|
التوازن البيئي – نشاط الأنسان - الأحتباس الحراري
يوسف الفضل التوازن البيئي: تذكر المصادر العلمية ان عمر الأرض حولي 4.5 بليون سنة. وخلال تلك الفترة الطويلة شهدت الأرض العديد من الفترات التي حولت هذا الجرم السماوي والذي انفصل من الشمس كتلة ملتهبة وتحولها التدريجي الى بيئة مناسبة للحياة والتي اعتدنا عليها. ولكنها لم تحصل بدون تغييرات وتوازنات والتي كان آخرها العصور الجليدية. وتذكر المصادر العلمية ان تلك التغييرات التي حدثت وتحدث على الأرض مرتبطة بأسباب محددة فمثلأ ان العصور الجليدية يرتبط بميلان محور الأرض مما يسبب زيادة انعكاس اشعة الشمس الى الفضاء الخارجي بالتالي انخفاض درجة الحرارة في المناطق المعتدلة والذي يؤدي الى زحف الثلوج من المناطق القطبية الى المناطق المعتدلة البرودة. مثلأ آخر مكونات الغلاف الجوي من الغازات فان نسب الأكسجين وثاني أكسيد الكاربون كانت واطئة وعالية على التوالي. ولكن هذه النسب تغيرت نتيجة التطور الحياتي التي طرأت على الأرض والتي استهلكت ثاني أكسيد الكاربون وحولته الى مواد هايدروكاربونية وطرحت أكسجين كفضلات. هذه العملية التي تعرف بعملية التركيب الضوئي والتي تجري في النباتات كانت هي المحور الأساسي في هذا التغيير.
نشاط الأنسان: تذكر المصادر التأريخية ان الأنسان عاش على الأرض خلال بضعة ملايين من السنين ولكن الأنسان الحديث والذي ترك آثارأ حضارية واضحة لا يزيد عمره على عشرة آلاف سنة. ويذكر كذلك ان معدل مجموع نفوس الأنسان على الكرة الأرضية لم يتعدى المائتي مليون نسمة حتى القرن الثامن عشر! في حين ان نفوس العالم اليوم قد تعدى 6500 مليون نسمة وهي في زيادة مطردة! الجانب الآخر من آثار الأنسان على الأرض هو نمط الحياة التي يعيشها. وبعبارة أخرى كم من الموارد المتوفرة التي يستهلكها الأنسان حاليأ مقارنأ بالفترة الماضية. ان الأحصاءات تشير الى زيادة في استهلاك الأنسان للموارد الطبيعية المتاحة بشكل مطرد والتي لم تنمو او تزيد مع زيادة الأستهلاك بل العكس هو الصحيح. وهذا الخلل بين الأستهلاك وتوفر الموارد له أكثر من سبب منها زيادة الطلب نتيجة للزيادة في عدد سكان الأرض والثاني الخلل في طريقة جني واستهلاك الموارد مثل صيد الأسماك بطرق مؤذية لنمو هذه الثروة مما يهدد بانقراض بعض انواع الأحياء المائية نتيجة الصيد المفرط والغير منهجي. ومثل آخر هو قطع اشجار الغابات من اجل جني الأخشاب واستعمالها في بناء البيوت بشكل رئيسي نتيجة للتوسع المدني الهائل. هذا النشاط لم يصحبه نشاط موازي لزرع الأشجار كي تعوض النقص الذي طرأ على قطع اشجار الغابات مما ادى الى ظاهرة التصحر في تلك المناطق من جهة وقلة في الموارد الخشبية المتاحة والذي ادى الى اعتماد موارد اخرى بديلة كالمواد البلاستيكية! الطاقة الكهربائية ووقود ماكنة الأحتراق الداخلي هي التي تقوم بتحريك عجلة الأقتصاد والصناعة والتجارة والحياة المدنية برمتها. لا يمكن ان يتصور الأنسان ان يعيش بدون توفر كهرباء للأنارة والتدفئة والطهي والتنقل بين البلدان والمدن المختلفة فضلأ عن تنقله داخل الحواظر المدنية والريفية. ولا يمكن تصور كيف يمكن ان تتحرك التجارة بدون وسائل نقل بحرية وجوية وبرية او كيف تقوم صناعة من دون توفر طاقة لتدير عجلتها الضخمة سواء بتعدين المعادن او نقلها من مصادرها او الى اماكن الطلب على استهلاكها. هذه الأنشطة للأنسان المعاصر يقال انها سببت خللأ في التوازن الطبيعي في العديد من جوانب الحياة على الكرة الأرضية . ويستشهد اهل هذا الرأي من العلماء المعاصرين على ادلة علمية واحصائية تدلل بأحتمال كبير بوجود علاقة بين تلك الظواهر ونشاطات الأنسان. ولا يعني ان هذه الآراء لا ترقو على المناقشة والأختبار ولكنها بكل تأكيد تتطلب وقفة جادة للمراجعة وتحديد الأسباب واتخاذ الخطوات المناسبة لتصحيح الأوضاع.
