أين العراق من تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر؟

 

 

لؤي الخطيب

Ljawad@hotmail.com

نشر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) مؤخرا التقديرات الحالية لتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر إلى كل من الدول المتقدمة والدول النامية والتي تراوحت ما بين 45% و21% على التوالي.

 حيث بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية لعام 2006 رقما ً قياسيا ً لم يسجل من قبل، إذ ارتفعت تلك التدفقات بنسبة 34,5 % (61,6 مليار دولار) مقارنة مع 45,8 مليار دولار لعام 2005 . وشكلت هذه التدفقات ما نسبته 16,2% من إجمالي تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة إلى الدول النامية وحوالي 4,7% من إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي.

يقابل ذلك تراجع واضح لتدفقات الاستثمار العربي البيني التي وصلت إلى 17,5 مليار دولار في عام 2006 مقارنة مع 38 مليار دولار في عام 2005، كانت في معظمها (66%) موجهة إلى قطاع الخدمات، بينما توجه 32% منها إلى قطاع الصناعة و 2% إلى قطاع الزراعة.

 وعلى صعيد الدول العربية الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر، فقد جاءت المملكة العربية السعودية في المقام الاول بقيمة 18,3 مليار دولار (29,7%) من إجمالي تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة، تليها جمهورية مصر العربية بقيمة 10 مليار دولار (16,3%) ثم دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 8,4 مليار دولار (13,5%)، تليها تونس بقيمة 3,2 مليار دولار (5,4%)، ثم الاردن بقيمة 3,1 مليار دولار (5,1%)، البحرين بقيمة 2,9 مليار دولار (4,7% ) وأخيرا ً المملكة المغربية بقيمة 2,9 مليار دولار (4,7%).

 واستحوذت الدول السبع هذه على 80% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول العربية بينما حصلت بقية الدول العربية بمجموعها على نسبة 20% من هذه التدفقات، حيث حصلت لبنان والسودان على 2،8 مليار دولار لكل منهما والجزائر 1,8 مليار دولار وقطر 1,79 مليار دولار وليبيا 1,79 مليار دولار وعمان 0,95 مليار دولار وأخيرا ً سوريا 0,6 مليار دولار.

 ومن هذا يتضح أن العراق لم يحصل على مليم واحد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، التي تقدر حاليا بحدود الفي مليار دولار، بينما هو في أمس الحاجة إلى مثل هذه التدفقات لانعاش اقتصاده وإعادة بناء بنيته التحتية المدمرة.

وهذا بطبيعة الحال يشير إلى وجود خلل كبير في البيئة الاستثمارية الحالية في العراق بعد أن حولت مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية هذه البيئة إلى بيئة طاردة لتوطين الاستثمار الأجنبي المباشر، وما يترتب عن ذلك من آثار سلبية خطيرة على الاقتصاد العراقي وأوجه التنمية المستدامة فيه.

 هذا في الوقت التي تسعى فيه جميع الدول المتقدمة والنامية لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق تحسين أساليب الترويج وحملات اجتذاب الاستثمارات الأجنبية بواسطة تدعيم مناخ الاستثمارات من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتامين قواعد المعلومات اللازمة للاستثمار وتعزيز الشفافية من خلال الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالاستثمار والالتزام بالمعايير الدولية في هذا الشأن، اضافة الى المباشرة في بناء المدن الصناعية والاعلامية والمناطق الحرة كحاضنات لمختلف الاستثمارات، والاسراع في برامج الخصخصة المختلفة من اجل اعطاء دفعة قوية للقطاع الخاص الذي يعتبر بمثابة القاطرة الواقعية لنمو حقيقي في الاقتصادات الوطنية والداعم الاساسي لتطوير القطاع العام.

 ولكن للاسف الشديد فأن الصورة مختلفة تماما في العراق، اذ فشلت لحد الان معظم الوزارات العراقية من الاستفادة حتى من الاموال المخصصة لها للاغراض الاستثمارية من الميزانية الاتحادية لعدم قدرتها عل استيعاب تلك الاموال في المشاريع الاستثمارية لتفشي الفساد المالي والإداري والبيروقراطية وعدم الكفاءة في معظم وزارات الدولة وبقية الاجهزة الحكومية.

