من رواق "أم هاشم" ... ليست غلطة بورخيس
 

 

جمعة اللامي  

Juma_allami@yahoo.com

“علمني فقدان البراءة، أن من يأتي لنا بالهدايا في عيد الميلاد، ليس الطفل يسوع”

(ماركيز - عشي لأروي)

عرفت خورخي لويس بورخيس، ذا المنبت البريطاني، كمقدمة لمعرفته على نحو أفضل من بين أفضل كتّاب أمريكا اللاتينية: هذا الميل إلى الإيهام، هذا التخفي وراء الشخصيات المختلقة، وهذا “الزواج الأبيض” من امرأتين، بزتهما في علاقته بالمرأة، مدبرة منزله: ابيفانيا أوبيدا دي روبليدو.

وخلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، حين كنت أتحدث إلى الزميل محمد خضير، وهو في بصرة العراق، أذكر بورخيس اسماً، وأعيد ترتيب علاقة بورخيس ومحمد خضير، وعدد من زملائنا، بهذه الحالة غير المعلنة في حالاتنا المعلنة، كما لو أنها ثياب داخلية على حبل غسيل ملابس.

لقد وقع بيدي نصّ الترجمة العربية لسيرة بورخيس، كما أملاها علي ناشر أعماله باللغة الفرنسية، بعدما طبعته دار نشر مصرية قبل سنوات.

حدث هذا بعد محاولات مستمرة، بل بعد جهاد إذا صح القول، فبينما كنت متلهفاً لقراءة ذلك النص، كنت متخوفاً في الوقت ذاته من حدوث “التباس ما”، أو صدفة غير حميدة، أو في أحسن الأحوال أن الترجمة ليست على مستوى الحالة غير المكتشفة لثيابنا الداخلية وهي على حبل غسيل ملابس.

وأخيراً، استطعت الحصول على النسخة العربية المترجمة، وبعد عشر صفحات ونيف من القراءة المركزة، اكتشفت قطعاً، أو كسراً، أو اختلالاً، في المعنى والسياق.

نظرت إلى الصفحة، فوجدت أني أقرأ في فصل ختامي، بينما لا أزال في مقدمة الفصل الأول من السيرة الذاتية: “العائلة والطفولة”.
ليس بورخيس هو المخطئ، ولا هو ناشر أعماله باللغة الفرنسية، وليس هو مترجم النص. لكنه ربما يكون الذي أشرف على إخراج الكتاب، أو الذي نفذ عملية الإخراج.

هل أخطأ بورخيس مع زوجته الأولى، عندما لم يذهب معها إلى سرير الزوجية، في الليلة الأولى لزواجه، وفضل أن ينام على سرير آخر؟

وهل ارتكبت الظروف المحيطة به، خطيئة قيادته إلى العمى بينما هو يعمل مديراً لأكبر مكتبة في بلاده؟

وهل أن مصائرنا تتحول إلى جرائر، لأننا اخطأنا في اختيار أماكن هجرتنا؟

وهل هي غلطتي، إذا كنت قد ولدت، ووجدت الحدود أمامي في كل مكان من هذا العالم الأرضي؟ كما تساءل ذات مرة أحد الكتّاب الفرنسيين: “غير أن المؤكد، أو اللامؤكد، أن ثمة ضحكة صامتة ترافقنا من الصيحة الأولى وحتى الكفن الخشن.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com