|
تدل المصادقة التمهيدية بهذه السرعة على مشروع قانون يمنع بموجبه الكشف عن أسماء المشتبه بهم من كبار الساسة والمسئولين في إسرائيل قبل تقديم لائحة اتهام ضدهم على مدى العجز الذي يعاني منه قادة إسرائيل أمام كثرة ملفات التحقيقات والملفات الجنائية المفتوحة ضدهم والتي أدت بطبيعة الحال إلى زيادة حجم الإحباط الذي يعاني منه المجتمع الإسرائيلي في هذه الأيام نظرا للفقر الذي يعاني منه جزء كبير من هذا المجتمع والتفكك الأسري وانتشار الجريمة بشكل فاحش حتى أنها أصبحت لا توفر الصغير وإلا الكبير كالتحرش الجنسي بالقاصرين وتعرض المسنين القصر لإعمال السرقة والقتل أيضا وفقدانه الثقة في قياداته لكثرة الملفات الجنائية ضد بعض من المسئولين أو ملفات التحقيق المفتوحة ضد البعض الأخر وتخبط قيادات هذا المجتمع السياسي الذي لا يبعث على الأمل بالنسبة لهذا المجتمع. ومما لا شك فيه أن هذا الإحباط يسبب قلقا كبيرا للقادة يستوجب منهم البحث عن سبيل لانتزاعه من نفوس مجتمعهم وإعادة الثقة والطمأنينة إليه وعادة ما تثير الدول الحروب في مثل هذه الحالات لإشغال مواطنيها عن وضعهم الحقيقي وقد جرب قادة إسرائيل هذه الوصفة عندما خاضوا حرب لبنان الثانية لكنها لم تكن وصفة ناجعة بل زادت الطين بله فلم يبقى إمامهم إلا تشريع مثل هذا القانون الذي يشكل سلما للوصول لطمس حرية التعبير والديمقراطية وفي مثل هذه الحالة سوف يحول غيابهما البلاد إلى مرتع خصب لانتشار العنصرية في ظل ما يعانيه المجتمع الإسرائيلي من إحباط حيث يسهل في مثل هذه الحالات من الإحباط ترويج ما تدعيه بعض الجهات من اتهام المواطنين العرب في إسرائيل بعدم الولاء للدولة تارة وبالخطر الاستراتيجي تارة أخرى كخطوة يائسة لتحويل نظرة المجتمع الإسرائيلي عن مأزقه الحقيقي وبالتالي يسهل عليها تحويل غضب هذا المجتمع إلى مسار غير المسار الذي يجب أن يوجه إليه لتنجو هذه القيادات من هذا الغضب وفعلا نجحت في ذلك حيث كشف تقرير جمعية حقوق المواطن الذي نشر مؤخرا عن مدى عنصرية المجتمع الإسرائيلي تجاه المواطنين العرب في إسرائيل. ولكن حتى لو سلمنا جدلا بما تدعيه هذه الجهات ضد المواطنين العرب في إسرائيل لأنهم جزء من الشعب الفلسطيني الذي يتصارع مع إسرائيل من اجل نيل حقوقه المشروعة وهو امتداد للشعوب العربية التي ساندت وتساند وتؤيد القضية الفلسطينية حيث يمكن اعتبار هذه العلاقة مبررا لهذه النظرة العنصرية ولو من الناحية النظرية على الأقل ولكن في الوقت ذاته لابد من السؤال لماذا تتعامل هذه القيادات وهذا المجتمع مع اليهود الفلاشا(الأثيوبيين) والعرب الدروز بنفس المعايير التي يعامل بها المواطنين العرب في إسرائيل بالرغم من اختلاف وضع اليهود الفلاشا والعرب الدروز عن وضع المواطنين العرب في إسرائيل فاليهود الفلاشا استقدموا من الحبشة وطنهم الأصلي ليهوديتهم فقط وهم ليس بحاجة لإثبات ولائهم للدولة وهم لا يشكلون خطرا استراتيجيا عليها فلو كانوا كذلك لما استقدموا إلى إسرائيل إلا إذا كان هناك هدف خفي وراء استقدامهم ولكن التميز ضدهم والغبن الذي يقع عليهم في إسرائيل والذي كان أخره منع بعض بناتهم من الدراسة في مدرسة في مدينة بيتاح تكفا تدرس فيها بنات من مختلف الطوائف اليهودية يثبت غير ذلك فإما أن يكون هذا التمييز نابع من شك في يهوديتهم التي استقدموا بناء عليها وإما للون بشرتهم السوداء وفي كلتا الحالتين هذا تميز عنصري واضح وصريح ومما يؤكد ذلك قرار وزير الداخلية الإسرائيلي بالتوقف عن استقدام اليهود الفلاشا من الحبشة أما بالنسبة للعرب الدروز الذي دأبت إسرائيل على تجريدهم من قوميتهم عندما اقتصرت تسميتهم بالدروز نسبة إلى ديانتهم متناسية عروبتهم في محاولة منها لتنسيهم إياها لكن احدث البقيعة التي وقعت في أواخر أكتوبر/ تشرين أول كشفت غير ذلك فالدروز ما زالوا عربا وسيبقون كذلك لأنهم كذلك حيث لم يقتصر تميزهم على عدم نيل الحقوق على أساس أنهم عرب فحسب على الرغم من أداء الحقوق كاملة والتي يفترض أن يتساووا في نيل الحقوق مع اليهود حسب المعادلة الإسرائيلية التي تقرن الواجبات بالحقوق فهم يخدمون في صفوف الجيش الإسرائيلي خدمة إلزامية كالمواطنين اليهود تماما ولكن ذلك لم يشفع لهم ليجعلهم متساويين في الحقوق بل وصل الأمر إلى تميزهم حتى في المعاملة والشاهد على ذلك بشاعة معاملة الشرطة لهم أثناء مداهمتها لقرية البقيعة في ساعات الليل المتأخرة بحجة القبض على شبان أعطبوا هوائية تابعة لشركة هواتف خلوية إذا ما قورنت هذه المعاملة بمعاملة المواطنين اليهود في حالات مشابهة زد على ذلك التميز في الميزانيات بين المجالس المحلية الدرزية وبين ميزانيات المجالس المحلية اليهودية التي يخدم العرب الدروز في الجيش إلى جانب سكانها اليهود. إن المتفحص لنظرة المجتمع الإسرائيلي لكل من المواطنين العرب في إسرائيل ولليهود الفلاشا وللعرب الدروز لا يسعه إلا الوصول إلى نتيجة واحدة وليت الشبان العرب الذين يتهافتون على أداء الخدمة المدنية على أمل نيل المزيد من الحقوق أن يتوصلوا لهذه النتيجة وهي إن هذا المجتمع واقع بين إحدى حالتين إما أنه عنصري وإما انه ناكر للجميل.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |