|
“الحياة التي لا فائدة منها، موت منكر” (غوته) لطالما أحببنا أمريكا، نحن الملايين من العرب، ليس لأن فيها من يحبنا، أو يقف إلى جانب قضايانا العادلة. بل لأن فيها مواطنين تزداد الولايات المتحدة شرفاً بهم. ولسوف نتذكر اشخاصاً أمريكيين، من السود والبيض والصفر، ربما عنوانهم عجوز سبعيني اسمه ألدون ماكاماك. غير أن ازدراءنا للسياسات الأمريكية غير المنصفة، وغير العادلة، واللاأخلاقية في بقاع معروفة من هذا الكوكب، لا يطال نماذج ماكاماك، وينظر باحترام الى اولئك الرجال، وهاتيك النسوة، الذين تعني امريكا لهم: الحرية والكرامة والعدالة. لقد تعلمت، كما أجيالنا الأدبية العربية، بعد الحروب الأمريكية في العالم، من “كيرواك” كثيراً. تعلمنا منه، كما من زملائه الذين شتموا السياسة الأمريكية بالقرب من البيت الأبيض، معنى ان يحب مجموعة الشعراء والكتّاب من زملاء “كيرواك” بلادهم، وهم يوجهون الى سياستها في فيتنام، أشد النعوت وأقسى الكلمات، ولا يبالون بأي شيء. هؤلاء هم الأمناء على كراماتهم الشخصية، المدافعون عن تسوية شعب جمع بين أفراده الحلم بالحرية والعمل بحرية، والتفكير بحرية، والسفر بحرية، رغم زحف “ثقافة المصارف العملاقة” و”الشركات متعددة الجنسيات” و”السجون الفضائية” ورعاية “الإرهاب.. في منابعه الأولى”. هل نذكّر بأولئك الرجال من وكالات الأمن، وشركات القتل، في افغانستان؟ من الذي ربى النمر الصغير في جحر غيره، ليجعل منه رعباً كاسراً في “الحدائق الخلفية” لأمريكا؟ “الحدائق الخلفية” لأمريكا التي يشتمها “كيرواك”، وهي غير امريكا - ماكاماك - هي بلدان الماء الفقيرة، وأقطار الطاقة الأكثر فقراً، وأصقاع الخوف والعوز والتخلف، التي جعلت منها السياسة الامريكية “قواعد ثابتة”، أو “بارات ثابتة” أو “سجوناً سرية”. أشهد أن العجوز ألدون ماكاماك، ذا الأعوام السبعين والسنة الأخرى المضافة، متشبّع بأخلاق دينه، وهو ربما لا يفهم الدين كما أفهمه أنا، أو كما يعرفه بعض الذين يحولونه الى اقصاء ل”الآخر”، ولكنه أمين، وأمين جداً هذا العجوز. وهل صفة حميدة، هي الأمانة فعلاً، تصلح عنواناً لذلك العجوز الأمريكي الطيب. ذكرت صحيفة “مونسي ستار” ان ماكاماك الذي من مدينة “نيوكاسل” بولاية انديانا، أراد صرف دولار واحد في جهاز تبديل العملة للحصول على اربعة ارباع، لوضع اثنين منها في جهاز غسيل السيارات الآلي، فتدفقت من الجهاز ارباع بلغت قيمتها 250 دولاراً. قالت الصحيفة إن ماكاماك سلّم الدولارات الى مركز الشرطة، وأخذ حقه فقط. يقول الماجدي: أرفع عقالي، تحية لهذا الأمريكي الأمين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |