|
هناك من يرى أن الانسحاب الأمريكي سوف يجلب المزيد من الفوضى وسيطرة المليشيات ويقحم العراق في أزمات مزمنة تساوي مضار لو بقت القوات فيه الى عقود من الزمن، من الطبيعي ان نتكهن بهذا الرأي ولكنه ضرب من الغيب فيما نحن اليوم نغرق في ازمات حقيقية وواقعية ملموسة من بقاء القوات الامريكية ولايمكن وفق هذا تغليب الخيال على الواقع، هذا من جهة ومن جهة اخرى لايفسر لنا دعاة البقاء اولئك كيف نحن بحاجة الى ان ينظر الرئيس بوش ومستشاريه الى الوضع العراقي بجدية اكثر وجرأة تساوي الاقرار بالأخطاء.. اننا ندعوهم الى النظر الى خصوصية هذا البلد وشعبه وان لا يقاس على الشأن العام للدول الاخرى التي كان للولايات المتحدة دورٌ فيها... بل ولا حتى ما فات من تاريخ مرّ في حقبة الدكتاتورية لانها حقبة متمردة من تاريخه لم يكن فيها الشعب وقواه السياسية بوضعها الحالي، ان الحل المجدي للولايات المتحدة كما نراه يكمن في تسليم الملف الامني الى الحكومة والاشراف عليها من خلال وسائل الاشراف والاستشارة وكذلك حمايتها إن استدعى الامر من القواعد العسكرية ، ولهم ان يختاروا اسلوب التوجيه والنصح شريطة ان لايحدث خلل في سيادة الدولة او توجيه القرارات ثم ينظروا الى جرد المجريات وحساب النتائج المتمخضة عن ذلك الاشراف ليعرفوا صحة هذا الحل وجدواه في تفكيك المشكل الدائر في الساحة، ان ابقاء الجنود الامريكان في مهاوي الخطر وعلى قارعة الطريق لمدة اخرى بينما ينزلق العراق معهم نحو الهاوية في حروب مختلفة الهوية مع ارتجاج في مستمر في ميزان القوى الإقليمي والدولي لايمكن ترجمتها إلا بصورة حريق هائل في عملية السلام برمتها في الشرق الاوسط تدوم لأعوام وقد لاتخمد!!! نحن بحاجة استراتيجية خروج القوات تحسب بالاشهر لا بالسنوات وتقاس بالمعادلة اليومية لحجم الخسائر في ارواح المدنيين العراقيين والجنود الامريكان على نطاق ما فات لتقرير النتائج وترجيح احد طرفي المعادلة وفق ذلك اتفق مع الاب الروحي للسياسة الامريكية والعالمية السيد هنري كيسنجر الذي ينظر الى الانسحاب من وجهة أخرى إذ يقول ((علينا استيعاب تداعيات مفهوم «استراتيجية خروج»، ولا يجب تلفيق العواقب. إن المطلب الحيوي بالنسبة لسياسة خروج مقبولة، هو نتائج معززة وليس حدا زمنيا إجباريا)) الطبيعة التي يفكر بها كيسنجر تتلائم مع طموحات دولة عظمى كـ الولايات المتحدة ولكن هناك تفاوت زمني دقيق قد لايشعر به الا المحلل والباحث في الشان العراقي والامريكي معا انه "فوات المصالح الى قوى صغيرة اخذت تسيطر على القرار العراقي" وسواء كانت هذه القوى مستحقة لهذا الارتقاء لم لا، ليس هذا هو المطلوب وانما الخشية من إن تلجا امريكا الى استراتيجية انسحاب دفاعي تؤثر على سريان العملية السياسية برمتها وما تحقق بعد 9 / 4 وبالتالي يرجع والكل سوف ينتظر من صناع القرار كلمتهم الاخيرة قبل ان لايجدوا لافواههم سامع...
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |