|
أبو غريب الحلقة/ 39..بيننا شيوعي من فولاذ..!!
جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية
من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريب الحلقة ـ 39 ـ عنوان الحلقة (بيننا رجل فولاذي) .. أعتقد أن العنوان يجلب الأنتباه..!!.. ياترى ماذا يعمل رجل بتلك الصفات في ذلك المكان؟؟. مع هذه وتلك.. ولكن أنها حقيقة واقعة.. لنرى: ــــــــــــــــــــــــــــــــ لست شيوعياَ.. ولكن للتأريخ أن ألأخوة الشيوعيون يحملون صفاتاَ قلما تجده عند بيقة الناس والمنتمون للأحزاب ألأخرى .. وهذا ليس أنتقاصاَ من أي حزب ولكن تلك حقيقة واقعة على أرض الواقع وبشهادة ألأكثرية وأمام مرأى ومسمع الناس!!. هكذا هم الشيوعيون.. يتجنبون كل أمر يسىء الى حزبهم وماضيهم.. لنأخذ مثالاَ بسيطاَ من ألأمس القريب: منذ سقوط النظام السابق ودخول ألأمريكان الى الوطن.. سمعنا وشاهدنا وقرأنا عن الكثير الكثير من ألأعمال غير المقبولة من قبل عدد من المنتمين الى أغلبية ألأحزاب.. أكرر ـ أغلبية ألأحزاب ـ سواء أعمال نهب أو سلب أو قتل وأعتداء أو تزوير وغيرها.. ولكنني لم أسمع ولم أقرأ بأن أحد ألأعضاء المنتمين الى/ الحزب الشيوعي قد أرتكب كذا وكذا .. مع العلم لهم شبابهم وأسلحتهم وسياراتهم وأمكانياتهم، إذاَ هذه نقطة أيجابية لابد من تسجيلها لصالحهم . النقطة الثانية: أكبر حزب زج أعضائه ومؤازروه وأصدقائه في السجون والمعتقلات ... وأخيراَ.. كل الذين قابلتهم سواء داخل المعتقل أو خارجها كانوا من الصامدين أثناء التحقيق.. تحملوا مالم يتحملها سيدنا أيوب... مع ذلك قلما أعترفوا على تنظيماتهم ورفاقهم .. والمهم أن ألأجهزة ألأمنية كانت تعرف هذه الحقائق !!!. حينما أذكر هذه الحقائق لا أنتظر من الشيوعيون/ لاجزاءَ ولاشكورا .. أنها حقائق يعرفها كل صاحب ضمير ... نعم كل عراقي له قليل من ألأهتمام بالسياسة لابد أن يعترف بهذه الصفات للأخوة الشيوعيون . بما أن قسمنا كان قسم/ السياسيون ..لذلك كانت حصة ألأسد للأخوة والرفاق الشيوعيون وهنا أقصد ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ ... ولكن في ألأعوام/ 1996 وصاعداَ رأينا عدد من الشيوعيون من تنظيمات ( الحزب الشيوعي العمالي) وأكثرهم كانوا من الشباب ومن ذوي الكفاءات وخريجي الجامعات وأغلبهم كانوا من أهالي الناصرية والبصرة و أعتقد السماوة أيضاَ . في حلقة خاصة ( ح15 ) تطرقت الى أحدهم ألأخ/ أحمد عبدالستار . للتأريخ أكرر وأقول: أن ألأخوة والرفاق الشيوعيون كانوا خير من يمثلون حزبهم.. كانوا ـ جميعهم ـ يحملون صفات عديدة منها [ الصبر.. الثقافة.. روح التعاون .. الكلام اللطيف مع ألأخرين .. مساعدة كل من يحتاج الى مساعدة ........ الخ من الصفات الحميدة ] . وهنا لا أشهد حتى يشكروني هؤلاء.. على العكس أنهم ليسوا بحاجة الى شهادتي وحتى شهادة غيري.. أنهم كانوا هكذا في كل ألأزمنة !!. من بين هؤلاء من/ الحزب الشيوعي العراقي ألأخ/ رزكَـار عمر والملقب بـ ( بولا ) ..أو حتى أكون دقيقاَ ـ بولا ـ كان أسمه الحركي . وبولا .. بالكوردية تعني/ فولاذ... للتأريخ كان ألأخ/ بولا.. فولاذ بمعنى الكلمة ..حيث كان صلباَ وقوياَ مثل تلك المادة !!. في الحقيقية قبل دخولي الى/ أبوغريب كنت قد سمعت بذلك ألأسم.. نعم سمعت أكثر من مرة بأن ألأخ/ بولا قد أعتقل.. وربما يشنق !!.. ياترى لماذا ؟؟؟. ألأخ/ رزكَار عمر ـ بولا ـ كان من تنظيمات حزبه وكادر متقدم .. يكلف بواجب داخل مدينة السليمانية.. فبينما كان في أحد الشوارع قرب/ تلة مركز الشباب وإذا بكمين من ألأمن أو ألأستخبارات .. حاول المقاومة ولكن مستحيل!!!.. كان لايحمل غير ـ مسدس ـ صغير والجهة المقابلة كانوا مدججون بأنواع ألأسلحة . حين القي القبض عليه كان يحمل ما لم يحتاج الى دليل.. وعلى ألأكثر كان مراقباَ.. أو مشخصاَ من قبل أحدهم.. وأن تلك المفرزة كانت قد تواجدت هناك لغرض أعتقاله . نعم حينما فتشوه كان يحمل الكثير من ألأسرار من ـ رسائل وأشياء أخرى ـ كلها تؤكد أنه مسؤل ومسؤل كبير . العظيم في/ بولا.. بالرغم من كل وسائل التعذيب والترهيب والتهديد..إلا أنه لم يعترف على أي شخص... أطلاقاَ ..أنكر أنه يعرف أي واحد وأنتهى ألأمر!!!. وهذا السبب كان وراء بقائه مدة طويلة رهن ألأعتقال والتحقيق !!!. بعد أن يأست تلك ألأجهزة.. يحال الى/ محكمة الثورة ـ سيئة الصيت ـ ويحكم عليه بالسجن المؤبد/ عشرون عاماَ.. غير مشمول بأي عفو ـ عام وخاص ـ.. أي لابد من أن يقضي تلك الفترة من غير نقصان!!!... أعتقد بأن حكمه كان ألأعدام.. بعدها خفف الى المؤبد .. وهذا هو السبب في أنه كان غير مشمول بأي عفو !!!. بعض مواقفه: 1/ بولا.. كان بمثابة ـ موسوعة سياسية متنقلة ـ .. أي سؤال عن السياسة وأي مصطلح سياسي كان يشرحها بأسلوب جميل وسلس مع الكثير من ألأمثلة. أتذكر في أحد ألأيام شرح لنا/ الريدكالي والريدكالية.. يشهد الباري لايمكن أن أنساها الى يوم يبعثون !!. 2/ كان يقرأ كثيراَ... يأكل قليل.. كان أكثرية طعامه للنزلاء الفقراء.. كان يوزع أكثر من نصف طعامه على هؤلاء. 3/ في أحد ألأيام تمرض ـ الخباز ـ ..{في القسم كان لدينا مخبز} .. يقومون بعمل أرغفة خبز مقابل أجر بسيط ... ألأهل كانوا يجلبون لنا/ طحين .. كنا في حيرة.. ما العمل؟؟؟. تبرع ألأخ/ بولا... وقال أن الذي سيخبز!!!!. تعجبنا... أنت تخبز؟؟؟. قال: ولماذا لاء؟؟؟.. في الجبال أيام البيشمركَة خبزت كثيراَ ... جربوني!!. وفعلاَ قام يخبز بشكل يجلب النظر.. خبز كأي خباز محترف... أنقذنا من تلك المعضلة !!. 4/ كان شجاعاَ لايخاف الجلاوزة ـ ألأمن: كان أحدهم يعى ـ خ ـ كان مقرب من دائرة المخابرات الذي كان بجوار قسمنا .. هذا الشخص كان يتجسس وينقل أخبار .. تطوع/ بولا ....... وقال: أتركوني.. اليوم أأدبه.. سأضربه ضرباَ مبرحاَ.. أدخله المستشفى ليتوب .. وبعدها أتحمل المسؤلية والنتائج!!!. فعلاَ تهيأ لتلك العملية بكل جد.. ولكننا تدخلنا .. بعد حديث طويل ورجاء.. أستطعنا أن نقنعه بأن يترك ذلك القذر !!!. حتى زوجته كانت من فولاذ: ألأخ/ بولا.. كان متزوجاَ ولديه أبنة واحدة .. بين فترة وأخرى كانت شريكة حياته تزوره . في أحدى الزيارات كان/ بولا .. في المحجر* .. وهذا يعني ممنوع من المقابلة . من ضمن ألأشياء التي جلبتها له/ قنينة كبيرة من البيبسي كولا ... في باب القسم أخبروها بأن زوجها في المحجر وممنوع من الزيارة. حينها قال أحد رجال ألأمن: ــ يا أخت.. أعطينا قنينة البيبسي كولا.. لكون زوجك في المحجر!!. أبتسمت الزوجة الشجاعة وقالت: ــ أنظر ياهذا .. زوجي معتقل بسبب قضية شريفة.. فهو معتقل سواء هناك أو في المحجر.. لايهم .. وهل تريد هذه القنينة ؟؟؟. فرح رجل ألأمن وقال: أشكرك.. أيوالله أريدها !!. قامت تلك الشجاعة بفتح الغطاء وسكب البيبسي على ألأرض.. تقدمت نحو ألأمن وقالت: ــ تفضل.. خذ القنينة !!!. تبسمر الجميع من موقفها... ولاحركة !!!. ظل/ بولا .. رهن ألأعتقال لحين قبل سقوط النظام وأخراج الجميع من أبوغريب .. وبعدها عاد الى كوردستان . ألأهم قبل أشهر وفي المظاهرة الكبرى في السليمانية.. يعتقل/ بولا من قبل جهاز/ ألأسايش التابع الى/ ألأتحاد الوطني الكوردستاني.. كتبت عنه مقالة بعنوان: لقد أعتقلوا .. بولا.. وها تعرفون من هو ... بولا..؟؟. .. وجهت المقالة أو الرسالة الى القيادة الكوردية..!!. بعد يومان أطلق سراحه.. لا أقول بسبب مقالتي.. ولكن بسبب تدخل منظمات كثيرة.. أنه شخص أكثر من معروف!!!. اليوم/ لا أعرف شىء عنه.. أتمنى له العمر المديد ... كانت أيام صعبة.. لاتنسى .. هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى ...................
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |