خذو من المعموري عبرة..

 

 

 حسين الفنهراوي

كان يوم التاسع من كانون الأول يوما حزينا  لكل العراقيين الشرفاء عامة ولأهالي محافظة بابل بشكل خاص وهو نبأ إستشهاد رجل ولا كل الرجال إنه اللواء الطيار قيس المعموري (صقر بابل) كما يحلو للبعض أن يطلق عليه بل هو (صdeر العراق) بدون منازع. أن نبأ إستشهاد المعموري كان كالصاعقة على أبناء محافظة بابل وفي يوم التشييع خرج الآلاف من مواطني المحافظة والمحافظات المجاورة لتسير خلف جنازته ويتسابق الجميع لحمل نعشه  الذي أراده المسؤولون أن يكون تشييعا رسميا ولكن عدم السيطرة على تدفق الآلاف من المشيعين حوّل التشييع من الرسمي الى الشعبي. وهناك حكاية تضرب مثلا في بلادنا والمثل يقول (مات حصان الملك سارت اللآلاف خلف جنازته .. ولما مات الملك لم يسير خلف جنازته أحد) ولكن أهالي محافظة بابل وأبناء المحافظات المجاورة الذين شاركوا بالتشييع وخاصة أبناء كربلاء والنجف كسروا هذه القاعدة وحطموا المثل وقلبوا الحكاية فسارت عشرات الآلاف خلفه. أن هؤلاء الذين شاركوا في التشييع ومن حضر الى مراسيم الفاتحة لم يكونوا يخافون المعموري وليس لهم مصلحة مع أقاربه ولم يكون الكثير منهم قد إلتقوا به أو شاهدوه بل هي السمعة الطيبة والأخلاق الحميدة التي كان يتحلى بها هذا العراقي البار الذي نذر حياته من أجل أمن المحافظة وأمن العراق ككل. أن آلاف من قطع القماش السوداء التي خطت عليها عبارات الأسف والأستنكار لجريمة إغتيال المعموري والتي ملئت جدران المؤسسات والدوائر الرسمية ومقرات الأحزاب وفي الشوارع والساحات وأيام الحداد التي عاشتها المحافظة وآلاف الصور لهذا القائد التي حملها المشيعون على مقدمات السيارات لهي عنوانا للوفاء من أبناء المحافظة لهذا البطل الهمام. ورأيت بأم عيني ورأى جميع المشيعون الذين رافقوا جنازته الى النجف الأشرف كيف تجمعت عشرات من النساء قرب مفرق الكفل على الطريق وهن يحملن العلم العراقي لاطمات الخدود ناعيات باكيات مناديات بأسمه وأنا على يقين إن أغلبهن لم يرين المعموري ولم يعرفنه ولكن سمعته سبقته الى قلوب جميع الناس . والمعلومة التي لم تصل للجميع أن نزلاء سجن التسفيرات أقاموا مراسيم الفاتحة على روحه الطاهرة داخل السجن فأي نجم هذا؟ وأي رجل هو؟ كم هو إنساني هذا المعموري؟ وكم هو شريف ليحبه ويعجب به أعدائه قبل أصدقائه ومحبيه؟.

والحق لنا جميعا أن نتسائل كم من قائد أو مسؤول أغتيل أو توفي ومرت حادثته مرور الكرام؟ ولكن المعموري شغل نبأ إستشهاده العالم كله وهذا إن دل على شيء فأنه يدل على السمعة الكبيرة له بل إنها رسالة وجهها أبناء الشعب الى جميع المسؤولين من برلمانيين ووزراء ومدراء عامين وآخرين كتبوا فيها خذو من قيس المعموري عبرة وإعملوا من أجل هذا الشعب ومن أجل الوطن وضحوا ولو قليلا لأن المعموري جاد بنفسه من أجل أبناء الشعب (والجود بالنفس أقصى غاية الجود) وأنا على يقين من أن العشرات الذين رأوا جنازة المعموري والآلاف التي تسير خلفة متألمة على رحيله كانوا يتمنون أن يكونوا مكانه حتى وأن كان ميتا..

فياسادتي المسؤولين تحية مني لكم وأبعد الله عنكم كل مكروه وطلبي منكم أن تأخذوا من هذا الشهيد عبرة وإعملوا ما عمله فكان مكانه في القلوب .. أيها الشهيد السعيد يامن قلتها مئات المرات لن تدنس هذه المحافظة وأنا حي أرزق فوفيت وكفيت وصدقت الوعد وعد الرجال .. فنم قرير العين.. وسلام عليك يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعث حيا.   

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com