|
مع سبق الإصرار والترصد، وبدون أي احترام لمشاعر العراقيين من مهجرين ومعتقلين وجياع ومشردين في بلاد الغربة، وبلا خوف أو خجل من نداءات المرجعية الدينية التي ركبوها للوصول إلى ما وصلوا إليه، وبعدم التفكير بعذاب يوم عظيم لا تنفع فيه سياستهم ولا كذبهم ولا كراسيهم المتهرئة ذلك اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أمه وأبيه وأخته وأخيه وصاحبته وبنيه انه يوم القارعة (وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية) و لم يتذكروا ان (من يعمل مثقال ذرة شر يره) فقد ألهاهم التكاثر ونسوا انهم سيرون الجحيم ثم ليسئلن يومئذ عن النعيم، مع كل ذلك، شدّ النواب المؤتمنون على الوديعة رحالهم إلى مملكة الإرهاب والتكفير بحجة أداء مناسك الحج التي اجزم أنها لن تقبل منهم ولعدة أسباب أهمها عدم رضا الشعب الذي انتخبهم ليحلوا مشاكله ويعالجوا قضاياه المصيرية العالقة لا ليسافروا في كل شهر جماعات وأفراد بأموال العراقيين هم وعوائلهم وحماياتهم وأصدقائهم علما ان كثير منهم لا يفقه من أمر الحج حرفا فقضاء حاجة مؤمن خير من الحج والعمرة وعامة الصلاة المستحبة ! ولأنني مللت من الحديث معهم – كما اغلب الكتاب - ولأني لا اعتقد أنهم سيرعوون أو يهتدون فالشيطان قد مسح على وجوههم وجعلهم لا يفكرون إلا بمصالحهم وبتعبئة جيوبهم بالدولارات الأمريكية، فسأقدم لهم مجموعة من الحكم والكلمات والأقوال لأشخاص عظماء رسموا التاريخ ومهدوا للحرية والعلم والتطور وأعطوا الدروس الحية والحيوية في الأخلاق التي فارقها اغلب نواب البرلمان العراقي ولا أقول الكل لان هناك أناس بقدر الكحل في العين يستحقون كل الحب والاحترام والتقدير. قال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله : إذا لم تستح فافعل ما شئت وقال الإمام علي بن أبي طالب :أحسن الحياء استحيائك من نفسك - كيف يصلح غيره من لا يصلح نفسه - أصل الشر الطمع وثمرته الملامة - عجبت لمن يرجو فضل من فوقه كيف يحرم من دونه - الحق كالزيت يطفو دائما - (من يأبى اليوم قبول النصيحة التي لا تكلفه شيئا فسوف يضطر في الغد إلى شراء الأسف بأغلى سعر) - ما اظلم الإنسان انه يجد دائما مالا لتعبئة الجيوش وإرسالها إلى الحرب لتقتل الناس ويضن بالمال على الناس لإنقاذهم من الموت - النافذة التي يخرج منها الهواء الفاسد هي نفس النافذة التي تسمح بدخول الهواء الصالح - البعض ينشر السعادة أينما ذهب والبعض الآخر يخلفها وراءه متى ذهب - الحقيقة دائماً تؤلم من تعوّد على الأوهام - سقوط الإنسان ليس فشلاً، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط - ويل لأمة عاقلها أبكم، وقويها أعمى - إن ما يسعى إليه الإنسان السامي يكمن في ذاته هو أما الدنئ فيسعى لما لدى الآخرين - ليس هناك من هو أكثر بؤسا من المرء الذي أصبح اللا قرار هو عادته الوحيدة - المغلوب مولع دائماً بتقليد الغالب - يسخر من الجروح كل من لا يعرف الألم - ليكن حظ المؤمن منك ثلاثاً : إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه - حبك الفقراء من أخلاق المرسلين، وإيثارك مجالستهم من علامة الصالحين، وفرارك من صحبتهم من علامة المنافقين - خالطُوا النََّاس مُخَالَطَةً إنْ مُتٌّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ - شعور الإنسان إزاء نفسه بأنه يحترم نفسه رأس مال كبير وهذا مقالي السابق في العام الماضي والذي خاطبت فيه النواب الذين تركوا ما بذمتهم وذهبوا ولكن لا حياة لمن تنادي وكان بعنوان (مناسك البرلمانيين) وأريد هنا أن أناقش البرلمانيين الذين ذهبوا لأداء تلك المناسك فقهيا ولا ادعي أنني حوزوي إلا أنها معلومات تعلمتها خلال تأديتي لتلك الشعيرة المقدسة في العام الماضي وسألهم هل هم منتبهون إلى تلك الشروط أم .....؟ الشرط الأول : البلوغ وهذا الشرط متوفر والحمد لله الشرط الثاني : العقل فلا يجب الحج على المجنون ...! وهنا اسأل العلماء : هل يجوز الذهاب لأداء مناسك الحج إذا كانت الدار التي تأوينا وتضم أهلنا وأطفالنا تحترق والنار تلتهم أطرافها من كل صوب؟ الجواب : بسمه تعالى : لا يجوز الذهاب بل يجب البقاء وإخماد تلك النار بكل الطرق الممكنة ومن يفعل عكس ذلك فهو مجنون ولا يصح حجه ! الشرط الثالث : الحرية فلا يجب على المملوك وان كان مستطيعا ...! وهنا نسأل العلماء والشرع والدين: - إذا كان الشخص الحكومي غير مكتمل الحرية وسيادته شبه معدومة ولا يحق له التصرف حتى بأثاث بيته إلا بموافقة السفير الأمريكي ولا يجوز له أن يسافر إلى أية دولة ولا يستطيع الكلام حول أي موضوع يخص عائلته وأصدقاءه وجيرانه ولا يمكنه المطالبة بأي حق من حقوقه الطبيعية كالماء والكهرباء والوظيفة فهل هو حر ويجوز له الذهاب إلى الحج وتأجيل تلك المطاليب إلى إشعار آخر؟ - الجواب : بسمه تعالى : ان ذلك من سفه القول ومن يفعل فهو خائن للدين والوطن والناس الشرط الرابع : الاستطاعة : ويعتبر فيه أمور : الأول : السعة في الوقت، وهنا لا اعتقد أنهم يملكون الوقت لأداء المناسك لان وقتهم ليس ملكهم بل هو ملك من تحمل المصاعب والخوف والتهديد لإيصالهم إلى ما هم عليه ليطالبوا بحقوقهم لا أن يذهبوا للحج ويتركوهم. الثاني : الأمن والسلامة، واعتقد ان ذلك أيضا غير متحقق نوعا ما لان أمنهم وسلامتهم يجب أن تقترن بأمن وسلامة من انتخبهم فالمؤمن يجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه لا أن يترك أخيه بيد الإرهاب والقتل والتهجير ويذهب للحج خصوصا وان أكثرهم قد أدوا تلك الشعيرة في سنوات سابقة . الثالث : الزاد والراحلة ومعنى ذلك هو وجود ما يتقوّت به في الطريق من المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج إليه في سفره أو وجود مقدار من المال يصرفه في سبيل ذلك ذهابا وإيابا، واعتقد ان هذا متوفر وبصورة جيدة جدا ومن افخر أنواع الأطعمة والاشربة لان هذا هو أهم ما يشغلهم في سفرتهم، وأما من ناحية المال الكافي فهو كافي (ونص) فالرواتب التي يقبضونها بدون عمل مجزية جدا جدا والإكراميات والهبات والتبرعات وو.. كثيرة جدا وأما معنى الراحلة هو وجود وسيلة يتمكن بها من قطع المسافة ذهابا وإيابا، وهذا أيضا متوفر جدا فالطائرات حاضرة لهم ولذويهم وحماياتهم وأما الحجاج الذين بقوا ينتظرون أكثر من أسبوع في المطار لمن يتعطّف عليهم بغطاء يقيهم البرد الشديد أو كوب من الشاي وقطعة من الجبن يسدوا بها جوعهم فهؤلاء المساكين (الهم الله)!! الرابع : الرجوع الى الكفاية (وهو التمكن بالفعل أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع) وهذا الأمر قد رتبوا له من زمان ووضعوا الأموال في البنوك وضمنوا التقاعد الضخم في أول جلسة للبرلمان واحتفظوا بجنسياتهم الأخرى لكي يهبروا ويعودا إلى حالتهم السابقة إذا تعرضوا للمساءلة القانونية أو انتهت فترة نيابتهم . ثم ننتقل إلى المناسك ونسأل البرلمانيين عن عدة أمور نتمنى الإجابة عليها سريعا : س1/ حين تتوجهون لأداء السعي بين الصفا والمروة والمشهور أن إحدى نساء الأنبياء (ع) كانت تركض بين الصفا والمروة باتجاه السراب الذي اعتقدته ماء لتروي عطش ابنها وتروي ضمأها الشديد، فهل ستتذكرون آلام الأمهات الثكلى وغربة الأطفال الأيتام ولوعة الأرامل وحسرتهن على الأزواج الذين ذهبوا ضحية تفجير إرهابي استهدفهم وهم ينتظرون أمام طوابير التجنيد وانتظار سراب الوظيفة؟ س2/ هل تتذكرون حين تقصرون وتحلقون رؤوسكم الأعداد الهائلة من النساء اللواتي حلقن رؤوسهن لفقد أعزائهن وهل ستتذكرون الحلاقين الذين قتلوا على أيدي الجهل البعثية والوهابية؟ س3/ وحين تقفون في عرفاة هل ستتذكرون ألآف المساكين والمعذبين والمحرومين فتتوجهوا لله بالدعاء لهم أم أنكم ستنسون ذلك كما نسيتم أشياء مهمة أخرى !؟ س4/ حين تقفون في المزدلفة هل تتذكرون وقوف آلآف العاطلين عن العمل وهم يبحثون عن فرصة أمام احد مراكز التطوع قبل أن يأتي السفاح الوهابي فيفجر نفسه بهم ليكثر من الأيتام والثكالى والأرامل؟! س5/ وحين تصلون منى لأداء رمي الجمرات، هل تتذكرون أن ترموا بقصد قتل النفوس الضعيفة والنفوس المتعالية المتكبرة التي ما إن تجلس على كرسي حتى تظن أنها مالكة الكون ولا احد سواها . س6/ وحين تصلوا للواجب الخامس من واجبات الحج وهو النحر أو الذبح، هل ستتذكرون الأبرياء الذين يذبحون بلا ذنب اقترفوه ولا جرم فعلوه إلا لأنهم للوطن أوفياء؟ س7/ الواجب الثاني عشر سيكون المبيت في منى ليلتين وستواجهكم أكيدا صعوبات معينة ولو أني اعتقد أنها لا تواجهكم ولكن سترونها حتما، فهل ستتذكرون الآلاف من المهجرين الذين تركوا بيوتهم خوفا على أنفسهم وهم ينامون الآن في العراء أو في خيم لا تقي من برد أو مطر أو رياح وغير ذلك من هموم لم تعيشوها بفضلهم وبفضل أصواتهم التي وهبوها لكم لتنقذوهم من حرمان الماضي وفقر الحاضر ومجهول المستقبل . هل ستفعلون كل ذلك؟ أنا اعتقد أنكم لن تفعلوا شيئا من ذلك فلو كان لأحدكم اقل مقدار من حب الوطن والتضحية في سبيل الشعب لما ذهبتم وتخليتم عن المسؤولية التي أوكلها أبناء الشعب العراقي لكم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |