الحليم تكفيه الاشارة

 

محمود المفرجي

بلا شك ان العراق يمر بمرحلة هي من أصعب المراحل في تاريخه المعاصر، بعد ان تكالبت عليه القوى الظلامية من كل انحاء الأرض، لتجعل من أرضه ساحة مثالية استوعبت قسرا كل الأفكار المتخلفة المرتبطة بتنظيمات وإيديولوجيات خططت لها أنظمة وأجهزة استخباراتية كبيرة، بمخططات هي اكبر من حجم المصيبة التي أُنزِلت على هذا البلد الذي خرج من المعركة (الصدامية/ الامريكية)، بلدا فقد ابسط مقومات البلدان المتحضرة، على الرغم من خيراته، التي لو وزِعت على كل مشارب الأرض لملأتها خيرا، فالعراق خرج من هذه الحرب دولة بلا مؤسسات ولا بنية تحتية، وبات الإنسان العراقي انسانا تملؤه جراحات الماضي، الذي تسببت فيه الأنظمة التي حكمته عبر تاريخ مليء بالدماء مكتوب على شكل شعارات توشحت به حيطانه، التي تآكلتها السنين وقذائف الحروب ورصاص فرق الإعدام، تمجيدا لكل نظام انتزع كرسي حكمه.

وعليه شكلت كل هذه الأمور رواسب خطيرة طبعت آثارها على شخصية الإنسان العراقي، الذي أضحى  يشعر بظلم يكشف عنه بين الفينة والأخرى، من خلال رغبته الواضحة بعدم السماح لخيوط الظلام بان تمتد وتضرب بجذورها في هذه الأرض الطيبة، التي حملت تاريخ وارث ثر من العطاء الذي استمد عنفوانه من الثقافة العريقة، فما ان يجثم غبار القهر والظلم على أيامه وسنينه وعصوره حتى ينفضها ابناءه سريعا بقوة وهمة .

نعم ... هم الأبناء الذين مهما وصلت طيبتهم ونظافة فطرتهم، نقائهم الذي  لا تستطيع العقول المتحجرة ان تنال منه أو تلوث الفطرة المكتسبة من الجبل والوادي والنخلة والشقيقين دجلة والفرات، أو من صدور الأمهات الطيبات.

بلا تأمل نعتقد ان خلاص العراق لا يقوم على حزب معين أو قوة سياسية معينة داخل أو خارج العملية السياسية، فالخلاص لا يحدث إلا بأبناء العراق أنفسهم، والذين اجزم بأنهم يعرفون طرائق الخلاص أكثر من حكامه، المتشرذم حلولهم بين ما هو حزبي أو حكومي أو حسب قناعات فئوية جعلت من عملهم يأخذ سمة المراوحة في المكان نفسه الذي بدءوا منه بالرغم من السعي لهذه الأمنية.

من المفروض ان ينصب الحرص كل الحرص على الجانب الأمني، ويكون ما دونه شيئا ثانويا حتى لو كان من ضروريات الدستور الذي أصبح معبرا لتمرير بعض الأحلام الخاصة  والأمنيات التي لا نريد إثارتها .

هي إذن دعوة للعراقيين بشيعتهم وسنتهم وأكرادهم وتركمانهم، بان يتأملوا في تاريخهم جيدا، ويستنطقوا تراثهم الثر الذي لم يكن يوما من الأيام شيعيا أو سنيا أو كرديا أو تركمانيا فحسب، بل كان تاريخا عراقيا خالصا، وإذا كان كذلك فعليهم ان يتمسكوا بأرضهم، فلا يسمحوا بشرذمتها او تقسيمها تحت أي مسميات، فالعراق لا يكون عراقا وهناك ارض تقتطع أو نخلة تُقلع، والحليم تكفيه الإشارة والقصد عند صاحب القصد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com