لحظاتٌ من كبَوة ِالحرية 

 

حكيم نديم الداوودي     

dawdi2007nadim@gmail.com

 أي عالم للطفولة العراقية وأية لعبة مسلّية في يوم العيد. أطفالنا أكبادنا يمشون على الأرض وكما يحلوا لنا ننعتهم في جميع حواراتنا العائلية والأسرية. أطفالنا بعد حرمانهم من أبسط حقوقهم المشروعة باتوا يحلمون بوجبة طعام  دون سماع دوي السيارات المفخخة، وزعيق سيارات الاسعاف في نقل احبتهم واقرانهم الى صالات الطوارئ. اطفالنا باتوا لا يميزون بين لعبة الموت ولعبة التسلية بالبنادق البلاستيكية فيما بينهم. الصغار يقلّدون شرور محترفي القتل في الاجرام، من يتأمل مليّاً لتلك الصورة الفوتوغرافية لمجموعة من أطفال العراق وهم في عمر وعبق الزهور، يغمره الأسى والحزن وأمارات الأسف الشديد. أين وصلت الطفولة العراقية البريئة، من ملابس العيد الجديدة والتهيؤ  بقلب عامر بالنشوة والغبطة لقدوم العيد، والأنطلاق الى الساحات العامة، والى الأماكن  المعّدة للمراجيح ودولايب الهواء وألعاب ترفيهية أخرى، والأقبال الشديد على محلات بيع الحلويات والدمى وألعاب مسلية أخرى. بفضل الأعمال الارهابية ورواج تجارة قتل العراقيين وإستباحة دمائههم الزكية وتحت مسميات غير شرعية وقانونية ومن أجل النفوذ وتكديس المال الحرام. نجد وفي هذه الصورة المؤلمة أطفالنا البراعم كيف أستوعبوا تقليد مسرحية الموت والخطف وإذلال البعض تحت تهديد السلاح،وتطبيق عملية الخطف في ألعابهم كتسلية وتنفيس عن كآبة الواقع الذي يعيشونه مع أسرهم ومع أقرانهم في المحلة الواحدة. تأملوا تلك الوجوه الملائكية الطافحة بالبراءة ، أنظروا الى ملابسهم وهم في صباحية العيد، والى بنادقهم البلاستيكية المنصوبة والمغروسة في قفا وهامة صديقهم المستسلم لسطوة بنادقهم الغادرة. يا ترى من أين تعلموا هؤلاء هذا العنف المبكر في التجاوز على حياة صديقهم؟ يا ترى من لقّنهم هذا الدرس المقزز لطفولتهم البريئة، لكي يتخرجوا في المستقبل قُساة وقتلة ، ولا يرحموا أصدقائهم بل وحتى أقرب الناس اليهم. أين هم اليوم من عالم أطفال الدول المتحضرة، وأين هم من رفاهية طفولة العالم المتقدم حيث لهم عالم خاص كتبهم، ملاعبهم،ومكافائتهم، مخصصاتهم الشهرية، قانونهم الخاص الذي يحميهم من التجاوز والأنتهاك، قانون مُلزمٌ للجميع في إحترام خصوصيتهم سواؤ كانوا  في البيت والمدرسة أوفي الشارع والحدائق العامة وفي المطاعم ، وفي وسائط النقل، فهذا شيء يسير من حقوق الطفل في بعض تلك الدول المتقدمة والتي أقرتها الحكومات الديمقراطية والتزمت المنظمات المدنية بتطبيق البنود والمواثيق الدولية المتعلقة بإحترام وحماية الطفل منذ تكوينه لحين ولادته وبلوغه سن الرشد. واليوم نحن نرى هذه الصورة والعديد من الصور المأساوية للطفولة البائسة في العديد من الدول التي تتشدق بالديمقراطية وأحترامها لحقوق الانسان.كيف لا نتألم وفي نفوسنا لوعة وحسرة ما نقرأ يومياً لأخبارالآلاف من الجرائم والإنتهاكات التي ترتكب بحق الطفل في العالم دون مراعاة لعالمهم المقدس.ومن خلال هذه السطور المتواضعة أناشد  ضمير جميع الكتّاب المعنيين بأدب الأطفال وجميع الأقلام النيّرة والأصوات الأنسانية التي تغني دوماً لعذاب الطفولة وجميع المنظمات المدنية المعنية في الحفاظ على الطفولة في كل مكان أنصاف عالم الطفولة من الظلم الذي يعكر فرحهم .ومحاربة الأفكار التي تغذي فيهم روح العنف والتمرد ومنع تروجيج ألعاب القتل وإلحاق الأذى بالآخر مثل البنادق والمسدسات والسيوف والسكاكين البلاستكية من قبل بعض التجار وأصحاب محلات بيع الألعاب المخصصة للأطفال. يا أطفالنا الأبرياء في العيد السعيد وفي عيد رأس السنة الميلادية نهديكم باقاتٌ من الورود العطرة عِوضَ رشاشاتكم البلاستيكة المغبرة الكئيبة. تحيات وقبلات أصدقائكم من أطفال العالم وهم يبتسمون لكم عبر الاثير،ويهدونكم يا أكبادنا الأقلام الملونة وكراريس الرسم، يرزمون لكم مع منظمة الطفولة ومن توفيرهم اليومي ملابس وعدد رياضية عديدة.وآخرون يقبّلون عيونكم الجميلة مع هدايا علب الحلويات المتنوعة، لا تلعبوا بالأسلحة مهما كانت الأسباب. وفي الختام يرسمون على قلوبكم الطرية لوحة بماء الورد فراشةً ربيعية مزركشة  وبجنبها تخطيط  بلون البنفسج لمسدس متحول الى قلم حِبرٍ ملّون كتعبير عن نهاية  زمن العنف وأوان أستخدام منطق السلم والحوار في حل المشاكل في العالم الجديد،وصرخة عالمية مدوية معلنين للعالم الجديد لا لمآسي السلاح،وأيتها الحروب المّدمرة للحياة البشرية وداعاً وداعا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com