ويبدو ان هذا الواقع غير مرشح للتغيير في ميزانية العام المقبل (2008) التي وصفها وزيرا التخطيط والمالية في آخر مؤتمر صحفي مشترك لهما، على انها اكبر ميزانية في تاريخ العراق (48 مليار دولار)، ولكنهما اشتكيا رغم ذلك من عدم كفاية تلك الميزانية لتغطية احتياجات البلاد في السنة المقبلة والسبب هو ان الدولة العراقية لازالت تمارس دورها الابوي في جميع المناحي الاقتصادية بما في ذلك الجوانب الاستثمارية التي كان يجب ان تترك للقطاع الخاص العراقي وغير العراقي حتى تتفرغ مجهودات الدولة المركزية لتلبية الحاجات الضرورية الملحة للمواطن العراقي في ميادين الصحة والتعليم والنقل وبقية الخدمات اضافة الى تحسين الرواتب والمعاشات واصلاح البنية التحتية المدمرة.

 ومن الاشياء التي لفتت الانظار في المؤتمر الصحفي لوزيري المالية والتخطيط هو اشادتهما بتخصيص اكبر قدر ممكن من ميزانية عام 2008 لوزارة النفط لكي تقوم، حسب تمنيهما، بزيادة الانتاج النفطي للعراق حتى تتعاظم ميزانية الدولة في الاعوام المقبلة اذا ارتفعت مبيعات العراق من النفط الخام كما يأمل الوزيران.

 ولكن كيف يمكن لوزارة النفط ان تقوم بتطوير الصناعة النفطية في العراق وهي التي لم تستطع ان تستثمر القسم الاكبر من الاموال التي خصصت لها هذا العام (2007) والتي كانت اقل بكثير من الميزانية التي تم تخصيصها للعام المقبل؟ وفي كل الاحوال، ان زيادة القدرات التصديرية العراقية من النفط الخام غير مرتبطة بتوفير قسط يسير جدا من رأس المال المطلوب فقط، وانما تحتاج الى الخبرات الحديثة والكفاءة العالية في الادارة والتقنية المتطورة، وهي امور تكاد تكون مفقودة تماما لدى وزارة النفط حاليا بسبب هجرة الادمغة العراقية المتخصصة فضلاً عن تقادم خبراتها بسبب السنوات الطويلة من الحصار الاقتصادي والحروب المتعاقبة والاستهداف المنظم لها من عصابات الجريمة التي تسرح وتمرح في العراق حاليا.

 لاشك ان الدولة العراقية ترتكب ذات الخطأ مجددا عندما تسحب الاموال التي يحتاجها الشعب العراقي بإلحاح لتحسين اوضاعه المعيشية وتخصصها لوزارة النفط لكي تقوم بزيادة القدرات العراقية التصديرية من النفط الخام، رغم انها غير قادرة على ذلك بشكل كلي كما اسلفنا.

 اذن ماهو الحل للخروج من مأزق حلقة الفقر المفرغة الموجودة في العراق؟

 اننا نرى الحل كما بَيـَنا بدخول استثمارات القطاع الخاص لتطوير الصناعة النفطية العراقية باسرع وقت ممكن لمصلحة الشعب العراقي وكما تقوم بذلك الكثير من الدول المنتجة للنفط في العالم.

 وكما هو معلوم، يحتاج العراق حاليا الى استثمار مالايقل عن 200 مليار دولار لاعادة الحياة الى بنيته التحتية المدمرة وليس الى بضعة مليارات كما خصصته ميزانية عام 2008 الاتحادية. ولكي يتم تحقيق هذه المهمة الكبيرة، لابد من النهوض بالصناعة الوطنية للنفط والغاز التي تشكل بطبيعة الحال العمود الفقري للدخل القومي للبلاد. ولكن لكي تنهض صناعة النفط والغاز لابد من استثمار مالايقل عن 150 مليار دولار اخرى في هذا القطاع فقط، ناهيك عن عشرات المليارات الاخرى التي تحتاجها الدولة للصرف على الرواتب والخدمات، من بين امور اخرى. علماً ان هذه التقديرات كانت بقيمة الثلث في عام 2003 ومرشحة للزيادة في حال تعثر اتخاذ القرارات الحازمة و الاستراتيجية، وذلك لتضاعف كُلَف المواد الأولية والأيدي العاملة إضافة الى انشغال مستثمري قطاع الطاقة في ظل تصاعد أسعار النفط الذي يجعل من أنظمة أغلب دول العالم المنتجة للنفط أكثر جذباً مقارنة بالعراق ووضعه الاقتصادي المرهون بـ بيوروقراطية لم تعد لها حاضنة في محيطه العربي فضلاً عن الدول المتقدمة.

 ان حاجة المؤسسة النفطية العراقية الى 150 مليار دولار، يعني من الناحية العملية ترشيح زيادة انتاج العراق من النفط تدريجيا الى مستوى 10 ملايين برميل يوميا (فضلاً عن تطوير صناعة الغاز والمشتقات) وهي مهمة كبيرة جدا ستستغرق من 10 الى 15 سنة على أقل التقادير، حتى مع توفر جميع مستلزمات التطوير من اموال وتقنية وادارة حديثة. ولكن اذا نظرنا الى الامكانات والكوادر الفنية الوطنية، فانه من غير الممكن تماما ان تنهض هذه الكوادر بهذه المهمة العملاقة لان الكادر الوطني العراقي كما اسلفنا قد تفكك من جراء الحروب والعقوبات والهجرة غير المسبوقة للعقول المتخصصة، فضلا عن الافتقار للأموال والتكنولوجيا والمعرفة الحديثة.

 لذلك لابد من تظافر جهود وموارد وامكانات وخبرات القطاع الخاص العراقي والاجنبي في تطوير الثروة النفطية العراقية من خلال توزيع الأعباء الستراتيجية لتطوير هذا القطاع بين الشركات الخاصة والقطاع العام ممثلا بشركة النفط الوطنية العراقية بحيث تركز الشركات الخاصة على تطوير الحقول غير المنتجة للوصول الى مستوى 5 ملايين برميل يوميا، مقابل ان تركز شركة النفط الوطنية على الحقول المنتجة حاليا لكي يصل مستوى انتاجها الى 5 ملايين برميل يوميا ايضا حتى يصل انتاج العراق اليومي الاجمالي الى 10 ملايين برميل يوميا، الامرالذي يعني من الناحية الواقعية رفاها غير مسبوق للشعب العراقي كله اذا توفرت الارادة والادارة الواعيتين.

 وهذه بالتأكيد ليست دعوة للتقليل من شأن وزارة النفط العراقية و شركة النفط الوطنية والكوادر العراقية. بل بالعكس فانها دعوة لتوفير مقومات نجاحها، كما انها ليست دعوة لتسليم ثروات العراق النفطية الى شركات القطاع الخاص كما سيدعي البعض، بل هي دعوة واقعية، وليس بالتمني، لتوزيع الاعباء الستراتجية لتطوير الثروة النفطية العراقية بين شركة النفط الوطنية وشركات القطاع الخاص، من ضمنها شركات القطاع الخاص العراقي، لتحقيق هدف واحد لاغير هو زيادة انتاج النفط والغاز في العراق الى مستويات عالية تتناسب مع الاحتياطي الكبير جداَ للبلاد وذلك بهدف زيادة الريع الاقتصادي للشعب العراقي وانتشاله من الوضع المأساوي الذي هو فيه حاليا.

 ولايوجد سوى بديلان غيرعمليين او واقعيين لهذا الخيار: الاول ترك الثروة النفطية العراقية في باطن الارض لعشرات السنين الاخرى كما حصل في السابق، او الاعتماد على شركة النفط الوطنية في انجاز هذه المهمة وهو امر مستحيل كما اسلفنا الامر الذي يعني في كلا الحالتين عدم توفير الموارد المالية المطلوبة التي يحتاجها الشعب العراقي باسرع وقت ممكن بسبب ظروفه الحالية، وهذا بدوره سيعني مزيدا من الفقر والحرمان والتهجير لملايين العراقين وكأن الاهوال التي مرت بهم لحينه لاتكفي. لذلك لابد من التاكيد من جديد على ضرورة فسح المجال امام القطاع الخاص لكي يقوم بدوره المطلوب كما تفعل حاليا معظم دول العالم.

 وهنا لابد لنا من التوقف عند الحساسية المفرطة لبعض المختصين في العراق ازاء دور القطاع الخاص في بناء الأقتصاد العراقي من جديد على اسس قواعد السوق التي تتخذ من مبدأ المنافسة، والإدارة الفعالة والاستثمار المكثف والمساءلة على النتائج، ونقل التقنية المتطورة وتدريب العمالة مرتكزات اساسية للنجاح.

 إن هذه الحساسية مفهومة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار عمليات التثقيف السياسي التي تعرض لها العراقيون على أيدي الحكومات المختلفة منذ سقوط الملكية عام 1958 والتي شوهت سمعة القطاع الخاص بشكل غير مسؤول، بل وغير اخلاقي وكأن هذا القطاع لا يمثل نخبة من خيرة أبناء الشعب الذين يعملون بجد ودأب من أجل خدمة بلدهم وأبناء شعبهم عن طريق المساهمة الفعالة في البناء والاعمار وتوفير فرص العمل الملائمة لملايين الشباب والشابات من العراقيين وتدوير عجلة الاقتصاد بما يحقق الازدهار والرفاهية لجميع المواطنيين.

 إن نظرة سريعة على الانظمة الاقتصادية المتبعة حاليا ً خارج العراق تجعل المتتبع يتيقن بما لا يدع مجالا ً للشك ان العراق بات معزولا ً تماما ً عن إطاره العربي والعالمي فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي الذي يتبعه إذ لم يبق في اغلب الكرة الارضية سوى عدد محدود جدا ً من الانظمة الاقتصادية والسياسية الشمولية والمركزية مثل كوبا وكوريا الشمالية اللتان تطوقهما أزمات جوع وفقر ومرض فتاكة، خاصة كوريا الشمالية التي يعيش شعبها منذ عقود طويلة على الصدقات الدولية رغم أن المسافة التي تفصلها عن شقيقتها وجارتها الجنوبية، المارد الاقتصادي العملاق كوريا الجنوبية التي تتبع اقتصاد السوق، لا تبعد سوى بضعة كيلومترات. بل ان الذي ادى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية هي ذات السياسات المركزية المتحجرة التي ترفض التفاعل الإيجابي مع العصر واستحقاقاته.

 وها هي الصين، المعقل الآخير المتبقي للشيوعية العالمية، قد تحولت الآن إلى قوة اقتصادية كونية تنافس الولايات المتحدة واوروبا واليابان على صدارة عرش النظام الاقتصادي العالمي، و هو أمر لم يكن ليتحقق لولا إدراك النخبة الشيوعية الحاكمة في بكين لضرورات التكيف مع متطلبات العصر وحركة الاقتصاد العالمي وخاصة فيما يتعلق بالاعتماد على دور القطاع الخاص في قيادة قاطرة التقدم الاقتصادي في البلاد.

 بل أن جيران العراق من الدول العربية التي ما زالت تتبع النهج الاشتراكي، ولو من الناحية النظرية فقط، مثل مصر وسوريا وليبيا واليمن، قد تخلت هي نفسها عن مبادىء الاقتصاد الاشتراكي وانتقلت إلى اقتصاد السوق حيث بدأ القطاع الخاص يلعب دورا مفصليا في كل شؤون الحياة.

 لقد اصبح من الثابت الان في انحاء العالم كافة ان نظام الملكية الخاصة الذي يعتمد على المنافسة الحرة او ما يعرف بإقتصاد السوق اكثر فعالية من ملكية الدولة والتخطيط المركزي الذي يعاني من الترهل والتسيب والبيروقراطية والبطالة المقـنعة، من بين امراض اخرى.

 ويعزى فشل التخطيط المركزي وملكية القطاع العام الكاملة الى طبيعة النظام الشمولي الذي يتسم بغياب شبه كامل للديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اضافة الى تسييس الاقتصاد بما يضع جميع الامكانيات الاقتصادية للبلد في خدمة السياسة كما حدث دائما في تأريخ العراق الحديث، بينما المطلوب هو العكس تماما وهو ما يجب ان تسعى اليه حكومات العراق الجديدة.

 وهنا لا بد من التذكير بان المردودات الاقتصادية والاجتماعية المتوخاة من استثمارات القطاع الخاص لا تقتصر على ضخ بلايين الدولارات في الاقتصاد العراقي، وانما تشمل مسائل أخرى أكثر اهمية مثل نقل المعرفة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز مبادئ الإدارة الحديثة ونقل التقنية المتطورة، وزيادة الرواتب والمعاشات.

 كما لا بد من التأكيد على أن دور القطاع الخاص هو ليس نقيضاً لدور القطاع العام وليس مطلوبا ً ان يكون أحدهما على حساب الآخر، بل يجب أن يكمل أحدهما الآخر. ونظرة اخرى فاحصة على دول الخليج مثلا ً توضح هذه النقطة الحيوية إذ أن معظم هذه الدول قد تأسست في بداية عقد السبعينات، عندما كان العراق بلدا ً متطورا ً حيث كانت جامعاته مثلا ً تمنح درجات علمية متقدمة بضمنها الدكتوراة في مجالات كثيرة منها القانون والطب والآن يكاد البلد يصبح أثرا بعد عين نتيجة للسياسات الشديدة المركزية والانفراد بالرأي طول مدة النصف الثاني من القرن العشرين الماضي. بينما دولة الإمارات العربية مثلا ً استطاعت أن تضاعف دخلها القومي عدة مرات إلى أن وصل إليوم إلى اكثر من 125 مليار دولار سنويا، يأتي أكثر من85 % منه من موارد غير نفطية نتيجة استثمارات القطاع الخاص بشكل رئيسي.

ان الحديث عن القطاع الخاص لا بد ان يجرنا إلى الحديث عن نظيره القطاع العام الذي اثبتت التجربة المباشرة في جميع أنحاء العالم أنه قطاع يميل في العادة إلى الترهل والاتكالية والبطالة المقنعة التي تعتمد على موارد الدولة العامة. والحكومات عموما ً تفتقر إلى الكفاءة المطلوبة في إدارة المؤسسات التجارية، والعراق بالتأكيد لا يمثل استثناء ً من ذلك، بل أنه في حالة العراق الحالية تكون الحاجة للاستثمار من قبل القطاع الخاص أكثر الحاحا ً من اجل معالجة النقص الحاد في الموارد المالية والتقنية والكوادر البشرية المؤهلة الذي تعاني منه الدولة العراقية في الوقت الحاضر.

 وبالعودة إلى عنوان الموضوع، فإن السبيل الوحيد لجذب استثمارات القطاع الخاص لتـنمية وتطوير الاقتصاد العراقي، هو عن طريق تفعيل دور شركات القطاع الخاص، ولكن تحت الرقابة والتنظيم الدقيقين للحكومة لضمان التقيد بالالتزامات التعاقدية، وبعكسه لن يكون بمقدور القطاع العام في العراق التصدي لوحده لهذه المهمة الاستراتيجية الأمر الذي يعني مزيدا ًمن التأخير وضياع فرص التنمية وما يتبع ذلك من تزايد معاناة المواطن العراقي وكأن الذي حصل له لحد الآن من معاناة وشظف العيش لا يكفي.

 لقد آن الاوان للتخلي عن كل الخرافات ونظريات المؤامرة التي ماانفكت تعطل البلاد وتعرض الشعب الى مزيد من المعاناة. شعارنا يجب ان يكون اننا نريد ان يكون كل شىء تحت الشمس ولا خوف علينا بعد ذلك لاننا كعراقيين نمتلك مايكفي من المنطق والخبرات لكي نحافظ على مصالح شعبنا بالكامل في ظل نظام ديمقراطي شفاف ومسؤول بالكامل امام الشعب وصحافته الحرة وبرلمانه المنتخب ديمقراطيا رغم كل مايقال عنهما، ولان الزمن لن ينتظرنا الى ان ننتهي من هذا الجدل العقيم ولايمكن ابدا تعويض فرص التنمية الضائعة. واذا كان البعض فرحا بالاسعار الحالية للبترول التي تجاوزت التسعين دولارا، فانها في الواقع من ناحية القيمة الحقيقية اقل بكثير من سعر الثلاثين دولارا الذي كان سائدا في نهاية السبعينات. وهذا امر يبين بوضوح مدى الخسارة الحقيقية المترتبة على ضياع فرص التنمية بسبب التأجيل المستمر لخطط التنمية الوطنية التي ترتكز على دور فعال للقطاع الخاص.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com