الأحتباس الحراري: ما هو الأحتباس الحراري الذي تتكلم عنه وسائل الأعلام وتعقد الدول المنظوية تحت لواء الأمم المتحدة اجتماعاتها والتي كان آخرها في بالي بأندنوسيا؟ ان مكونات الغلاف الجوي للأرض من الغازات هي النتروجين حوالي 78% و19% اكسجين و2% ثاني أكسيد الكاربون 1% غازات أخرى . تتكون جزيئة النتروجين من ذرتين وجزيئة الأكسجين من ذرتين وثاني أكسيد الكاربون من ثلاث ذرات. ان الحرارة التي تحتفظ بها الجزيئات التي تحوي اكثر من ذرتين اكبر من تلك التي تتكون من ذرتين. وحينما تزداد نسبة الغازات التي تتكون جزيئاتها اكثر من ثلاث ذرات تؤدي الى ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة للغلاف الجوي وان كانت بدرجة ضئيلة. ان زيادة نسبة الغازات الحابسة للحرارة هي ليست العامل الوحيد لظاهرة تغير درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض بل هناك العديد من العوامل الأخرى مثل تغير ميلان محور الأرض ومستوى نشاط الشمس وارسال طاقتها الى الأرض عوامل اخرى مهمة. لماذا الأحتباس الحراري الآن؟ يقول انصار نظرية الأحتباس الحراري من علماء البئية انها ظاهرة مرتبطة بنشاط الأنسان المعاصر. وان العوامل الأخرى المحتملة لم تتغير خلال هذه الفترة من الزمن. وان الشيئ الوحيد الذي طرأ عليه تغيير هو نسبة ثاني أكسيد الكاربون وغازات البيوت الزجاجية والتي تشمل الميثان ومركبات كيمياوية اخرى تتكون جزيئاتها اكثر من ثلاث ذرات. وكل هذه المركبات يطلقها الأنسان من خلال نشاطه غير المنهجي باطلاق الغازات الى الفضاء. هذه من جهة ام الطرف الآخر من الحوار فهو يرتبط بفقدان الغابات والتي تعتبر بالوعة لأمتصاص ثاني أكسيد الكاربون وتحويله الى مركبات هيدروكاربونية. ان معظم الغابات التي كانت في اوربا وامريكا الشمالية قد اختفت بالكامل. وان مساحات واسعة من الغابات في كل العالم في طريقها الى الأختفاء. وقد اشار العديد من علماء البيئة الى مخاطر هذه الظاهرة مما دعى عدد من الدول الأوربية الى انتهاج اسلوب جديد لتعويض الأشجار المقطوعة بزراعة اشجار اخرى وبمنهجية تحفض المنطقة من التصحر. ان زيادة الأراضي المزروعة وخاصة الغابات يخلق توزنأ في كمية ثاني أكسيد الكاربون الطليق بالجو مما يساعد على تخفيف نسبته في الغلاف الجوي. ما هي نتائج الأحتباس الحراري؟ وقد أشير الى بعض انشطة الأنسان المؤذية للبيئة من خلال زيادة استهلاك الطاقة والتي تستخدم المواد الكاربونية كمادة اولية وتحرر الى الجو ثاني أكسيد الكاربون في فصل نشاط الأنسان اعلاه. وقد حصلت بالفعل ظواهر غير مسبوقة والمرتبطة بارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والتي رصد ارتفاعها خلال القرن الماضي ب 0.6 درجة مئوية! ونالرغم من ضئالة ارتفاع درجة الحرارة ولكنها كبيرة بخصوص درجة حرارة الغلاف الجوي وما تنطوي عليه من آثار كبيرة ومدمرة. ان كثرة وقوع الأعاصير وشدتها ترتبط بأرتفاع درجة الحرارة تلك. وان ذوبان قسم من الجبال الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي مرتبط بها ايضأ وهذا يمكن ان يرفع منسوب مياه المحيطات حوالي 10 الى 17 سم بنهاية القرن الحادي والعشرين. وان هناك تغيرات مناخية اخرى يمكن ان تطرأ على كمية الأمطار وزيادة نسبة التصحر في بعض البلدان واعتدال الجو في مناطق اخرى شديدة البرودة الآن مما يشكل تهديدأ على كمية الزراعة والأمن الغذائي لبعض هذه الدول. وان عدد كبير من علماء البيئة يتنبؤن باحتمال غرق للسواحل والجزر القليلة الأرتفاع عن مستوى سطح ماء المحيطات الحالي مما قد يتسبب الى غرق مناطق كبيرة مأهولة وزراعية. وتقدر تلك المصادر عدد المتأثرين بتلك الكوارث بملايين البشر والذين يقطنون السواحل والمناطق المنخفضة نسبيأ. كيف نعالج الأحتباس الحراري ونقلل من اضراره؟ يمكن استعراض الخطوط العريضة التي اتفقت معظم المرجعيات عليها من خلال الدراسات المستفيضة التي اجراها العديد من علماء البيئة والمؤسسات المعنية في اتفاقات معظم الدول في منظمة الأمم المتحدة والمعروفة باتفاق كيوتو والأجتماعات اللاحقة والتي كان آخرها في بالي بأندنوسيا.
اتفاق كيوتو في اليابان عام 1997: لقد نظمت الأمم المتحدة هذا الحشد من دول العالم من اجل معالجة ووضع حد لتدهور التغيير المناخي في العالم. كان ذلك الحدث في منطقة كيوتو في اليابان عام 1997. وقد سبق وان قامت الأمم المتحدة عام 1992 في نيويورك بمناقشة الموضوع ذاته مع الدول الاعضاء ومن قبلها عام 1988. ان قرارات مؤتمر كيوتو لم يكن فيها صفة الألزام للأعضاء الذين اقروها. علمأ ان الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وموناكو لم تقر هذا الأتفاق وتعذرت من تطبيقه لأسباب اقتصادية واسباب اخرى تتعلق بعدم توازن في عملية التطبيق دوليأ علمأ ان الولايات المتحدة تنتج ما مقداره ربع كمية غازات البيوت الزجاجية في العالم. الأتفاقية حددت معالم رئيسية للأعضاء المشاركين بمسؤلياتهم كل حسب قدرات الدولة موضوعة البحث الصناعية والتقنية والمستوى الأقتصادي الخ والأتفاقية تعالج مشكلة الأحتباس الحراري من خلال تقلبل انبعاث غازات البيوت الزجاجية. وان هذه الأتفاقية تعتبر الخطوة الأولى وليست هي الحل لهذه المعضلة والتي ستنتهي التزاماتها عام 2012. ان هدف اتفاقية كيوتو هو تقليل نسبة انبعاث الغازات للبيوت الزجاجية بحولي 5.2% من مستوى عام 1990 واعطى دول صناعية في مرحلة التغيير كروسيا اختيار سنة اخرى كحد ادنى وان الدول النامية لم تكن معنية بهذه الأتفاقية بعد. هناك تفاصيل عديدة في الأتفاقية تنظم مسؤلية وحقوق كل طرف وكذلك تبعات الأعضاء الذين لا يوفون بألتزاماتهم. ولعل أهم ما دفعت له هذه الأتفاقية هو دفع الدول المتقدمة علميأ الى تركيز اهتمامها على تطوير طرق بديلة لأنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة بدلأ من الطرق التقليدية. وهذا ما دفع بعض الدول وخاصة الأوربية الى تخصيص موارد مهمة من اجل تطوير تقنيات انتاج الطاقة المتجددة والتي بدأت تدر ارباحأ مجزية واحدثت فرص عمل جديدجة بالأضافة الى فوائدها البيئية.
اجتماع بالي في اندونيسيا عام 2007: لقد تم هذا الأجتماع خلال شهر تشرين التاني من عام 2007 وعلى مدى اسبوعين. وكان الهدف من الأجتماع هو التحضير الى اتفاق تحديد اهداف الدول الأعضاء لما بعد عام 2012 والتي تنتهي فيها اتفاقية كيوتو. وقد ذكرت الصحف المتابعة لهذا الحدث ان المؤتمر حدد عام 2008 للأتفاق النهائي كي يتمكن الأعضاء من الوفاء بألتزاماتهم. وكان هناك حدثان خلال المؤتمر, الأول هو توقيع أستراليا على أتفاقية كيوتو والثاني تراجع الولايات المتحدة عن موقفها المتصلب من الأتفاقية ولكنها لم توقع بعد عليها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |