عراق اليوم

 

طارق عيسى طه

taha.bagdady@freenet.de

ان عراق اليوم عبارة عن نفق طويل ابتدأ في عام 2003 نهايته غير معلومة يعيش في كنف ظلام دامس ,ارضه محفوفة بشظايا المفخخات والالغام ,هوائه مشبع بدخان الحرائق المشتعلة في كل مكان, لا زالت الدبابات المعطلة في الشوارع مشبعة باليورانيوم يلعب فيها الاطفال ,لا يعرفون خطورة لعبهم وتاثيره على صحتهم ,اذا تمعننا في وجوههم نرى الاصحاء منهم ,واصحاب الوجوه الصفراء الذين بدا المرض يدب في اعضائهم الرقيقة ,لا يعرفون سبب الاعياء وعدم استطاعتهم مواكبة اصدقائهم في النشاط والحيوية, وكيف يعرفون بان مرض السرطان الخبيث يدب في اجسادهم ,كما دب في اجساد الاخرين ,القسم الاخر من الاطفال يلعبون في الساحات المخصصة لكرة القدم ,تنفجر عليهم كما انفجرت على الذين من قبلهم الغاما على اشكال هندسية تثير الفضول لديهم ,كيف يعرف الطفل العراقي المحروم منذ زمن الحصار الاقتصادي سيئ الصيت الذي فرضته عليهم هيئة الامم المتحدة لا لذنب اقترفوه الا لانهم يعيشون في بلد الديكتاتورية الشمولية.

مات في حينها مليون طفل بمختلف امراض اللويكيمي وسرطانات اخرى وامراض ادت الى تشويه خلقي نتيجة الغارات الامريكية في التسعينات وايضا لان الحاكم اعتدى على دولة جارة.

فيجب قتل الاطفال ,كما صرحت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الامريكية في حينها ,لقد بنى الحاكم قصورا شاهقة كلفت مئات الملايين من الدولارات بالرغم من الحصار الجائر ,اقام حفلات اعياد ميلاده بمظاهر من البذخ والابهة ومد موائد الطعام والتي بلغ طولها من بغداد الى تكريت.

في الوقت الذي كان الاف الاطفال من ابناء الشعب يموتون جوعا محرومين من الادوية ,لم يكن الحاكم هو الطاغية الوحيد مع زبانيته المجرمة ومن لف حولهم لا ,لقد شاركه مجلس الامن الذي اصدر قرار الحصار الاقتصادي على العراق الضحية ,الذي كان يتلقى سياط الحاكم وحزبه الفاشي,وسياط المجتمع الدولي الذي اقر مثل هذه القوانين التعسفية الظالمة ,وهكذا انكشفت اللعبة.

ولاسباب عديدة اهمها الاطماع الخارجية التي تقف الولايات المتحدة الامريكية على راسها, وضرورة تبديل الوجوه الحاكمة التي انكشفت ولم تبق لها اية اهمية في العراق وفي المنطقة برمتها ,وتغيير موازين القوى لمصلحة الامبريالية العالمية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ووقوف عدد من الاحزاب والشخصيات الطامعة في المكاسب الحزبية والشخصية في تاييد الاجتياح,ودخولهم مع الدبابات الامريكية تم تطبيق المؤامرة الكبرى على شعب اعزل وتم بالاضافة الى الاجتياح عملية تجربة الاسلحة المحرمة دوليا والتي كانت السبب الرئيسي في انتشار السرطانات والتشويه الخلقي مما سبب خطرا كبيرا على حياة ابناء الشعب العراق ,مع العلم بان مثل هذه الاسلحة تنتشر خطورتها ليست على العراق وانما تشكل خطرا على جيرانه فهناك اصابات سرطانية في الخليج وفي المملكة الاردنية والقرى التركية الحدودية المتاخمة لشمال العراق ,والاخطار القادمة هي اكثر من التي حصلت ,ولا ينقذ العراق الاعملية مصالحة وطنية ذات طابع ثوري ,تعتمد بالدرجة الاولى الى تحقيق المطالب الانية للشعب العراقي ويتم فيها التنازل عن اية اطماع حزبية وذاتية والا سوف تنطفيئ الشمعة الصغيرة التي يقال بانها بانتظارنا اخر النفق.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com