|
نجحت السياسة الأمريكية إلى حد بعيد في استقطاب الكثير من العناصر التي كانت تشكل مجاميع مسلحة في غرب العراق،وتشارك في الأعمال الإرهابية وفي زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتمكنت من أشراكهم بالعملية السياسية،لقاء وعود كثيرة قد تظهر نتائجها الأيام،وهذا النجاح النسبي قد يعمم مستقبلا على المناطق الأخرى،وكان المخطط العراقي – الأمريكي يهدف إلى تأهيل أكثر من 70 ألف مقاتل من أفراد الصحوة،لضمهم إلى قوات الشرطة ،وقد أدخلوا دورات تأهيلية ومعسكرات تدريب خاصة،ليقوم هؤلاء بحراسة السيطرات والإمساك بالطرق الخارجية لتأمينها،مقابل رواتب شهرية لا تقل عن 400إلف دينار،وهناك آلاف ممن يمنحون مكافأة مالية لقاء المعلومات الأستخبارية في الكشف عن مخابئ الأسلحة وأوكار المسلحين. وقد توصلت القوات الأمريكية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى اتفاقات بإشراك هؤلاء مع القوى الأمنية،رغم معارضة أطراف أخرى لهذا الاتفاق،وقد دفع هذا النجاح الإدارة الأمريكية إلى محاولة تطبيق هذه الخطط في شمال وجنوب العراق،وتشكيل مجالس صحوة أو مجالس الإسناد في المناطق غير الهادئة من المحافظات الجنوبية والشمالية،فقد دعا شيوخ العشائر العراقية المجتمعين في السليمانية إلى تعميم هذه التجربة،وتشكيل مجالس الصحوة في محافظاتهم،للوقوف بوجه التدخلات الخارجية،أو محاربة العصابات الإجرامية ومثيري الفتن هناك.وقد رفض التيار الصدري في الديوانية تشكيل مثل هذه المجالس،لعدم وجود إرهابيين أو عناصر القاعدة في وسط وجنوب العراق،لافتا الأنظار إلى أن قوات الاحتلال تحاول أثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعقائدية في العراق،للتغطية على فشلها ،في محاولة منها لجذب الشباب والعاطلين عن العمل وزجهم في العمل العسكري،وعزا الاضطرابات الأمنية إلى وجود لواء الباقر في الديوانية الذي يرتبط بالحزب الحاكم. ورغم التحسن الأمني الملحوظ الذي حدث في الكثير من المناطق الساخنة،إلا أن تشكيل هذه المجالس يخفي في طياته الكثير من المخاطر فيما إذا ظلت هذه القوات بعيدة عن سيطرة الحكومة المركزية،فالكثير من المنطوين تحت لوائها ،كانوا من الجماعات المسلحة التي شاركت في أعمال العنف الجارية في العراق،ألا ا، ظروف ومستجدات جديدة جعلتهم يخفون أسلحتهم،ويعملون لصالح الحكومة العراقية،وأكثر ما نخشاه أن تظل هذه القوات –إذا لم يحسن إدارتها- على ولائها السابق وتغيير اتجاهها إذا استجدت أمور أخرى في الأفق السياسي، لذلك يتطلب الأمر زج عناصر من خارج هذه المكونات لتكون مشاركا في أعمالها القتالية ،فقد تصبح بمرور الأيام مليشيا بزي رسمي كما حدث سابقا عندما جندت الحكومة الخارجين على القانون وأصحاب الارتباطات الجانبية في القوى الأمنية،وثبت بمرور الأيام فشلها وولائها غير المستقر للسلطة،ومشاركاتها في أعمال العنف،أو هروبها وتركها لمراكزها دون أن تواجه المهاجمين،أو قيامها بأعمال خارجة على القانون. وإذا حاولت الحكومة العراقية تطبيق هذه السياسة في الوسط والجنوب،يتطلب الأمر وضع أسس ثابتة للاختيار بعيدا عن هيمنة الأحزاب المعروفة وتدخلاتها في فرض عناصرها،ليكونوا مليشيات بلباس رسمي كما هو الحال في سلك الشرطة وقوات حماية المنشئات وقوات التدخل المخترقة من جهات عديدة وتدين بولائها لأحزاب مؤثرة،والأجدى تطبيق التجنيد المختلط وتطعيم الوحدات العسكرية بعناصر من محافظات أخرى ليكون التمثيل العام لهذه القوات عراقيا بحتا وليس على أسس طائفية وعرقية ومناطقية،واختيار قادة ميدانيين على أساس الكفاءة والمهنية دون أي تأثير لعامل سياسي أو طائفي أو ديني في الاختيار،وحبذا لو كان بين القيادات المختلفة أطياف ذات ألوان مختلفة وليس من لون واحد أو طائفة واحدة،خوفا أن تتحول هذه القوات مستقبلا إلى أدوات لزعزعة الاستقرار والأمن والنظام،أو فرض إرادتها على السلطة المركزية كما حدث في العديد من الأماكن،وحبذا لو تشكل لجان مهنية متخصصة من ضباط أكفاء مشهود لهم بالوطنية والنزاهة ،يقع عليهم العبء في الفرز والاختيار ،ويتم اختيارهم على أسس بعيدة عن الطائفية والمناطقية والتوجه السياسي،ويراعى فيهم التنوع الديني وفق ضوابط وأسس خاضعة للرقابة من هيئات أعلا لقطع دابر الممارسات المعروفة في التعيين من رشا وتدخلات حزبية وتأثيرات حكومية،وتكون لهذه اللجان استقلاليتها الخاصة الخاضعة للقانون وليس لجهة أو فرد،مع أ‘تماد الشفافية في موازنات اختيار المجندين،ووجود ضوابط يراعى فيها الكفاءة والقابلية البدنية والتحصيل الدراسي،بدلا من التجنيد العشوائي الذي جرى سابقا وأظهرت الأيام عقمه وعدم جدواه. أن بناء القوات المسلحة على أسس سليمة،وأبعاده عن التخندقات الطائفية والحزبية،كفيل بإيجاد جيش نظامي مهني،قادر على تحقيق المهام الموكلة إليه،كما هو الحال في جيوش العالم المتمدن.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |