عمل الاطفال في ظل التغييرات في النظم السياسية والاقتصادية

 

المحامية سحر الياسري

saharmahdi63@yahoo.com

الاطفال العاملون ظاهرة موجودة في كل دول العالم ولا يوجد بلد  مستثنى من هذه الظاهرة، مهما كان هذا البلد متقدما، ولايوجد بلد لم يتعرض لصدمات التغييرات الاقتصادية والتحولات من الاقتصاد المركزي الى أقتصاد السوق، والركود الاقتصادي أو المالي الحاد، والتحولات السياسية، والصراعات المسلحة، والكوارث الطبيعية، وانتشارالاوبئة,و حدوث المجاعات نتيجة تقلص الانتاج الزراعي, وتدفق اللاجئين نتيجة الصراعات المسلحة .وكثيرا ما تترابط هذه المشاكل مع بعض كما يحصل في العراق اليوم،فمع التحول السياسي والاقتصادي، وتزيد الصراعات المسلحة والاحتلال هذه المشاكل حدة، وهذه الازمات فاقمت من أعداد الفقراء، وتزايدت اعداد السكان تحت خط الفقر المدقع، وتفشى الفساد الاداري بشكل أدى الى توقف برامج أعادة الاعمار، وتوقف عجلة الاقتصاد، وأستنزفت موارد البلاد في برامج الحماية الاجتماعية للمحرومين، و الاشخاص الذين لايجدون عملا،والمؤكد أن أكثر طبقات المجتمع تعرضا لاثار الازمات هم الجماعات منخفضة الدخل، والاسر التي تعيلها النساء أو حتى أطفال, هذه الازمات ربما لايعيها  الاطفال كثيرا ولايستطيعون شيئا حيالها ولكنها مؤثرة بشكل دينامي على مستقبلهم كعمالة حالية، أو مستقبلية . فمع تدهور الاجور وفقدانها كليا في بعض الحالات  نتيجة تلقص الاستخدام في القطاع المنظم،ومع سياسة حكومية تميل الى تخفيض الانفاق وتقليص الدعم الحكومي  بسبب الاتفاق مع صندوق الدولي لتخفيض الديون العراقية، وأنخفاض الاستثمار بسبب أعمال العنف والصراعات المسلحة، والتهجير القسري نتيجة اعمال التطهير الطائفي والعرقي وفقدان المهجرين لبيوتهم وأعمالهم، عدم الاستقرار السياسي وكثرة ترك الوزراء لاعمالهم وتعليق مشاركتهم في الاعمال الحكوميةآخر برامج الحكومة وجعلها عاجزة عن أداء مهامها،وطأة الازمة على الاطفال كبيرة جدا, ففقدوا فصولهم الدراسية وحدث تسرب كبير من المدارس، وأنخفض ما يتلقونه من غذاء ورعاية صحية كافية بسبب خسارة أسرهم لأعمالهم وانتهاء مدخراتهم ، وأدى تفاقم الفقر الى دفع اعداد متزايدة من الاطفال الذكور والاناث الى سوق عمل غير محمي تنظيميا وقانونيا، وربما يشكل خطرا عليهم وبأجور منخفضة، تفاوت تأثير حدة الازمة الاقتصادية الحالية من منطقة الى اخرى من العراق، وهي أكثر تأثيرا على المحافظات الجنوبية ووسط وغرب العراق الذي يشهد صراعا مسلحا حادا .

التحولات السياسية والاقتصادية الجذرية في العراق منذ عام 2003، تسببت بأزمات حادة في المجتمع العراقي، وكان نصيب الطفل العراقي من الخسائر كبيرا يفوق المكاسب التي يدعيها سياسوا هذه الفترة، فمع حصار استمر لثلاث عشر عاما قبل عام 2003 أصبح الفقر المزمن من المشاكل المستعصية في العراق,دفعت بأعداد جديدة من العراقيين للنزول تحت خط الفقر, فالاسر الاشد حرمانا لديها أطفال, واسر المهجرين بسبب اعمال التطهير العرقي والطائفي،ونتيجة تفكك الدولة وألغاء قسم من هيكليتها السابقة, فقد الكثيرون أعمالهم وأنهار مستوى الدخل والمعيشة بالنسبة لهم مما تسبب بمشاعر من الخزي والاقصاء والتهميش، مؤديا الى مشاكل اجتماعية خطيرة وصراعات مسلحة، وهنا شهدنا موجات متزايدة من العمال الاطفال في ظروف خطرة للغاية على حياتهم وصحتهم وأخلاقهم، نتيجة الضغوط الشديدة عليهم التي مثلها التغيير السياسي والاقتصادي بعد عام 2003، تكاثرت ظاهرة أطفال الشوارع، والعاملين في الاقتصاد غير المنظم، والذين يقعون ضحايا للدعارة ومافيات المخدرات، وكذلك شهدنا تجنيد للاطفال في الصراعات المسلحة، والاعمال غير القانونية والانضمام للميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون،وتسرب كثيرون من المدارس، وأنقطع النسيج الاجتماعي في كثير من مناطق العراق.

ما هو الحل؟؟؟؟

أكثر من علامة أستفهام لان الفقر يدفع بالاطفال للعمل لكسب المال من أجل أستكمال دخل الاسرة أو من أجل البقاء لاغير, مع أن عمل الاطفال يخفض رأس المال البشري, ويديم فقر الاسر عبر الاجيال, ومن ثم يبطئ النمو الاقتصادي والوطني والتنمية الاجتماعية. ولكن مع غياب التحليل العلمي لما يحدث في الاقتصاد العراقي، وغياب رؤيا سياسية لمستقبل البلد لاختلاف الرؤى والافكار والبرامج والنزعات، والاصرار على سياسة أقتصادية اثبتت فشلها، يصّعب كثيرا من إيجاد حلول لمشكلة الفقر وعمل الاطفال، تضخم برامج الحماية الاجتماعية لايشكل حلا ناجحا لا على المستوى القريب ولا البعيد, بل نحتاج الى خطط سياسية واقتصادية تؤسس لمرحلة عراق جديد ولكن بأثار محدودة على الاسر العراقية كي لا يطحن الفقر الناس  ويؤدي الى مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية تفاقم الوضع المتأزم حاليا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com