، وأن نصدر البيان المشترك والتوجيهات الثنائية بهدف تعزيز العلاقة والتعاون بين طرفينا، نحن مستعدون فيما يتعلق بالعلاقة بين (أوك وحدك)، وأن نجتمع معهم. نرجو من قيادة حشع ألا تربط تعاونها وتنسيقها وصداقتها مع (أوك) بمسألة وموقف ونزاع (أوك) تجاه (حدك)، ولا يخفى عليكم بأننا نشك في نهجهم وأعمالهم وثقتنا بهم قليلة. وبعد جلال طالباني كان ممثلو حشع قد وجّهوا بعض الإنتقادات الأخوية إلى عدد من كوادر وتنظيمات أوك الذين يتهجمون بشكل غير مقبول وغير صحيح على حشع ولا يخفون مناهضتهم لجميع القوى الكوردستانية المسلحة الأخرى، وفي الحال تحدث قيادي من أوك قائلاً: نحن لا ندع أي طرف يثبت قواته المسلحة في المناطق التي حافظنا عليها بالدماء والتضحيات الكبيرة. في الفصل المعنون: الحزب الإشتراكي الكوردستاني ـ العراق (حسكع) وقيادة الإتحاد الوطني الكوردستاني يتتاول المؤلف مواقف حسكع وأوك والعلاقة المتردية بينهما من خلال الرسائل المتبادلة بينهما، وزيارة الوفود إلى أن يصلان إلى إتفاق، يتعهد أوك وحسكع بموجبه توحيد شأنهما لتهيأة ظروف توحيد الأجهزة المهمة في الثورة من ناحية القيادة والبرنامج العام والقوات المسلحة واسلوب عملها وإدارة المناطق بتوحيد قوات الأنصار من ناحية القيادة وشكل التنظيم واسلوب القتال، وتشكيل إدارة موحدة في المناطق من ممثلي سلطة الجماهيروالثورة، لتنظيم العلاقات بين مؤسسات الثورة وأهاليها وتنظيم العلاقات بين السكان، وتوحيد الموارد المالية، وتوحيد السياسة الإعلامية للثورة وإمكانيات الأطراف المشاركة فيها ضمن جهاز إعلامي موحد في الداخل والخارج. يتطرق الباحث فاتح رسول إلى: بداية خطوة صائبة قائلاً: انّ أوك قام بحركة صائبة ومشروعة، وتمثلت بإرسال أحد كوادرهم وهو الشاعر حمه حمه باقي إلى قيادة حشع لمساعدته في الوصول إلى (رازان)، زاعماً أنّ له نيّة ورغبة عارمة لزيارة الأدباء والشعراء الكورد المنضوين تحت راية (حدك) وأنّ عدداً كبيراً منهم يعيشون في إيران. في الحقيقة كانت سفرة حمه حمه باقي لغرض أن تعرف قيادة أوك النوايا البعيدة والقريبة للحزب الديموقراطي الكوردستاني (حدك)، هل انهم مستعدون للمحادثات والتقرب من أوك؟. رافق رفيق من حشع الشاعر حمه حمه باقي إلى (رازان) مع رسالة من المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي موجهة إلى (حدك)، كما أنّ المكتب السياسي (م.س) للحزب أرسل برقية خاصة للمكتب السياسي في حدك مفادها أنّ رفيقاً من أوك الشاعر حمه حمه باقي جاء لزيارتكم، رجاؤنا وطلبنا المخلص أن يكون موقفكم تجاهه إيجابياً، فان مصلحة جميع قوى المعارضة العراقية والكوردستانية تكمن في الوفاق والتوحيد والتقارب، كلنا مسؤولون أن نبذل الجهود بلا هوادة من أجل بناء الجبهة الموحدة الموسعة بين الجميع، وعند عودة حمه حمه باقي واللقاء به شكر حشع لجهوده الثمينة، وكان فرحاً ومرتاحاً من سفره ولقائه مع الأخوان فلك الدين كاكه يى وفاضل مطني وعضوان من (م.س) حدك. وكرر حمه باقي زيارته إلى (رازان) مع رسالة من قيادة حشع بمساعدته للوصول والعودة سالماً. في يوم 28/7/1982 إجتمع ممثلو (أوك) فريدون عبدالقادر والدكتور خضر معصوم مع ممثلي (حدك) محمد الملا قادر ومغديد أحمد في(مقر حشع في بشت ئاشان)، تمت إتفاقية بينهما، ووقعّ عليها كلاهما، ومن أهم نقاط الإتفاقية: الإتفاق على حل المشاكل والخلافات الداخلية بين القوى السياسية في كافة مناطق كوردستان بالطرق السياسية والحوار الأخوي، ودون اللجوء إلى إستخدام السلاح. كوردستان العراق من خانقين إلى زاخو ساحة حرة للنشاطات السياسية والأعمال العسكرية لقوات بيشمه ركة كوردستان. قوات (حدك) بالتنسيق والتعاون مع منظمات وفرق (أوك) وبعلمهم يدخلون مناطق كوردستان وبروح الأخوة والتعاون ويناضلون ضد النظام الفاشي في بغداد. لقوات وتنظيمات (أوك) الحرية للذهاب إلى المناطق التي ليس للإتحاد الوطني الكوردستاني فيها تواجد، أو أنّ تواجده ضعيف بالأخص مناطق محافظتي الموصل ودهوك. على الطرفين (حدك وأوك) إصدار بيانات داخلية حول هذه الإتفاقات إلى الأنصار بغية ترسيخ روحية التعاون في القواعد وترجمة هذه الإتفاقية إلى الوضع العملي. التأكيد والإتفاق على عقد إجتماعات على مستوى أرفع وفي أقرب فرصة. يشير المؤلف في فصل: العلاقات القومية والوطنية إلى لقاء سكرتير حشع الرفيق عزيز محمد بالرئيس حافظ الأسد ونائب الأمين العام للقيادة "القومية لحزب البعث السوري" عبدالله الأحمر، وإستدعاء حازم حسين وفوزي والمشاركة في اللقاء، وقد تحدث حازم نابشاً الماضي كثيراً حول علاقات (جود) و (جوقد) وبالأخص تحدث ضد حدك وعائلة المرحوم بارزاني، وقال عبدالله الأحمر لحازم: "ان المصلحة تكمن في أن تذهب إلى كوردستان وتلتقي قيادة (أوك) للتوصل إلى نتيجة مفيدة للقضاء على الحرب الداخلية والخلافات بين كل القوى المسلحة، وتبذل الجهود لتشكيل جبهة وطنية موحدة بأسرع وقت". يقول الكاتب في موضوع {الإنتفاضة وتطور نشاطات قوى بيشمه ركة كوردستان}: في بداية عام 1982 تضافرت مجموعة من الحوادث المختلفة والعوامل الأساسية لإنتفاضة الجماهير، كسوق آلاف الشباب والطلبة والموظفين تحت طائلة الضرب والتعذيب إلى أتون الحرب التدميرية بين إيران والعراق. أن ترحيل آلاف العوائل وإبعادهم من أرض آبائهم وأجدادهم إلى المجمعات القسرية المحرومة من المستلزمات الأساسية للحياة، إضافةً إلى الإعتقال والإختطاف والملاحقة والإبادة الجماعية يومياً ومضايقة الجماهير من قبل أجهزة النظام وفرق الإعدامات. ان النظام العراقي يعادي كل طائفة ومباديء ومذهب أمة لا تنسجم مع آيديولوجية حزب البعث العنصري والشوفيني القومي العربي. وكان التذمر والإستياء منحصراً في القلوب والنفوس، وقد احتفظ بإندفاعه الحار الشديد كمهلة تحت الرماد، تنتظر الفرصة المناسبة لتتفجر!، وكانت نشاطات مقاومة القوى الكوردستانية المسلحة وحركة الجماهير وفعّالياتها في نمو مطرد. لقد إرتفعت الأصوات المخلصة من كل جانب لتوحيد وتنظيم القوى، وكانت قوى المعارضة تواصل حملتها الإعلامية من خلال النشر والدعاية والبيانات وإذاعتها لفضح وتعرية النظام وكانت تحث الجماهير للإنتفاضة ومواجهة النظام وتركيعه وكسر أيدي الإعتداء والجريمة وشل تحركه. ساقت أجهزة النظام في مدينة السليمانية عدداً كبيراً من الطلبة والموظفين والعمال والأهالي إلى الشوارع تحت شعارات البعث التي تمجد قادسية صدام، ولكن فلت رأس الحبل وزمام المظاهرة من أيدي عملاء النظام، فأخذت جماهير مدينة الإندفاع والفداء تهتف بسقوط النظام الدكتاتوري وإيقاف حربه غير المشروعة بين العراق وإيران. لقد بدأ الإرهابيون القامعون القتلة التابعون للنظام بشن الهجمات والحملات الوحشية على المتظاهرين لقمعها وإخماد أصواتهم. ولنفس غرض دعم القوات المسلحة للنظام وخلق التحمس وتهيج الناس للإنضمام إلى الجيش الشعبي ساقوا يوم 31/3/1982 في مدينة أربيل آلاف الناس إلى الشوارع، وسرعان ما تغير مسار المسيرة فتحول إلى تظاهرة جماهيرية واسعة ضد النظام المستبد والحرب التدميرية، فترددت نفس الهتافات والشعارات التي اطلقت في تظاهرة مدينة السليمانية أيضاً وكانت لها إنعكاساتها. لقد هجم القتلة الإرهابيون التابعون للنظام وقواتهم المسلحة على المتظاهرين وأعتقلوا عدداً كبيراً منهم وللتهديد والتخويف أعدموا مباشرة اثنين من المتظاهرين وسط الشارع. وتكررت المظاهرات في مدن وقصبات كوردستان، في قلعة دزة، والمجمعات القسرية في زاراوه، به سته سين، رانية، في حلبجة، وكويه، وقد ردّ النظام القمعي على المتظاهرين والجماهير العزل الأبرياء بإطلاق النيران، فسقط شهيدان في حلبجة، وشكرية قادر في كويه، وأمتدت التظاهرات إلى بكره جو وشقلاوه وصلاح الدين وجوارقورنه، وسيد صادق، وماوه ت، وأستشهد أربعة أبناء شجعان في جوارقورنه وإمرأة مسنة (بيروز حسن) في ماوه ت. كما أن مدينة النار وشعلة باباكركر الأبدية، كركوك المحتلة الواقعة تحت العقب الحديدية، هذه المدينة التي يطمع فيها أعداء الكورد وكوردستان منذ سنوات طويلة، ويريدون اقتطاعها من كوردستان بشكل جنوني، نهضت هذه المدينة وتظاهرت في 9/5/1982 وتقاطرت الجماهير على الشوارع، ورددوا نفس شعارات المدن والقصبات الكوردستانية الأخرى، وهتفت الجماهير: أنّ كركوك جزء من أرض كوردستان، فالشوفينيون لا يستطيعون اقتطاعها منها فكانت أرضاً كوردياً أبداً، وستظل للكورد، وتدخل العدو لإخماد أصوات الجماهير الغاضبة. لقد شملت الإنتفاضة المقدسة الشجاعة التي إنطلقت في ربيع عام 1982 كل أرجاء كوردستان، حتى أن إندفاعها وصل إلى مدينة بغداد. لا ينسى المؤلف رفاقه الذين غادروا الحياة، فخصص موضوعاً للمناضل الشيوعي الشهيد أحمد معروف الخبّاز ويقول في البداية: أن أحمد معروف الخبّاز المناضل كان أحد فقراء مدينة السليمانية حيث خاض معترك الكفاح والنضال في العهد الملكي في العراق بإخلاص وتفان من أجل الحقوق القومية، وحقوق الفقراء والكادحين. قضى عمر الشباب في فقر مدقع عاملاً في المخبز ونزيلاً في معتقلات وسجون السليمانية، كركوك، بغداد، وكان شخصاً معروفاً في مدينة السليمانية، مناضلاً حقيقياً مخلصاً دمث الأخلاق ومحبوباً. في موضوع ـ الدكتاتورية والدكتاتور يتحدث المؤلف عن صدام حسين وحبه الشديد للسلطة، وإجراءاته لتغيير قيادة قطر العراق للبعث الفاشي، ومن ثمّ تغيير مجلس قيادة الثورة، وشمل التغيرات وزراء النظام. في الجزء الثالث من الكتاب العديد من المواضيع المهمة سطرها المؤلف وتحدث بإسهاب عن كل شيء رآه مفيداً للأمة الكوردية وللحزب والشعب والوطن، فقد كتب: العلاقة بين القوى والأحزاب الكوردستانية خطوة مباركة ولكن؟! خلاصة حوادث إتفاقية قصيرة الأمد (عن إجتماع 19 حزباً ومنظمة) في طرابلس ـ ليبيا. بشت آشان محضر لقاء بين الحزب الشيوعي العراقي والإتحاد الوطني الكوردستاني في 5 و 6 شباط 1983. استحضار النفس للعودة عاقبة الكارثة مقدار من الخسائر والأضرار الأضرار المادية كلمتي الأخيرة (كلمة المؤلف) عن الكارثة. تحت ستار المحادثات الإنتفاضة مستمرة دائماً المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي العيش في سوريا ثلاث سنوات نص الإتفاقية بين حشع وأوك حلبجة ـ الحرب ـ الأنفال مواقف وحوادث هامة. الوثائق والصور عن مجزرة بشت آشان في الصفحة 143 يقول الباحث والمؤرخ فاتح رسول: في هذا القسم أتناول كارثة دموية مفجعة قلّ نظيرها تتعلق بالأحزاب الكوردستانية في حرب إقتتال الأخوة والحقد والبغضاء. ولا يغامرني الشك بأن الاغلبية العظمى من الأمة الكوردية والقوى السياسية والتقدمية والإجتماعية في كوردستان الكبرى برمتها وخارجها، لا تعرف عن كارثة {أول آيار 1983} كواقعة دراماتيكية قاتلة مفعمة بالجراحات العميقة والعذابات المريرة والأعمال التخريبية، بشكلها الصارخ السافر، ولحد الآن لم تعرف أسبابها السرية والعلنية، ولم تطرح للتحليل والبحث والتقصي والتحري الدقيق من قبل المختصين والمؤرخين الباحثين لإجراء تقيم الأحداث باسلوب موضوعي حقيقي على أساس علمي مفيد. بحكم إرتباطها بدقائق وتفصيلات الإتجاه السياسي والأعمال والممارسات القريبة والبعيدة لكل قوى ساحة الكفاح الكوردستاني. يقول الباحث والمورخ فاتح رسول: إلتجأ الحزب الشيوعي العراقي إلى المناطق الجبلية وأعتمد الكفاح المسلح، ومنذ بداية تلك التغيرات العميقة التي طرأت على الكفاح، كنت أحد الرفاق الآخرين، إذ شاركت في النهوض بمهام وأعمال هذا الإتجاه الذي سلكه (حشع). إنه لمهمة مقدسة، أن أطبع ما في جعبتي، وما تحتفظ بها ذاكرتي، وترتبط بذات الكارثة المأساوية التي وقعت في (بشت آشان) وأربط بين حلقاتها، واضعاً إيّاها أمام ضمائر وتقيمات القراء الأعزاء والمؤرخين والباحثين. كانت الحوادث تتوالى بوتائر سريعة، وخلال أربعة، خمسة أيام جرى تبادل برقيات ورسائل سريعة بين قيادة الأحزاب والتي كانت تفوح منها رائحة التهديد والوعيد والتوتر والتباغض. من خلال تعليل وتفكير قليل يتبين للمرء مدى خطورة إنعكاس الإشتباكات والصدامات والحقد والبغضاء الشديد والحرب الداخلية الواسعة والتقاتل على لوحة الوقائع. ان الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يسعى كوسيط وحكم أكثر من ثلاث سنين لإزالة الخلافات والنزاعات، وكانت وقائع الأيام توحي بأنّه هو أيضاَ يجر نحو حرب إقتتال الأخوة ويلقي في حومة الصراع الدموي في الساحة. وأخيراً وقعت الكارثة: في يوم 1/5/1983 وصل في الصباح المبكر القاصد القادم من (قرناقاو) بسرعة وهو في حالة تكاد تتقطع أنفاسه إلى المكتب السياسي (م .س) لـ (حشع) أخبرهم بأن أنصار (أوك) شنوا هجوماً شديداً على أنصار (حشع) في قمة (ساوين)، وقد استشهد من جرَاء الهجوم تسعة من الأنصار ومن ضمن الشهداء التسعة الرفيق (رسول سور) الذي كان مسؤولهم. لقد بدأ إطلاق النيران بشكل مكثف من كل الأرجاء من قمة (ساوين) نحو (قرناقاو) وبشت آشان في طريق (كومتان)، لقد تحولت المنطقة إلى منطقة حرب حقيقية واسعة كانت تستخدم مختلف الأسلحة: المدفع، الكلاشنكوف، آر بي جي RBG ، بي كي سي BKC وبنادق جي سي (الأمريكية). ليلة 1 ـ 2/5/1983 كنا نحن جميع أعضاء (م.س و ل.م) لـ (حشع) مستمرين على الإجتماع، كانت أصوات إطلاق النيران والهجمات تشتد تدريجياً، ففي الساعة الثامنة من صباح 2/5/1983 توصلنا جميعاً إلى قناعة بأنه من الضروري الإنسحاب نحو جبل قنديل الشامخ (وسط الثلوج التي لا توصف) بسبب أن جميع النواحي الأخرى كانت مطوقة ومحاصرة. أرى ضرورياً ومجدياً أن أتناول جزءاً قليلاً من الخسائر والأضرار الناجمة عن كوارث (بشت آشان) والتي ألحقت بالأمة الكوردية والقوى السياسية، وأطرحها أمام إحساس وشعور شعبنا وكل إنسان ديموقراطي حقيقي كتجربة وإختبار للأيام السوداء المشؤومة، لأخذ الدروس والعبر عنها، وعدم نسيانها أبداً، والقيام بمحاولات مخلصة لإستئصال جذور التفرقة والشقاق والصراع التخريبي في المجتمع الكوردي. ان الضرر المادي مهما كان جسيماً وواسع النطاق يمكن تعويضه وردم ثغرته ويعود إلى وضعه السابق، ولكن الروح لا تعاد إلى جسد الشهيد حتى إذا ما خصصت له كل علوم وموارد الدنيا. لا الوالد ولا الوالدة، ولا الزوجة والأطفال وأهل وأقارب الشهيد، لا الأمة ولا الوطن يجدون الشهيد مرة أخرى، بحيث يقوم من مثواه ويعود إلى معترك الحياة ويساهم في كل أمور وممارسات النضال. ان مكان الشهيد شاخص دائماً، يحسب الحساب للشهداء في مقدمة قافلة الكفاح والحياة والتضحية، أنهم دائماً جديرون بالتقدير والإحترام والإنحناء إجلالاً لمكانتهم. حسب الباحث والمؤلف، وكما جاء في الكتاب: سقط من الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان والمعارك التي وقعت على أثر الكارثة (81) شهيداً، ومن الحزب الإشتراكي الكوردستاني (13)، ومن الحزب الديموقراطي الكوردستاني (46)، ومن حزب العمال الكوردستاني الرفيق خالد عضو اللجنة المركزية، والرفيق سعيد (كادر متقدم). أن هذين الرفيقين، حين علما بأن كوارث الأول من آيار ألحقت خسائر فادحة بحركة التحرر ولا سيما بين قوى كوردستان الجنوبية، شرعا بالتحرك وبذل الجهود لإطفاء النار المشتعلة للحرب، وقد صادفا في سفح قنديل يوم 12/5/1983 مفرزة من الإتحاد الوطني الكوردستاني (أوك)، فأطلقوا عليهما النيران واستشهدا. وسقط من جانب (أوك) 30 من مقاتليه في الهجوم. لقد علت الأصوات الخيرة من جهات عديدة، وكانوا يطلبون مخلصين القضاء على الخلافات والصراعات القائمة والإقتتال. لم يأل الأعداء المتنفذون المتسلطون، من محتلي كوردستان ما في وسعهم، سراً وعلانيةً بمختلف المؤامرات والمنازعات، لكي يتمكنوا متى ما شاؤوا إشعال نار أستعداء الكورد على الكورد والإقتتال فيما بينهم، وتوجيهها كيفما يرغبون وينوون. يقع على عاتق كل كوردي أياً كان مركزه السياسي والإجتماعي أن يبذل الجهود ليعرف ما الأسباب الرئيسية والأسس لجميع الصدامات والإشتباكات والصراعات الداخلية من أين أتت وتأتي؟، حيث أنها كمرض الكنكرين دائماً ترسخت جذوره، وبين آونة وأخرى يظهر من جديد. لم ينس الكاتب حلبجة ـ الحرب ـ الأنفال ويخصص صفحات يقول في مستهلها: حلبجة، الحرب، الأنفال ثلاث مفردات قصيرة، لكن لكل واحدة منها تركت من ورائها الكوارث والتشرد، والعديد من القصص والروايات والمسرحيات الدراماتيكية، والآلام والدموع والحسرات وتهيج الذكرى والقلق، وتبقى تلك الآثار ما بقي الإنسان على وجه البسيطة، حيث كتبت عنها مئات الصفحات من الشعر والوثائق والتحليلات ونشرت الصور والملصقات. ان ما قام به الأستاذ فاتح رسول من جمع الأخبار والأحداث والوقائع والوثائق بلا شك مهمة صعبة، ومما يضفي أهمية على كتاباته، هو قربه من الأحداث وصياغة وتحليل القرارات، بصفته عضواً قيادياً في الحزب الشيوعي العراقي من بداية الأحداث في عام 1978 إلى منتصف عام 1986، فهو يكتب عن الحقبة السوداء لنظام بغداد الدكتاتوري الذي قام بإعتقال المئات بل الآلاف من الوطنيين ولا سيّما من الشيوعيين ومن القوميات وفي مقدمتها الكورد، وتسويق هؤلاء الضحايا للحرب القذرة مع إيران والمعتقلات، ومن ثمّ إعدام الأبرياء الذين لم يقترفوا جرماً، ولم يكتف أزلام البعث بعملهم الدنيء هذا، إذ قاموا برمي الجثث في الأنهر، وفي المقابر الجماعية التي تشهد على الجرائم البشعة والمروعة لحزب عنصري شوفيني حاقد حكم العراق على مدى أكثر من أربعين سنة. ويتحدث الباحث بصراحة وصدق عن الفترة العصيبة في حياة الحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين العراقيين عند ترك ""الجبهة"" مع البعث والتوجه إلى جبال كوردستان الشماء وخوض تجربة الكفاح المسلح ضد ركائز ومؤسسات النظام الدموي للبعثيين، إذ لم يكن لدى الحزب المال، وأفتقر إلى السلاح، حقاً كانت بدايات صعبة للرفاق الملتحقين ولقيادتهم. يجد المرء في كتب الأستاذ فاتح رسول السرد الواقعي والحقيقي للبدايات الصعبة والشاقة لجمهرة كبيرة من المناضلين الأشداء ضد الدكتاتورية المجرمة والأفكار العنصرية والشوفينية، وقد تركوا عوائلهم وأطفالهم ووظائفهم ومدارسهم وكلياتهم وحياتهم الخاصة ولجأوا إلى جبال كوردستان، ليعيشوا حياةً جديدة، ويواجهوا مشاكل لا تعد ولا تحصى، سياسية واجتماعية واقتصادية، والعيش في الكهوف والأكواخ والبيوت الطينية، ولكنهم رغم كل المصاعب كانوا على أحر من الجمر للتضحية في سبيل الشعب والوطن والمباديء السامية، لقد كانوا من العرب والكورد والتركمان والكلدو الآشور السريان والأرمن، والإيزديين والصابئة المندائيين، مسلمين ومسيحيين. بدايات صعبة وشاقة تطورت شيئاً فشيئاً، وبدأ الكل ينتظم في خلايا ولجان حزبية، وعسكرياً في المفرزة، والفصيل، والسرية، والفوج، والقاطع، والمكتب العسكري وتم تقسيم العمل العسكري في الكفاح المسلح للحزب الشيوعي العراقي، وتشكلت (3) قواطع لإدارة وقيادة العمل والكفاح المسلح، وهذه القواطع هي: قاطع بادينان ويشرف على دهوك والموصل، وقاطع أربيل، وقاطع السليمانية وكركوك ويشرف على السليمانية وكركوك ومناطق كرميان، إضافةً للمناطق التي أستقطعها النظام الفاشي ضمن سياسته القذرة والسيئة الصيت: التهجير والتعريب والتبعيث، وخاصةً في محافظات ديالى وصلاح الدين. يشير المؤلف إلى سعي الحزب الشيوعي العراقي لجمع القوى الوطنية عامةً والكوردستانية خاصةً في جبهة وطنية ديموقراطية قوية، والعمل والإتفاق على برنامج وطني يؤدي إلى جمع جميع الطاقات وتوجيهها ضد نظام البعث الهمجي، والإسراع بإسقاطه، ولدى المؤلف كل الرسائل المتبادلة بين حشع والقوى والأحزاب الاخرى، وهو يحتفظ بالبيانات والبلاغات الصادرة من كل الأطراف حول النظام القمعي، ومحاولاته العديدة للإندساس وزرع عناصرها الأمنية والمخابراتية والإستخبارية في صفوف الأحزاب، وحول الحرب العراقية ـ الإيرانية والكوارث التي تجرها على الشعب والوطن، وحول نوعية العلاقة مع البلدان المحتلة لكوردستان. يقول البعض أن كشف الرسائل والبيانات والأسرار من قبل قيادي سابق في اللجنة المركزية لـ (حشع) غير محبذة، لعلها تؤدي إلى الصراعات والنزاعات الجديدة بين زعامات القوى والأحزاب التي تقاتلت في الماضي لفرض الوجود والإستئثار بالساحة الكوردستانية، وإخضاع الآخرين للسير حسب بوصلتها، ولا بد للشعب أن يتعرف من قريب على تلك الأحداث الدموية والمأساوية التي حصدت حياة خيرة أبناء الشعب من كل الأحزاب، ومن الضروري عدم نسيان تلك الأيام السوداء، وأخذ التجربة منها، وأن لا يكون أبناء القوميات العراقية المتآخية وقوداً للمصالح الشخصية التافهة وأفكارالحزبية الضيقة. ان نشر الرسائل الشخصية من قبل المؤلف الذي جمعها خلال فترة تواجده في قيادة الحزب وقيادة البيشمه ركة الأنصار، أو كشف الأسرار التي تجمعت عنده والتي حصل عليها في لقاءاته مع قادة القوى والأحزاب، أو في زياراته المتكررة إليهم بصفته ممثلاً للحزب الشيوعي العراقي، وعن طريق رفاقة وأصدقائه دليل على مصداقيته كي يتعرف الجميع على الغايات وما كان يدور في خلد القادة الذين كانوا يخططون لشن الهجوم والحرب على منافسيهم، ولا شك أن أصحاب تلك الرسائل يستقبلون ما تمّ تدوينه في الكتاب بالأشمئزاز، ولا يرتاحون أبداً من المؤلف، وينتقدون هذا العمل، ولكن بالمقابل فان أكثرية الناس يريدون قراءة الرسائل والمستمسكات والوثائق التي استطاع المؤلف الحفاظ عليها من التلف والضياع رغم الظروف القاسية التي مرت عليه، وهناك عدد غير قليل يثنون على جهود الكاتب الباحث. ان المعارك الجانبية، أو معارك الثأر والإنتقام التي سميت بمعارك ""إقتتال الأخوة"" زوراً وبهتاناً تحتاج إلى كتابات أوسع وأشمل، لكي يتأكد الجميع بأنّ تلك المعارك لم تكن في يوم من الأيام أخوية، إذ أراد فرسانها ومروجيها إزالة الأخوة، وقد ساهمت بفعالية لا مثيل لها من تسهيل الأمور للنظام البعثي الغوغائي من توجيه ضربات موجعة لعموم الشعب وقواه الوطنية، ونشر بذور التفرقة والشقاق داخل قوات البيشمه ركة الأنصار، الأمر الذي أدّى إلى ضعف كبير في الحركة الوطنية، واستطاع النظام الجائر من عقد صفقات الهدنة والمساومة مع بعض القوى باسم (المفاوضات) لكي يتمكن عند فرطها من توجيه ضربات أقوى شراسة، وقد برهنت الأيام التي تلت تلك المفاوضات صحة هذا الرأي، إذ قامت السلطة الدموية بنصب كمائن ووضع خطط إجرامية للتصفية الجسدية وإغتيال عدد من البيشمه ركة والمسؤولين الكورد. ان الأستاذ فاتح رسول كتب الأحداث والوقائع والكوارث كما حدثت، بدون زيادة أو نقصان، وتأكيداً لهذا نشر في نهاية الكتاب في (كل الأجزاء) الأدلة والبراهين والوثائق التي تثبت وتدعم أقواله وكتاباته. وهذا لا يعني قط عدم وجود (هفوات وأخطاء وحشو)، وكان من الممكن تلافي قسم منها، ولكن في الحقيقة نجح المؤلف في عكس الواقع المرير لحركة التحرر الكوردستاني، والإضطرابات و""الإحترابات الأخوية"" داخل الأحزاب، ونقل بتفاني وصدق واقع الجبهات التي لم تكتب لها الديمومة والنجاح، ومثال ذلك: الجبهة الوطنية والقومية الديموقراطية (جوقد) والجبهة الوطنية الديموقراطية (جود)، فالأول كانت تضم أحزاب عراقية وكوردستانية معروفة إضافةً لعدد من (الدكاكين) وعددها (60) أطلق أصحابها عليها اسم (أحزاب) وكان هؤلاء الجدد والدخلاء على الحركة الوطنية العراقية العريقة يتشوقون إلى جمع المال، إذ أن الليبيين كانوا الدعامة الكبرى لمثل هذا النوع من الجبهات، وقد وعدوا بأنهم سيدفعون بما يكفي إسقاط نظام بغداد!، ووقع الجميع بحماس للجبهة في طرابلس، وعند العودة إلى دمشق والبلدان الأخرى تبخر الحماس، وخرجت الأطراف والأحزاب الرئيسية من الجبهة، وفي النهاية لم يقبض أصحاب الدكاكين الحزبية شيئاً، وأما جود ضمت أحزاب عراقية وكوردستانية وهي: الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الديموقراطي الكوردستاني، الحزب الإشتراكي الكوردستاني والحزب الإشتراكي الكوردي (باسوك)، وبعد عمليات الأنفال القذرة والسيئة الصيت، وتقوية الأواصر النضالية بين الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكوردستانية بما فيها هذه المرة الإتحاد الوطني الكوردستاني تشكلت الجبهة الكوردستانية، وأكّد الموقعون حرصهم على الجبهة لأهمية دورها، كما أكدوا بضرورة التمسك بسياسة التحالف في إطار عمل اللجان ليشمل كل القوى التي تعارض النظام الدكتاتوري المقيت، والعمل على الإطاحة به، وتشديد النضال والعمل على إقامة نظام ديموقراطي تعددي ينبثق عن إرادة الشعب، ودعت الجبهة منذ تأسيسها قوى وأحزاب المعارضة للتحلي بأقصى اليقظة والمرونة والمسؤولية من أجل إحباط المحاولات الرامية لشق صفوفها وإثارة الخلافات ومن ثمّ الإصطدام بين أطرافها. نعم، صحيح ما ذهب إليه الأستاذ فاتح عندما قال: كانت الجماهير العراقية تنظر إلى زمرة البعثيين، بأنّها زمرة تمثل قوة شوفينية حاقدة. نعم، كانت الزمرة حاقدة تحمل في الواجهة شعاراً مزيفاً وشوفينياً ""أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"" والعراقيون أدرى ويعلمون بأن حزب البعث لم يكن أبداً حزباً متجانساً، فقد كان دائماً تجمعاً من شتى فتات البرجوازية الصغيرة على إختلاف ميولها وإتجاهاتها، وضمّ في صفوفه عناصر شقية، وخليط من الإقطاعيين والمجرمين. لقد مارس نظام البعث القمعي الإرهاب والإضطهاد ومصادرة الحريات والإعتقال التعسفي والإغتيال، والإخفاء المتعمد والتصفيات الجسدية والإعدام وغيرها من الأعمال الوحشية والجبانة، وبالأمس القريب شنّت قوات النظام الدكتاتوري البغيض حملات إبادة جماعية ضد أبناء الشعب في مناطق الأهوار في جنوب العراق وفي كوردستان، وتدمير القرى وإستعمال الأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً. اليوم يحاول الأوغاد من القتلة والمجرمين، من أيتام المخابرات العراقية والهاربين حسب البدعة الأمريكية (55) ورقة من لعبة الكونكن، بالمناسبة طار (الجوكر) بإعدام رأس النظام، كما طارت (الآسات) بمقتل المجرمين عدي وقصي، يحاول الأوغاد إحياء حزب البعث، وسجلهم حافل بالإنتهاكات والممارسات اللاإنسانية واللاقانونية بحق الشعب العراقي عامةً والشعب الكوردستاني خاصةً، وهم يستفيدون من الأوضاع الراهنة للعراق، ومن المحاصصات الطائفية والدينية، والمواقف المهزوزة والشاذة من قبل بعض المسؤولين""""الكبار"""" ومن التدخل الأمريكي السافر في الشؤون الداخلية للعراق، وأن الأدوات القذرة لأمريكا المتمثلة بسفارتها تحتضن مجرمين من أمثال: علي حسن المجيد (علي كيمياوي) قائد المنطقة ""الشمالية"" وهاشم سلطان قائد عمليات الأنفال السيئة الصيت ووزير دفاع النظام الدموي الذي هرب مع أزلام جيشه الذي تبّخرّ دون إطلاق طلقة واحدة ضد أعداء سيدهم ""القائد"" الذي هرب هو الآخر. لقد جرى الحديث عن البعث ونظام صدام حسين الدكتاتوري وأعماله الهمجية بإسهاب في كتب الأستاذ الباحث والمؤرخ فاتح رسول. تناول الأستاذ فاتح الكفاح المسلح بإختصار، وكان الأولى به ورفاقه في المكتب العسكري التركيز على الكفاح المسلح كاسلوب رئيسي في حياة الحزب عندما توّجه للجبال، وحمل السلاح ضد النظام الجائر، والعمل على تهيئة مستلزماته، وبيان غاياته، والإلتزام بأساليبه التكتيكية، وشرح أهدافه الإستراتيجية، والجمع المنّسق بين الكفاح المسلح وبين سائر أشكال الكفاح الأخرى: العمل التنظيمي، والتحريضي، والتعبوي ....ألخ. تحدث الأستاذ فاتح رسول حول الحرب العراقية ـ الإيرانية بإسهاب، وحقاً كانت الحرب القذرة بين العراق وإيران كارثة حصدت أرواح المئات والألوف من مواطني البلدين، وأدت إلى إعاقة مليون شخص تقريباً، وكانت حقيقةً حرباً عدوانية جاءت نتيجةً طبيعية لكامل نهج النظام المعادي للشعب، وتمت بدفع من الدوائر الإمبريالية والرجعية، نزولاً لنزوات الطاغية صدام حسين في العراق، وتعنت زمرة الملالي المعممين في إيران. ويجب هنا أن لا ننسى بأنّ الحزب الشيوعي العراقي قد تنبأ منذ مطلع عام 1979 بأن النظام الدكتاتوري في العراق يفتعل الخصومة ضد إيران بهدف تحويل أنظار الجماهير عن أزمته التي تشتد يوماً بعد يوم، وعزلته عن الشعب الناجمة عن إرتداده وممالاته لقوى الشر والرجعية في المنطقة، خصوصاً الدوائر الرجعية في السعودية والخليج. أن مواقف النظام الهمجي من إعلان الحرب، والإستمرار عليها رغم الدعوات المخلصة من قوى الخير التقدمية لإيقافها، ومحاولات الأمبريالية التي عمدت إلى إستغلال إستمرارها لتعزيز وجودها العسكري العدواني في الخليج بدعم من حكام بغداد الذين رحّبوا بهذه الخطوات علناً، وأنتقدوا موقف الأحزاب والقوى اليسارية الصديقة التي دعت إلى سحب الأساطيل العدوانية من الخليج كانت مترافقة مع سياسته الداخلية، بل هي إنعكاس لها، فالنظام الدكتاتوري في العراق يشن في نفس الوقت حرباً أخرى ضد الشعب العراقي المتطلع للسلام والديموقراطية، وعلى الشعب الكوردي المطالب بحقوقه القومية الشرعية والعادلة، وقد إتخذت هذه الحرب المدمرة صورة إعدامات جماعية لقوى المعارضة ورافضي الحرب، وتدميرها مئات القرى الكوردستانية، واستخدمت سياسة الأرض المحروقة، وإفراغ مناطق واسعة من السكان وتهجيرهم بالقوة، كما استخدمت الأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً ضد سكان قرى كوردستان المحررة من سيطرة النظام. ان كتب الأستاذ فاتح رسول موثقة ببيانات وإصدارات الأحزاب والقوى العراقية والكوردستانية، وهي جديرة بالإهتمام والدراسة، وكتبت بلغة سلسة لا لفّ ودوران فيها، والأستاذ فاتح رسول مطالب أن يكتب ما لديه من معلومات وإحصاءات أخرى للإستفادة منها.
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |