|
فيصل عبد الحسن- الرباط
أتيحت لي الفرصة أن أساهم بإعداد مذكرات الدكتور صالح البصام التي نشرت في بيروت قبل فترة بكتاب باسم : مذكرات وأسرار هروب نوري السعيد، والبصام كان من الرجال المقربين لرجال العهد الملكي، وزوجا للسيدة ثمينة ابنة رجل الأعمال العراقي عبد الهادي ألجلبي والد رئيس مجلس الحكم السابق بعد سقوط النظام السابق د.احمد ألجلبي، والرجل اكتوى بنار ما حدث في 14/تموز/ عام 1958 من أحداث ودفع من عمره سنة سجنا لمشاركته في أخفاء رئيس الوزراء العراقي السابق نوري السعيد في قصره المطل على دجلة والمجاور لقصر نوري السعيد عن أيدي المطاردين من رجال الجيش والشرطة الذين جاءوا يبحثون عنه ووضعت الحكومة العسكرية الجديدة جائزة من عشرة ألاف دينار لكل من يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه، والقصة معروفة وانتهت نهاية تراجيدية بمصرع نوري السعيد منتحرا بعد اكتشاف مكان مخبئه الثاني في البتاويين وسط بغداد وحصل على الجائزة ابن السيدة التي آوته في دارها بعد اتصاله هاتفيا بوزارة الدفاع من اقرب محل هاتف وإبلاغه عن مكان اختفاء نوري السعيد والباقي من الأحداث الدموية معروف لجميع العراقيين في تلك الفترة، وعند تتبع مصير الواشي أنه استلم الجائزة المالية الضخمة في ذلك الوقت وحولها لمصرف في انجلترا وسافر إلى هناك لإكمال تعليمه في إحدى الجامعات الانجليزية. د. صالح البصام من أطباء بغداد الرواد وكان معروفا في بغداد في الأربعينات والخمسينات من القرن السابق في منطقة الكاظمية، والرجل مطلع على أحوال العهد الملكي اطلاعا واسعا مكنني إضافة لما قرأته من مذكرات الصديق والأستاذ عبد الغني الدلي الوزير والسفير للعراق في العهد الملكي في وزارة فاضل الجمالي الوزارة الأخيرة في العهد الملكي أطال الله من عمره وهذه المذكرات لا زالت مخطوطة ولكنها معدة للطبع ونسال الله تعالى أن يمد في عمر الأستاذ عبد الغني الدلي ليراها مطبوعة ويرى تأثير ما فيها من تسجيل صادق لحوادث كثيرة في العهد الملكي مرت من دون تفسير أو أن يوجه عليها النور ليعرف الناس الأسباب الحقيقية وراء الكثير من الحوادث والشخصيات التي تعرضت للتشويه والإساءة وظلمت باطلا بالكثير من المساوئ التي ليس فيها . وإنا أتتبع الكلمات والأفكار في هذه المذكرات واقرأ عن الصراع الذي كان يدور حول شكل الدولة العراقية منذ بداية التأسيس 1921 والاتجاهات العامة التي كانت تؤشر لاصطراع طائفي وقومي مقيت وضعت أمام بصيرتي ما يحدث في هذه الأيام وما يدور في الكواليس، وما تحركه الأطماع الكثيرين، فالعراق دولة غنية، تحرك أطماع من حولها من الدول ويبرز غناها التناحر الشعبي، الطبقي والطائفي والقومي والسياسي . العراق بسبب غناه المادي وروحه الحية في عمق التأريخ يعتبر من أفضل المولدين للتناحر والاختلاف على الصعيد البشري وهي رؤيا سيسلوجية صادقة لأسباب ما نرى من أحداث درامية وتراجيدية دامية، وفي الفترات التي أستقر العراق فيها وازدهر،هي الفترات التي قيض له حكاما يجيئون من خارج تكوينه وفسيفسائه ليحكموه، ولنا في التأريخ ما يؤكد ما نقول، أنظر منذ الفتح الإسلامي وحكام العراق من خارجه منذ ألف وثلاثمائة وأربعين عاما نقل الخليفة الراشد الرابع الأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مكان الخلافة من المدينة المنورة ليستقر حكم العراق وما جاوره في الكوفة، وما تلا ذلك من حكام وافدين من الشام في عهد الدولة الأموية، والدولة العباسية، والفترة المظلمة منذ سقوط الدولة العباسية على أيدي المغول التي استمرت أكثر من خمسمائة عام، حتى الاحتلال البريطاني لبغداد عام 1917 وقيام ثورة 1920 ضد المحتل البريطاني ثم توجه العقلاء من العراقيين لمبايعة ملك من أبناء الشريف حسين في مكة المكرمة ليكون ملكا على العراق فتم اختيار فيصل الأول ملكا على العراق، أن فترة الحكم الملكي في العراق كانت من أروع وأفضل الفترات التي مر فيها العراق اما الفترة التي أعقبت العهد الملكي فقد كانت فترة انقلابات دموية وحروب طائفية مستورة كالحرب العراقية الإيرانية وحروب قبلية كحرب الكويت والسعودية وسنوات حصار ومذابح قومية كمذبحة الأنفال التي نفذت بحق الأخوة الكرد ومذبحة الشيعة التي نفذت ضد الشيعة بعد انتفاضة عام 1991 . أما العهد الملكي وبالرغم من الصراع المرير مع المستعمر البريطاني، لترك العراق بأسلوب سياسي وعقلاني وقد اتبع سياسيوه سياسة خذ وطالب، فأن العهد الملكي في العراق بكل ما فيه من نجاحات وإخفاقات هو أفضل بكثير من الفوضى السابقة والراهنة التي تضرب إطنابها في ظل جمهورية دموية لا يعرف حابلها من نابلها، لا نعرف ديمقراطيها من فاشيها،حراميها من شريفها، مرتزقتها من وطنيها. على الأقل كانت في العهد الملكي كل الأشياء واضحة للمواطن العراقي من يعمل لمصلحة الوطن ومن يعمل لمصلحة فئوية ضيقة أو حتى لمصلحة دول الجوار دون أحساس بالمواطنة أو حقوق الوطن على أبنائه. الوقت لم يفت بعد وتعديل الدستور ممكن للعودة للملكية الدستورية للحفاظ على ما تبقى من العراق، والأسرة المالكة العراقية موجودة بشخص أبن الشريف الحسين أبن خالة الملك فيصل ثاني الشريف علي بن الحسين وهو يشاطر العراقيين الآن أوجاعهم وألأمهم وقد عاني مع أسرته الشريفة كل صنوف الأذى منذ عام 1958 حين نفي مع أسرته إلى مصر وبعد ذلك إلى بريطانيا بعد زوال عهد الملكية في العراق بعد 14/تموز/ 1958 . أن دعوة العقلاء من العراقيين لتبني هذا الأمر هو من صميم المواطنة العراقية الصالحة للحفاظ على العراق بكل أطيافه وقومياته من دون اقتتال أو تشرذم ومن دون أن تطمع الدول المجاورة بخيرات العراق وأكل لحمه حيا وميتا، وتخليصه من تواجد القوات الأجنبية وفرض أجندته الوطنية، أنها دعوة مخلصة لعودة الملكية للعراق، اللهم أشهد إني بلغت ..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |