الحلقة 2

كتبت المس بيل في مذكراتها حول التعليم في العراق بعد الاحتلال البريطاني لأراضيه في أوائل القرن المنصرم مانصه (ان المجتمع ينظر بعين الشك الى مدارس البنات التي كان القائمون على التعليم فيها من الرجال وكانت مسالة تعليم البنات تواجه مشكلات غريبة في الأقاليم النائية فقد اكتشف ان المدرس الوحيد في الديوانية لا يجيد القراءة والكتابة وتم وقف مشروع التعليم الكردي بسبب غياب القواعد والإملاء ) فإذا كان وصف التعليم بقسمه الذكوري الذي مر علينا حالته المزرية فلا عجب من تردي مستوى المرأة التعليمي ومن المؤسف ان المرأة كانت مهملة في القرون العثمانية  وما قبلها وبعد ان اطل القرن العشرين بالحداثة والتقدم برزت حركات تنوي تحرير المرأة  ولكن هذه المرة ليس من جهلها وتدنى مستواها الفكري بل لإدخالها صراع عتيد بين الدين والنظم الاوربية المتحررة عن سلطة الاديان عموما وهذا بحد ذاته ظلم بشع لحقوق المراة وتعسف لها فاذا كان موضوع الامية لم يحسم بعد و هي مرتهنة بالجوع والمرض والفقر المدقع فكيف لنا ان نقبل دعوات غير مبالية بالظروف التاريخية والاجتماعية والنفسية وحكومة البيئة وضغط المحيط القريب والبعيد عليها !! ومن ابرز من نادى بهذا الموضوع الشاعران  الزهاوي والرصافي لتحرير المراة من الحجاب وكأن قطعة القماش هي التي حجبت ميزانية الدولة عن اسعافها بالورقة والقلم  اذ يقول الزهاوي:

                       لايقي عفة الفتاة حجاب ****      بل يقيها تثقيفها والعلوم

ولاينكر على الزهاوي مفاد بيته هذا فالثقافة والتعليم هي الحجاب الحقيقي لعفة وكرامة المراة ولكن لمختلف الأشياء ظواهر لاتنكر وللعفة ظاهر يسمى الحجاب ولا ادري لماذا يلغى ويهاجم ويتهم هكذا ؟ ويردفه الرصافي بما هو اغرب :

         فالشرق ليس بناهض إلا إذا      *****   أدنى النساء من الرجال وقربا

والواقع اننا نعيش اليوم كثرة السفور واختلاط الجامعات ذكورا وإناثا ولا نرى مع ذلك مصنعا ولا معملا ولا موردا تحقق بفعل هذا المنجز الذي أراده الرصافي للشرق ان ينهض به والملاحظ بدقة ان موضوع تقريب المراة من الرجل في التعليم جلب مشاكل ليست من صنف التعليم ولا الضرورة المعرفية يعرفها من اطلع على مضابط الشرطة العراقية فيما يخص الجنح المخلة بالآداب والشرف  وفوق ذلك لم يتقدم التعليم النسوي معها أنملة ! وحتى بعد نشوء أول حكومة عراقية بزعامة عبد الرحمن النقيب ومابعدها من توالي الحكومات، وإنما بدأ النمو عندما أخذت ميزانية الدولة واقتصادها يتضخم ويتلائم مع حركة التعليم على مستوى البلاد وبشكل مركز ومنظم ونحن لاننفي ان يكون للتخلف الاجتماعي الاثر البالغ في تاخر الحركة التعليمية فالمرأة كانت ولازالت في بعض زوايا البلاد تعاني من بخس في الاحترام والحقوق فهي تعامل  كـ ماكنة الحرث او حركة الناعور التي تسير وفق رتابة لا تعرف أن السنين تتقدم والعالم يتغير، ولكن مع كل ذلك الواقع الظالم فان الدين كان مظلوما في تعاليمه وأحكامه اشد من مظلومية المرأة في اقصى الريف السحيق ذلك لان الذي يجرء على انتهاك حرمة الإنسان ذكرا ام أنثى لايتورع عن طمس معالم الدين وسماحته وقد يسول له الشيطان ونفسه المريضة ان يبتكر دينا وفقا لمقاسه وحاجاته البائسة ..... علما إن دور الدين تجاه المرأة ظل في المجتمعات الأكثر تحضرا أروع من أي قانون لأنه مع المرأة في سرها الذي لايطلع عليه أدق القوانين لكون الدين يتولد مع الإنسان تولد الفطرة فهو لا يزيح حياء المرأة إذا أراد حل مشاكلها بعكس القوانين التي ترمي بملفها في مسرح المحاكم المعلنة وهذا مثال وإلا فهناك المزيد من سبل إيضاح الحقيقة لمن اتخذ طريق البحث عنها ومعالم تشير وتفصل...

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com