|
هل يَصْرَعُ التُُرْكَمانُ الأكْرادَ في حَلَبَةِ كَرْكُوكَ؟
طلال صلاح الدين لقد سعى التركمان كثيرا خلال السنوات الماضية من سقوط نظام البعث في العراق لإقناع الأمريكان والبريطانيين وحلفائهم والمسؤولين الدوليين والقادة السياسيين العراقيين وأعضاء مجلس النواب العراقي ورؤساء الأحزاب السياسية العراقية ودول الجوار الأقليمي والدولي والمنظمات الدولية السياسية والانسانية على الظلم الذي يمارس ضد أهالي كركوك الحقيقيين، وأن ما جرى في كركوك من تغيير في ديموغرافيتها خلال السنوات القليلة التي مضت من سقوط حكم البعث لم تجرِ خلال حكم البعث طيلة 35 عاما، والمثقفون التركمان ساندوا إخوانهم السياسيين عن طريق الاعلام من خلال الحضور في الفضائيات وبكتابة المقالات وإقامة الندوات السياسية في العراق وخارجه لتبيين مظلوميتهم في العراق الجديد، وقد تبادل السياسيون والمثقفون التركمان الدور بينهم بالسعي الجاد لكسب حقوقهم المشروعة بكل إمتياز وهم في اول الطريق في الوقت الحاضر. ولايخفى بأن عمليات التكريد جاءت بدلا من التعريب في كركوك بعد سقوط نظام البعث الديكتاتوري، وصحيح أن عمليات التعريب حدثت بقرار خاص من ما كان يسمى بمجلس قيادة الثورة سابقا، ولكن التكريد جاء بقرار جبلي همجي وشوفيني حاقد متعطش لنفط كركوك وخيراتها لبناء حلم زائف على حساب تأريخ طويل للعراق منذ أن خلق الله تلك البقعة المباركة بخيراتها وترابها الطاهر وأهلها الطيبين بكل خلفياتهم الدينية والقومية. وقد بدأ العد التنازلي لكسب التركمان للمعركة السياسية في كركوك عبر سياسة النفس الطويل للحصول على اكبر تنازلات ممكنة من المترفين وبأقل الخسائر، وقضم توجههم لضم المحافظة الى إقليم كردستان، ووضعوا مادة قانونية بالتعاون مع بول بريمر في قانون إدارة الدولة العراقية، ومن ثم نقلوا ما يحتاجون من مواد ذلك القانون بصورة إنتقائية الى الدستور العراقي كمادة أساسية عرفت بالمادة 140، حيث عينوا على رأس تطبيق هذه المادة حليف الأكراد التأريخي رئيس الحزب الشيوعي حميد مجيد موسى المتنقل كل فصل من الفصول السياسية على مائدة من موائد الكتل السياسية لكسب لقمة للعيش الكفاف لكي لا يقع عليه الموت المحتوم لكونه يجمع افكاره السياسية والنظرية من سلة مهملات التأريخ إضافة لمعاداته التأريخية لكلمة التركمان في العراق بغض النظر عن وجودهم التأريخي في العراق، ويفتخر بمجازر أسلافه في عام 1959 في كركوك ضد التركمان بالتعاون مع البرزاني المقبور، فلم يفلح بالوصول الى ما أرادوا منه الوصول اليه، ومن ثم حاول الأكراد تعيين الدكتور موفق الربيعي الحليف الكردي القوي ففشل في إستلام مهمته[[ نظرا لإنتهاء عقده الاداري الذي وهبه إياه بول بريمر ابان إحتلال العراق 2003 وتعيين مسؤولين جدد على رأس السلطة بالتعاون مع الأخضر الإبراهيمي والذي وقف بجنب إبنته للتصوير أمام صورة المقبور صدام حسين في فندق هيلتون في عمان الأردن في حفل زفافها]]. وأخيرا عينوا حليفا قديما آخر لهم وهو رائد فهمي الشيوعي ولكنه خيب آمال اسياده الأكراد وصرح أخيرا بقيام الأكراد بتجاوزات خطيرة بحق أهالي كركوك الحقيقيين بجلبهم آلاف العوائل الكردية من ايران وتركيا وسورية الى كركوك ، وأسكنوهم في أراض غير مملوكة للأكراد مطلقا بل غصبوها من اصحابها الشرعيين وهم التركمان وهو يترأس لجنة تطبيق المادة 140 المزعومة. وإضافة الى كل ما مرّ من أساليب سياسية بالترغيب والترهيب حيث جلب الأكراد آلاف العوائل الكردية من إيران وتركيا وسورية وأسكنوهم في قلب كركوك ووزعوا عليهم الأراضي الخالية وبنوا لهم بيوتا مؤقتة في الوقت الحاضر حتى يبنوا لهم قصورا كما وعدوهم في المستقبل على حساب العراق والشعب العراقي عموما وعلى حساب أهالي كركوك بصورة أخص، إضافة الى تجنيسهم إياهم بالجنسية العراقية لأن الأكراد قد سرقوا في اليوم العاشر من شهر نيسان من عام 2003 كل دفاتر دوائر الجنسية والنفوس وأخذوها الى السليمانية وأربيل وغيروا ما غيروا منها حسب توجهاتهم لمستقبل المدينة وتغيير ديموغرافيتها السكانية الى واقع مفروض بقوة الحديد والنار الأمريكيين وبتخطيط خارجي مشبوه متعاون معهم. ولكن فاتت الأكراد بأن الدول الأقليمية لها مصالحها في العراق وأن كل تغيير يقع في بلد من بلدان الجوار الأقليمي يؤثر سلبا أو إيجابا على تلك الدول، وهذه القاعدة السياسية والأساسية تنطبق على كل دول العالم وبلا إستثناء، فكيف لا تنطبق في حال العراق ومع هذه الفوضى الخلاقة التي أتت اليها بدخول قوات الاحتلال، فمع الضغط الكردي لاحتلال كركوك وضمها الى إقليمهم المستحدث أمريكيا عام 1991 بدأت دول الجوار الأقليمي بإرسال إشارات وإطلاق تصريحات نارية ضد السياسة الكردية حول كركوك، وأن تصريحات الساسة الأتراك وإجراءاتهم العملية واضحة لكل متطلع، وأخيرا دخلت إيران على الخط حيث صرح وزير خارجيتها متكي قوله: ينبغي تأخير الاستفتاء على مصير كركوك مدة عامين على الأقل، وهذا التصريح خرج من إيران بعد اللقاء الثنائي بين وزيري خارجية تركيا وإيران في طهران حين زيارة الأول لإيران، وأن التواجد العسكري التركي في المناطق الحدودية كان له دور كبير في إسكات التصريحات الكردية وخصوصا بعد تصريحات بعض الساسة الأكراد النارية ضد المصالح التركية ودعمهم اللوجيستي العلني لحزب العمال الكردي التركي المحضور، ودخول سورية على الخط بتأييدها المواقف التركية ضد التوجه الكردي في ضمها كركوك لأقليم كردستان المفروض أمريكيا والمرفوض عراقيا وأقليميا، والتأييد المصري والسعودي والاماراتي الخفي لتركيا في مواقفها المعلنة لحفظ مصالحها الوطنية الحساسة. وأخيرا بدأ النائب التركماني عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي بإطلاق تصريحات متهما الأكراد بالتجاوزات الخطيرة في كركوك حيث لم يكن معهودا منه مثل هذه التصريحات ضد السياسات الكردية سابقا بصورتها الشفافة كما نسمعها الان، فيا ترى ماذا جرى من إتفاقات بحيث أطلق البياتي مبادرته السياسية ومن على منصة مجلس النواب العراقي وأمام النواب الأكراد مطالبا بجعل كركوك إقليما بذاته، ومعارضا ضمها الى ما يسمى بإقليم كردستان؟ ولماذا أيدت الكتل السياسية العراقية هذه الميادرة؟ ولماذا أصبحت مقبولة من قبل دول الجوار الأقليمي والدولي فور إطلاقها؟ وهل إستلم النائب عباس البياتي إشارات خضراء من كبار المسؤولين سواء الأمريكان منهم أو البريطانيين أو العراقيين أو العرب حيث كانت له زيارات لبعضها وأخذ ضمانات لتطبيق مباردته التي كتبها وخطها بأنامله منذ عام 1991 في النشرة الداخلية للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق ونشرها على الملأ حينها ومن خلال كراس خاص وأيضا على صفحات الجرائد الورقية والمواقع السياسية في الشبكة العنكبونية؟ وهل أن السياسيين الشيعة الموجودين في الحكم حاليا عادوا وانتبهوا الى وجوب وضرورة تطبيق مبادئهم العقائدية الشيعية من خلال مقولتهم المعروفة التي يرددونها دوما ايام عاشوراء سنويا (ألا من ناصر ينصرنا) في نصرة المظلومين التركمان أمام الظلم الكردي المجحف في كركوك، ويمنعوهم من إلحاق المحافظة الى الأقليم الكردي زورا وبهتانا؟ أسئلة كثيرة ننتظر الجواب عليها في الأيام القادمة... ملاحظة مهمة للتركمان: إغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب، فلو أردتم الوصول الى حقوقكم الشرعية في العراق الجديد بعد ما سلبت منكم طيلة ثمانين عاما فما عليكم غير التأييد بمواقفكم السياسية وبتصريحاتكم وبمقالاتكم وبكتاباتكم علنا وبلا خجل أو توقف مبادرة السيد عباس البياتي بجعل كركوك إقليما مستقلا مع رفع السقف التركماني لأكثريتهم تأريخيا وحاضرا في كركوك من جهة، وعدم نسيان حقوق إخوانكم المنسيين في أربيل المغصوبة برزانيا والموصل وتلعفر الجريحة من جهة أخرى، لكي تتمكنوا من الوصول الى الهدف النبيل والغاية الكبرى والتي هي غاية كل عراقي شريف وهي وحدة العراق أرضا وشعبا وإقامة العدل في إدارة حكم البلاد بين كل مكوناته ديمقراطيا، وليس بين المكونات الثلاث العرب الشيعة والعرب السنة والكرد، ولعن الله من وضع هذه المقولة في الساحة السياسية العراقية وأخزاه، ولعن من نشرها، ومن قالها معتقدا بها، ومن يقولها في خطب الجمعة ومن يرددها كالببغاء. ملاحظة ثانية: للعلم والاطلاع أن المادة الواقعة موضع الجدل والخلاف السياسي بين مكونات الشعب العراقي بصورة عامة وبين السياسيين العراقيين بصورة خاصة غير مطبوعة في الدستور العراقي الموزع على الشعب العراقي قبل الاستفتاء والموجود حاليا بأيدي أعضاء مجلس النواب العراقي، وأن مجموع المواد المطبوعة في الدستور هي 139 مادة لا غير ومن أراد الاطلاع فليتصفح الدستور ليتيقّن. ملاحظة ثالثة: أن المادة 140 تشمل كل التغييرات الحدودية والادارية في المحافظات العراقية والتي حصلت من عام 1968 الى يوم 9/4/2003 في أرجاء العراق، وأن الأكراد يسوقون هذه المادة لجهة كركوك فقط وكأنها وضعت لأجل ضم المدينة الى ما يسمى بأقليم كردستان، فاذا طبقت هذه المادة فيجب ان ترجع منطقة عرعر الحدودية الى محافظة كربلاء إداريا، وترجع محافظة دهوك الى رتبة قضاء وكذلك النجف الى قضاء تتبع كربلاء المحافظة، وتكريت ترجع الى قرية، وكثيرا من الأقضية الى نواحي ونواحي الى قرى وهلم جرا.....
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |