حملت أحداث العراق وافغانستان والسعودية والجزائر وباكستان ومدريد ودول اخرى وجهت الاتهامات فيها الى العناصر الاسلامية الانتحارية أو "التكفيريون" حملت مواقفا غامضة وسلوكا لم يفسر بإنصاف نتيجة التراكم الهائل لحصيلة الاثر الذي يخلفه المنتحر فهو في وسائل الاعلام المعادية له انتحاري بائس مصيره الى النار فقط! ..واما في الاعلام الصديق لأيدلوجيته فهو مجاهد استشهد في اقصر الطرق الى الله تعالى ومصيره هو الجنة فقط !..اعتقد ان الاثنين لم ينصفا هذه الشريحة لان الموضوع ليس المدح أو الذم الوارد فيها بل الدوافع والأسباب الحقيقة الكامنة وراء الشاب الذي لايتجاوز العشرين ربيعا أو فوقه بقليل لان يتحرك بخطوط أفقية وعمودية على الخريطة العربية الى الاسيوية الكبرى أو الافريقية أو باتجاه اوربا ليصل غريبا الى الهدف كل ما يخسر عليه المخطط هو إشارة بسيطة الى الهدف وكسرة خبز ثم يبت ليلة كئيبة لينحر نفسه مع الخيط الاول من الفجر أو بعده مقطعا اشلاءا بكل شجاعة وبكل ثقة !!لقد سمعت عن شاب سعودي يعيش حالة الترف الباذخ في المملكة ذهب بهذه العقيدة من القصر الى العراء في صحاري الانبار في العراق ليتفجر بعيدا عن اهله وماله وخدمه واسفاره المنعشة في الغرب وذكريات افخم سيارة وافضل فندق وارقى ملبس واذوق مطعم ..هذه الامتيازات ربما لم يتاح شيئا منها لبعض الذامين لهم ، إن هذه الشريحة ظاهرة غريبة ولكنها ليست فريدة في التاريخ الاسلامي فهناك الخوارج الذين يتفقون مع الانتحاريين أو التكفيريين تلك جماعة عبر عنها احد الفلاسفة المعاصرين بانها الفرقة التي لو لم تحارب "عليا" لما سماها احد بالخوارج نظرا لكثرة عباداتها وتضحياتها الجزيلة ولكن هناك قاسم
مشترك بين الاثنين وهو اختفاء منظومة التوجيه وتعددها بالعلن وترددها في القرارت وعدم وجود منظم شرعي ثابت للقاعدة الجماهيرية لها فهي مرة تقاتل مع امام المسلمين واخرى تقاتله وكذلك حال الظاهرة المشابه لها في الوقت الحاضر ، إن المنظار الذي يتحرك به التكفيريون هو انطلاق مملوء بالالم وانحسار الامل والكبت الواضح مع التشائم الكثير ،وكلما كان الشي المراد الحكم عليه معقدا مسلوب الحياة كلما كان مفضلا عندهم ، ربما يرجع هذا السلوك الى سقوط الشخصيات التقليدية في العمل الإسلامي من على شاشة الاحداث وتحولهم الى ملعب للأدوار وليس لاعب مهم في الساحة السياسية مما حفز الجيل الشبابي في ديناميكية مخطط لها بجدارة خلف ستار المسرح السياسي والاجتماعي لكي تاخذ زمام المبادرة من الحركات الاسلامية الهرمة والتي اكتفت في نهاية عمرها بصحيفة اومنشور مهلهل يحمل ماتبقى من تاريخها تعتقد انه سيحمل اسمها الكبير في حين ينصرف هذا الاسم الكبير مع المنشور في الغالب الى المطاعم لتغليف الاطعمة أو يمسح به الاحذية ليحقق المنشور في النهاية هدفا مزدوجا هما الشهرة والنظافة ..!!لقد حارب هذا الجيل الشاب بحركاته الفتية تاريخ المسلمين الموغل بالاخطاء والتعاريج والطلاسم فاصيب بغثيان المفاهيم ودوار الاحكام فانتج اطروحة تحارب هاجسا في الضمير ليس له وجود خارج الخيال فغدت تكفر الفرق الاسلامية الاخرى وترى الجهاد على الغرب الملحد بكل الوسائل يبدأ بالكافر القريب الفرق الاسلامية المرتدة أو الكافرة بالحقيقة وترجع الى الوراء في كل افكارها لعلها تستعيض عن مراجع المسلمين ومؤسساتهم المجانبه لها المحاربة لجهة الفتيا وموضوعها لديهم ..فاصبحوا يتشبهون بلباس ومنطق وطريقة تفكير السلف قبل الاف السنين في حين يقودون معركة تدور رحاها في نيويورك ومدريد ولندن وبغداد وكابل وغيرها في القرن الحادي والعشرين ..لااخفي على القارئ إن مصر هي من انبت التكفير اولا وصدّره الى العالم بصورة عقلائية وهادئة وبصيغة النصيحة اولا فقد ظهرت
جماعة المسلمين كما سمت نفسها، أو جماعة التكفير والهجرة كما أطلق عليها إعلامياً(*)، وهي جماعة إسلامية غالية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية، نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر، وبعد إطلاق سراح أفرادها، تبلورت أفكارها، وكثر أتباعها في صعيد مصر، وبين طلبة الجامعات خاصة.وهي النوات الاولى لنهج تكفير الفرق بصورة منظمة وعقائدية ..

التأسيس وأبرز الشخصيات:

• تبلورت أفكار ومبادئ جماعة المسلمين التي عرفت بجماعة التكفير والهجرة في السجون المصرية وخاصة بعد اعتقالات سنة 1965م التي أعدم على إثرها سيد قطب وإخوانه بأمر من جمال عبد الناصر حاكم مصر آنذاك.

• لقد رأى المتدينون المسلمون داخل السجون من ألوان العذاب ما تقشعر من ذكره الأبدان، وسقط الكثير منهم أمامهم صحايا بسبب التعذيب، دون أن يعبأ بهم رجال الامن في حكومة البطل القومي والعروبي حمال عبد الناصر!!، في هذا الجو الرهيب ولد الغلو ونبتت فكرة التكفير ووجدت الاستجابة لها.

• في سنة 1967م طلب رجال الأمن من جميع الدعاة المعتقلين تأييد رئيس الدولة

جمال عبد الناصر فانقسم المعتقلون إلى فئات:

ـ فئة سارعت إلى تأييد الرئيس ونظامه بغية الإفراج عنهم والعودة إلى وظائفهم وزعموا أنهم يتكلمون باسم جميع الدعاة، وهؤلاء كان منهم العلماء وقيل أنهم طابور خامس داخل الحركة الإسلامية، وثمة نوع آخر ليسوا عملاء بالمعنى وإنما هم رجال سياسة التحقوا بالدعوة بغية الحصول على مغانم كبيرة.

ـ أما جمهور الدعاة المعتقلين فقد لجأوا إلى الصمت ولم يعارضوا أو يؤيدوا باعتبار أنهم في حالة إكراه.

ـ بينما رفضت فئة قليلة من الشباب موقف السلطة وأعلنت كفر رئيس الدولة ونظامه، بل اعتبروا الذين أيدوا السلطة من إخوانهم مرتدين عن الإسلام ومن لم يكفرهم فهو كافر، والمجتمع بأفراده كفار لأنهم موالون للحكام وبالتالي فلا ينفعهم صوم ولا صلاة. وكان إمام هذه الفئة ومهندس أفكارها الشيخ علي إسماعيل.

ومن أبرز الشخصيات هذه الجماعة:

• الشيخ علي إسماعيل: كان إمام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل، وهو أحد خريجي الأزهر، وشقيق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل أحد الستة الذين تم إعدامهم مع الأستاذ سيد قطب، وقد صاغ الشيخ علي مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول ص في الفترتين: المكية والمدنية، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج ؛ إلا أنه رجع عنها وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها.

ـ شكري أحمد مصطفى (أبو سعد) من مواليد قرية الحواتكة بمحافظة أسيوط 1942م، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا عام 1965م لانتسابهم لجماعة الأخوان المسلمين وكان عمره وقتئذ ثلاثة وعشرين عاماً.

ـ تولى قيادة الجماعة داخل السجن بعد أن تبرأ من أفكارها الشيخ علي عبده إسماعيل.

ـ في عام 1971م أفرج عنه بعد أن حصل على بكالوريوس الزراعة ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته. ولذلك تمت مبايعته أميراً للمؤمنين وقائداً لجماعة المسلمين ـ على حد زعمهم ـ فعين أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والإسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي.

ـ في سبتمبر 1973م أمر بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية واللجوء إلى المغارات الواقعة بدائرة أبي قرقاص بمحافظة المنيا بعد أن تصرفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض، تطبيقاً لمفاهيمهم الفكرية حول الهجرة .

ـ في 26 أكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتم إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم 618 لسنة 73 ..

ـ في 21 ابريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن مصطفى شكري وجماعته، إلا أنه عاود ممارسة نشاطه مرة أخرى ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل، حيث عمل على توسيع قاعدة الجماعة، وإعادة تنظيم صفوفها، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتى محافظات مصر، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة.

ـ هيأ شكري مصطفى لأتباعه بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل والصلوات والدراسة وبذلك عزلهم عن المجتمع، إذ أصبح العضو يعتمد على الجماعة في كل احتياجاته، ومن ينحرف من الأعضاء يتعرض لعق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com