خاطرة الحج الثالثة والعشرون

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

خطبة الوداع في سنة 10 للهجرة.. اعلان ولاية علي بن ابي طالب عليه السلام خليفة واماما للمسلمين.

 توطئة 

يوم الغدير 18 من ذي الحجة الحرام يوم الاعلان الالهي لولاية وخلافة علي بن ابي طالب عليه السلام للرسول (ص)

بين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في هذه الخطبة اهمية توحيد الله عز وجل وعبادته، كما بين صفاته الثبوتية من العلم والقدرة والارادة.. وعدد من صفاته سبحانه واسماءه الحسنى( واكثرها مبينة في القران الكريم وفي احاديثه الشريفة، واحاديث اهل بيت العصمة عليهم السلام، كما بين صلى الله عليه واله وسلم صفاته تعالى لتي ترغب العباد في جنته وتحذرهم من عقابه.

 كما اشار الرسول الى امر الله بالتبليغ: بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك) .. (وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (المائدة، 67).

 ان الاية الكريمة نزلت في اخر حجة للرسول صلى الله عليه وسلم والتي اعلن فيها ولاية علي بن ابي طالب عليه السلام وتنصبه خليفة واماما للمسلمين بعده. 

من ملاحظتك للاية الشريفة انها طلبت من الرسول صلى الله عليه واله وسلم وامرته بالتبليغ بعد ان ابلغ كامل رسالته وبقي عليه يبلغ امر الخلافة بدون تردد، وحيث ان هذا الامر يعتبر مهما جدا للمسلمين فقد امر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بالتبليغ، وانه ان لم يبلغ بهذا الامر فما يمون قد بلغ رسالته، وهوتشديد بالغ وعظيم، فقد كان هذا الامر الالهي واضحا، ونازلا من الله جلت قدرته وهذه الخطبة وهذا الامر تواتر الى درجة لاتقبل الشك اوالخلاف ومن المصادر التي اوردت هذه الخطبة على سبيل المثال مسند احمد بن حنبل وفي اكثر من موضع من مسنده. 

ومن سياق الاية يتبين ان رسالة الرسول لاتكتمل الا بهذا التبليغ وتعتبر ناقصة وعصيان لامر الله، ولكن الصادق الامين صلوات الله وسلامه عليه كان امينا على وحيه وعزائم امره، بلغ ماانزل اليه، وفعل ماامره الله به من التبليغ،. وقد صدق الله وعده وانجز وعده واعز جنده وغلب الاحزاب وحده لاشريك له ولاوزير وهوعلى كل شئ قدير.. فقد عصم رسوله من الزلل في القول والعمل، وبه ماتت البدع والراي المخترع بعد ان بلغ بولاية علي بن ابي طالب عليه السلام في الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام في غدير خم وقد اصبح ذلك التتويج لعلي عليه السلام عيدا للمسلمين يتبادل فيه المؤمنون التهنئة والتعاهد على ولايته عليه السلام.

............................................................................................................

وهنا ساذكر المصادر التي ذكرت كل من حديث الغدير، واية التبليغ في مصادر الكتب والتفاسير، بالاضافة الى اية الاكمال وقد ذكرت ذلك سابقا في بحث خاص عن ولاية علي بن ابي طالب عليه السلام الواردة حصرا في بعض مصادر كتب اهل السنة.

 حديث الغدير: (... فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه،اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)

وهذا النص جزء من نص حديث رسول الله (ص واله وسلم) ويدعى بحديث الثقلين: - ( واني سائلكم حين تردون علي على الحوض،كيف تخلفوني فيهما، الثقل الاكبر كتاب الله عز وجل، سببب طرفه بيد الله تعالى ، وطرفه بايديكم، فانه قد نباني اللطيف الخبير انهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض) .

1. اخرجه الطبراني وغيره بسند مجمع على صحته واعترف بذلك ابن حجر .

2. اخرجه الحاكم في مناقب علي من مستدركه .

3. اخرجه الامام احمد ص 372 من الجزء الرابع من مسنده .

4. الذهبي(616) .

5. اخرجه النسائي ص 21 من الخصائص العلوية .

6. ابن جرير الطبري .

7. تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 30.

8. السيرة الحلبية ج 3 ص 257 .

9.

 اية التبليغ

(( يايها الرسول بلغ ماانزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس)) المائدة 67

نزلت هذه السورة يوم 18 من ذي الحجة في غدير خم حينما نصب الرسول(ص) عليا (ع) خليفة من بعده.

راجع المصادر التالية : -

1. شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج1 ص 187 .

2. اسباب النزول للواحدي النيسابوري ص 115 ط الحلبي بمصر .

3. الدر المنثور لجلال الدين السيوطي الشافعي ج2 ص 298.

4. تفسير الازي ج12 ص 50 ط مصر .

5. تفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص 463.

 اية الاكمال

 (( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)) سورة المائدة اية 3 .

نزلت هذه الاية بعد ان نصب الرسول (ص) علي بن ابي طالب خليفة واماما على امته في اليوم 18 من ذي الحجة في مكان يقال له غدير خم .

راجع المصادر التالية : -

1. تفسير القران لجلال الدين السيوطي الشافعي ج2 ص 259 ط 1 بمصر .

2. تفسير المنار لمحمد عبده ج 6 ص 463.

 نص خطبة الغدير

 الحمد لله الذى علا فى توحده، ودنا فى تفرده، وجل فى سلطانه، وعظم فى أركانه، وأحاط بكل شئ علما وهوفى مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيدا لم يزل، محمودا لا يزال، بارئ المسموكات وداحى المدحوات وجبار الارض والسماوات، قدوس سبوح رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على من أدناه، يلحظ كل عين والعيون لا تراه، كريم حليم ذوأناة، قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، لا يعجل بانتقامه، ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الاحاطة بكل شئ‏والغلبة على كل شئ، والقوة فى كل شئ، والقدرة على كل شئ، وليس مثله شئ، وهومنشئ الشئ حين لا شئ، دائم قائم بالقسط،لا اله الا هوالعزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الابصار وهويدرك الابصار وهواللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هومن سر وعلانية الا بما دل عز وجل على نفسه.
وأشهد بأنه الله الذى ملأ الدهر قدسه، والذى يعشى الأبد نوره، والذى ينفذ امره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك فى تقدير ولا تفاوت فى تدبير، صور ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال، أنشأها فكانت، وبرأها فبانت، فهوالله الذى لا اله الا هوالمتقن الذى أحسن الصنيعة، العدل الذى لا يجور، والاكرم الذى ترجع اليه الامور. وأشهد أنه الذى تواضع كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لهيبته، مالك الاملاك، ومفلك الافلاك ومسخر الشمس والقمر، كل يجرى لأجل مسمى، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضى، ويعلم فيحصى، ويميت ويحيى، ويفقر ويغنى، ويضحك ويبكى، ويمنع ويعطى، له الملك وله الحمد بيده الخير وهوعلى كل شئ قدير. يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل لا إله إلا هوالعزيز الغفار، مجيب الدعاء ومجزل العطاء، محصى الانفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شئ ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين ، الموفق للمفلحين ومولى العالمين، الذى استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده.
احمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر الى كل ما يرضاه، وأستسلم لقضائه رغبة فى طاعته وخوفا من عقوبته، لانه الله الذى لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، [و] أقر له على نفسى بالعبودية، وأشهد له بالربوبية، وأؤدى ما أوحى الى حذرا من أن لا أفعل فتحل بى منه قارعة لا يدفعها عنى أحد وان عظمت حيلته. لا اله الا هو، لانه قد أعلمنى [أنى‏] ان لم أبلغ ما أنزل الى فما بلغت رسالته، وقد ضمن لى تبارك وتعالى العصمة، وهوالله الكافى الكريم، فأوحى الى: بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك) فى على ـ يعنى فى الخلافة لعلى بن أبى طالب عليه السلام (وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (المائدة، 67). معاشر الناس! ما قصرت فى تبليغ ما أنزل الله تعالى الى وأنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية، أن جبرئيل عليه السلام هبط الى مرارا ثلاثا يأمرنى عن السلام ربى ـ وهوالسلام ـ أن أقوم فى هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن على بن‏أبى‏طالب عليه السلام أخى ووصيى وخليفتى، والامام من بعدى، الذى محله منى محل هارون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى، وهووليكم بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله تبارك وتعالى على بذلك آية من كتابه: (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (المائدة، 55). وعلى بن أبى‏طالب عليه السلام أقام الصلاة وآتى الزكاة وهوراكع يريد الله عز وجل فى كل حال. وسألت جبرئيل أن يستعفى لى عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمى بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وختل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله فى كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم ويحسبونه هينا وهوعندالله عظيم، وكثرة أذاهم لى غير مرة حتى سمونى أدنا، وزعموا أنى كذلك لكثرة ملازمته إياى وإقبالى عليه، حتى أنزل الله عز وجل فى ذلك [قرآنا]: (ومنهم الذين يؤذون النبى ويقولون هوأذن قل أذن ـ على الذين يزعمون أنه أذن ـ خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) (التوبة، 61). ولوشئت أن أسمى بأسمائهم لسميت، وأن أومى إليهم بأعيانهم لأومأت، وأن أدل عليهم لدللت، ولكنى والله فى أمورهم قد تكرمت، وكل ذلك لا يرضى الله منى الا أن أبلغ ما أنزل إلى، ثم تلى صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ـ فى على ـ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) . فاعلموا معاشر الناس! إن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والانصار وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادى والحاضر وعلى الأعجمى والعربى، والحر والمملوك، والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موحد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ امره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، ومن صدقه فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له. معاشر الناس! إنه آخر مقام أقومه فى هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لامر ربكم، فإن الله عز وجل هومولاكم وإلهكم، ثم من دونه رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدى على وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم، ثم الامامة فى ذريتى من ولده الى يوم تلقون الله عز وجل ورسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، عرفنى الحلال والحرام، وأنا أفضيت بما علمنى ربى من كتابه وحلاله وحرامه اليه. معاشر الناس! ما من علم إلا وقد أحصاه الله فى، وكل علم علمت فقد أحصيته فى إمام المتقين، وما من علم إلا علمته عليا، وهوالإمام المبين. معاشر الناس! لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه، ولا تستنكفوا من ولايته، فهوالذى يهدى إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه، ولا تأخده فى الله لومة لائم، ثم إن أول من أمن بالله ورسوله، و[هو] الذى فدرى رسوله بنفسه و[هو] الذى كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره. معاشر الناس! فضلوه فقد فضله الله، واقبلوه فقد نصبه الله. معاشر الناس! إنه إمام من الله، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته، ولن يغفر الله له، حتما على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، وأن يعذبه عذابا نكرا أبد الأبد ودهر الدهور، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين. أيها الناس! بى والله بشر الأولون من النبيين والمرسلين، وأنا خاتم الانبياء والمرسلين، والحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين، فمن شك فى ذلك فهوكافر كفر الجاهلية الأولى، ومن شك فى شئ من قولى هذا، فقد شك فى الكل منه، والشاك فى ذلك فله النار. معاشر الناس! حبانى الله بهذه الفضيلة منا منه على وإحسانا منه إلى، ولا إله إلا هو، له الحمد منى أبد الآبدين ودرهر الداهرين على كل حال. معاشر الناس! فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدى من ذكر وأنثى، بنا أنزل الله الرزق وبقى الخلق، ملعون ملعون مغضوب مغضوب من رد على قولى هذا ولم يوافقه، ألا إن جبرئيل خبرنى عن الله تعالى بذلك ويقول: «من عادى عليا ولم يتوله فعليه لعنتى وغضبنى، فلتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون». معاشر الناس! إنه جنب الله الذى ذكر فى كتابه فقال تعالى: (أن تقول نفس يا حسرتا على ما مرطت فى جنب الله) (الزمر، 56) معاشر الناس! تدبروا القرآن وافهموا آياته، وانظروا إلى محكماته، ولا تتبعوا متشابهه، فوالله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذى أنا آخذ بيده ومصعده الى ـ وشائل بعضده ـ ومعلمكم أن من كنت مولاه فهذا على مولاه، وهوعلى بن أبى‏طالب عليه السلام أخى ووصيى، وموالاته من الله عز وجل أنزلها على. معاشر الناس! إن عليا والطيبين من ولدى هم الثقل الأصغر، والقرآن الثقل الاكبر، فكل واحد مبنى عن صاحبه وموافق له، لن يفترقا حتى يردإ؛ على الحوض، هم أمناء الله فى خلقه وحكماؤه فى أرضه. ألا وقد أديت، ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت، ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل، ألا إنه ليس أميرالمؤمنين غير أخى هذا، ولا تحل إمرة المؤمنين بعدى لأحد غيره. (ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه، وكان منذ اول ما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شال عليا حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال:) معاشر الناس! هذا على أخيى ووصيى وواعى علمى وخليفتى على أمتى وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعى إليه، والعامل بما يرضاه، والمحارب لأعدائه، والموالى على طاعته، والناهى عن معصيته، خليفة رسول الله وأميرالمؤمنين والامام الهادى، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله، أقول ما يبدل القول لدى بأمر ربى، أقول: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه؛ اللهم إنك أنزلت على أن الامامة بعدى لعلى وليك عند تبيانى ذلك، ونصبى إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم بنعمتك ورضيت لهم الاسلام دينا، فقلت: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهوفى الآخرة من الخاسرين) (آل‏عمران، 85)؛ اللهم إنى أشهدك وكفى بك شهيدا أنى قد بلغت. معاشر الناس! إنما أكمل الله عز وجل دينكم بإمامته، فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدى من صلبه الى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل، فأولئك الذين حبطت أعمالهم وفى النار هم خالدون، لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. معاشر الناس ! هذا على انصركم لى وأحقكم بى وأقربكم إلى وأعزكم على، والله عزوجل وأنا عنه راضيان، وما نزلت آية رضى إلا فيه، وما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، ولا نزلت آية مدح فى القرآن إلا فيه، ولا شهد بالجنة فى (هل أتى على الإنسان) (الانسان ، 1) إلا له، ولا أنزلها فى سواه، ولا مدح بها غيره. معاشر الناس! هوناصر دين الله والمجادل عن رسول الله، وهوالتقى النقى الهادى المهدى، نبيكم خير نبى ووصيكم خير وصى وبنوه خير الأوصياء.

معاشر الناس! ذرية كل نبى من صلبه وذريتى من صلب على. معاشر الناس! إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم، فأن آدم أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهوصفوة الله عز وجل، فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله، ألا إنه لا يبغض عليا إلا شقى ولا يتوالى عليا إلا تقى ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، وفى على والله نزلت سورة [و] العصر: (بسم الله الرحمن الرحيم. والعصر إن الإنسان لفى خسر...) (العصر، 1 ـ 3).

معاشر الناس! قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتى، وما على الرسول إلا البلاغ المبين. معاشر الناس! (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (آل‏عمران، 102). معاشر الناس! آمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها. معاشر الناس! النور من الله عز وجل فى، ثم مسلوك فى على ثم فى النسل منه الى القائم المهدى الذى يأخذ بحق الله وبكل حق هولنا، لان الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والاثمين والظالمين من جميع العالمين . معاشر الناس! أنذركم أنى رسول الله قد خلت من قبلى الرسل أفإن مت وقتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين، ألا وإن عليا [هو] الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدى من صلبه. معاشر الناس! لا تمنوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد. معاشر الناس! [إنه‏] سيكون من بعدى أئمة يدعون الى النار ويوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس! إن الله وأنا بريئان منهم. معاشر الناس! إنهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم فى الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين، ألا إنهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم فى صحيفته. قال: فذهب على الناس إلا شر ذمة منهم أمر الصحيفة. معاشر الناس! انى أدعها إمامة ووراثة فى عقبى إلى يوم القيامة، وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد ولم يشهد ولد ولم يولد، فيبلغ الحاضر الغائب، والوالد الولد الى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واعتصابا، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين، وعندها (سنفرغ لكم أيها الثقلان) (الرحمن، 30) (فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران) (الرحمن، 35) . معاشر الناس إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب. معاشر الناس! إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها، وكذلك يهلك القرى وهى ظالمة كما ذكر الله تعالى، وهذا على إمامكم ووليكم، وهومواعيد الله والله يصدق ما وعده. معاشر الناس! قد ضل قبلكم أكثر الأولين، والله لقد أهلك الأولين وهومهلك الآخرين، قال الله تعالى: (ألم نهلك الأولين * ثم نتبعهم الآخرين * كذلك نفعل بالمجرمين * ويل يومئذ للمكذبين) (المرسلات، 16 ـ 19). معاشر الناس! إن الله قد أمرنى ونهانى، وقد أمرت عليا ونهيته، فعلم الأمر والنهى من ربه عز وجل، فاسمعوا لأمره تسلموا، وأطيعوا تهتدوا، وانتهوا نهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده ولا تتفرق بكم السبل عن سبيله. معاشر الناس! أنا صراط الله المستقيم الذى أمركم باتباعه، ثم على من بعدى، ثم ولدى من صلبه أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون، (ثم قرأ:) (الحمد لله رب العالمين...) (الفاتحة) (وقال:) فى نزلت وفيهم نزلت ولهم عمت وإياهم خصت، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ألا إن حزب الله هم الغالبون. ألا ان أعداء على هم أهل الشقاق والنفاق والحادون وهم العادون،وإخوان الشياطين الذين يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. ألا إن أولياءهم الذين ذكرهم الله فى كتابه فقال عز وجل : (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله...) (المجادلة، 22). ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال: (والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) (الأنعام، 82). ألا إن أولياءهم الذين يدخلون الجنة آمنين، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم أن: (طبتم فادخلوها خالدين) (الزمر، 73). ألا إن أولياءهم الذين قال [لهم‏] الله عز وجل: (يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) (الغافر، 40). ألا إن أعداءهم يصلون سعيرا. ألا أن أعداءهم الذين يسمعون لجهنم شيهقا وهى تفور ولها زفير. ألا إن أعداءهم الذين قال الله فيهم: (كلما دخلت أمة لعنت أختها) (الأعراف، 38). ألا إن أعداءهم الذين قال الله عز وجل: (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا فى ضلال كبير) (الملك، 8 ـ 9). ألا إن أولياءهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير. معاشر الناس! شتان ما بين السعير والجنة، عدونا من ذمه الله ولعنه، وولينا من مدحه الله وأحبه. معاشر الناس! ألا وإنى مندر وعلى هاد. معاشر الناس! إنى نبى وعلى وصيى. ألا إن خاتم الائمة منا القائم المهدى صلوات الله عليه. ألا إنه الظاهر على الدين. ألا إنه المنتقم من الظالمين. ألا إنه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك. ألا إنه المدرك بكل ثار لأولياء الله عز وجل. ألا إنه الناصر لدين الله. ألا إنه الغراف فى بحر عميق. ألا إنه يسم كل ذى فضل بفضله وكل ذى جهل بجلهه . ألا إنه خيرة الله ومختاره. ألا إنه وارث كل علم والمحيط به. ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل والمنبه بأمر ايمانه. ألا إنه الرشيد السديد. ألا إنه المفوض اليه. ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه. ألا إنه الباقى حجة ولا حجة بعده، ولا حق الا معه، ولا نور إلا عنده. ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه. ألا وإنه ولى الله فى أرضه، وحكمه فى خلقه، وأمينه فى سره وعلانيته. معاشر الناس! قد بينت لكم وأفهمتكم، وهذا على يفهمكم بعدى. ألا وأنى عند انقضاء خطبتى أدعوكم الى مصافقتى على بيعته والاقرار به، ثم مصافقته بعدى. ألا وأنى بايعت الله وعلى قد بايعنى، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (الفتح، 10). معاشر الناس! (ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت واعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (البقرة، 158) . معاشر الناس! حجوا البيت، فما ورده أهل بيت إلا استغنوا، ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا . معاشر الناس! ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه الى وقته ذلك، فإذا انقضت حجته استؤنف عمله. معاشر الناس! الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة، والله لا يضيع أجر المحسنين. معاشر الناس! حجوا البيت بكمال الدين والتفقه، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا بتوبة وإقلاع. معاشر الناس! أقيموا الصلاة وأتوالزكاة كما أمركم الله عز وجل، فلئن طال عليكم الامد فقصرتم أونسيتم، فعلى وليكم، ومبين لكم الذى نصبه الله عز وجل بعدى، ومن خلفه الله منى وأنا منه، يخبركم بما تسألون عنه، ويبين لكم ما لا تعلمون . ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفهما، فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام فى مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل فى على أمير المؤمنين والائمة من بعده الذين هم منى ومنه، ائمة قائمة منهم المهدى ـ إلى يوم القيامة الذى يقضى بالحق. معاشر الناس! [و] كل حلال دللتكم عليه، وكل حرام نهيتكم عنه، فإنى لم أرجع عن ذلك ولم أبدل. ألا فاذكروا ذلك وحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوا ولا تغيروه. ألا وإنى أجدد القول: ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر. ألا وإن رأس الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أن تنتهوا إلى قولى وتبلغوه من لم يحضر وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته، فإنه أمر من الله عز وجل ومنى، ولا أمر بمعروف ولا نهى عن منكر إلا مع إمام معصوم. معاشر الناس! القرآن يعرفكم أن الائمة من بعده ولده، وعرفتكم أنهم منى ومنه، حيث يقول الله فى كتابه: (وجعلها كلمة باقية فى عقبه) (الزخرف، 28) وقلت: «لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما». معاشر الناس! التقوى التقوى، احذروا الساعة كما قال الله عز وجل: (إن زلزلة الساعة شى‏ء عظيم) (الحج، 1) اذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدى رب العالمين والثواب والعقاب، فمن جاء بالحسنة أثيب [عليها]ومن جاء بالسيئة فليس له فى الجنان نصيب. معاشر الناس! إنكم أكثر من أن تصافقونى بكف واحدة، وقد أمرنى الله عز وجل أن آخذ من ألسنتك الإقرار بما عقدت لعلى من إمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الائمة منى ومنه على ما أعلمتكم أن ذريتى من صلبه، فقولوا بأجمعكم: «إنا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك فى أمر على وأمر ولده من صلبه من الائمة، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا، على ذلك نحيى ونموت ونبعث، ولا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب، ولا نرجع عن عهد ولا ننقضى الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعليا أمير المؤمنين وولده الائمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد السحن والحسين» اللذين قد عرفتكم مكانهما منى ومحلهما عندى ومنزلتهما من ربى عز وجل، فقد أديت ذلك إليكم، وأنهما سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما الامامان بعد أبيهما على وأنا أبوهما قبله. وقولوا: «أطعنا الله بذلك وإياك وعليا والحسن والحسين والائمة الذين ذكرت، عهدا وميثاقا مأخوذا لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقر بهما بلسانه ولا نبتغى بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا، أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا، وأنت علينا به شهيد، وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده والله اكبر من كل شهيد». معاشر الناس! ما تقولون؟ فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) (الزمر، 39)، ومن بايع فإنما يبايع الله (يد الله فوق أيديهم) (الفتح، 10). معاشر الناس! فاتقوالله وبايعوا عليا أميرالمؤمنين والحسن والحسين والائمة كلمة طيبة باقية، يهلك الله من غدر، ويرحم الله من وفى (فمن نكث فانما ينكث على نفسه) (الفتح، 10). معاشر الناس! قولوا الذى قلت لكم، وسلموا على على بإمرة المؤمنين، وقولوا: (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) (البقرة، 285)، وقولوا: (الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله) (الأعراف، 43). معاشر الناس! ان فضائل على بن‏ابى‏طالب عليه السلام عند الله عز وجل وقد أنزلها القرآن أكثر من أن أحصيها فى مقام واحد، فمن أنبأكم وعرفها فصدقوه. معاشر الناس! من يطع الله ورسوله وعليا والائمة الذين ذكرتهم فقد فاز فورا عظيما. معاشر الناس! السابقون [السابقون‏] إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين، أولئك هم الفائزون فى جنات النعيم. معاشر الناس! قولوا ما يرضى الله به عنكم من القول، فإن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فلن يضر الله شيئا، اللهم اغفر للمؤمنين واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين.
مأخذ: الاحتجاج / تأليف ابى منصور احمد بن على بن‏ابى‏طالب الطبرسى (من علماء القرن السادس)؛ تحقيق ابراهيم البهادرى (و) محمد هادى به؛ با اشراف جعفر سبحانى.

موقع الوكالة الاسلامية

http://www.wikalah.net/articles/2006/khutba-al-gadir.htm

 المصادر 

القران الكريم

بحث في ولاية علي (ع) للكاتب محمود الربيعي.. اعتمدنا في ايراد المصادر على كتاب المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي.

موقع الوكالة الاسلامية

http://www.wikalah.net/articles/2006/khutba-al-gadir.htm

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com